قطعة نفيسة جداً للعقَّاد ... رحمه الله
(الكتب كالناس؛ منهم السيد الوقور،
ومنهم الكيِّس الظريف،
و منهم الجميل الرائع،
والساذج الصادق،
والأريب المخطئ،
ومنهم الخائن الجاهل،
والوضيع الخليع ...
والدنيا تتسع لكل هؤلاء،،
ولن تكون أكمل مكتبة من غيرك إلا إذا كنتَ أقربَ مثلٍ للدُّنيا؛؛
يقول المرشدون:
اقرأ ما ينفعك!
و لكني أقول: بل انتفع مما تقرأ؛
إذ كيف تعرف ما ينفعك من
الكتب قبل قراءته؟!
إن القارئ الذي لا يقرأ إلا
الكتب المنتقاة كالمريض الذي لا يأكل إلا الأطعمة المنتقاة، يدل ذلك على ضعف المعدة أكثر مما يدل على جودة القابلية..
واعلم أن من
الكتب الغَثّ والسمين، وأن السمين يفسد المعدة الضعيفة،
و أنه ما من طعام غَثّ إلا والمعدة القوية مستخرجة منه مادة غذاء ودم، فإن كنت ضعيف المعدة فتحامَ السمين كما تحام الغَثّ، وإن كنت من ذوي المعدات؛ فاعلم أن لك من كل طعام غذاءً صالحاً
وكم من منظر أنت تراه فلا تود أن تراه بعدها،
أو صوت تسمعه ثم لا تحب أن تسمعه حتى آخر العمر،
فلا أدري من أين دخل القراء أن الكتاب إنما يقرأ قراءة واحدة!
مع أن الكتاب أخفى رموزاً و أكثر مناحي نظر من المنظر والصوت،
و أنت تنمو بعقلك أكثر من نموك بحواسك، فأنت أحرى أن تعاود النظر فيما يمتحن به نمو الفكر)
"ساعات بين الكتب"
~_~