كون نزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق عليه مهرودتان- أي يلبس ثوبين مصبوغين بورس(1) ثم الزعفران واضعا كفيه على أجنحة ملكين.

قال ابن كثير[ الأشهر في موضع نزوله أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق ,ينزل وقد أقيمت الصلاة فيقول اه إمام المسلمين: يا روح الله ,تقدم, فيقول : تقدم أنت فإنها أقيمت لك]
المنارة التي على مدخل السوق

وفي رواية:<< بعضكم على بعض أمراء , يكرم الله هذه الأمة>>

وقد جدد بناء المنارة في زماننا في سنة 741هـ من حجارة بيض, وكان بناؤها من أموال النصارى الذين حرقوا المنارة التي كانت مكانها .ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة ,حيث قيض الله بناء هذه المنارة البيضاء من أموال النصارى حتى ينزل عيسى ابن مريم عليها فيقتل الخنزير,ويكسر الصليب, ولا يقبل منهم جزية.

قال ابن كثير: (2)

وقد زرت بنفسي في دمشق منارة بيضاء في شرقي دمشق (3) اشتهر عند الناس هناك أنها المنارة التي ينزل عليها عيسى عليه السلام ,فصورتها, وهي التي على مدخل سوق لا على مسجد!!والحي الذي هي فيه أكثر سكانه من نصارى ,وقد وضعت صورتها هنا ,فإن كانت هذه المنارة التي ينزل عليها عيسى ,أو هي منارة أخرى فالله تعالى أعلم بها.

المرجع

(1) الورس: نبت أصفر يصبغ به
(2) النهاية في الفتن والملاحم (1/192)
(3) وكان ذلك عام 1412ه/1992م.

حج عيسى عليه السلام
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه النبي صل الله عليه وسلم قال:<<والذي نفسي بيده ليهلن بن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أو ليثنيهما>>(1)
أي أن عيسى عليه السلام سيهل بالحج من فج الروحاء وهو طريق بين مكة والمدينة وسيكون إحرامه إما متمتها بالعمره إلى الحج فيفصل بين العمرة والحج بالتحلل بينهما أو يثنيهما: أي يكون قارنا بينهما

وفي رواية أخرى: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صل الله عليه وسلم قال:<<ليهبطن عيسى بن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا وليسلكن فجا حاجا أو معتمرا أو بنيتهما وليأتين قبري حتى يسلم علي ولأردن عليه>>
قال أبو هريرة :[ أي بني أخي إن رأيتموه فقولوا :أبو هريرة يقرئك السلام](2)

الحكمة من نزول عيسى عليه السلام دون غيره

لعلك تتساءل عن اختيار عيسى عليه السلام دون غيره من الأنبياء لينزل إلى الأرض آخر الزمان؟

ذكر بعض العلماء الحكمة من نزول عيسى عليه السلام دون غيره ومن أقوالهم في ذلك:

• الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوا عيسى عليه السلام فبين الله عز وجل كذبهم وأنه الدي يقتلهم ويقتل رئيسهم الدجال ورجح الحافظ ابن حجر هذا القول على غيره (1)
• أن عيسى عليه السلام وجد في الإنجيل فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى:{ ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فئازره فاستغلظ فاستوى على سوقه}(2)
  فدعا الله أن يجعله منهم فاستجاب الله دعاءه وأبقاه حتى ينزل آخر الزمان مجددا ما انمحى من دين الإسلام الذي بعث به محمد صل الله عليه وسلم.
• أن نزول عيسى عليه السلام من السماء لدنو أجله ليدفن في الأرض إذ ليس لمخلوق من التراب أن يموت إلا في الأرض ويدفن فيها فيوافق نزوله خروج الدجال فيقتله عيسى عليه السلام.
• أنه ينزل مكذبا للنصارى فيظهر زيفهم في دعواهم أنه ابن الله ويهلك الملل كلها في زمنه إلا الإسلام فإنه يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية
• أن بين النبيين عيسى ومحمد – عليهما السلام – نوع ارتباط لقول نبينا محمد صل الله عليه وسلم :<< أنا أولى الناس بعسيى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي>>(3) فرسول الله صل الله عليه وسلم أخص الناس بعيسى وأقربهم إليه فإن عيسى عليه السلام مبشرا بأن محمدا رسول الله صل الله عليه وسلم ياتي من بعده ودعا عيسى الناس إلى تصديق محمد صل الله عليه وسلم و الإيمان به كما في قوله تعالى:{ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)} (4)
  وفي الحديث :قالوا: يارسول الله أخبرنا عن نفسك؟ قال:<<نعم ,أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى>>(5)

المرجع

(1) انظر فتح الباري(6/568)
(2) الفتح :29
(3) رواه أحمد عن أبي هريرة قال المناوى :بإسناد حسن
(4) الصف:6
(5) رواه أحمد في مسنده.