منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع القران الكريم وعلومه (https://hwazen.com/vb/f28.html)
-   -   تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي (https://hwazen.com/vb/t19399.html)

ام عبدالله وامنه 07-03-2019 03:31 PM

تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم....... الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. نكمل معا قراءتنا في سورة آل عمران...ï؟¼ تفسير سورة آل عمران
وهي مدنية نزل صدرها إلى بضع وثمانين آية في مخاصمة النصارى وإبطال مذهبهم ودعوتهم إلى الدخول في الدين الحق دين الإسلام كما نزل صدر البقرة في محاجة اليهود كما تقدم‏.‏
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
‏[‏1 ـ 6‏]‏ ‏{‏الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏}‏
افتتحها تبارك وتعالى بالإخبار بألوهيته، وأنه الإله الذي لا إله إلا هو الذي لا ينبغي التأله والتعبد إلا لوجهه، فكل معبود سواه فهو باطل، والله هو الإله الحق المتصف بصفات الألوهية التي مرجعها إلى الحياة والقيومية، فالحي من له الحياة العظيمة الكاملة المستلزمة لجميع الصفات التي لا تتم ولا تكمل الحياة إلا بها كالسمع والبصر والقدرة والقوة والعظمة والبقاء والدوام والعز الذي لا يرام ‏{‏القيوم‏}‏ الذي قام بنفسه فاستغنى عن جميع مخلوقاته، وقام بغيره فافتقرت إليه جميع مخلوقاته في الإيجاد والإعداد والإمداد، فهو الذي قام بتدبير الخلائق وتصريفهم، تدبير للأجسام وللقلوب والأرواح‏.‏
ومن قيامه تعالى بعباده ورحمته بهم أن نزل على رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الكتاب، الذي هو أجل الكتب وأعظمها المشتمل على الحق في إخباره وأوامره ونواهيه، فما أخبر به صدق، وما حكم به فهو العدل، وأنزله بالحق ليقوم الخلق بعبادة ربهم ويتعلموا كتابه ‏{‏مصدقًا لما بين يديه‏}‏ من الكتب السابقة، فهو المزكي لها، فما شهد له فهو المقبول، وما رده فهو المردود، وهو المطابق لها في جميع المطالب التي اتفق عليها المرسلون، وهي شاهدة له بالصدق، فأهل الكتاب لا يمكنهم التصديق بكتبهم إن لم يؤمنوا به، فإن كفرهم به ينقض إيمانهم بكتبهم، ثم قال تعالى ‏{‏وأنزل التوراة‏}‏ أي‏:‏ على موسى ‏{‏والإنجيل‏}‏ على عيسى‏.‏
‏{‏من قبل‏}‏ إنزال القرآن ‏{‏هدى للناس‏}‏ الظاهر أن هذا راجع لكل ما تقدم، أي‏:‏ أنزل الله القرآن والتوراة والإنجيل هدى للناس من الضلال، فمن قبل هدى الله فهو المهتدي، ومن لم يقبل ذلك بقي على ضلاله ‏{‏وأنزل الفرقان‏}‏ أي‏:‏ الحجج والبينات والبراهين القاطعات الدالة على جميع المقاصد والمطالب، وكذلك فصل وفسر ما يحتاج إليه الخلق حتى بقيت الأحكام جلية ظاهرة، فلم يبق لأحد عذر ولا حجة لمن لم يؤمن به وبآياته، فلهذا قال ‏{‏إن الذين كفروا بآيات الله‏}‏ أي‏:‏ بعد ما بينها ووضحها وأزاح العلل ‏{‏لهم عذاب شديد‏}‏ لا يقدر قدره ولا يدرك وصفه ‏{‏والله عزيز‏}‏ أي‏:‏ قوي لا يعجزه شيء ‏{‏ذو انتقام‏}‏ ممن عصاه‏.‏
‏{‏إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء‏}‏ وهذا فيه تقرير إحاطة علمه بالمعلومات كلها، جليها وخفيها، ظاهرها وباطنها، ومن جملة ذلك الأجنة في البطون التي لا يدركها بصر المخلوقين، ولا ينالها علمهم، وهو تعالى يدبرها بألطف تدبير، ويقدرها بكل تقدير، فلهذا قال ‏{‏هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء‏}‏
‏{‏هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء‏}‏ من كامل الخلق وناقصه، وحسن وقبيح، وذكر وأنثى ‏{‏لا إله إلا هو العزيز الحكيم‏}‏ تضمنت هذه الآيات تقرير إلهية الله وتعينها، وإبطال إلهية ما سواه، وفي ضمن ذلك رد على النصارى الذين يزعمون إلهية عيسى ابن مريم عليه السلام، وتضمنت إثبات حياته الكاملة وقيوميته التامة، المتضمنتين جميع الصفات المقدسة كما تقدم، وإثبات الشرائع الكبار، وأنها رحمة وهداية للناس، وتقسيم الناس إلى مهتد وغيره، وعقوبة من لم يهتد بها، وتقرير سعة علم الباري ونفوذ مشيئته وحكمته‏.‏
الأسئلة :
1_ بم افتتحت سورة آل عمران؟
2_مامعنى الفرقان

ام عبدالله وامنه 07-03-2019 03:34 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.... نتابع معا القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة من سورة آل عمران..

{‏والراسخون في العلم‏}‏ وذلك كله محتمل، فإن التأويل إن أريد به علم حقيقة الشيء وكنهه كان الصواب الوقوف على ‏{‏إلا الله‏}‏ لأن المتشابه الذي استأثر الله بعلم كنهه وحقيقته، نحو حقائق صفات الله وكيفيتها، وحقائق أوصاف ما يكون في اليوم الآخر ونحو ذلك، فهذه لا يعلمها إلا الله، ولا يجوز التعرض للوقوف عليها، لأنه تعرض لما لا يمكن معرفته، كما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله ‏{‏الرحمن على العرش ‏[‏استوى‏]‏‏}‏ فقال السائل‏:‏ كيف استوى‏؟‏ فقال مالك‏:‏ الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فهكذا يقال في سائر الصفات لمن سأل عن كيفيتها أن يقال كما قال الإمام مالك، تلك الصفة معلومة، وكيفيتها مجهولة، والإيمان بها واجب، والسؤال عنها بدعة، وقد أخبرنا الله بها ولم يخبرنا بكيفيتها، فيجب علينا الوقوف على ما حد لنا، فأهل الزيغ يتبعون هذه الأمور المشتبهات تعرضا لما لا يعني، وتكلفا لما لا سبيل لهم إلى علمه، لأنه لا يعلمها إلا الله، وأما الراسخون في العلم فيؤمنون بها ويكلون المعنى إلى الله فيسلمون ويسلمون، وإن أريد بالتأويل التفسير والكشف والإيضاح، كان الصواب عطف ‏{‏الراسخون‏}‏ على ‏{‏الله‏}‏ فيكون الله قد أخبر أن تفسير المتشابه ورده إلى المحكم وإزالة ما فيه من الشبهة لا يعلمها إلا هو تعالى والراسخون في العلم يعلمون أيضًا، فيؤمنون بها ويردونها للمحكم ويقولون ‏{‏كل‏}‏ من المحكم والمتشابه ‏{‏من عند ربنا‏}‏ وما كان من عنده فليس فيه تعارض ولا تناقض بل هو متفق يصدق بعضه بعضًا ويشهد بعضه لبعض وفيه تنبيه على الأصل الكبير، وهو أنهم إذا علموا أن جميعه من عند الله، وأشكل عليهم مجمل المتشابه، علموا يقينا أنه مردود إلى المحكم، وإن لم يفهموا وجه ذلك‏.‏ ولما رغب تعالى في التسليم والإيمان بأحكامه وزجر عن اتباع المتشابه قال ‏{‏وما يذكر‏}‏ أي‏:‏ يتعظ بمواعظ الله ويقبل نصحه وتعليمه إلا ‏{‏أولوا الألباب‏}‏ أي‏:‏ أهل العقول الرزينة لب العالم وخلاصة بني آدم يصل التذكير إلى عقولهم، فيتذكرون ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه، وأما من عداهم فهم القشور الذي لا حاصل له ولا نتيجة تحته، لا ينفعهم الزجر والتذكير لخلوهم من العقول النافعة‏.‏
ثم أخبر تعالى عن الراسخين في العلم أنهم يدعون ويقولون ‏{‏ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا‏}‏ أي‏:‏ لا تملها عن الحق جهلا وعنادا منا، بل اجعلنا مستقيمين هادين مهتدين، فثبتنا على هدايتك وعافنا مما ابتليت به الزائغين ‏{‏وهب لنا من لدنك رحمة‏}‏ أي‏:‏ عظيمة توفقنا بها للخيرات وتعصمنا بها من المنكرات ‏{‏إنك أنت الوهاب‏}‏ أي‏:‏ واسع العطايا والهبات، كثير الإحسان الذي عم جودك جميع البريات‏.
.‏

‏{‏ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد‏}‏ فمجازيهم بأعمالهم حسنها وسيئها، وقد أثنى الله تعالى على الراسخين في العلم بسبع صفات هي عنوان سعادة العبد‏:‏ إحداها‏:‏ العلم الذي هو الطريق الموصل إلى الله، المبين لأحكامه وشرائعه، الثانية‏:‏ الرسوخ في العلم وهذا قدر زائد على مجرد العلم، فإن الراسخ في العلم يقتضي أن يكون عالما محققا، وعارفا مدققا، قد علمه الله ظاهر العلم وباطنه، فرسخ قدمه في أسرار الشريعة علما وحالا وعملا، الثالثة‏:‏ أنه وصفهم بالإيمان بجميع كتابه ورد لمتشابهه إلى محكمه، بقوله ‏{‏يقولون آمنا به كل من عند ربنا‏}‏ الرابعة‏:‏ أنهم سألوا الله العفو والعافية مما ابتلي به الزائغون المنحرفون، الخامسة‏:‏ اعترافهم بمنة الله عليهم بالهداية وذلك قوله ‏{‏ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا‏}‏ السادسة‏:‏ أنهم مع هذا سألوه رحمته المتضمنة حصول كل خير واندفاع كل شر، وتوسلوا إليه باسمه الوهاب، السابعة‏:‏ أنه أخبر عن إيمانهم وإيقانهم بيوم القيامة وخوفهم منه، وهذا هو الموجب للعمل الرادع عن الزلل،
الأسئلة :
1_بم أجاب الإمام مالك رحمه الله عن قوله تعالى '' الرحمن على العرش استوى ''.؟
2_ اذكري صفات الراسخين في العلم؟

ام عبدالله وامنه 07-11-2019 03:16 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

يتبع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة من سورة آل عمران...
[‏10 ـ 13‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ * قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ‏}‏
يخبر تعالى أن الكفار به وبرسله، الجاحدين بدينه وكتابه، قد استحقوا العقاب وشدة العذاب بكفرهم وذنوبهم وأنه لا يغني عنهم مالهم ولا أولادهم شيئًا، وإن كانوا في الدنيا يستدفعون بذلك النكبات التي ترد عليهم، ويقولون ‏{‏نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين‏}‏ فيوم القيامة يبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ‏{‏وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون‏}‏ وليس للأولاد والأموال قدر عند الله، إنما ينفع العبد إيمانه بالله وأعماله الصالحة، كما قال تعالى ‏{‏وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون‏}‏ وأخبر هنا أن الكفار هم وقود النار، أي‏:‏ حطبها، الملازمون لها دائما أبدًا، وهذه الحال التي ذكر الله تعالى أنها لا تغني الأموال والأولاد عن الكفار شيئًا، سنته الجارية في الأمم السابقة‏.‏‏
كما جرى لفرعون ومن قبله ومن بعدهم من الفراعنة العتاة الطغاة أرباب الأموال والجنود لما كذبوا بآيات الله وجحدوا ما جاءت به الرسل وعاندوا، أخذهم الله بذنوبهم عدلا منه لا ظلما والله شديد العقاب على من أتى بأسباب العقاب وهو الكفر والذنوب على اختلاف أنواعها وتعدد مراتبها
ثم قال تعالى ‏{‏قل‏}‏ يا محمد ‏{‏للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد‏}‏ وفي هذا إشارة للمؤمنين بالنصر والغلبة وتحذير للكفار، وقد وقع كما أخبر تعالى، فنصر الله المؤمنين على أعدائهم من كفار المشركين واليهود والنصارى، وسيفعل هذا تعالى بعباده وجنده المؤمنين إلى يوم القيامة، ففي هذا عبرة وآية من آيات القرآن المشاهدة بالحس والعيان، وأخبر تعالى أن الكفار مع أنهم مغلوبون في الدار أنهم محشورون ومجموعون يوم القيامة لدار البوار، وهذا هو الذي مهدوه لأنفسهم فبئس المهاد مهادهم، وبئس الجزاء جزاؤهم‏.‏
‏{‏قد كان لكم آية‏}‏ أي‏:‏ عبرة عظيمة ‏{‏في فئتين التقتا‏}‏ وهذا يوم بدر ‏{‏فئة تقاتل في سبيل الله‏}‏ وهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ‏{‏وأخرى كافرة‏}‏ أي‏:‏ كفار قريش الذين خرجوا من ديارهم بطرا وفخرا ورئاء الناس، ويصدون عن سبيل الله، فجمع الله بين الطائفتين في بدر، وكان المشركون أضعاف المؤمنين، فلهذا قال ‏{‏يرونهم مثليهم رأي العين‏}أي‏:‏ يرى المؤمنون الكافرين يزيدون عليها زيادة كثيرة، تبلغ المضاعفة وتزيد عليها، وأكد هذا بقوله ‏{‏رأي العين‏}‏ فنصر الله المؤمنين وأيدهم بنصره فهزموهم، وقتلوا صناديدهم، وأسروا كثيرًا منهم، وما ذاك إلا لأن الله ناصر من نصره، وخاذل من كفر به، ففي هذا عبرة لأولي الأبصار، أي‏:‏ أصحاب البصائر النافذة والعقول الكاملة، على أن الطائفة المنصورة معها الحق، والأخرى مبطلة، وإلا فلو نظر الناظر إلى مجرد الأسباب الظاهرة والعدد والعدد لجزم بأن غلبة هذه الفئة القليلة لتلك الفئة الكثيرة من أنواع المحالات، ولكن وراء هذا السبب المشاهد بالأبصار سبب أعظم منه لا يدركه إلا أهل البصائر والإيمان بالله والتوكل على الله والثقة بكفايته، وهو نصره وإعزازه لعباده المؤمنين على أعدائه الكافرين‏.‏
الاسئلة:
1- مامعنى في فئتين؟
2_يرونهم مثليهم؟

ام عبدالله وامنه 07-18-2019 03:18 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
يتبع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة في سورة آل عمران..
14 ـ 17‏]‏ ‏{‏زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ‏}‏
يخبر تعالى أنه زين للناس حب الشهوات الدنيوية، وخص هذه الأمور المذكورة لأنها أعظم شهوات الدنيا وغيرها تبع لها، قال تعالى ‏{‏إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها‏}‏ فلما زينت لهم هذه المذكورات بما فيها من الدواعي المثيرات، تعلقت بها نفوسهم ومالت إليها قلوبهم، وانقسموا بحسب الواقع إلى قسمين‏:‏ قسم‏:‏ جعلوها هي المقصود، فصارت أفكارهم وخواطرهم وأعمالهم الظاهرة والباطنة لها، فشغلتهم عما خلقوا لأجله، وصحبوها صحبة البهائم السائمة، يتمتعون بلذاتها ويتناولون شهواتها، ولا يبالون على أي‏:‏ وجه حصلوها، ولا فيما أنفقوها وصرفوها، فهؤلاء كانت زادا لهم إلى دار الشقاء والعناء والعذاب، والقسم الثاني‏:‏ عرفوا المقصود منها وأن الله جعلها ابتلاء وامتحانا لعباده، ليعلم من يقدم طاعته ومرضاته على لذاته وشهواته، فجعلوها وسيلة لهم وطريقا يتزودن منها لآخرتهم ويتمتعون بما يتمتعون به على وجه الاستعانة به على مرضاته، قد صحبوها بأبدًانهم وفارقوها بقلوبهم، وعلموا أنها كما قال الله فيها ‏{‏ذلك متاع الحياة الدنيا‏}‏
فجعلوها معبرا إلى الدار الآخرة ومتجرا يرجون بها الفوائد الفاخرة، فهؤلاء صارت لهم زادا إلى ربهم‏.‏ وفي هذه الآية تسلية للفقراء الذين لا قدرة لهم على هذه الشهوات التي يقدر عليها الأغنياء، وتحذير للمغترين بها وتزهيد لأهل العقول النيرة بها، وتمام ذلك أن الله تعالى أخبر بعدها عن دار القرار ومصير المتقين الأبرار، وأخبر أنها خير من ذلكم المذكور، ألا وهي الجنات العاليات ذات المنازل الأنيقة والغرف العالية، والأشجار المتنوعة المثمرة بأنواع الثمار، والأنهار الجارية على حسب مرادهم والأزواج المطهرة من كل قذر ودنس وعيب ظاهر وباطن، مع الخلود الدائم الذي به تمام النعيم، مع الرضوان من الله الذي هو أكبر نعيم، فقس هذه الدار الجليلة بتلك الدار الحقيرة، ثم اختر لنفسك أحسنهما واعرض على قلبك المفاضلة بينهما ‏{‏والله بصير بالعباد‏}‏ أي‏:‏ عالم بما فيهم من الأوصاف الحسنة والأوصاف القبيحة، وما هو اللائق بأحوالهم، يوفق من شاء منهم ويخذل من شاء‏.‏ فالجنة التي ذكر الله وصفها ونعتها بأكمل نعت وصف أيضًا المستحقين لها وهم الذين اتقوه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، وكان من دعائهم أن قالوا‏:‏
‏[‏16 ـ 17‏]‏ ‏{‏ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار‏}‏ توسلوا بمنة الله عليهم بتوفيقهم للإيمان أن يغفر لهم ذنوبهم ويقيهم شر آثارها وهو عذاب النار، ثم فصل أوصاف التقوى‏.‏
فقال ‏{‏الصابرين‏}‏ أنفسهم على ما يحبه الله من طاعته، وعن معصيته، وعلى أقداره المؤلمة، ‏{‏والصادقين‏}‏ في إيمانهم وأقوالهم وأحوالهم ‏{‏والمنفقين‏}‏ مما رزقهم الله بأنواع النفقات على المحاويج من الأقارب وغيرهم ‏{‏والمستغفرين بالأسحار‏}‏ لما بين صفاتهم الحميدة ذكر احتقارهم لأنفسهم وأنهم لا يرون لأنفسهم، حالا ولا مقاما، بل يرون أنفسهم مذنبين مقصرين فيستغفرون ربهم، ويتوقعون أوقات الإجابة وهي السحر، قال الحسن‏:‏ مدوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا يستغفرون ربهم‏.‏ فتضمنت هذه الآيات حالة الناس في الدنيا وأنها متاع ينقضي، ثم وصف الجنة وما فيها من النعيم وفاضل بينهما، وفضل الآخرة على الدنيا تنبيها على أنه يجب إيثارها والعمل لها، ووصف أهل الجنة وهم المتقون، ثم فصل خصال التقوى، فبهذه الخصال يزن العبد نفسه، هل هو من أهل الجنة أم لا‏؟‏
الاسئلة:
1_ انقسم الناس في موقفهم من شهوات الدنيا إلى قسمين. اذكريها.؟
2_مالحكمة من ذكر الشهوات التي زينها للناس؟

ام عبدالله وامنه 08-01-2019 03:56 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة تفسير سورة آل عمران ''
18 ـ 20‏]‏ ‏{‏شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ‏}‏

هذا تقرير من الله تعالى للتوحيد بأعظم الطرق الموجبة له، وهي شهادته تعالى وشهادة خواص الخلق وهم الملائكة وأهل العلم، أما شهادته تعالى فيما أقامه من الحجج والبراهين القاطعة على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، فنوع الأدلة في الآفاق والأنفس على هذا الأصل العظيم، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه ما قام أحد بتوحيده إلا ونصره على المشرك الجاحد المنكر للتوحيد، وكذلك إنعامه العظيم الذي ما بالعباد من نعمة إلا منه، ولا يدفع النقم إلا هو، والخلق كلهم عاجزون عن المنافع والمضار لأنفسهم ولغيرهم، ففي هذا برهان قاطع على وجوب التوحيد وبطلان الشرك، وأما شهادة الملائكة بذلك فنستفيدها بإخبار الله لنا بذلك وإخبار رسله، وأما شهادة أهل العلم فلأنهم هم المرجع في جميع الأمور الدينية خصوصًا في أعظم الأمور وأجلها وأشرفها وهو التوحيد، فكلهم من أولهم إلى آخرهم قد اتفقوا على ذلك ودعوا إليه وبينوا للناس الطرق الموصلة إليه، فوجب على الخلق التزام هذا الأمر المشهود عليه والعمل به، وفي هذا دليل على أن أشرف الأمور علم التوحيد لأن الله شهد به بنفسه وأشهد عليه خواص خلقه، والشهادة لا تكون إلا عن علم ويقين، بمنزلة المشاهدة للبصر،ففيه دليل على أن من لم يصل في علم التوحيد إلى هذه الحالة فليس من أولي العلم‏.‏ وفي هذه الآية دليل على شرف العلم من وجوه كثيرة، منها‏:‏ أن الله خصهم بالشهادة على أعظم مشهود عليه دون الناس، ومنها‏:‏ أن الله قرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وكفى بذلك فضلا، ومنها‏:‏ أنه جعلهم أولي العلم، فأضافهم إلى العلم، إذ هم القائمون به المتصفون بصفته، ومنها‏:‏ أنه تعالى جعلهم شهداء وحجة على الناس، وألزم الناس العمل بالأمر المشهود به، فيكونون هم السبب في ذلك، فيكون كل من عمل بذلك نالهم من أجره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومنها‏:‏ أن إشهاده تعالى أهل العلم يتضمن ذلك تزكيتهم وتعديلهم وأنهم أمناء على ما استرعاهم عليه، ولما قرر توحيده قرر عدله، فقال‏:‏ ‏{‏قائمًا بالقسط‏}‏ أي‏:‏ لم يزل متصفا بالقسط في أفعاله وتدبيره بين عباده، فهو على صراط مستقيم في ما أمر به ونهى عنه، وفيما خلقه وقدره، ثم أعاد تقرير توحيده فقال ‏{‏لا إله إلا هو العزيز الحكيم‏}‏ واعلم أن هذا الأصل الذي هو توحيد الله وإفراده بالعبودية قد دلت عليه الأدلة النقلية والأدلة العقلية، حتى صار لذوي البصائر أجلى من الشمس، فأما الأدلة النقلية فكل ما في كتاب الله وسنة رسوله، من الأمر به وتقريره، ومحبة أهله وبغض من لم يقم به وعقوباتهم، وذم الشرك وأهله، فهو من الأدلة النقلية على ذلك، حتى كاد القرآن أن يكون كله أدلة عليه، وأما الأدلة العقلية التي تدرك بمجرد فكر العقل وتصوره للأمور فقد أرشد القرآن إليها ونبه على كثير منها، فمن أعظمها‏:‏الاعتراف بربوبية الله، فإن من عرف أنه هو الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور أنتج له ذلك أنه هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ولما كان هذا من أوضح الأشياء وأعظمها أكثر الله تعالى من الاستدلال به في كتابه‏.‏ ومن الأدلة العقلية على أن الله هو الذي يؤله دون غيره انفراده بالنعم ودفع النقم، فإن من عرف أن النعم الظاهرة والباطنة القليلة والكثيرة كلها من الله، وأنه ما من نقمة ولا شدة ولا كربة إلا وهو الذي ينفرد بدفعها وإن أحدا من الخلق لا يملك لنفسه ـ فضلا عن غيره ـ جلب نعمة ولا دفع نقمة، تيقن أن عبودية ما سوى الله من أبطل الباطل وأن العبودية لا تنبغي إلا لمن انفرد بجلب المصالح ودفع المضار، فلهذا أكثر الله في كتابه من التنبيه على هذا الدليل جدا، ومن الأدلة العقلية أيضًا على ذلك‏:‏ ما أخبر به تعالى عن المعبودات التي عبدت من دونه، بأنها لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا تنصر غيرها ولا تنصر نفسها، وسلبها الأسماع والأبصار، وأنها على فرض سماعها لا تغني شيئًا، وغير ذلك من الصفات الدالة على نقصها غاية النقص، وما أخبر به عن نفسه العظيمة من الصفات الجليلة والأفعال الجميلة، والقدرة والقهر، وغير ذلك من الصفات التي تعرف بالأدلة السمعية والعقلية، فمن عرف ذلك حق المعرفة عرف أن العبادة لا تليق ولا تحسن إلا بالرب العظيم الذي له الكمال كله، والمجد كله، والحمد كله، والقدرة كلها، والكبرياء كلها، لا بالمخلوقات المدبرات الناقصات الصم البكم الذين لا يعقلون، ومن الأدلة العقلية على ذلك ما شاهده العباد بأبصارهم من قديم الزمان وحديثه، من الإكرام لأهل التوحيد، والإهانة والعقوبة لأهل الشرك، وما ذاك إلا لأن التوحيد جعله الله موصلا إلى كل خير دافعا لكل شر ديني ودنيوي، وجعل الشرك به والكفر سببا للعقوبات الدينية والدنيوية، ولهذا إذا ذكر تعالى قصص الرسل مع أمم المطيعين والعاصين، وأخبر عن عقوبات العاصين ونجاة الرسل ومن تبعهم، قال عقب كل قصة‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآية‏}‏ أي‏:‏:‏ لعبرة يعتبر بها المعتبرون فيعلمون أن توحيده هو الموجب للنجاة، وتركه هو الموجب للهلاك، فهذه من الأدلة الكبار العقلية النقلية الدالة على هذا الأصل العظيم، وقد أكثر الله منها في كتابه وصرفها ونوعها ليحيى من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة فله الحمد والشكر والثناء‏.‏

ولما قرر أنه الإله الحق المعبود، بين العبادة والدين الذي يتعين أن يعبد به ويدان له، وهو الإسلام الذي هو الاستسلام لله بتوحيده وطاعته التي دعت إليها رسله، وحثت عليها كتبه، وهو الذي لا يقبل من أحد دين سواه، وهو متضمن للإخلاص له في الحب والخوف والرجاء والإنابة والدعاء ومتابعة رسوله في ذلك، وهذا هو دين الرسل كلهم، وكل من تابعهم فهو على طريقهم، وإنما اختلف أهل الكتاب بعد ما جاءتهم كتبهم تحثهم على الاجتماع على دين الله، بغيا بينهم، وظلما وعدوانا من أنفسهم، وإلا فقد جاءهم السبب الأكبر الموجب أن يتبعوا الحق ويتركوا الاختلاف، وهذا من كفرهم، فلهذا قال تعالى ‏{‏وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب‏}‏ فيجازي كل عامل بعمله، وخصوصًا من ترك الحق بعد معرفته، فهذا مستحق للوعيد الشديد والعقاب الأليم، ثم أمر تعالى رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند محاجة النصارى وغيرهم ممن يفضل غير دين الإسلام عليه أن يقول لهم‏:‏ قد ‏{‏أسلمت وجهي لله ومن اتبعن‏}‏ أي‏:‏ أنا ومن اتبعني قد أقررنا وشهدنا وأسلمنا وجوهنا لربنا، وتركنا ما سوى دين الإسلام، وجزمنا ببطلانه، ففي هذا تأييس لمن طمع فيكم، وتجديد لدينكم عند ورود الشبهات، وحجة على من اشتبه عليه الأمر، لأنه قد تقدم أن الله استشهد على توحيده بأهل العلم من عباده ليكونوا حجة على غيرهم، وسيد أهل العلم وأفضلهم وأعلمهم هو نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم_ثم من بعده أتباعه على اختلاف مراتبهم وتفاوت درجاتهم، فلهم من العلم الصحيح والعقل الرجيح ما ليس لأحد من الخلق ما يساويهم أو يقاربهم، فإذا ثبت وتقرر توحيد الله ودينه بأدلته الظاهرة، وقام به أكمل الخلق وأعلمهم، حصل بذلك اليقين وانتفى كل شك وريب وقادح، وعرف أن ما سواه من الأديان باطلة، فلهذا قال ‏{‏وقل للذين أوتوا الكتاب‏}‏ من النصارى واليهود ‏{‏والأميين‏}‏ مشركي العرب وغيرهم ‏{‏أأسلمتم فإن أسلموا‏}‏ أي‏:‏ بمثل ما أمنتم به ‏{‏فقد اهتدوا‏}‏ كما اهتديتم وصاروا إخوانكم، لهم ما لكم، وعليهم ما عليكم ‏{‏وإن تولوا‏}‏ عن الإسلام ورضوا بالأديان التي تخالفه ‏{‏فإنما عليك البلاغ‏}‏ فقد وجب أجرك على ربك، وقامت عليهم الحجة، ولم يبق بعد هذا إلا مجازاتهم بالعقاب على جرمهم، فلهذا قال ‏{‏والله بصير بالعباد} `.
الأسئلة :
1_في الآيةدليل على شرف العلم من وجوه كثيرة.. اذكريها؟
2_ماهي أعظم الأدلة العقلية على أن الله يؤله دون غيره؟

ام عبدالله وامنه 09-04-2019 02:13 AM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة سورة آل عمران...
[‏18 ـ 20‏]‏ ‏{‏شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ‏}‏
هذا تقرير من الله تعالى للتوحيد بأعظم الطرق الموجبة له، وهي شهادته تعالى وشهادة خواص الخلق وهم الملائكة وأهل العلم، أما شهادته تعالى فيما أقامه من الحجج والبراهين القاطعة على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، فنوع الأدلة في الآفاق والأنفس على هذا الأصل العظيم، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه ما قام أحد بتوحيده إلا ونصره على المشرك الجاحد المنكر للتوحيد، وكذلك إنعامه العظيم الذي ما بالعباد من نعمة إلا منه، ولا يدفع النقم إلا هو، والخلق كلهم عاجزون عن المنافع والمضار لأنفسهم ولغيرهم، ففي هذا برهان قاطع على وجوب التوحيد وبطلان الشرك، وأما شهادة الملائكة بذلك فنستفيدها بإخبار الله لنا بذلك وإخبار رسله، وأما شهادة أهل العلم فلأنهم هم المرجع في جميع الأمور الدينية خصوصًا في أعظم الأمور وأجلها وأشرفها وهو التوحيد، فكلهم من أولهم إلى آخرهم قد اتفقوا على ذلك ودعوا إليه وبينوا للناس الطرق الموصلة إليه، فوجب على الخلق التزام هذا الأمر المشهود عليه والعمل به، وفي هذا دليل على أن أشرف الأمور علم التوحيد لأن الله شهد به بنفسه وأشهد عليه خواص خلقه، والشهادة لا تكون إلا عن علم ويقين، بمنزلة المشاهدة للبصر، ففيه دليل على أن من لم يصل في علم التوحيد إلى هذه الحالة فليس من أولي العلم‏.‏ وفي هذه الآية دليل على شرف العلم من وجوه كثيرة، منها‏:‏ أن الله خصهم بالشهادة على أعظم مشهود عليه دون الناس، ومنها‏:‏ أن الله قرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وكفى بذلك فضلا، ومنها‏:‏ أنه جعلهم أولي العلم، فأضافهم إلى العلم، إذ هم القائمون به المتصفون بصفته، ومنها‏:‏ أنه تعالى جعلهم شهداء وحجة على الناس، وألزم الناس العمل بالأمر المشهود به، فيكونون هم السبب في ذلك، فيكون كل من عمل بذلك نالهم من أجره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومنها‏:‏ أن إشهاده تعالى أهل العلم يتضمن ذلك تزكيتهم وتعديلهم وأنهم أمناء على ما استرعاهم عليه، ولما قرر توحيده قرر عدله، فقال‏:‏ ‏{‏قائمًا بالقسط‏}‏ أي‏:‏ لم يزل متصفا بالقسط في أفعاله وتدبيره بين عباده، فهو على صراط مستقيم في ما أمر به ونهى عنه، وفيما خلقه وقدره، ثم أعاد تقرير توحيده فقال ‏{‏لا إله إلا هو العزيز الحكيم‏}‏ واعلم أن هذا الأصل الذي هو توحيد الله وإفراده بالعبودية قد دلت عليه الأدلة النقلية والأدلة العقلية، حتى صار لذوي البصائر أجلى من الشمس، فأما الأدلة النقلية فكل ما في كتاب الله وسنة رسوله، من الأمر به وتقريره، ومحبة أهله وبغض من لم يقم به وعقوباتهم، وذم الشرك وأهله، فهو من الأدلة النقلية على ذلك، حتى كاد القرآن أن يكون كله أدلة عليه، وأما الأدلة العقلية التي تدرك بمجرد فكر العقل وتصوره للأمور فقد أرشد القرآن إليها ونبه على كثير منها، فمن أعظمها‏:‏ الاعتراف بربوبية الله، فإن من عرف أنه هو الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور أنتج له ذلك أنه هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ولما كان هذا من أوضح الأشياء وأعظمها أكثر الله تعالى من الاستدلال به في كتابه‏.‏ ومن الأدلة العقلية على أن الله هو الذي يؤله دون غيره انفراده بالنعم ودفع النقم، فإن من عرف أن النعم الظاهرة والباطنة القليلة والكثيرة كلها من الله، وأنه ما من نقمة ولا شدة ولا كربة إلا وهو الذي ينفرد بدفعها وإن أحدا من الخلق لا يملك لنفسه ـ فضلا عن غيره ـ جلب نعمة ولا دفع نقمة، تيقن أن عبودية ما سوى الله من أبطل الباطل وأن العبودية لا تنبغي إلا لمن انفرد بجلب المصالح ودفع المضار، فلهذا أكثر الله في كتابه من التنبيه على هذا الدليل جدا، ومن الأدلة العقلية أيضًا على ذلك‏:‏ ما أخبر به تعالى عن المعبودات التي عبدت من دونه، بأنها لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا تنصر غيرها ولا تنصر نفسها، وسلبها الأسماع والأبصار، وأنها على فرض سماعها لا تغني شيئًا، وغير ذلك من الصفات الدالة على نقصها غاية النقص، وما أخبر به عن نفسه العظيمة من الصفات الجليلة والأفعال الجميلة، والقدرة والقهر، وغير ذلك من الصفات التي تعرف بالأدلة السمعية والعقلية، فمن عرف ذلك حق المعرفة عرف أن العبادة لا تليق ولا تحسن إلا بالرب العظيم الذي له الكمال كله، والمجد كله، والحمد كله، والقدرة كلها، والكبرياء كلها، لا بالمخلوقات المدبرات الناقصات الصم البكم الذين لا يعقلون، ومن الأدلة العقلية على ذلك ما شاهده العباد بأبصارهم من قديم الزمان وحديثه، من الإكرام لأهل التوحيد، والإهانة والعقوبة لأهل الشرك، وما ذاك إلا لأن التوحيد جعله الله موصلا إلى كل خير دافعا لكل شر ديني ودنيوي، وجعل الشرك به والكفر سببا للعقوبات الدينية والدنيوية، ولهذا إذا ذكر تعالى قصص الرسل مع أمم المطيعين والعاصين، وأخبر عن عقوبات العاصين ونجاة الرسل ومن تبعهم، قال عقب كل قصة‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآية‏}‏ أي‏:‏ لعبرة يعتبر بها المعتبرون فيعلمون أن توحيده هو الموجب للنجاة، وتركه هو الموجب للهلاك، فهذه من الأدلة الكبار العقلية النقلية الدالة على هذا الأصل العظيم، وقد أكثر الله منها في كتابه وصرفها ونوعها ليحيى من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة فله الحمد والشكر والثناء‏.‏ولما قرر أنه الإله الحق المعبود، بين العبادة والدين الذي يتعين أن يعبد به ويدان له، وهو الإسلام الذي هو الاستسلام لله بتوحيده وطاعته التي دعت إليها رسله، وحثت عليها كتبه، وهو الذي لا يقبل من أحد دين سواه، وهو متضمن للإخلاص له في الحب والخوف والرجاء والإنابة والدعاء ومتابعة رسوله في ذلك، وهذا هو دين الرسل كلهم، وكل من تابعهم فهو على طريقهم، وإنما اختلف أهل الكتاب بعد ما جاءتهم كتبهم تحثهم على الاجتماع على دين الله، بغيا بينهم، وظلما وعدوانا من أنفسهم، وإلا فقد جاءهم السبب الأكبر الموجب أن يتبعوا الحق ويتركوا الاختلاف، وهذا من كفرهم، فلهذا قال تعالى ‏{‏وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب‏}‏ فيجازي كل عامل بعمله، وخصوصًا من ترك الحق بعد معرفته، فهذا مستحق للوعيد الشديد والعقاب الأليم، ثم أمر تعالى رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند محاجة النصارى وغيرهم ممن يفضل غير دين الإسلام عليه أن يقول لهم‏:‏ قد ‏{‏أسلمت وجهي لله ومن اتبعن‏}‏ أي‏:‏ أنا ومن اتبعني قد أقررنا وشهدنا وأسلمنا وجوهنا لربنا،وتركنا ما سوى دين الإسلام، وجزمنا ببطلانه، ففي هذا تأييس لمن طمع فيكم، وتجديد لدينكم عند ورود الشبهات، وحجة على من اشتبه عليه الأمر، لأنه قد تقدم أن الله استشهد على توحيده بأهل العلم من عباده ليكونوا حجة على غيرهم، وسيد أهل العلم وأفضلهم وأعلمهم هو نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم من بعده أتباعه على اختلاف مراتبهم وتفاوت درجاتهم، فلهم من العلم الصحيح والعقل الرجيح ما ليس لأحد من الخلق ما يساويهم أو يقاربهم، فإذا ثبت وتقرر توحيد الله ودينه بأدلته الظاهرة، وقام به أكمل الخلق وأعلمهم، حصل بذلك اليقين وانتفى كل شك وريب وقادح، وعرف أن ما سواه من الأديان باطلة، فلهذا قال ‏{‏وقل للذين أوتوا الكتاب‏}‏ من النصارى واليهود ‏{‏والأميين‏}‏ مشركي العرب وغيرهم ‏{‏أأسلمتم فإن أسلموا‏}‏ أي‏:‏ بمثل ما أمنتم به ‏{‏فقد اهتدوا‏}‏ كما اهتديتم وصاروا إخوانكم، لهم ما لكم، وعليهم ما عليكم ‏{‏وإن تولوا‏}‏ عن الإسلام ورضوا بالأديان التي تخالفه ‏{‏فإنما عليك البلاغ‏}‏ فقد وجب أجرك على ربك، وقامت عليهم الحجة، ولم يبق بعد هذا إلا مجازاتهم بالعقاب على جرمهم، فلهذا قال ‏{‏والله بصير بالعباد} °'''''
الأسئلة '' ''
1_ماهي أعظم الطرق الموجبة للتوحيد؟
2_عرفي الإسلام؟ وماذا يتضمن؟

هوازن الشريف 09-04-2019 06:15 PM

رد: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
جزاك الله خيرا

ونفع الله بك

الخط صغير جدا

ام عبدالله وامنه 09-19-2019 03:37 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين.. نتابع معا القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى.. سورة آل عمران..
‏[‏26 ـ 27‏]‏ ‏{‏قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏
يقول الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏{‏قل اللهم مالك الملك‏}‏ أي‏:‏ أنت الملك المالك لجميع الممالك، فصفة الملك المطلق لك، والمملكة كلها علويها وسفليها لك والتصريف والتدبير كله لك، ثم فصل بعض التصاريف التي انفرد الباري تعالى بها، فقال‏:‏ ‏{‏تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء‏}‏ وفيه الإشارة إلى أن الله تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة ومن تبعهم ويؤتيه أمة محمد، وقد فعل ولله الحمد، فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة الله تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى الله به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك وحصوله وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة الله لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر، ومن الأسباب التي جعلها الله سببا لحصول الملك الإيمان والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدروا عليها والصبر وعدم التنازع، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم‏}‏ الآية فأخبر أن الإيمان والعمل الصالح سبب للاستخلاف المذكور، وقال تعالى‏'''
{‏هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم‏}‏ الآية وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين‏}‏ فأخبر أن ائتلاف قلوب المؤمنين وثباتهم وعدم تنازعهم سبب للنصر على الأعداء، وأنت إذا استقرأت الدول الإسلامية وجدت السبب الأعظم في زوال ملكها ترك الدين والتفرق الذي أطمع فيهم الأعداء وجعل بأسهم بينهم، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وتعز من تشاء‏}‏ بطاعتك ‏{‏وتذل من تشاء‏}‏ بمعصيتك ‏{‏إنك على كل شيء قدير‏}‏ لا يمتنع عليك أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئتك وقدرتك ‏{‏تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل‏}‏ أي‏:‏ تدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، فينشأ عن ذلك من الفصول والضياء والنور والشمس والظل والسكون والانتشار، ما هو من أكبر الأدلة على قدرة الله وعظمته وحكمته ورحمته ‏{‏وتخرج الحي من الميت‏}‏ كالفرخ من البيضة، وكالشجر من النوى، وكالزرع من بذره، وكالمؤمن من الكافر ‏{‏وتخرج الميت من الحي‏}‏ كالبيضة من الطائر وكالنوى من الشجر، وكالحب من الزرع، وكالكافر من المؤمن، وهذا أعظم دليل على قدرة الله، وأن جميع الأشياء مسخرة مدبرة لا تملك من التدبير شيئًا، فخلقه تعالى الأضداد، والضد من ضده بيان أنها مقهورة ‏{‏وترزق من تشاء بغير حساب‏}‏ أي‏:‏ ترزق من تشاء رزقا واسعا من حيث لا يحتسب ولا يكتسب،..
الأسئلة :
1_اشرحي معاني الكلمات الآتية؛
تعز من تشاء /تذل من تشاء / تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل؟؟

ام عبدالله وامنه 09-19-2019 03:40 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين '' نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة من سورة آل عمران..
[‏21 ـ 22‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ‏}‏
هؤلاء الذين أخبر الله عنهم في هذه الآية، أشد الناس جرما وأي‏:‏ جرم أعظم من الكفر بآيات الله التي تدل دلالة قاطعة على الحق الذي من كفر بها فهو في غاية الكفر والعناد ويقتلون أنبياء الله الذين حقهم أوجب الحقوق على العباد بعد حق الله، الذين أوجب الله طاعتهم والإيمان بهم، وتعزيرهم، وتوقيرهم، ونصرهم وهؤلاء قابلوهم بضد ذلك، ويقتلون أيضًا الذين يأمرون الناس بالقسط الذي هو العدل، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي حقيقته إحسان إلى المأمور ونصح له، فقابلوهم شر مقابلة، فاستحقوا بهذه الجنايات المنكرات أشد العقوبات، وهو العذاب المؤلم البالغ في الشدة إلى غاية لا يمكن وصفها، ولا يقدر قدرها المؤلم للأبدًان والقلوب والأرواح‏.‏
وبطلت أعمالهم بما كسبت أيديهم، وما لهم أحد ينصرهم من عذاب الله ولا يدفع عنهم من نقمته مثقال ذرة، بل قد أيسوا من كل خير، وحصل لهم كل شر وضير، وهذه الحالة صفة اليهود ونحوهم، قبحهم الله ما أجرأهم على الله وعلى أنبيائه وعباده الصالحين‏.
[‏23 ـ 25‏]‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ‏}‏
يخبر تعالى عن حال أهل الكتاب الذين أنعم الله عليهم بكتابه، فكان يجب أن يكونوا أقوم الناس به وأسرعهم انقيادا لأحكامه، فأخبر الله عنهم أنهم إذا دعوا إلى حكم الكتاب تولى فريق منهم وهم يعرضون، تولوا بأبدًانهم، وأعرضوا بقلوبهم، وهذا غاية الذم، وفي ضمنها التحذير لنا أن نفعل كفعلهم، فيصيبنا من الذم والعقاب ما أصابهم، بل الواجب على كل أحد إذا دعي إلى كتاب الله أن يسمع ويطيع وينقاد، كما قال تعالى ‏{‏إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا‏}‏ والسبب الذي غر أهل الكتاب بتجرئهم على معاصي الله هو قولهم ‏{‏لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون‏}‏
افتروا هذا القول فظنوه حقيقة فعملوا على ذلك ولم ينزجروا عن المحارم، لأن أنفسهم منتهم وغرتهم أن مآلهم إلى الجنة، وكذبوا في ذلك، فإن هذا مجرد كذب وافتراء، وإنما مآلهم شر مآل، وعاقبتهم عاقبة وخيمة، فلهذا قال تعالى ‏{‏فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه‏}‏}‏
أي‏:‏ كيف يكون حالهم ووخيم ما يقدمون عليه، حالة لا يمكن وصفها ولا يتصور قبحها لأن ذلك اليوم يوم توفية النفوس ما كسبت ومجازاتها بالعدل لا بالظلم، وقد علم أن ذلك على قدر الأعمال، وقد تقدم من أعمالهم ما يبين أنهم من أشد الناس عذابًا‏.‏
الأسئلة :
1_مالسبب الذي غر أهل الكتاب فتجرؤا على معاصي الله؟؟

ام عبدالله وامنه 09-26-2019 12:55 AM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة '' '
[‏28 ـ 30‏]‏ ‏{‏لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ * قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ‏}‏
وهذا نهي من الله تعالى للمؤمنين عن موالاة الكافرين بالمحبة والنصرة والاستعانة بهم على أمر من أمور المسلمين، وتوعد على ذلك فقال‏:‏ ‏{‏ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء‏}‏ أي‏:‏ فقد انقطع عن الله، وليس له في دين الله نصيب، لأن موالاة الكافرين لا تجتمع مع الإيمان، لأن الإيمان يأمر بموالاة الله وموالاة أوليائه المؤمنين المتعاونين على إقامة دين الله وجهاد أعدائه، قال تعالى‏:‏ ‏{‏والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض‏}‏ فمن والى ـ الكافرين من دون المؤمنين الذين يريدون أن يطفؤا نور الله ويفتنوا أولياءه خرج من حزب المؤمنين، وصار من حزب الكافرين، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يتولهم منكم فإنه منهم‏}‏ وفي هذه الآية دليل على الابتعاد عن الكفار وعن معاشرتهم وصداقتهم، والميل إليهم والركون إليهم، وأنه لا يجوز أن يولى كافر ولاية من ولايات المسلمين، ولا يستعان به على الأمور التي هي مصالح لعموم المسلمين‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا أن تتقوا منهم تقاة‏}‏
أي‏:‏ تخافوهم على أنفسكم فيحل لكم أن تفعلوا ما تعصمون به دماءكم من التقية باللسان وإظهار ما به تحصل التقية‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏ويحذركم الله نفسه‏}‏ أي‏:‏ فلا تتعرضوا لسخطه بارتكاب معاصيه فيعاقبكم على ذلك ‏{‏وإلى الله المصير‏}‏ أي‏:‏ مرجع العباد ليوم التناد، فيحصي أعمالهم ويحاسبهم عليها ويجازيهم، فإياكم أن تفعلوا من الأعمال القباح ما تستحقون به العقوبة، واعملوا ما به يحصل الأجر والمثوبة، ثم أخبر عن سعة علمه لما في النفوس خصوصًا، ولما في السماء والأرض عمومًا، وعن كمال قدرته، ففيه إرشاد إلى تطهير القلوب واستحضار علم الله كل وقت فيستحي العبد من ربه أن يرى قلبه محلا لكل فكر رديء، بل يشغل أفكاره فيما يقرب إلى الله من تدبر آية من كتاب، أو سنة من أحاديث رسول الله، أو تصور وبحث في علم ينفعه، أو تفكر في مخلوقات الله ونعمه، أو نصح لعباد الله، وفي ضمن أخبار الله عن علمه وقدرته الإخبار بما هو لازم ذلك من المجازاة على الأعمال، ومحل ذلك يوم القيامة، فهو الذي توفى به النفوس بأعمالها فلهذا قال ‏{‏يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا‏}‏
أي‏:‏ كاملًا موفرا لم ينقص مثقال ذرة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره‏}‏ والخير‏:‏ اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة صغيرها وكبيرها، كما أن السوء اسم جامع لكل ما يسخط الله من الأعمال السيئة صغيرها وكبيرها ‏{‏وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا‏}‏ أي‏:‏ مسافة بعيدة، لعظم أسفها وشدة حزنها، فليحذر العبد من أعمال السوء التي لا بد أن يحزن عليها أشد الحزن.
وليتركها وقت الإمكان قبل أن يقول ‏{‏يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله‏}‏ ‏{‏يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض‏}‏ ‏{‏ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانًا خليلا‏}‏ ‏{‏حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين‏}‏ فوالله لترك كل شهوة ولذة وان عسر تركها على النفس في هذه الدار أيسر من معاناة تلك الشدائد واحتمال تلك الفضائح، ولكن العبد من ظلمه وجهله لا ينظر إلا الأمر الحاضر، فليس له عقل كامل يلحظ به عواقب الأمور فيقدم على ما ينفعه عاجلا وآجلا، ويحجم عن ما يضره عاجلا وآجلا، ثم أعاد تعالى تحذيرنا نفسه رأفة بنا ورحمة لئلا يطول علينا الأمد فتقسو قلوبنا، وليجمع لنا بين الترغيب الموجب للرجاء والعمل الصالح، والترهيب الموجب للخوف وترك الذنوب، فقال ‏{‏ويحذركم الله نفسه والله رءوفٌ بالعباد‏}‏ فنسأله أن يمن علينا بالحذر منه على الدوام، حتى لا نفعل ما يسخطه ويغضبه‏.‏
الأسئلة :
1_نهى الله عز وجل عن موالاة الكفار '' هات دليلا على ذلك؟
2_ما الجزاء المترتب على موالاة الكفار؟.
3_متى يجوز الاستعانة بالكفار؟

ام عبدالله وامنه 10-02-2019 07:03 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه اجمعين نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة من تفسير سورة آل عمران
[‏31‏]‏ ‏{‏قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏
وهذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال ‏{‏قل إن كنتم تحبون الله‏}‏ أي‏:‏ ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لابد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتبع الرسول فليس محبا لله تعالى، لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله، فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص‏.‏
[‏32‏]‏ ‏{‏قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ‏}‏
وهذا أمر من الله تعالى لعباده بأعم الأوامر، وهو طاعته وطاعة رسوله التي يدخل بها الإيمان والتوحيد، وما هو من فروع ذلك من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، بل يدخل في طاعته وطاعة رسوله اجتناب ما نهى عنه، لأن اجتنابه امتثالًا لأمر الله هو من طاعته، فمن أطاع الله ورسوله، فأولئك هم المفلحون ‏{‏فإن تولوا‏}‏ أي‏:‏ أعرضوا عن طاعة الله ورسوله فليس ثم أمر يرجعون إليه إلا الكفر وطاعة كل شيطان مريد ‏{‏كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير‏}‏ فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين‏}‏ بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم أشد العقوبة، وكأن في هذه الآية الكريمة بيانا وتفسيرا لاتباع رسوله، وأن ذلك بطاعة الله وطاعة رسوله، هذا هو الاتباع الحقيقي، ثم قال تعالى‏:‏
‏[‏33 ـ 37‏]‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏
يخبر تعالى باختيار من اختاره من أوليائه وأصفيائه وأحبابه، فأخبر أنه اصطفى آدم، أي‏:‏ اختاره على سائر المخلوقات، فخلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له، وأسكنه جنته، وأعطاه من العلم والحلم والفضل ما فاق به سائر المخلوقات، ولهذا فضل بنيه، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا‏}‏واصطفى نوحًا فجعله أول رسول إلى أهل الأرض حين عبدت الأوثان، ووفقه من الصبر والاحتمال والشكر والدعوة إلى الله في جميع الأوقات ما أوجب اصطفاءه واجتباءه، وأغرق الله أهل الأرض بدعوته، ونجاه ومن معه في الفلك المشحون، وجعل ذريته هم الباقين، وترك عليه ثناء يذكر في جميع الأحيان والأزمان‏.‏
واصطفى آل إبراهيم وهو إبراهيم خليل الرحمن الذي اختصه الله بخلته، وبذل نفسه للنيران وولده للقربان وماله للضيفان، ودعا إلى ربه ليلا ونهارا وسرا وجهارا، وجعله الله أسوة يقتدي به من بعده، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، ويدخل في آل إبراهيم جميع الأنبياء الذين بعثوا من بعده لأنهم من ذريته، وقد خصهم بأنواع الفضائل ما كانوا به صفوة على العالمين، ومنهم سيد ولد آدم نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن الله تعالى جمع فيه من الكمال ما تفرق في غيره، وفاق ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأولين والآخرين، فكان سيد المرسلين المصطفى من ولد إبراهيم‏.‏
واصطفى الله آل عمران وهو والد مريم بنت عمران، أو والد موسى بن عمران عليه السلام، فهذه البيوت التي ذكرها الله هي صفوته من العالمين، وتسلسل الصلاح والتوفيق بذرياتهم، فلهذا قال تعالى ‏{‏ذرية بعضها من بعض‏}‏
أي‏:‏ حصل التناسب والتشابه بينهم في الخلق والأخلاق الجميلة، كما قال تعالى لما ذكر جملة من الأنبياء الداخلين في ضمن هذه البيوت الكبار ‏{‏ومن آبائهم وإخوانهم وذرياتهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم‏}‏ ‏{‏والله سميع عليم‏}‏ يعلم من يستحق الاصطفاء فيصطفيه ومن لا يستحق ذلك فيخذله ويرديه، ودل هذا على أن هؤلاء اختارهم لما علم من أحوالهم الموجبة لذلك فضلا منه وكرمًا، ومن الفائدة والحكمة في قصه علينا أخبار هؤلاء الأصفياء أن نحبهم ونقتدي بهم، ونسأل الله أن يوفقنا لما وفقهم، وأن لا نزال نزري أنفسنا بتأخرنا عنهم وعدم اتصافنا بأوصافهم ومزاياهم الجميلة، وهذا أيضًا من لطفه بهم، وإظهاره الثناء عليهم في الأولين والآخرين، والتنويه بشرفهم، فلله ما أعظم جوده وكرمه وأكثر فوائد معاملته، لو لم يكن لهم من الشرف إلا أن أذكارهم مخلدة ومناقبهم مؤبدة لكفى بذلك فضلا
ولما ذكر فضائل هذه البيوت الكريمة ذكر ما جرى لمريم والدة عيسى وكيف لطف الله بها في تربيتها ونشأتها، فقال‏:‏ ‏{‏إذ قالت امرأة عمران‏}‏ أي‏:‏ والدة مريم لما حملت ‏{‏رب إني نذرت لك ما في بطني محررًا‏}‏ أي‏:‏والدة مريم لما حملت ‏{‏رب إني نذرت لك ما في بطني محررًا‏}‏ أي‏:‏ جعلت ما في بطني خالصا لوجهك، محررا لخدمتك وخدمة بيتك ‏{‏فتقبل مني‏}‏ هذا العمل المبارك ‏{‏إنك أنت السميع العليم‏}‏ تسمع دعائي وتعلم نيتي وقصدي، هذا وهي في البطن قبل وضعها ‏{‏فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى‏}‏ كأنها تشوفت أن يكون ذكرا ليكون أقدر على الخدمة وأعظم موقعا، ففي كلامها ‏[‏نوع‏]‏ عذر من ربها، فقال الله‏:‏ ‏{‏والله أعلم بما وضعت‏}‏ أي‏:‏ لا يحتاج إلى إعلامها، بل علمه متعلق بها قبل أن تعلم أمها ما هي ‏{‏وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم‏}‏ فيه دلالة على تفضيل الذكر على الأنثى، وعلى التسمية وقت الولادة، وعلى أن للأم تسمية الولد إذا لم يكره الأب ‏{‏وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم‏}‏ دعت لها ولذريتها أن يعيذهم الله من الشيطان الرجيم‏.‏
‏{‏فتقبلها ربها بقبول حسن‏}‏ أي‏:‏ جعلها نذيرة مقبولة، وأجارها وذريتها من الشيطان ‏{‏وأنبتها نباتًا حسنًا‏}‏ أي‏:‏ نبتت نباتا حسنا في بدنها وخلقها وأخلاقها، لأن الله تعالى قيض لها زكريا عليه السلام ‏{‏وكفلها‏}‏ إياه، وهذا من رفقه بها ليربيها على أكمل الأحوال، فنشأت في عبادة ربها وفاقت النساء، وانقطعت لعبادة ربها، ولزمت محرابها أي‏:‏ مصلاها فكان ‏{‏كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا‏}‏ أي‏:‏ من غير كسب ولا تعب، بل رزق ساقه الله إليها، وكرامة أكرمها الله بها، فيقول لها زكريا ‏{‏أنى لك هذا قالت هو من عند الله‏}‏ فضلا وإحسانا ‏{‏إن الله يرزق من يشاء بغير حساب‏}‏ أي‏:‏ من غير حسبان من العبد ولا كسب، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب‏}‏ وفي هذه الآية دليل على إثبات كرامات الأولياء الخارقة للعادة كما قد تواترت الأخبار بذلك، خلافا لمن نفى ذلك، فلما رأى زكريا عليه السلام ما من الله به على مريم، وما أكرمها به من رزقه الهنيء الذي أتاها بغير سعي منها ولا كسب، طمعت نفسه بالورد.
الأسئلة؛
1_ماشرط محبة الله؟
2_من هم الذين اصطفاهم الله سبحانه وتعالى وماهي صفاتهم المشتركة؟

ام عبدالله وامنه 10-09-2019 02:03 AM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا '' 'نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة...
[‏38 ـ 41‏]‏ ‏{‏هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ * قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كثيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ‏}‏
أي‏:‏ دعا زكريا عليه السلام ربه أن يرزقه ذرية طيبة، أي‏:‏ طاهرة الأخلاق، طيبة الآداب، لتكمل النعمة الدينية والدنيوية بهم‏.‏ فاستجاب له دعاءه‏.‏
وبينما هو قائم في محرابه يتعبد لربه ويتضرع نادته الملائكة ‏{‏أن الله يبشرك بيحيى مصدقًا بكلمة من الله‏}‏ أي‏:‏ بعيسى عليه السلام، لأنه كان بكلمة الله ‏{‏وسيدًا‏}‏ أي‏:‏ يحصل له من الصفات الجميلة ما يكون به سيدا يرجع إليه في الأمور ‏{‏وحصورًا‏}‏ أي‏:‏ ممنوعا من إتيان النساء، فليس في قلبه لهن شهوة، اشتغالا بخدمة ربه وطاعته ‏{‏ونبيًا من الصالحين‏}‏ فأي‏:‏ بشارة أعظم من هذا الولد الذي حصلت البشارة بوجوده، وبكمال صفاته، وبكونه نبيا من الصالحين، فقال زكريا من شدة فرحه ‏{‏رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر‏}‏ وكل واحد من الأمرين مانع من وجود الولد، فكيف وقد اجتمعا، فأخبره الله تعالى أن هذا خارق للعادة، فقال‏:‏ ‏{‏كذلك الله يفعل ما يشاء‏}‏ فكما أنه تعالى قدر وجود الأولاد بالأسباب التي منها التناسل، فإذا أراد أن يوجدهم من غير ما سبب فعل، لأنه لا يستعصي عليه شيء، فقال زكريا عليه السلام استعجالا لهذا الأمر، وليحصل له كمال الطمأنينة‏.‏
{‏رب اجعل لي آية‏}‏ أي‏:‏ علامة على وجود الولد قال ‏{‏آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا‏}‏ أي‏:‏ ينحبس لسانك عن كلامهم من غير آفة ولا سوء، فلا تقدر إلا على الإشارة والرمز، وهذا آية عظيمة أن لا تقدر على الكلام، وفيه مناسبة عجيبة، وهي أنه كما يمنع نفوذ الأسباب مع وجودها، فإنه يوجدها بدون أسبابها ليدل ذلك أن الأسباب كلها مندرجة في قضائه وقدره، فامتنع من الكلام ثلاثة أيام، وأمره الله أن يشكره ويكثر من ذكره بالعشي والإبكار، حتى إذا خرج على قومه من المحراب ‏{‏فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيًّا‏}‏ أي‏:‏ أول النهار وآخره‏.‏
‏[‏42 ـ 44‏]‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ * ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ‏}‏
ينوه تعالى بفضيلة مريم وعلو قدرها، وأن الملائكة خاطبتها بذلك فقالت ‏{‏يا مريم إن الله اصطفاك‏}‏ أي‏:‏ اختارك ‏{‏وطهّرك‏}‏ من الآفات المنقصة ‏{‏واصطفاك على نساء العالمين‏}‏ الاصطفاء الأول يرجع إلى الصفات الحميدة والأفعال السديدة، والاصطفاء الثاني يرجع إلى تفضيلها على سائر نساء العالمين، إما على عالمي زمانها، أو مطلقا، وإن شاركها أفراد من النساء في ذلك كخديجة وعائشة وفاطمة، لم يناف الاصطفاء المذكور، فلما أخبرتها الملائكة باصطفاء الله إياها وتطهيرها، كان في هذا من النعمة العظيمة والمنحة الجسيمة ما يوجب لها القيام بشكرها، فلهذا قالت لها الملائكة‏:‏ ‏{‏يا مريم اقنتي لربك‏}
{‏اقنتي لربك‏}‏ القنوت دوام الطاعة في خضوع وخشوع، ‏{‏واسجدي واركعي مع الراكعين‏}‏ خص السجود والركوع لفضلهما ودلالتهما على غاية الخضوع لله، ففعلت مريم، ما أمرت به شكرا لله تعالى وطاعة، ولما أخبر الله نبيه بما أخبر به عن مريم، وكيف تنقلت بها الأحوال التي قيضها الله لها، وكان هذا من الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا بالوحي‏.‏
قال ‏{‏ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم‏}‏ أي‏:‏ عندهم ‏{‏إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم‏}‏ لما ذهبت بها أمها إلى من لهم الأمر على بيت المقدس، فتشاحوا وتخاصموا أيهم يكفل مريم، واقترعوا عليها بأن ألقوا أقلامهم في النهر، فأيهم لم يجر قلمه مع الماء فله كفالتها، فوقع ذلك لزكريا نبيهم وأفضلهم، فلما أَخْبَرتَهُم يا محمد بهذه الأخبار التي لا علم لك ولا لقومك بها دل على أنك صادق وأنك رسول الله حقا، فوجب عليهم الانقياد لك وامتثال أوامرك، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر‏}‏..
الأسئلة...
1_مامعني..ذريةطيبة..حصورا..بكرة وعشنا.؟؟؟
2_لماذا خص السجود والركوع؟ ومن هو الذي كفل مريم؟؟

ام عبدالله وامنه 10-16-2019 01:36 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم '' 'نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة '' '[‏45_ 48]‏ ‏{‏إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ }‏
يخبر تعالى أن الملائكة بشرت مريم عليها السلام بأعظم بشارة، وهو كلمة الله عبده ورسوله عيسى ابن مريم،سمي كلمة الله لأنه كان بالكلمة من الله، لأن حالته خارجة عن الأسباب، وجعله الله من آياته وعجائب مخلوقاته، فأرسل الله جبريل عليه السلام إلى مريم، فنفخ في جيب درعها فولجت فيها تلك النفخة الذكية من ذلك الملك الزكي، فأنشأ الله منها تلك الروح الزكية، فكان روحانيا نشأ من مادة روحانية، فلهذا سمى روح الله ‏{‏وجيها في الدنيا والآخرة‏}‏ أي‏:‏ له الوجاهة العظيمة في الدنيا، جعله الله أحد أولي العزم من المرسلين أصحاب الشرائع الكبار والأتباع، ونشر الله له من الذكر ما ملأ ما بين المشرق والمغرب، وفي الآخرة وجيها عند الله يشفع أسوة إخوانه من النبيين والمرسلين، ويظهر فضله على أكثر العالمين، فلهذا كان من المقربين إلى الله، أقرب الخلق إلى ربهم، بل هو عليه السلام من سادات المقربين‏.‏
‏{‏ويكلم الناس فى المهد وكهلًا‏}‏ وهذا غير التكليم المعتاد، بل المراد يكلم الناس بما فيه صلاحهم وفلاحهم، وهو تكليم المرسلين، ففي هذا إرساله ودعوته الخلق إلى ربهم، وفي تكليمهم في المهد آية عظيمة من آيات الله ينتفع بها المؤمنون، وتكون حجة على المعاندين، أنه رسول رب العالمين، وأنه عبد الله، وليكون نعمة وبراءة لوالدته مما رميت به ‏{‏ومن الصالحين‏}‏ أي‏:‏ يمن عليه بالصلاح، من من عليهم، ويدخله في جملتهم، وفي هذا عدة بشارات لمريم مع ما تضمن من التنويه بذكر المسيح عليه السلام‏.‏
{‏قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر‏}‏ والولد في العادة لا يكون إلا من مس البشر، وهذا استغراب منها، لا شك في قدرة الله تعالى‏:‏ ‏{‏قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون‏}‏ فأخبرها أن هذا أمر خارق للعادة، خلقه من يقول لكل أمر أراده‏:‏ كن فيكون، فمن تيقن ذلك زال عنه الاستغراب والتعجب، ومن حكمة الباري تعالى أن تدرج بأخبار العباد من الغريب إلى ما هو أغرب منه، فذكر وجود يحيى بن زكريا بين أبوين أحدهما كبير والآخر عاقر، ثم ذكر أغرب من ذلك وأعجب، وهو وجود عيسى عليه السلام من أم بلا أب ليدل عباده أنه الفعال لما يريد وأنه ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن‏.‏
ثم أخبر تعالى عن منته العظيمة على عبده ورسوله عيسى عليه السلام، فقال ‏{‏ويعلمه الكتاب‏}‏ يحتمل أن يكون المراد جنس الكتاب، فيكون ذكر التوراة والإنجيل تخصيصا لهما، لشرفهما وفضلهما واحتوائهما على الأحكام والشرائع التي يحكم بها أنبياء بني إسرائيل والتعليم، لذلك يدخل فيه تعليم ألفاظه ومعانيه، ويحتمل أن يكون المراد بقوله ‏{‏ويعلمه الكتاب‏}‏ أي‏:‏ الكتابة، لأن الكتابة من أعظم نعم الله على عباده ولهذا امتن تعالى على عباده بتعليمهم بالقلم في أول سورة أنزلها فقال ‏{‏اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم‏}‏والمراد بالحكمة معرفة أسرار الشرع، ووضع الأشياء مواضعها، فيكون ذلك امتنانا على عيسى عليه السلام بتعليمه الكتابة والعلم والحكمة، وهذا هو الكمال للإنسان في نفسه‏.‏
ثم ذكر له كمالا آخر وفضلا زائدا على ما أعطاه الله من الفضائل،
الأسئلة؛
1_لماذا سمي عيسى كلمة الله؟
2_مامعنى يعلمه الكتاب؟

ام عبدالله وامنه 10-27-2019 01:49 AM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة....
48 وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ *رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ *54....
{‏ورسولًا إلى بني إسرائيل‏}‏ فأرسله الله إلى هذا الشعب الفاضل الذين هم أفضل العالمين في زمانهم يدعوهم إلى الله، وأقام له من الآيات ما دلهم أنه رسول الله حقا ونبيه صدقا ولهذا قال ‏{‏أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين‏}‏ طيرًا، أي‏:‏ أصوره على شكل الطير ‏{‏فأنفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله‏}‏ أي‏:‏ طيرًا له روح تطير بإذن الله ‏{‏وأبرئ الأكمه‏}‏ وهو الذي يولد أعمى ‏{‏والأبرص‏}‏ بإذن الله ‏{‏وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين‏}‏ وأي‏:‏ آية أعظم من جعل الجماد حيوانا، وإبراء ذوي العاهات التي لا قدرة للأطباء في معالجتها، وإحياء الموتى، والإخبار بالأمور الغيبية، فكل واحدة من هذه الأمور آية عظيمة بمفردها، فكيف بها إذا اجتمعت وصدق بعضها بعضها‏؟‏ فإنها موجبة للإيقان وداعية للإيمان‏.‏
‏{‏ومصدقًا لما بين يدي من التوراة‏}‏ أي‏:‏ أتيت بجنس ما جاءت به التوراة وما جاء به موسى عليه السلام، وعلامة الصادق أن يكون خبره من جنس خبر الصادقين، يخبر بالصدق، ويأمر بالعدل من غير تخالف ولا تناقض، بخلاف من ادعى دعوى كاذبة، خصوصًا أعظم الدعاوى وهي دعوى النبوة، فالكاذب فيها لابد أن يظهر لكل أحد كذب صاحبها وتناقضه ومخالفته لأخبار الصادقين وموافقته لأخبار الكاذبين، هذا موجب السنن الماضية والحكمة الإلهية والرحمة الربانية بعباده، إذ لا يشتبه الصادق بالكاذب في دعوى النبوة أبدًا، بخلاف بعض الأمور الجزئية، فإنه قد يشتبه فيها الصادق بالكاذب، وأما النبوة فإنه يترتب عليها هداية الخلق أو ضلالهم وسعادتهم وشقاؤهم، ومعلوم أن الصادق فيها من أكمل الخلق، والكاذب فيها من أخس الخلق وأكذبهم وأظلمهم، فحكمة الله ورحمته بعباده أن يكون بينهما من الفروق ما يتبين لكل من له عقل، ثم أخبر عيسى عليه السلام أن شريعة الإنجيل شريعة فيها سهولة ويسرة فقال ‏{‏ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم‏}‏ فدل ذلك على أن أكثر أحكام التوراة لم ينسخها الإنجيل بل كان متمما لها ومقررا ‏{‏وجئتكم بآية من ربكم‏}‏ تدل على صدقي ووجوب اتباعي، وهي ما تقدم من الآيات، والمقصود من ذلك كله قوله ‏{‏فاتقوا الله‏}‏ بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه وأطيعوني فإن طاعة الرسول طاعة لله‏.‏
.‏
‏{‏إن الله ربي وربكم فاعبدوه‏}‏ استدل بتوحيد الربوبية الذي يقر به كل أحد على توحيد الإلهية الذي ينكره المشركون، فكما أن الله هو الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا نعما ظاهرة وباطنة، فليكن هو معبودنا الذي نألهه بالحب والخوف والرجاء والدعاء والاستعانة وجميع أنواع العبادة، وفي هذا رد على النصارى القائلين بأن عيسى إله أو ابن الله، وهذا إقراره عليه السلام بأنه عبد مدبر مخلوق، كما قال ‏{‏إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيًا‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته‏}‏ إلى قوله ‏{‏ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم‏}‏ وقوله ‏{‏هذا‏}‏ أي‏:‏ عبادة الله وتقواه وطاعة رسوله ‏{‏صراط مستقيم‏}‏ موصل إلى الله وإلى جنته، وما عدا ذلك فهي طرق موصلة إلى الجحيم‏.‏
‏{‏فلما أحس عيسى منهم الكفر‏}‏ أي‏:‏ رأى منهم عدم الانقياد له، وقالوا هذا سحر مبين، وهموا بقتله وسعوا في ذلك ‏{‏قال من أنصاري إلى الله‏}‏ من يعاونني ويقوم معي بنصرة دين الله ‏{‏قال الحواريون‏}‏ وهم الأنصار ‏{‏نحن أنصار الله‏}‏ أي‏:‏ انتدبوا معه وقاموا بذلك‏.‏
وقالوا‏:‏ ‏{‏آمنا بالله‏}‏ ‏{‏فاكتبنا مع الشاهدين‏}‏ أي‏:‏ الشهادة النافعة، وهي الشهادة بتوحيد الله وتصديق رسوله مع القيام بذلك، فلما قاموا مع عيسى بنصر دين الله وإقامة شرعه آمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة، فاقتتلت الطائفتان فأيد الله الذين آمنوا بنصره على عدوهم فأصبحوا ظاهرين، فلهذا قال تعالى هنا ‏{‏ومكروا‏}‏ أي‏:‏ الكفار بإرادة قتل نبي الله وإطفاء نوره ‏{‏ومكر الله‏}‏ بهم جزاء لهم على مكرهم ‏{‏والله خير الماكرين‏}‏ رد الله كيدهم في نحورهم، فانقلبوا خاسرين‏.‏
‏الاسئلة:
1_فسري معنى قوله تعالى (أن الله ربي وربكم فأعبدوه )؟
2_من هم الحواريون؟

ام عبدالله وامنه 11-03-2019 04:19 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة من آية 55 إلى 58

{‏إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا‏}‏ فرفع الله عبده ورسوله عيسى إليه، وألقي شبهه على غيره، فأخذوا من ألقي شبهه عليه فقتلوه وصلبوه، وباءوا بالإثم العظيم بنيتهم أنه رسول الله، قال الله ‏{‏وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم‏}‏ وفي هذه الآية دليل على علو الله تعالى واستوائه على عرشه حقيقة، كما دلت على ذلك النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تلقاها أهل السنة بالقبول والإيمان والتسليم، وكان الله عزيزا قويا قاهرا، ومن عزته أن كف بني إسرائيل بعد عزمهم الجازم وعدم المانع لهم عن قتل عيسى عليه السلام، كما قال تعالى ‏{‏وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين‏}‏ حكيم يضع الأشياء مواضعها، وله أعظم حكمة في إلقاء الشبه على بني إسرائيل، فوقعوا في الشبه كما قال تعالى ‏{‏وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينًا‏}‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة‏}‏ وتقدم أن الله أيد المؤمنين منهم على الكافرين، ثم إن النصارى المنتسبين لعيسى عليه السلام لم يزالوا قاهرين لليهود لكون النصارى أقرب إلى اتباع عيسى من اليهود، حتى بعث الله نبينا محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكان المسلمون هم المتبعين لعيسى حقيقة، فأيدهم الله ونصرهم على اليهود والنصارى وسائر الكفار، وإنما يحصل في بعض الأزمان إدالة الكفار من النصارى وغيرهم على المسلمين، حكمة من الله وعقوبة على تركهم لاتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏{‏ثم إلي مرجعكم‏}‏ أي‏:‏ مصير الخلائق كلها ‏{‏فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون‏}‏ كل يدعي أن الحق معه وأنه المصيب وغيره مخطئ، وهذا مجرد دعاوى تحتاج إلى برهان‏.‏
ثم أخبر عن حكمه بينهم بالقسط والعدل، فقال ‏{‏فأما الذين كفروا‏}‏ أي‏:‏ بالله وآياته ورسله ‏{‏فأعذبهم عذابًا شديدًا في الدنيا والآخرة‏}‏ أما عذاب الدنيا، فهو ما أصابهم الله به من القوارع والعقوبات المشاهدة والقتل والذل، وغير ذلك مما هو نموذج من عذاب الآخرة، وأما عذاب الآخرة فهو الطامة الكبرى والمصيبة العظمى، ألا وهو عذاب النار وغضب الجبار وحرمانهم ثواب الأبرار ‏{‏وما لهم من ناصرين‏}‏ ينصرونهم من عذاب الله، لا من زعموا أنهم شفعاء لهم عند الله، ولا ما اتخذوهم أولياء من دونه، ولا أصدقائهم وأقربائهم، ولا أنفسهم ينصرون‏.‏
‏{‏وأما الذين آمنوا‏}‏ بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت وغير ذلك مما أمر الله بالإيمان به ‏{‏وعملوا الصالحات‏}‏ القلبية والقولية والبدنية التي جاءت بشرعها المرسلون، وقصدوا بها رضا رب العالمين ‏{‏فيوفيهم أجورهم‏}‏ دل ذلك على أنه يحصل لهم في الدنيا ثواب لأعمالهم من الإكرام والإعزاز والنصر والحياة الطيبة، وإنما توفية الأجور يوم القيامة، يجدون ما قدموه من الخيرات محضرًا موفرًا، فيعطي منهم كل عامل أجر عمله ويزيدهم من فضله وكرمه ‏{‏والله لا يحب الظالمين‏}‏ بل يبغضهم ويحل عليهم سخطه وعذابه‏.‏
الأسئلة...
1_كيف كف الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل عن عيسى عليه السلام؟
2_مامعنى ( مالهم من ناصرين )؟

ام عبدالله وامنه 11-10-2019 10:17 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة...
[‏59 ـ 60‏]‏ ‏{‏إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ‏}‏
يخبر تعالى محتجا على النصارى الزاعمين بعيسى عليه السلام ما ليس له بحق، بغير برهان ولا شبهة، بل بزعمهم أنه ليس له والد استحق بذلك أن يكون ابن الله أو شريكا لله في الربوبية، وهذا ليس بشبهة فضلا أن يكون حجة، لأن خلقه كذلك من آيات الله الدالة على تفرد الله بالخلق والتدبير وأن جميع الأسباب طوع مشيئته وتبع لإرادته، فهو على نقيض قولهم أدل، وعلى أن أحدا لا يستحق المشاركة لله بوجه من الوجوه أولى، ومع هذا فآدم عليه السلام خلقه الله من تراب لا من أب ولا أم، فإذا كان ذلك لا يوجب لآدم ما زعمه النصارى في المسيح، فالمسيح المخلوق من أم بلا أب من باب أولى وأحرى، فإن صح إدعاء البنوة والإلهية في المسيح، فادعاؤها في آدم من باب أولى وأحرى، فلهذا قال تعالى ‏{‏إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك‏}‏ أي‏:‏ هذا الذي أخبرناك به من شأن المسيح عليه السلام هو الحق الذي في أعلى رتب الصدق، لكونه من ربك الذي من جملة تربيته الخاصة لك ولأمتك أن قص عليكم ما قص من أخبار الأنبياء عليهم السلام‏.‏ ‏{‏فلا تكن من الممترين‏}‏ أي‏:‏ الشاكين في شيء مما أخبرك به ربك، وفي هذه الآية وما بعدها دليل على قاعدة شريفة وهو أن ما قامت الأدلة على أنه حق وجزم به العبد من مسائل العقائد وغيرها، فإنه يجب أن يجزم بأن كل ما عارضه فهو باطل، وكل شبهة تورد عليه فهي فاسدة، سواء قدر العبد على حلها أم لا، فلا يوجب له عجزه عن حلها القدح فيما علمه، لأن ما خالف الحق فهو باطل، قال تعالى ‏{‏فماذا بعد الحق إلا الضلال‏}‏ وبهذه القاعدة الشرعية تنحل عن الإنسان إشكالات كثيرة يوردها المتكلمون ويرتبها المنطقيون، إن حلها الإنسان فهو تبرع منه، وإلا فوظيفته أن يبين الحق بأدلته ويدعو إليه‏.‏
‏[‏61 ـ 63‏]‏ ‏{‏فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ *إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ‏}‏
أي‏:‏ ‏{‏فمن‏}‏ جادلك ‏{‏وحاجك‏}‏ في عيسى عليه السلام وزعم أنه فوق منزلة العبودية، بل رفعه فوق منزلته ‏{‏من بعد ما جاءك من العلم‏}‏ بأنه عبد الله ورسوله وبينت لمن جادلك ما عندك من الأدلة الدالة على أنه عبد أنعم الله عليه، دل على عناد من لم يتبعك في هذا العلم اليقيني، فلم يبق في مجادلته فائدة تستفيدها ولا يستفيدها هو، لأن الحق قد تبين، فجداله فيه جدال معاند مشاق لله ورسوله، قصده اتباع هواه، لا اتباع ما أنزل الله، فهذا ليس فيه حيلة، فأمر الله نبيه أن ينتقل إلى مباهلته وملاعنته، فيدعون الله ويبتهلون إليه أن يجعل لعنته وعقوبته على الكاذب من الفريقين، هو وأحب الناس إليه من الأولاد والأبناء والنساء، فدعاهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى ذلك فتولوا وأعرضوا ونكلوا، وعلموا أنهم إن لاعنوه رجعوا إلى أهليهم وأولادهم فلم يجدوا أهلا ولا مالا وعوجلوا بالعقوبة، فرضوا بدينهم مع جزمهم ببطلانه، وهذا غاية الفساد والعناد، فلهذا قال تعالى ‏{‏فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين‏}‏فيعاقبهم على ذلك أشد العقوبة‏.‏ وأخبر تعالى ‏{‏إن هذا‏}‏ الذي قصه الله على عباده هو ‏{‏القصص الحق‏}‏ وكل قصص يقص عليهم مما يخالفه ويناقضه فهو باطل ‏{‏وما من إله إلا الله‏}‏ فهو المألوه المعبود حقا الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ولا يستحق غيره مثقال ذرة من العبادة ‏{‏وإن الله لهو العزيز‏}‏ الذي قهر كل شيء وخضع له كل شيء ‏{‏الحكيم‏}‏ الذي يضع الأشياء مواضعها، وله الحكمة التامة في ابتلاء المؤمنين بالكافرين، يقاتلونهم ويجادلونهم ويجاهدونهم بالقول والفعل‏.‏
الأسئلة :
1_مامعنى الممترين؟
2_ماهي القاعدة الشرعية التي تنحل بها إشكالات كثيرة؟

ام عبدالله وامنه 11-12-2019 10:48 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة '' '
64‏]‏ ‏{‏قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بعضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ‏}‏
أي‏:‏ قل لأهل الكتاب من اليهود والنصارى ‏{‏تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم‏}‏ أي‏:‏ هلموا نجتمع عليها وهي الكلمة التي اتفق عليها الأنبياء والمرسلون، ولم يخالفها إلا المعاندون والضالون، ليست مختصة بأحدنا دون الآخر، بل مشتركة بيننا وبينكم، وهذا من العدل في المقال والإنصاف في الجدال، ثم فسرها بقوله ‏{‏ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا‏}‏ فنفرد الله بالعبادة ونخصه بالحب والخوف والرجاء ولا نشرك به نبيا ولا ملكا ولا وليا ولا صنما ولا وثنا ولا حيوانا ولا جمادا ‏{‏ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله‏}‏ بل تكون الطاعة كلها لله ولرسله، فلا نطيع المخلوقين في معصية الخالق، لأن ذلك جعل للمخلوقين في منزلة الربوبية، فإذا دعي أهل الكتاب أو غيرهم إلى ذلك، فإن أجابوا كانوا مثلكم، لهم ما لكم وعليهم ما عليكم، وإن تولوا فهم معاندون متبعون أهواءهم فاشهدوهم أنكم مسلمون، ولعل الفائدة في ذلك أنكم إذا قلتم لهم ذلك وأنتم أهل العلم على الحقيقة، كان ذلك زيادة على إقامة الحجة عليهم كما استشهد تعالى بأهل العلم حجة على المعاندين، وأيضًا فإنكم إذا أسلمتم أنتم وآمنتم فلا يعبأ الله بعدم إسلام غيركم لعدم زكائهم ولخبث طويتهم، كما قال تعالى ‏{‏قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدًا‏}‏ الآية وأيضًا فإن في ورود الشبهات على العقيدة الإيمانية مما يوجب للمؤمن أن يجدد إيمانه ويعلن بإسلامه، إخبارا بيقينه وشكرا لنعمة ربه‏.‏
[‏65 ـ 68‏]‏ ‏{‏يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏
لما ادعى اليهود أن إبراهيم كان يهوديا، والنصارى أنه نصراني، وجادلوا على ذلك، رد تعالى محاجتهم ومجادلتهم من ثلاثة أوجه، أحدها‏:‏ أن جدالهم في إبراهيم جدال في أمر ليس لهم به علم، فلا يمكن لهم ولا يسمح لهم أن يحتجوا ويجادلوا في أمر هم أجانب عنه وهم جادلوا في أحكام التوراة والإنجيل سواء أخطأوا أم أصابوا فليس معهم المحاجة في شأن إبراهيم، الوجه الثاني‏:‏ أن اليهود ينتسبون إلى أحكام التوراة، والنصارى ينتسبون إلى أحكام الإنجيل، والتوراة والإنجيل ما أنزلا إلا من بعد إبراهيم، فكيف ينسبون إبراهيم إليهم وهو قبلهم متقدم عليهم، فهل هذا يعقل‏؟‏‏!‏ فلهذا قال ‏{‏أفلا تعقلون‏}‏ أي‏:‏ فلو عقلتم ما تقولون لم تقولوا ذلك، الوجه الثالث‏:‏ أن الله تعالى برأ خليله من اليهود والنصارى والمشركين، وجعله حنيفًا مسلمًا، وجعل أولى الناس به من آمن به من أمته، وهذا النبي وهو محمد صلى الله على وسلم ومن آمن معه، فهم الذين اتبعوه وهم أولى به من غيرهم، والله تعالى وليهم وناصرهم ومؤيدهم، وأما من نبذ ملته وراء ظهره كاليهود والنصارى والمشركين، فليسوا من إبراهيم وليس منهم، ولا ينفعهم مجرد الانتساب الخالي من الصواب‏.‏ وقد اشتملت هذه الآيات على النهي عن المحاجة والمجادلة بغير علم، وأن من تكلم بذلك فهو متكلم في أمر لا يمكن منه ولا يسمح له فيه، وفيها أيضًا حث على علم التاريخ، وأنه طريق لرد كثير من الأقوال الباطلة والدعاوى التي تخالف ما علم من التاريخ،
الأسئلة؛
1_ماهي القواعد التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتفق مع أهل الكتاب؟
2_ماهي دعوى أهل الكتاب عن إبراهيم؟

ام عبدالله وامنه 11-21-2019 03:26 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة...
‏:‏
‏[‏69 ـ 74‏]‏ ‏{‏وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ *يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏}‏
يحذر تعالى عباده المؤمنين عن مكر هذه الطائفة الخبيثة من أهل الكتاب، وأنهم يودون أن يضلوكم، كما قال تعالى ‏{‏ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا‏}‏ ومن المعلوم أن من ود شيئًا سعى بجهده على تحصيل مراده، فهذه الطائفة تسعى وتبذل جهدها في رد المؤمنين وإدخال الشبه عليهم بكل طريق يقدرون عليه، ولكن من لطف الله أنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فلهذا قال تعالى ‏{‏وما يضلون إلا أنفسهم‏}‏ فسعيهم في إضلال المؤمنين زيادة في ضلال أنفسهم وزيادة عذاب لهم، قال تعالى ‏{‏الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابًا فوق العذاب بما كانوا يفسدون‏}‏ ‏{‏وما يشعرون‏}‏ بذلك أنهم يسعون في ضرر أنفسهم وأنهم لا يضرونكم شيئًا‏.... {‏يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون‏}‏ أي‏:‏ ما الذي دعاكم إلى الكفر بآيات الله مع علمكم بأن ما أنتم عليه باطل، وأن ما جاءكم به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الحق الذي لا تشكون فيه، بل تشهدون به ويسر به بعضكم إلى بعض في بعض الأوقات، فهذا نهيهم عن ضلالهم‏.‏
ثم وبخهم على إضلالهم الخلق، فقال ‏{‏يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون‏}‏ فوبخهم على لبس الحق بالباطل وعلى كتمان الحق، لأنهم بهذين الأمرين يضلون من انتسب إليهم، فإن العلماء إذا لبسوا الحق بالباطل فلم يميزوا بينهما، بل أبقوا الأمر مبهما وكتموا الحق الذي يجب عليهم إظهاره، ترتب على ذلك من خفاء الحق وظهور الباطل ما ترتب، ولم يهتد العوام الذين يريدون الحق لمعرفته حتى يؤثروه، والمقصود من أهل العلم أن يظهروا للناس الحق ويعلنوا به، ويميزوا الحق من الباطل، ويظهروا الخبيث من الطيب، والحلال والحرام ، والعقائد الصحيحة من العقائد الفاسدة، ليهتدي المهتدون ويرجع الضالون وتقوم الحجة على المعاندين قال تعالى ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم‏}‏
ثم أخبر تعالى عن ما همت به هذه الطائفة الخبيثة، وإرادة المكر بالمؤمنين، فقال ‏{‏وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره‏}‏ أي‏:‏ ادخلوا في دينهم على وجه المكر والكيد أول النهار، فإذا كان آخر النهار فاخرجوا منه ‏{‏لعلهم يرجعون‏}‏ عن دينهم، فيقولون لو كان صحيحا لما خرج منه أهل العلم والكتاب، هذا الذي أرادوه عجبا بأنفهسم وظنا أن الناس سيحسنون ظنهم بهم ويتابعونهم على ما يقولونه ويفعلونه، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون‏.‏
{‏و‏}‏ قال بعضهم لبعض ‏{‏لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم‏}‏ أي‏:‏ لا تثقوا ولا تطمئنوا ولا تصدقوا إلا من تبع دينكم، واكتموا أمركم، فإنكم إذا أخبرتم غيركم وغير من هو على دينكم حصل لهم من العلم ما حصل لكم فصاروا مثلكم، أو حاجوكم عند ربكم وشهدوا عليكم أنها قامت عليكم الحجة وتبين لكم الهدى فلم تتبعوه، فالحاصل أنهم جعلوا عدم إخبار المؤمنين بما معهم من العلم قاطعا عنهم العلم، لأن العلم بزعمهم لا يكون إلا عندهم وموجبا للحجة عليهم، فرد الله عليهم بأن ‏{‏الهدى هدى الله‏}‏ فمادة الهدى من الله تعالى لكل من اهتدى، فإن الهدى إما علم الحق، أو إيثارة، ولا علم إلا ما جاءت به رسل الله، ولا موفق إلا من وفقه الله، وأهل الكتاب لم يؤتوا من العلم إلا قليلا، وأما التوفيق فقد انقطع حظهم منه لخبث نياتهم وسوء مقاصدهم، وأما هذه الأمة فقد حصل لهم ولله الحمد من هداية الله من العلوم والمعارف مع العمل بذلك ما فاقوا به وبرزوا على كل أحد، فكانوا هم الهداة الذين يهدون بأمر الله، وهذا من فضل الله عليها وإحسانه العظيم، فلهذا قال تعالى ‏{‏قل إن الفضل بيد الله‏}‏ أي‏:‏ الله هو الذي يحسن على عباده بأنواع الإحسان ‏{‏يؤتيه من يشاء‏}‏ ممن أتى بأسبابه ‏{‏والله واسع‏}‏ الفضل كثير الإحسان ‏{‏عليم‏}‏ بمن يصلح للإحسان فيعطيه، ومن لا يستحقه فيحرمه إياه‏.‏
‏{‏يختص برحمته من يشاء‏}‏ أي‏:‏ برحمته المطلقة التي تكون في الدنيا متصلة بالآخرة وهي نعمة الدين ومتمماته ‏{‏والله ذو الفضل العظيم‏}‏ الذي لا يصفه الواصفون ولا يخطر بقلب بشر، بل وصل فضله وإحسانه إلى ما وصل إليه علمه، ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما‏.‏
الأسئلة:
1_ مالمراد بقول أهل الكتاب آمنوا بالذي انزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره؟
2_ فسري قوله تعالى (لاتؤمنوا الا لمن تبع دينكم )؟

ام عبدالله وامنه 11-27-2019 02:28 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة..
[‏75 ـ 77‏]‏ ‏{‏وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏
يخبر تعالى عن حال أهل الكتاب في الوفاء والخيانة في الأموال، لما ذكر خيانتهم في الدين ومكرهم وكتمهم الحق، فأخبر أن منهم الخائن والأمين، وأن منهم ‏{‏من إن تأمنه بقنطار‏}‏ وهو المال الكثير ‏{‏يؤده‏}‏ وهو على أداء ما دونه من باب أولى، ومنهم ‏{‏من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك‏}‏ وهو على عدم أداء ما فوقه من باب أولى وأحرى، والذي أوجب لهم الخيانة وعدم الوفاء إليكم بأنهم زعموا أنه ‏{‏ليس‏}‏ عليهم ‏{‏في الأميين سبيل‏}‏ أي‏:‏ ليس عليهم إثم في عدم أداء أموالهم إليهم، لأنهم بزعمهم الفاسد ورأيهم الكاسد قد احتقروهم غاية الاحتقار، ورأوا أنفسهم في غاية العظمة، وهم الأذلاء الأحقرون، فلم يجعلوا للأميين حرمة، وأجازوا ذلك، فجمعوا بين أكل الحرام واعتقاد حله وكان هذا كذبا على الله، لأن العالم الذي يحلل الأشياء المحرمة قد كان عند الناس معلوم أنه يخبر عن حكم الله ليس يخبر عن نفسه، وذلك هو الكذب، فلهذا قال ‏{‏ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون‏}‏ وهذا أعظم إثما من القول على الله بلا علم، ثم رد عليهم زعمهم الفاسد‏.‏
فقال ‏{‏بلى‏}‏ أي‏:‏ ليس الأمر كما تزعمون أنه ليس عليكم في الأميين حرج، بل عليكم في ذلك أعظم الحرج وأشد الإثم‏.‏
.‏
‏{‏من أوفى بعهده واتقى‏}‏ والعهد يشمل العهد الذي بين العبد وبين ربه، وهو جميع ما أوجبه الله على العبد من حقه، ويشمل العهد الذي بينه وبين العباد، والتقوى تكون في هذا الموضع، ترجع إلى اتقاء المعاصي التي بين العبد وبين ربه، وبينه وبين الخلق، فمن كان كذلك فإنه من المتقين الذين يحبهم الله تعالى، سواء كانوا من الأميين أو غيرهم، فمن قال ليس علينا في الأميين سبيل، فلم يوف بعهده ولم يتق الله، فلم يكن ممن يحبه الله، بل ممن يبغضه الله، وإذا كان الأمييون قد عرفوا بوفاء العهود وبتقوى الله وعدم التجرئ على الأموال المحترمة، كانوا هم المحبوبين لله، المتقين الذين أعدت لهم الجنة، وكانوا أفضل خلق الله وأجلهم، بخلاف الذين يقولون ليس علينا في الأميين سبيل، فإنهم داخلون في قوله‏:‏ ‏{‏إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا‏}‏ ويدخل في ذلك كل من أخذ شيئًا من الدنيا في مقابلة ما تركه من حق الله أو حق عباده، وكذلك من حلف على يمين يقتطع بها مال معصوم فهو داخل في هذه الآية، فهؤلاء ‏{‏لا خلاق لهم في الآخرة‏}‏ أي‏:‏ لا نصيب لهم من الخير ‏{‏ولا يكلمهم الله‏}‏ يوم القيامة غضبًا عليهم وسخطًا، لتقديمهم هوى أنفسهم على رضا ربهم ‏{‏ولا يزكيهم‏}‏ أي‏:‏ يطهرهم من ذنوبهم، ولا يزيل عيوبهم ‏{‏ولهم عذاب أليم‏}‏ أي‏:‏ موجع للقلوب والأبدًان، وهو عذاب السخط والحجاب، وعذاب جهنم، نسأل الله العافية‏.‏
الأسئلة :
1_فسري قوله تعالى( بلى من أوفى بعهده واتقى )؟

ام عبدالله وامنه 12-04-2019 11:27 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى
[‏78‏]‏ ‏{‏وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏
يخبر تعالى أن من أهل الكتاب فريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب، أي‏:‏ يميلونه ويحرفونه عن المقصود به، وهذا يشمل اللي والتحريف لألفاظه ومعانيه، وذلك أن المقصود من الكتاب حفظ ألفاظه وعدم تغييرها، وفهم المراد منها وإفهامه، وهؤلاء عكسوا القضية وأفهموا غير المراد من الكتاب، إما تعريضا وإما تصريحا، فالتعريض في قوله ‏{‏لتحسبوه من الكتاب‏}‏ أي‏:‏ يلوون ألسنتهم ويوهمونكم أنه هو المراد من كتاب الله، وليس هو المراد، والتصريح في قولهم‏:‏ ‏{‏ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون‏}‏ وهذا أعظم جرما ممن يقول على الله بلا علم، هؤلاء يقولون على الله الكذب فيجمعون بين نفي المعنى الحق، وإثبات المعنى الباطل، وتنزيل اللفظ الدال على الحق على المعنى الفاسد، مع علمهم بذلك‏.‏
‏[‏79 ـ 80‏]‏ ‏{‏مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ‏}‏
وهذه الآية نزلت ردا لمن قال من أهل الكتاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أمرهم بالإيمان به ودعاهم إلى طاعته‏:‏ أتريد يا محمد أن نعبدك مع الله، فقوله ‏{‏ما كان لبشر‏}‏ أي‏:‏ يمتنع ويستحيل على بشر من الله عليه بإنزال الكتاب وتعليمه ما لم يكن يعلم وإرساله للخلق ‏{‏ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله‏}‏ فهذا من أمحل المحال صدوره من أحد من الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام، لأن هذا أقبح الأوامر على الإطلاق، والأنبياء أكمل الخلق على الإطلاق، فأوامرهم تكون مناسبة لأحوالهم، فلا يأمرون إلا بمعالي الأمور وهم أعظم الناس نهيا عن الأمور القبيحة، فلهذا قال ‏{‏ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون‏}‏ أي‏:‏ ولكن يأمرهم بأن يكونوا ربانيين، أي‏:‏ علماء حكماء حلماء معلمين للناس ومربيهم، بصغار العلم قبل كباره، عاملين بذلك، فهم يأمرون بالعلم والعمل والتعليم التي هي مدار السعادة، وبفوات شيء منها يحصل النقص والخلل، والباء في قوله ‏{{‏بما كنتم تعلمون‏}‏ إلخ، باء السببية، أي‏:‏ بسبب تعليمكم لغيركم المتضمن لعلمكم ودرسكم لكتاب الله وسنة نبيه، التي بدرسها يرسخ العلم ويبقى، تكونون ربانيين‏.‏
{‏ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا‏}‏ وهذا تعميم بعد تخصيص، أي‏:‏ لا يأمركم بعبادة نفسه ولا بعبادة أحد من الخلق من الملائكة والنبيين وغيرهم ‏{‏أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون‏}‏ هذا ما لا يكون ولا يتصور أن يصدر من أحد من الله عليه بالنبوة، فمن قدح في أحد منهم بشيء من ذلك فقد ارتكب إثما عظيما وكفرا وخيما‏.‏
الأسئلة :
1_مامعنى يلوون ألسنتهم بالكتاب؟
2_ماسبب نزول الايه (ماكان لبشر)؟


ام عبدالله وامنه 12-28-2019 02:40 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة '
.‏
‏[‏81 ـ 82‏]‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏
يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق النبيين وعهدهم المؤكد بسبب ما أعطاهم من كتاب الله المنزل، والحكمة الفاصلة بين الحق والباطل والهدى والضلال، إنه إن بعث الله رسولا مصدقا لما معهم أن يؤمنوا به ويصدقوه ويأخذوا ذلك على أممهم، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أوجب الله عليهم أن يؤمن بعضهم ببعض، ويصدق بعضهم بعضًا لأن جميع ما عندهم هو من عند الله، وكل ما من عند الله يجب التصديق به والإيمان، فهم كالشيء الواحد، فعلى هذا قد علم أن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو خاتمهم، فكل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لو أدركوه لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته، وكان هو إمامهم ومقدمهم ومتبوعهم، فهذه الآية الكريمة من أعظم الدلائل على علو مرتبته وجلالة قدره، وأنه أفضل الأنبياء وسيدهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما قررهم تعالى ‏{‏قالوا أقررنا‏}‏ أي‏:‏ قبلنا ما أمرتنا به على الرأس والعين ‏{‏قال‏}‏ الله لهم‏:‏ ‏{‏فاشهدوا‏}‏ على أنفسكم وعلى أممكم بذلك، قال ‏{‏وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك‏}‏ العهد والميثاق المؤكد بالشهادة من الله ومن رسله ‏{‏فأولئك هم الفاسقون‏}‏ فعلى هذا كل من ادعى أنه من أتباع الأنبياء كاليهود والنصارى ومن تبعهم، فقد تولوا عن هذا الميثاق الغليظ، واستحقوا الفسق الموجب للخلود في النار إن لم يؤمنوا بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ[‏83‏]‏ ‏{‏أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السموات وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ‏}‏
أي‏:‏ أيطلب الطالبون ويرغب الراغبون في غير دين الله‏؟‏ لا يحسن هذا ولا يليق، لأنه لا أحسن دينا من دين الله ‏{‏وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها‏}‏ أي‏:‏ الخلق كلهم منقادون بتسخيره مستسلمون له طوعا واختيارا، وهم المؤمنون المسلمون المنقادون لعبادة ربهم، وكرها وهم سائر الخلق، حتى الكافرون مستسلمون لقضائه وقدره لا خروج لهم عنه، ولا امتناع لهم منه، وإليه مرجع الخلائق كلها، فيحكم بينهم ويجازيهم بحكمه الدائر بين الفضل والعدل‏.‏
‏[‏84‏]‏ ‏{‏قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏}‏
تقدم نظير هذه الآية في سورة البقرة، ثم قال تعالى‏.‏
‏[‏85‏]‏ ‏{‏وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}‏
أي‏:‏ من يدين لله بغير دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده، فعمله مردود غير مقبول، لأن دين الإسلام هو المتضمن للاستسلام لله، إخلاصا وانقيادا لرسله فما لم يأت به العبد لم يأت بسبب النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه، وكل دين سواه فباطل، ثم قال تعالى.. [‏86 ـ 88‏]‏ ‏{‏كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ‏}‏
هذا من باب الاستبعاد، أي‏:‏ من الأمر البعيد أن يهدي الله قوما اختاروا الكفر والضلال بعدما آمنوا وشهدوا أن الرسول حق بما جاءهم به من الآيات البينات والبراهين القاطعات ‏{‏والله لا يهدي القوم الظالمين‏}‏ فهؤلاء ظلموا وتركوا الحق بعدما عرفوه، واتبعوا الباطل مع علمهم ببطلانه ظلما وبغيا واتباعا لأهوائهم، فهؤلاء لا يوفقون للهداية، لأن الذي يرجى أن يهتدي هو الذي لم يعرف الحق وهو حريص على التماسه، فهذا بالحري أن ييسر الله له أسباب الهداية ويصونه من أسباب الغواية‏.‏
ثم أخبر عن عقوبة هؤلاء المعاندين الظالمين الدنيوية والأخروية، فقال ‏{‏أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون‏}‏ أي‏:‏ لا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا لحظة، لا بإزالته أو إزالة بعض شدته، ‏{‏ولا هم ينظرون‏}‏ أي‏:‏ يمهلون، لأن زمن الإمهال قد مضى، وقد أعذر الله منهم وعمرهم ما يتذكر فيه من تذكر، فلو كان فيهم خير لوجد، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه.
الأسئلة :
1_ماموقف الأنبياء عليهم السلام تجاه محمد صلى الله عليه وسلم لو أدركوا؟

ام عبدالله وامنه 12-28-2019 02:44 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته.
{‏أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون‏}‏ أي‏:‏ لا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا لحظة، لا بإزالته أو إزالة بعض شدته، ‏{‏ولا هم ينظرون‏}‏ أي‏:‏ يمهلون، لأن زمن الإمهال قد مضى، وقد أعذر الله منهم وعمرهم ما يتذكر فيه من تذكر، فلو كان فيهم خير لوجد، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه‏.‏
‏[‏90 ـ 91‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ‏}‏
يخبر تعالى أن من كفر بعد إيمانه، ثم ازداد كفرا إلى كفره بتماديه في الغي والضلال، واستمراره على ترك الرشد والهدى، أنه لا تقبل توبتهم، أي‏:‏ لا يوفقون لتوبة تقبل بل يمدهم الله في طغيانهم يعمهون، قال تعالى ‏{‏ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة‏}‏ ‏{‏فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم‏}‏ فالسيئات ينتج بعضها بعضًا، و خصوصًا لمن أقدم على الكفر العظيم وترك الصراط المستقيم، وقد قامت عليه الحجة ووضح الله له الآيات والبراهين، فهذا هو الذي سعى في قطع أسباب رحمة ربه عنه، وهو الذي سد على نفسه باب التوبة، ولهذا حصر الضلال في هذا الصنف، فقال ‏{‏وأولئك هم الضالون‏}‏ وأي‏:‏ ضلال أعظم من ضلال من ترك الطريق عن بصيرة، وهؤلاء الكفرة إذا استمروا على كفرهم إلى الممات تعين هلاكهم وشقاؤهم الأبدي، ولم ينفعهم شيء، فلو أنفق أحدهم ملء الأرض ذهبا ليفتدي به من عذاب الله ما نفعه ذلك، بل لا يزالون في العذاب الأليم، لا شافع لهم ولا ناصر ولا مغيث ولا مجير ينقذهم من عذاب الله فأيسوا من كل خير، وجزموا على الخلود الدائم في العقاب والسخط، فعياذا بالله من حالهم‏.‏
[‏92‏]‏ ‏{‏لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ‏}‏
هذا حث من الله لعباده على الإنفاق في طرق الخيرات، فقال ‏{‏لن تنالوا‏}‏ أي‏:‏ تدركوا وتبلغوا البر الذي هو كل خير من أنواع الطاعات وأنواع المثوبات الموصل لصاحبه إلى الجنة، ‏{‏حتى تنفقوا مما تحبون‏}‏ أي‏:‏ من أموالكم النفيسة التي تحبها نفوسكم، فإنكم إذا قدمتم محبة الله على محبة الأموال فبذلتموها في مرضاته، دل ذلك على إيمانكم الصادق وبر قلوبكم ويقين تقواكم، فيدخل في ذلك إنفاق نفائس الأموال، والإنفاق في حال حاجة المنفق إلى ما أنفقه، والإنفاق في حال الصحة، ودلت الآية أن العبد بحسب إنفاقه للمحبوبات يكون بره، وأنه ينقص من بره بحسب ما نقص من ذلك، ولما كان الإنفاق على أي‏:‏ وجه كان مثابا عليه العبد، سواء كان قليلا أو كثيرًا، محبوبا للنفس أم لا، وكان قوله ‏{‏لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون‏}‏ مما يوهم أن إنفاق غير هذا المقيد غير نافع، احترز تعالى عن هذا الوهم بقوله ‏{‏وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم‏}‏ فلا يضيق عليكم، بل يثيبكم عليه على حسب نياتكم ونفعه‏.
الأسئلة :
1_'' أولئك هم الضالون '' اشرحي الآية السابقة؟
2_ متى يبلغ المؤمن البر؟

إسمهان الجادوي 12-28-2019 04:24 PM

رد: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
سلمت يداك اختي يارب
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

ام عبدالله وامنه 02-05-2020 01:57 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة...
:‏
‏[‏96 ـ 97‏]‏ ‏{‏إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ‏}‏
يخبر تعالى عن شرف هذا البيت الحرام، وأنه أول بيت وضعه الله للناس، يتعبدون فيه لربهم فتغفر أوزارهم، وتقال عثارهم، ويحصل لهم به من الطاعات والقربات ما ينالون به رضى ربهم والفوز بثوابه والنجاة من عقابه، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏مباركا‏}‏ أي‏:‏ فيه البركة الكثيرة في المنافع الدينية والدنيوية كما قال تعالى ‏{‏ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام‏}‏ ‏{‏وهدى للعالمين‏}‏ والهدى نوعان‏:‏ هدى في المعرفة، وهدى في العمل، فالهدى في العمل ظاهر، وهو ما جعل الله فيه من أنواع التعبدات المختصة به، وأما هدى العلم فبما يحصل لهم بسببه من العلم بالحق بسبب الآيات البينات التي ذكر الله تعالى في قوله ‏{‏فيه آيات بينات‏}‏ أي‏:‏ أدلة واضحات، وبراهين قاطعات على أنواع من العلوم الإلهية والمطالب العالية، كالأدلة على توحيده ورحمته وحكمته وعظمته وجلاله وكمال علمه وسعة جوده، وما مَنَّ به على أوليائه وأنبيائه، فمن الآيات ‏{‏مقام إبراهيم‏}‏ يحتمل أن المراد به المقام المعروف وهو الحجر الذي كان يقوم عليه الخليل لبنيان الكعبة لما ارتفع البنيان، وكان ملصقا في جدار الكعبة، فلما كان عمر رضي الله عنه وضعه في مكانه الموجود فيه الآن، والآية فيه قيل أثر قدمي إبراهيم، قد أثرت في الصخرة وبقي ذلك الأثر إلى أوائل هذه الأمة، وهذا من خوارق العادات، وقيل إن الآية فيه ما أودعه الله في القلوب من تعظيمه وتكريمه وتشريفه واحترامه، ويحتمل أن المراد بمقام إبراهيم أنه مفرد مضاف يراد به مقاماته في مواضع المناسك كلها، فيكون على هذا جميع أجزاء الحج ومفرداته آيات بينات، كالطواف والسعي ومواضعها، والوقوف بعرفة ومزدلفة، والرمي، وسائر الشعائر، والآية في ذلك ما جعله الله في القلوب من تعظيمها واحترامها وبذل نفائس النفوس والأموال في الوصول إليها وتحمل كل مشقة لأجلها، وما في ضمنها من الأسرار البديعة والمعاني الرفيعة، وما في أفعالها من الحكم والمصالح التي يعجز الخلق عن إحصاء بعضها، ومن الآيات البينات فيها أن من دخله كان آمنا شرعا وقدرا، فالشرع قد أمر الله رسوله إبراهيم ثم رسوله محمد باحترامه وتأمين من دخله، وأن لا يهاج، حتى إن التحريم في ذلك شمل صيودها وأشجارها ونباتها، وقد استدل بهذه الآية من ذهب من العلماء أن من جنى جناية خارج الحرم ثم لجأ إليه أنه يأمن ولا يقام عليه الحد حتى يخرج منه، وأما تأمينها قدرا فلأن الله تعالى بقضائه وقدره وضع في النفوس حتى نفوس المشركين به الكافرين بربهم احترامه، حتى إن الواحد منهم مع شدة حميتهم ونعرتهم وعدم احتمالهم للضيم يجد أحدهم قاتل أبيه في الحرم فلا يهيجه، ومن جعله حرما أن كل من أراده بسوء فلا بد أن يعاقبه عقوبة عاجلة، كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم، وقد رأيت لابن القيم ها هنا كلاما حسنا أحببت إيراده لشدة الحاجة إليه قال فائدة‏:‏ ‏{‏ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا‏}‏ ‏"‏حج البيت‏"‏ مبتدأ وخبره في أحد المجرورين قبله، والذي يقتضيه المعنى أن يكون في قوله‏:‏ ‏"‏على الناس‏"‏ لأنه وجوب، والوجوب يقتضي ‏"‏على‏"‏ ويجوز أن يكون في قوله‏:‏ ‏"‏ولله‏"‏ لأنه متضمن الوجوب والاستحقاق، ويرجح هذا التقدير أن الخبر محط الفائدة وموضعها، وتقديمه في هذا الباب في نية التأخير، فكان الأحسن أن يكون ‏{‏ولله على الناس‏}‏‏.‏ ويرجح الوجه الأول بأن يقال قوله:{‏ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا‏‏}‏ أكثر استعمالًا في باب الوجوب من أن يقال‏:‏ ‏"‏حج البيت لله‏"‏ أي‏:‏ حق واجب لله، فتأمله‏.‏ وعلى هذا ففي تقديم المجرور الأول وليس بخبر فائدتان‏:‏ إحداهما‏:‏ أنه اسم للموجب للحج، فكان أحق بالتقديم من ذكر الوجوب، فتضمنت الآية ثلاثة أمور مرتبة بحسب الوقائع‏:‏ أحدها‏:‏ الموجب لهذا الفرض فبدأ بذكره، والثاني‏:‏ مؤدي الواجب وهو المفترض عليه وهم الناس، والثالث‏:‏ النسبة، والحق المتعلق به إيجابًا وبهم وجوبا وأداء، وهو الحج‏.‏
والفائدة الثانية‏:‏ أن الاسم المجرور من حيث كان اسما لله سبحانه، وجب الاهتمام بتقديمه تعظيمًا لحرمة هذا الواجب الذي أوجبه، وتخويفا من تضييعه، إذ ليس ما أوجبه الله سبحانه بمثابة ما يوجبه غيره‏.‏
وأما قوله‏:‏ ‏"‏مَنْ‏"‏ فهي بدل، وقد استهوى طائفة من الناس القول بأنها فاعل بالمصدر، كأنه قال‏:‏ أن يحج البيت من استطاع إليه سبيلا، وهذا القول يضعف من وجوه، منها‏:‏ أن الحج فرض عين، ولو كان معنى الآية ما ذكره لأفهم فرض الكفاية، لأنه إذا حج المستطيعون برئت ذمم غيرهم، لأن المعنى يؤل إلى‏:‏ ولله على الناس حج البيت مستطيعهم، فإذا أدى المستطيعون الواجب لم يبق واجبا على غير المستطيعين، وليس الأمر كذلك، بل الحج فرض عين على كل أحد، حج المستطيعون أو قعدوا، ولكن الله سبحانه عذر غير المستطيع بعجزه عن أداء الواجب، فلا يؤاخذه به ولا يطالبه بأدائه، فإذا حج سقط الفرض عن نفسه، وليس حج المستطيعين بمسقط الفرض عن العاجزين، وإذا أردت زيادة أيضًاح، فإذا قلت‏:‏ واجب على أهل هذه الناحية أن يجاهد منهم الطائفة المستطيعون للجهاد، فإذا جاهدت تلك الطائفة انقطع تعلق الوجوب في غيرهم، وإذا قلت واجب على الناس كلهم أن يجاهد منهم المستطيع، كان الوجوب متعلقا بالجميع وعذر العاجز بعجزه، ففي نظم الآية على هذا الوجه دون أن يقال‏:‏ ولله حج البيت على المستطيعين، هذه النكتة البديعة فتأملها‏.‏
الوجه الثاني‏:‏ أن إضافة المصدر إلى الفاعل إذا وجد أولى من إضافته إلى المفعول ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بدليل منقول، فلو كان من هو الفاعل لأضيف المصدر إليه فكان يقال‏:‏ ‏{‏ولله على الناس حج البيت مَنْ استطاع‏}‏وحمله على باب ‏"‏يعجبني ضرب زيد عمرا‏"‏ وفيما يفصل فيه بين المصدر وفاعله المضاف إليه بالمفعول والظرف حمل على المكتوب المرجوح، وهي قراءة ابن عامر ‏{‏قتل أولادهم شركائهم‏}‏، فلا يصار إليه‏.‏ وإذا ثبت أن ‏"‏من‏"‏ بدل بعض من كل وجب أن يكون في الكلام ضمير يعود إلى ‏"‏الناس‏"‏ كأنه قيل‏:‏ من استطاع منهم، وحذف هذا الضمير في أكثر الكلام لا يحسن، وحسنه ها هنا أمور منها‏:‏ أن ‏"‏من‏"‏ واقعة على من لا يعقل، كالاسم المبدل منه فارتبطت به، ومنها‏:‏ أنها موصولة بما هو أخص من الاسم الأول، ولو كانت الصلة أعم لقبح حذف الضمير العائد، ومثال ذلك إذا قلت‏:‏ رأيت إخوتك من ذهب إلى السوق منهم، كان قبيحًا، لأن الذاهب إلى السوق أعم من الإخوة، وكذلك لو قلت‏:‏ البس الثياب ما حسن وجمل، يريد منها، ولم يذكر الضمير كان أبعد في الجواز، لأن لفظ ما حسن أعم من الثياب‏.‏
وباب البعض من الكل أن يكون أخص من المبدل منه، فإذا كان أعم وأضفته إلى ضمير أو قيدته بضمير يعود إلى الأول ارتفع العموم وبقي الخصوص، ومما حسن حذف المضاف في هذه أيضًا مع ما تقدم طول الكلام بالصلة والموصول‏.‏
وأما المجرور من قوله ‏"‏لله‏"‏ فيحتمل وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن يكون في موضع من سبيل، كأنه نعت نكرة قدم عليها، لأنه لو تأخر لكان في موضع النعت لسبيل، والثاني‏:‏ أن يكون متعلقا بسبيل، فإن قلت‏:‏ كيف يتعلق به وليس فيه معنى الفعل‏؟‏ قيل‏:‏ السبيل لما كان عبارة ها هنا عن الموصل إلى البيت من قوت وزاد ونحوهما، كان فيه رائحة الفعل، ولم يقصد به السبيل الذي هو الطريق، فصلح تعلق المجرور به، واقتضى حسن النظم وإعجاز اللفظ تقديم المجرور وإن كان موضعه التأخير، لأنه ضمير يعود على البيت، والبيت هو المقصود به الاعتناء، وهم يقدمون في كلامهم ما هم به أهم وببيانه أعني هذا تقرير السهيلي، وهذا بعيد جدا بل الصواب في متعلق الجار والمجرور وجه آخر أحسن من هذين، ولا يليق بالآية سواه، وهو الوجوب المفهوم من قوله ‏"‏على الناس‏"‏ أي‏:‏ يجب لله على الناس الحج، فهو حق واجب لله، وأما تعليقه بالسبيل وجعله حالا منها، ففي غاية البعد فتأمله، ولا يكاد يخطر بالبال من الآية، وهذا كما تقول‏:‏ لله عليك الصلاة والزكاة والصيام‏.‏
الأسئلة :
1_ما معنى مباركا؟ مقام إبراهيم؟
2_ماذا نفهم من قوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع ).

ام عبدالله وامنه 02-05-2020 02:04 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته ''
[‏93 ـ 95‏]‏ ‏{‏كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏}‏
وهذا رد على اليهود بزعمهم الباطل أن النسخ غير جائز، فكفروا بعيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، لأنهما قد أتيا بما يخالف بعض أحكام التوراة بالتحليل والتحريم فمن تمام الإنصاف في المجادلة إلزامهم بما في كتابهم التوراة من أن جميع أنواع الأطعمة محللة لبني إسرائيل ‏{‏إلا ما حرم إسرائيل‏}‏ وهو يعقوب عليه السلام ‏{‏على نفسه‏}‏ أي‏:‏ من غير تحريم من الله تعالى، بل حرمه على نفسه لما أصابه عرق النسا نذر لئن شفاه الله تعالى ليحرمن أحب الأطعمة عليه، فحرم فيما يذكرون لحوم الإبل وألبانها وتبعه بنوه على ذلك وكان ذلك قبل نزول التوراة، ثم نزل في التوراة أشياء من المحرمات غير ما حرم إسرائيل مما كان حلالًا لهم طيبًا، كما قال تعالى ‏{‏فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم‏}‏ وأمر الله رسوله إن أنكروا ذلك أن يأمرهم بإحضار التوراة، فاستمروا بعد هذا على الظلم والعناد، فلهذا قال تعالى ‏{‏فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون‏}‏ وأي‏:‏ ظلم أعظم من ظلم من يدعى إلى تحكيم كتابه فيمتنع من ذلك عنادا وتكبرا وتجبرا، وهذا من أعظم الأدلة على صحة نبوة نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقيام الآيات البينات المتنوعات على صدقه وصدق من نبأه وأخبره بما أخبره به من الأمور التي لا يعلمها إلا بإخبار ربه له بها.
فلهذا قال تعالى ‏{‏قل صدق الله‏}‏ أي‏:‏ فيما أخبر به وحكم، وهذا أمر من الله لرسوله ولمن يتبعه أن يقولوا بألسنتهم‏:‏ صدق الله، معتقدين بذلك في قلوبهم عن أدلة يقينية، مقيمين هذه الشهادة على من أنكرها، ومن هنا تعلم أن أعظم الناس تصديقا لله أعظمهم علما ويقينا بالأدلة التفصيلية السمعية والعقلية، ثم أمرهم باتباع ملة أبيهم إبراهيم عليه السلام بالتوحيد وترك الشرك الذي هو مدار السعادة، وبتركه حصول الشقاوة، وفي هذا دليل على أن اليهود وغيرهم ممن ليس على ملة إبراهيم مشركون غير موحدين، ولما أمرهم باتباع ملة إبراهيم في التوحيد وترك الشرك أمرهم باتباعه بتعظيم بيته الحرام بالحج وغيره،
الأسئلة :
1_ماسبب تحريم يعقوب عليه السلام اكل احب الأطعمة إليه؟
قبل الدرس السابق👆

ام عبدالله وامنه 02-19-2020 02:54 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة...
[‏98 ـ 101‏]‏ ‏{‏قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ‏}‏

يوبخ تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى على كفرهم بآيات الله التي أنزلها الله على رسله، التي جعلها رحمة لعباده يهتدون بها إليه، ويستدلون بها على جميع المطالب المهمة والعلوم النافعة، فهؤلاء الكفرة جمعوا بين الكفر بها وصد من آمن بالله عنها وتحريفها وتعويجها عما جعلت له، وهم شاهدون بذلك عالمون بأن ما فعلوه أعظم الكفر الموجب لأعظم العقوبة ‏{‏الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون‏}‏ فلهذا توعدهم هنا بقوله‏:‏ ‏{‏وما الله بغافل عما تعملون‏}‏ بل محيط بأعمالكم ونياتكم ومكركم السيء، فمجازيكم عليه أشر الجزاء لما توعدهم ووبخهم عطف برحمته وجوده وإحسانه وحذر عباده المؤمنين منهم لئلا يمكروا بهم من حيث لا يشعرون، فقال‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين‏}‏ وذلك لحسدهم وبغيهم عليكم، وشدة حرصهم على ردكم عن دينكم، كما قال تعالى.. ‏{‏ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق‏}‏ ثم ذكر تعالى السبب الأعظم والموجب الأكبر لثبات المؤمنين على إيمانهم، وعدم تزلزلهم عن إيقانهم، وأن ذلك من أبعد الأشياء، فقال‏:‏ ‏{‏وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله‏}‏ أي‏:‏ الرسول بين أظهركم يتلو عليكم آيات ربكم كل وقت، وهي الآيات البينات التي توجب القطع بموجبها والجزم بمقتضاها وعدم الشك فيما دلت عليه بوجه من الوجوه، خصوصًا والمبين لها أفضل الخلق وأعلمهم وأفصحهم وأنصحهم وأرأفهم بالمؤمنين، الحريص على هداية الخلق وإرشادهم بكل طريق يقدر عليه، فصلوات الله وسلامه عليه، فلقد نصح وبلغ البلاغ المبين، فلم يبق في نفوس القائلين مقالا ولم يترك لجائل في طلب الخير مجالا، ثم أخبر أن من اعتصم به فتوكل عليه وامتنع بقوته ورحمته عن كل شر، واستعان به على كل خير ‏{‏فقد هدي إلى صراط مستقيم‏}‏ موصل له إلى غاية المرغوب، لأنه جمع بين اتباع الرسول في أقواله وأفعاله وأحواله وبين الاعتصام بالله.
الأسئلة :
1_ما السبب الاعظم لثبات المؤمنين علي إيمانهم؟

ام عبدالله وامنه 02-19-2020 02:56 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى.
[‏102 ـ 103‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‏}‏

هذا أمر من الله لعباده المؤمنين أن يتقوه حق تقواه، وأن يستمروا على ذلك ويثبتوا عليه ويستقيموا إلى الممات، فإن من عاش على شيء مات عليه، فمن كان في حال صحته ونشاطه وإمكانه مداوما لتقوى ربه وطاعته، منيبا إليه على الدوام، ثبته الله عند موته ورزقه حسن الخاتمة، وتقوى الله حق تقواه كما قال ابن مسعود‏:‏ وهو أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وهذه الآية بيان لما يستحقه تعالى من التقوى، وأما ما يجب على العبد منها، فكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فاتقوا الله ما استطعتم‏}‏ وتفاصيل التقوى المتعلقة بالقلب والجوارح كثيرة جدا، يجمعها فعل ما أمر الله به وترك كل ما نهى الله عنه، ثم أمرهم تعالى بما يعينهم على التقوى وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله، وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين غير مختلفين، فإن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدها، من التعاون على البر والتقوى، كما أن بالافتراق والتعادي يختل نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدى إلى الضرر العام، ثم ذكرهم تعالى نعمته وأمرهم بذكرها فقال‏:‏ ‏{‏واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء‏}‏ يقتل بعضكم بعضًا، ويأخذ بعضكم مال بعض، حتى إن القبيلة يعادي بعضهم بعضًا، وأهل البلد الواحد يقع بينهم التعادي والاقتتال، وكانوا في شر عظيم، وهذه حالة العرب قبل بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما بعثه الله وآمنوا به واجتمعوا على الإسلام وتآلفت قلوبهم على الإيمان كانوا كالشخص الواحد، من تآلف قلوبهم وموالاة بعضهم لبعض، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار‏}‏ أي‏:‏ قد استحقيتم النار ولم يبق بينكم وبينها إلا أن تموتوا فتدخلوها ‏{‏فأنقذكم منها‏}‏ بما مَنَّ عليكم من الإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏{‏كذلك يبين الله لكم آياته‏}‏ أي‏:‏ يوضحها ويفسرها، ويبين لكم الحق من الباطل، والهدى من الضلال ‏{‏لعلكم تهتدون‏}‏ بمعرفة الحق والعمل به، وفي هذه الآية ما يدل أن الله يحب من عباده أن يذكروا نعمته بقلوبهم وألسنتهم ليزدادوا شكرا له ومحبة، وليزيدهم من فضله وإحسانه، وإن من أعظم ما يذكر من نعمه نعمة الهداية إلى الإسلام، واتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ واجتماع كلمة المسلمين وعدم تفرقها‏.‏
[‏104 ـ 105‏]‏ ‏{‏وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏

أي‏:‏ وليكن منكم أيها المؤمنون الذين مَنَّ الله عليهم بالإيمان والاعتصام بحبله ‏{‏أمة‏}‏ أي‏:‏ جماعة ‏{‏يدعون إلى الخير‏}‏ وهو اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله ويبعد من سخطه ‏{‏ويأمرون بالمعروف‏}‏ وهو ما عرف بالعقل والشرع حسنه ‏{‏وينهون عن المنكر‏}‏ وهو ما عرف بالشرع والعقل قبحه، وهذا إرشاد من الله للمؤمنين أن يكون منهم جماعة متصدية للدعوة إلى سبيله وإرشاد الخلق إلى دينه، ويدخل في ذلك العلماء المعلمون للدين، والوعاظ الذين يدعون أهل الأديان إلى الدخول في دين الإسلام، ويدعون المنحرفين إلى الاستقامة، والمجاهدون في سبيل الله، والمتصدون لتفقد أحوال الناس وإلزامهم بالشرع كالصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج وغير ذلك من شرائع الإسلام، وكتفقد المكاييل والموازين وتفقد أهل الأسواق ومنعهم من الغش والمعاملات الباطلة، وكل هذه الأمور من فروض الكفايات كما تدل عليه الآية الكريمة في قوله ‏{‏ولتكن منكم أمة‏}‏ إلخ أي‏:‏ لتكن منكم جماعة يحصل المقصود بهم في هذه الأشياء المذكورة، ومن المعلوم المتقرر أن الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به فكل ما تتوقف هذه الأشياء عليه فهو مأمور به، كالاستعداد للجهاد بأنواع العدد التي يحصل بها نكاية الأعداء وعز الإسلام، وتعلم العلم الذي يحصل به الدعوة إلى الخير وسائلها ومقاصدها، وبناء المدارس للإرشاد والعلم، ومساعدة النواب
ومعاونتهم على تنفيذ الشرع في الناس بالقول والفعل والمال، وغير ذلك مما تتوقف هذه الأمور عليه، وهذه الطائفة المستعدة للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هم خواص المؤمنين، ولهذا قال تعالى عنهم‏:‏ ‏{‏وأولئك هم المفلحون‏}‏ الفائزون بالمطلوب، الناجون من المرهوب، ثم نهاهم عن التشبه بأهل الكتاب في تفرقهم واختلافهم، فقال‏:‏ ‏{‏ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا‏}‏ ومن العجائب أن اختلافهم ‏{‏من بعد ما جاءهم البينات‏}‏ الموجبة لعدم التفرق والاختلاف، فهم أولى من غيرهم بالاعتصام بالدين، فعكسوا القضية مع علمهم بمخالفتهم أمر الله، فاستحقوا العقاب البليغ، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأولئك لهم عذاب عظيم‏}‏.
الأسئلة؛
١_مامعني التقوى؟
2_ فسري قوله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير)؟

ام عبدالله وامنه 03-02-2020 03:02 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
[‏106 ـ 108‏]‏ ‏{‏يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ‏}‏

يخبر تعالى عن حال يوم القيامة وما فيه من آثار الجزاء بالعدل والفضل، ويتضمن ذلك الترغيب والترهيب الموجب للخوف والرجاء فقال‏:‏ ‏{‏يوم تبيض وجوه‏}‏ وهي وجوه أهل السعادة والخير، أهل الائتلاف والاعتصام بحبل الله ‏{‏وتسود وجوه‏}‏ وهي وجوه أهل الشقاوة والشر، أهل الفرقة والاختلاف، هؤلاء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي والهوان والذلة والفضيحة، وأولئك أبيضت وجوههم، لما في قلوبهم من البهجة والسرور والنعيم والحبور الذي ظهرت آثاره على وجوههم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولقاهم نضرة وسرورا‏}‏ نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‏}‏ ‏{‏فأما الذين اسودت وجوههم‏}‏ فيقال لهم على وجه التوبيخ والتقريع‏:‏ ‏{‏أكفرتم بعد إيمانكم‏}‏ أي‏:‏ كيف آثرتم الكفر والضلال على الإيمان والهدى‏؟‏ وكيف تركتم سبيل الرشاد وسلكتم طريق الغي‏؟‏ ‏{‏فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون‏}‏ فليس يليق بكم إلا النار، ولا تستحقون إلا الخزي والفضيحة والعار‏.‏

‏{‏وأما الذين ابيضت وجوههم‏}‏ فيهنئون أكمل تهنئة ويبشرون أعظم بشارة، وذلك أنهم يبشرون بدخول الجنات ورضى ربهم ورحمته ‏{‏ففي رحمة الله هم فيها خالدون‏}‏ وإذا كانوا خالدين في الرحمة، فالجنة أثر من آثار رحمته تعالى، فهم خالدون فيها بما فيها من النعيم المقيم والعيش السليم، في جوار أرحم الراحمين، لما بين الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأحكام الأمرية والأحكام الجزائية.
قال‏:‏ ‏{‏تلك آيات الله نتلوها‏}‏ أي‏:‏ نقصها ‏{‏عليك بالحق‏}‏ لأن أوامره ونواهيه مشتملة على الحكمة والرحمة وثوابها وعقابها، كذلك مشتمل على الحكمة والرحمة والعدل الخالي من الظلم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وما الله يريد ظلما للعالمين‏}‏ نفى إرادته ظلمهم فضلا عن كونه يفعل ذلك فلا ينقص أحدا شيئًا من حسناته، ولا يزيد في ظلم الظالمين، بل يجازيهم بأعمالهم فقط، ثم قال تعالى‏:‏ ‏.‏

‏[‏109‏]‏ ‏{‏وَلِلَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ‏}‏

أي‏:‏ هو المالك لما في السموات وما في الأرض، الذي خلقهم ورزقهم ويتصرف فيهم بقدره وقضائه، وفي شرعه وأمره، وإليه يرجعون يوم القيامة فيجازيهم بأعمالهم حسنها وسيئها‏.
الأسئلة :
١_ ماحال الذين اسودت وجوههم وابيضت؟

امي فضيلة 03-03-2020 12:49 PM

رد: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 


حياك الله



جزاك الله خيرا على الموضوع القيم المضمون

أسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم

وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم

ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم

وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم

ودمتم على طاعة الرحمن





وعلى طريق الخير نلتقي دوما


ام عبدالله وامنه 04-11-2020 05:32 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
[‏110 ـ 112‏]‏ ‏{‏كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ‏}‏

يمدح تعالى هذه الأمة ويخبر أنها خير الأمم التي أخرجها الله للناس، وذلك بتكميلهم لأنفسهم بالإيمان المستلزم للقيام بكل ما أمر الله به، وبتكميلهم لغيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمن دعوة الخلق إلى الله وجهادهم على ذلك وبذل المستطاع في ردهم عن ضلالهم وغيهم وعصيانهم، فبهذا كانوا خير أمة أخرجت للناس، لما كانت الآية السابقة وهي قوله‏:‏ ‏{‏ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏}‏ أمرا منه تعالى لهذه الأمة، والأمر قد يمتثله المأمور ويقوم به، وقد لا يقوم به، أخبر في هذه الآية أن الأمة قد قامت بما أمرها الله بالقيام به، وامتثلت أمر ربها واستحقت الفضل على سائر الأمم ‏{‏ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم‏}‏ وفي هذا من دعوته بلطف الخطاب ما يدعوهم إلى الإيمان، ولكن لم يؤمن منهم إلا قليل، وأكثرهم الفاسقون الخارجون عن طاعة الله المعادون لأولياء الله بأنواع العداوة،
ولكن من لطف الله بعباده المؤمنين أنه رد كيدهم في نحورهم، فليس على المؤمنين منهم ضرر في أديانهم ولا أبدًانهم، وإنما غاية ما يصلون إليه من الأذى أذية الكلام التي لا سبيل إلى السلامة منها من كل معادي، فلو قاتلوا المؤمنين لولوا الأدبار فرارا ثم تستمر هزيمتهم ويدوم ذلهم ولا هم ينصرون في وقت من الأوقات، ولهذا أخبر تعالى أنه عاقبهم بالذلة في بواطنهم والمسكنة على ظواهرهم، فلا يستقرون ولا يطمئنون ‏{‏إلا بحبل‏}‏ أي‏:‏ عهد ‏{‏من الله وحبل من الناس‏}‏ فلا يكون اليهود إلا تحت أحكام المسلمين وعهدهم، تؤخذ منهم الجزية ويستذلون، أو تحت أحكام النصارى وقد ‏{‏باءوا‏}‏ مع ذلك ‏{‏بغضب من الله‏}‏ وهذا أعظم العقوبات، والسبب الذي أوصلهم إلى هذه الحال ذكره الله بقوله‏:‏ ‏{‏ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله‏}‏ التي أنزلها الله على رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الموجبة لليقين والإيمان، فكفروا بها بغيا وعنادا ‏{‏ويقتلون الأنبياء بغير حق‏}‏ أي‏:‏ يقابلون أنبياء الله الذين يحسنون إليهم أعظم إحسان بأشر مقابلة، وهو القتل، فهل بعد هذه الجراءة والجناية شيء أعظم منها، وذلك كله بسبب عصيانهم واعتدائهم، فهو الذي جرأهم على الكفر بالله وقتل أنبياء الله،
الأسئلة..
١_فسري قوله تعالى (الا بحبل من الله وحبل من الناس )؟

ام عبدالله وامنه 04-11-2020 05:37 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
[‏113 ـ 115‏]‏ ‏{‏لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ‏}‏

لما بين تعالي الفرقة الفاسقة من أهل الكتاب وبين أفعالهم وعقوباتهم، بين ها هنا الأمة المستقيمة، وبين أفعالها وثوابها، فأخبر أنهم لا يستوون عنده، بل بينهم من الفرق ما لا يمكن وصفه، فأما تلك الطائفة الفاسقة فقد مضى وصفهم، وأما هؤلاء المؤمنون، فقال تعالى منهم ‏{‏أمة قائمة‏}‏ أي‏:‏ مستقيمة على دين الله، قائمة بما ألزمها الله به من المأمورات، ومن ذلك قيامها بالصلاة ‏{‏يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون‏}‏ وهذا بيان لصلاتهم في أوقات الليل وطول تهجدهم وتلاوتهم لكتاب ربهم وإيثارهم الخضوع والركوع والسجود له‏.‏

‏{‏يؤمنون بالله واليوم الآخر‏}‏ أي‏:‏ كإيمان المؤمنين إيمانا يوجب لهم الإيمان بكل نبي أرسله، وكل كتاب أنزله الله، وخص الإيمان باليوم الآخر لأن الإيمان الحقيقي باليوم الآخر يحث المؤمن به على ما يقر به إلى الله، ويثاب عليه في ذلك اليوم، وترك كل ما يعاقب عليه في ذلك اليوم ‏{‏ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏}‏ فحصل منهم تكميل أنفسهم بالإيمان ولوازمه، وتكميل غيرهم بأمرهم بكل خير، ونهيهم عن كل شر، ومن ذلك حثهم أهل دينهم وغيرهم على الإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم وصفهم بالهمم العالية ‏{‏و‏}‏ أنهم ‏{‏يسارعون في الخيرات‏}‏ أي‏:‏ يبادرون إليها فينتهزون الفرصة فيها، ويفعلونها في أول وقت إمكانها، وذلك من شدة رغبتهم في الخير ومعرفتهم بفوائده وحسن عوائده، فهؤلاء الذين وصفهم الله بهذه الصفات الجميلة والأفعال الجليلة ‏{‏من الصالحين‏}‏ الذين يدخلهم الله في رحمته ويتغمدهم بغفرانه وينيلهم من فضله وإحسانه، وأنهم مهما فعلوا ‏{‏من خير‏}‏ قليلا كان أو كثيرًا ‏{‏فلن يكفروه‏}‏ أي‏:‏ لن يحرموه ويفوتوا أجره، بل يثيبهم الله على ذلك أكمل ثواب، ولكن الأعمال ثوابها تبع لما يقوم بقلب صاحبها من الإيمان والتقوى، فلهذا قال ‏{‏والله عليم بالمتقين‏}‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إنما يتقبل الله من المتقين‏}‏.
[‏116 ـ 117‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏}‏

يخبر تعالى أن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا، أي‏:‏ لا تدفع عنهم شيئًا من عذاب الله، ولا تجدي عليهم شيئًا من ثواب الله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا‏}‏ بل تكون أموالهم وأولادهم زادا لهم إلى النار، وحجة عليهم في زيادة نعم الله عليهم، تقتضي منهم شكرها، ويعاقبون على عدم القيام بها وعلى كفرها، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‏}‏

ثم ضرب مثلًا لما ينفقه الكفار من أموالهم التي يصدون بها عن سبيل الله ويستعينون بها على إطفاء نور الله، بأنها تبطل وتضمحل، كمن زرع زرعا يرجو نتيجته ويؤمل إدراك ريعه، فبينما هو كذلك إذ أصابته ريح فيها صر، أي‏:‏ برد شديد محرق، فأهلكت زرعه، ولم يحصل له إلا التعب والعناء وزيادة الأسف، فكذلك هؤلاء الكفار الذين قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون‏}‏ ‏{‏وما ظلمهم الله‏}‏ بإبطال أعمالهم ‏{‏ولكن‏}‏ كانوا ‏{‏أنفسهم يظلمون‏}‏ حيث كفروا بآيات الله وكذبوا رسوله وحرصوا على إطفاء نور الله، هذه الأمور هي التي أحبطت أعمالهم وذهبت بأموالهم.
الأسئلة :
١_ مامعنى أمة قائمة؟
٢_ بم شبه الله سبحانه وتعالى نفقة الكفار في الحياة الدنيا؟
ا

ام عبدالله وامنه 04-11-2020 05:39 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة..... [‏118 ـ 120‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شيئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ‏}‏

ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يتخذوا بطانة من المنافقين من أهل الكتاب وغيرهم يظهرونهم على سرائرهم أو يولونهم بعض الأعمال الإسلامية وذلك أنهم هم الأعداء الذين امتلأت قلوبهم من العداوة والبغضاء فظهرت على أفواههم ‏{‏وما تخفي صدورهم أكبر‏}‏ مما يسمع منهم فلهذا ‏{‏لا يألونكم خبالا‏}‏ أي‏:‏ لا يقصرون في حصول الضرر عليكم والمشقة وعمل الأسباب التي فيها ضرركم ومساعدة الأعداء عليكم قال الله للمؤمنين ‏{‏قد بينا لكم الآيات‏}‏ أي‏:‏ التي فيها مصالحكم الدينية والدنيوية ‏{‏لعلكم تعقلون‏}‏ فتعرفونها وتفرقون بين الصديق والعدو، فليس كل أحد يجعل بطانة، وإنما العاقل من إذا ابتلي بمخالطة العدو أن تكون مخالطة في ظاهره ولا يطلعه من باطنه على شيء ولو تملق له وأقسم أنه من أوليائه‏.‏
قال الله مهيجا للمؤمنين على الحذر من هؤلاء المنافقين من أهل الكتاب، ومبينا شدة عداوتهم ‏{‏ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله‏}‏ أي‏:‏ جنس الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه وهم لا يؤمنون بكتابكم، بل إذا لقوكم أظهروا لكم الإيمان ‏{‏وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل‏}‏ وهي أطراف الأصابع من شدة غيظهم عليكم ‏{‏قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور‏}‏ وهذا فيه بشارة للمؤمنين أن هؤلاء الذين قصدوا ضرركم لا يضرون إلا أنفسهم، وإن غيظهم لا يقدرون على تنفيذه، بل لا يزالون معذبين به حتى يموتوا فيتنقلوا من عذاب الدنيا إلى عذاب الآخرة‏.‏

‏{‏إن تمسسكم حسنة‏}‏ كالنصر على الأعداء وحصول الفتح والغنائم ‏{‏تسؤهم‏}‏ أي‏:‏ تغمهم وتحزنهم ‏{‏وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا إن الله بما يعملون محيط‏}‏ فإذا أتيتم بالأسباب التي وعد الله عليها النصر ـ وهي الصبر والتقوى ـ لم يضركم مكرهم، بل يجعل الله مكرهم في نحورهم لأنه محيط بهم علمه وقدرته فلا منفذ لهم عن ذلك ولا يخفى عليهم منهم شيء‏.‏
الأسئلة :
اشرحي قوله تعالى.... ( واذا لقوكم قالوا امنا واذا خلوا عضوا عليكم الأنامل)؟

ام عبدالله وامنه 04-16-2020 03:18 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
[‏121 ـ 122‏]‏ ‏{‏وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ‏}‏

هذه الآيات نزلت في وقعة ‏"‏أُحد‏"‏وقصتها مشهورة في السير والتواريخ، ولعل الحكمة في ذكرها في هذا الموضع، وأدخل في أثنائها وقعة ‏"‏بدر‏"‏ لما أن الله تعالى قد وعد المؤمنين أنهم إذا صبروا واتقوا نصرهم، ورد كيد الأعداء عنهم، وكان هذا حكمًا عامًا ووعدًا صادقًا لا يتخلف مع الإتيان بشرطه، فذكر نموذجا من هذا في هاتين القصتين، وأن الله نصر المؤمنين في ‏"‏بدر‏"‏ لما صبروا واتقوا، وأدال عليهم العدو لما صدر من بعضهم من الإخلال بالتقوى ما صدر، ومن حكمة الجمع بين القصتين أن الله يحب من عباده إذا أصابهم ما يكرهون أن يتذكروا ما يحبون، فيخف عنهم البلاء ويشكروا الله على نعمه العظيمة التي إذا قوبلت بما ينالهم من المكروه الذي هو في الحقيقة خير لهم، كان المكروه بالنسبة إلى المحبوب نزرا يسيرا، وقد أشار تعالى إلى هذه الحكمة في قوله ‏{‏أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها‏}‏ وحاصل قضية ‏"‏أحد‏"‏ وإجمالها أن المشركين لما رجع فلهم من ‏"‏بدر‏"‏ إلى مكة، وذلك في سنة اثنتين من الهجرة، استعدوا بكل ما يقدرون عليه من العدد بالأموال والرجال والعدد، حتى اجتمع عندهم من ذلك ما جزموا بحصول غرضهم وشفاء غيظهم، ثم وجهوا من مكة للمدينة في ثلاثة آلاف مقاتل، حتى نزلوا قرب المدينة، فخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم هو وأصحابه بعد المراجعة والمشاورة حتى استقر رأيهم على الخروج، وخرج في ألف، فلما ساروا قليلا رجع عبد الله بن أبي المنافق بثلث الجيش ممن هو على مثل طريقته،وهمت طائفتان من المؤمنين أن يرجعوا وهم بنو سلمة وبنو حارثة فثبتهم الله، فلما وصلوا إلى أحد رتبهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مواضعهم وأسندوا ظهورهم إلى أحد، ورتب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خمسين رجلا من أصحابه في خلة في جبل ‏"‏أحد‏"‏ وأمرهم أن يلزموا مكانهم ولا يبرحوا منه ليأمنوا أن يأتيهم أحد من ظهورهم، فلما التقى المسلمون والمشركون انهزم المشركون هزيمة قبيحة وخلفوا معسكرهم خلف ظهورهم، واتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، فلما رآهم الرماة الذين جعلهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الجبل، قال بعضهم لبعض‏:‏ الغنيمة الغنيمة، ما يقعدنا ها هنا والمشركون قد انهزموا، ووعظهم أميرهم عبد الله بن جبير عن المعصية فلم يلتفتوا إليه، فلما أخلوا موضعهم فلم يبق فيه إلا نفر يسير، منهم أميرهم عبد الله بن جبير، جاءت خيل المشركين من ذلك الموضع واستدبرت المسلمين وقاتلت ساقتهم، فجال المسلمون جولة ابتلاهم الله بها وكفر بها عنهم، وأذاقهم فيها عقوبة المخالفة، فحصل ما حصل من قتل من قتل منهم، ثم إنهم انحازوا إلى رأس جبل ‏"‏أحد‏"‏ وكف الله عنهم أيدي المشركين وانكفأوا إلى بلادهم، ودخل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه المدينة قال الله تعالى ‏{‏وإذ غدوت من أهلك‏}‏ والغدو ها هنا مطلق الخروج، ليس المراد به الخروج في أول النهار، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه لم يخرجوا إلا بعدما صلوا الجمعة ‏{‏تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال‏}‏ أي‏:‏ تنزلهم وترتبهم كل في مقعده اللائق به، وفيها أعظم مدح للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث هو الذي يباشر تدبيرهم وإقامتهم في مقاعد القتال، وما ذاك إلا لكمال علمه ورأيه، وسداد نظره وعلو همته، حيث يباشر هذه الأمور بنفسه وشجاعته الكاملة صلوات الله وسلامه عليه‏{‏والله سميع‏}‏ لجميع المسموعات، ومنه أنه يسمع ما يقول المؤمنون والمنافقون كل يتكلم بحسب ما في قلبه ‏{‏عليم‏}‏ بنيات العبيد، فيجازيهم عليها أتم الجزاء، وأيضًا فالله سميع عليم بكم، يكلؤكم، ويتولى تدبير أموركم، ويؤيدكم بنصره كما قال تعالى لموسى وهارون ‏{‏إنني معكما أسمع وأرى‏}‏ ومن لطفه بهم وإحسانه إليهم أنه، لما ‏{‏همت طائفتان‏}‏ من المؤمنين بالفشل وهم بنو سلمة وبنو حارثة كما تقدم ثبتهما الله تعالى نعمة عليهما وعلى سائر المؤمنين، فلهذا قال ‏{‏والله وليهما‏}‏ أي‏:‏ بولايته الخاصة، التي هي لطفه بأوليائه، وتوفيقهم لما فيه صلاحهم وعصمتهم عما فيه مضرتهم، فمن توليه لهما أنهما لما هما بهذه المعصية العظيمة وهي الفشل والفرار عن رسول الله عصمهما، لما معهما من الإيمان كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور‏}‏ ثم قال ‏{‏وعلى الله فليتوكل المؤمنون‏}‏ ففيها الأمر بالتوكل الذي هو اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة بالله، وأنه بحسب إيمان العبد يكون توكله، وأن المؤمنين أولى بالتوكل على الله من غيرهم، و خصوصًا في مواطن الشدة والقتال، فإنهم مضطرون إلى التوكل والاستعانة بربهم والاستنصار له، والتبري من حولهم وقوتهم، والاعتماد على حول الله وقوته، فبذلك ينصرهم ويدفع عنهم البلايا والمحن،
الأسئلة :
١_ماسبب نزول الآيات... اذكري قصتها؟

ام عبدالله وامنه 05-01-2020 10:31 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
[gdwl]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة..
[‏123 ـ 126‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ‏}‏

وهذا امتنان منه على عباده المؤمنين، وتذكير لهم بما نصرهم به يوم بدر وهم أذلة في قلة عَددهم وعُددهم مع كثرة عدد عدوهم وعُددهم، وكانت وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة، خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المدينة بثلاث مئة وبضعة عشر من أصحابه، ولم يكن معهم إلا سبعون بعيرًا وفرسان لطلب عير لقريش قدمت من الشام، فسمع به المشركون فتجهزوا من مكة لفكاك عيرهم، وخرجوا في زهاء ألف مقاتل مع العدة الكاملة والسلاح العام والخيل الكثيرة، فالتقوا همم والمسلمون في ماء يقال له ‏"‏بدر‏"‏بين مكة والمدينة فاقتتلوا، ونصر الله المسلمين نصرًا عظيما، فقتلوا من المشركين سبعين قتيلًا من صناديد المشركين وشجعانهم، وأسروا سبعين، واحتووا على معسكرهم ستأتي ـ إن شاء الله ـ القصة في سورة الأنفال، فإن ذلك موضعها، ولكن الله تعالى هنا أتى بها ليتذكر بها المؤمنون ليتقوا ربهم ويشكروه، فلهذا قال ‏{‏فاتقوا الله لعلكم تشكرون‏}‏ لأن من اتقى ربه فقد شكره، ومن ترك التقوى فلم يشكره، إذ تقول يا محمد للمؤمنين يوم بدر مبشرًا لهم بالنصر‏.‏
‏{‏ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا‏}‏ أي‏:‏ من مقصدهم هذا، وهو وقعة بدر ‏{‏يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين‏}‏ أي‏:‏ معلمين بعلامة الشجعان، فشرط الله لإمدادهم ثلاثة شروط‏:‏ الصبر، والتقوى، وإتيان المشركين من فورهم هذا، فهذا الوعد بإنزال الملائكة المذكورين وإمدادهم بهم، وأما وعد النصر وقمع كيد الأعداء فشرط الله له الشرطين الأولين كما تقدم في قوله‏:‏ ‏{‏وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا‏}‏

‏{‏وما جعله الله‏}‏ أي‏:‏ إمداده لكم بالملائكة ‏{‏إلا بشرى‏}‏ تستبشرون بها وتفرحون ‏{‏ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله‏}‏ فلا تعتمدوا على ما معكم من الأسباب، بل الأسباب فيها طمأنينة لقلوبكم، وأما النصر الحقيقي الذي لا معارض له، فهو مشيئة الله لنصر من يشاء من عباده، فإنه إن شاء نصر من معه الأسباب كما هي سنته في خلقه، وإن شاء نصر المستضعفين الأذلين ليبين لعباده أن الأمر كله بيديه، ومرجع الأمور إليه، ولهذا قال ‏{‏عند الله العزيز‏}‏ فلا يمتنع عليه مخلوق، بل الخلق كلهم أذلاء مدبرون تحت تدبيره وقهره ‏{‏الحكيم‏}‏ الذي يضع الأشياء مواضعها، وله الحكمة في إدالة الكفار في بعض الأوقات على المسلمين إدالة غير مستقرة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض‏}‏
الأسئلة :
١..متي وقعت غزوة بدر.. كم المسلمين.. كم عدد المشركين... كم استشهد... كم مات من المشركين؟؟

ام عبدالله وامنه 05-01-2020 10:38 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
[الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة..
[‏127‏]‏ ‏{‏لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ‏}‏

يخبر تعالى أن نصره عباده المؤمنين لأحد أمرين‏:‏ إما أن يقطع طرفا من الذين كفروا، أي‏:‏ جانبا منهم وركنا من أركانهم، إما بقتل، أو أسر، أو استيلاء على بلد، أو غنيمة مال، فيقوى بذلك المؤمنون ويذل الكافرون، وذلك لأن مقاومتهم ومحاربتهم للإسلام تتألف من أشخاصهم وسلاحهم وأموالهم وأرضهم فبهذه الأمور تحصل منهم المقاومة والمقاتلة فقطع شيء من ذلك ذهاب لبعض قوتهم، الأمر الثاني أن يريد الكفار بقوتهم وكثرتهم، طمعا في المسلمين، ويمنوا أنفسهم ذلك، ويحرصوا عليه غاية الحرص، ويبذلوا قواهم وأموالهم في ذلك، فينصر الله المؤمنين عليهم ويردهم خائبين لم ينالوا مقصودهم، بل يرجعون بخسارة وغم وحسرة، وإذا تأملت الواقع رأيت نصر الله لعباده المؤمنين دائرا بين هذين الأمرين، غير خارج عنهما إما نصر عليهم أو خذل لهم‏.‏

‏[‏128 ـ 129‏]‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ * وَلِلَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏

لما جرى يوم ‏"‏أحد‏"‏ ما جرى، وجرى على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مصائب، رفع الله بها درجته، فشج رأسه وكسرت رباعيته، قال ‏"‏كيف يفلح قوم شجوا نبيهم‏"‏ وجعل يدعو على رؤساء من المشركين مثل أبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، أنزل الله تعالى على رسوله نهيا له عن الدعاء عليهم باللعنة والطرد عن رحمة الله ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏
إنما عليك البلاغ وإرشاد الخلق والحرص على مصالحهم، وإنما الأمر لله تعالى هو الذي يدبر الأمور، ويهدي من يشاء ويضل من يشاء، فلا تدع عليهم بل أمرهم راجع إلى ربهم، إن اقتضت حكمته ورحمته أن يتوب عليهم ويمن عليهم بالإسلام فعل، وإن اقتضت حكمته إبقاءهم على كفرهم وعدم هدايتهم، فإنهم هم الذين ظلموا أنفسهم وضروها وتسببوا بذلك، فعل، وقد تاب الله على هؤلاء المعينين وغيرهم، فهداهم للإسلام رضي الله عنهم، وفي هذه الآية مما يدل على أن اختيار الله غالب على اختيار العباد، وأن العبد وإن ارتفعت درجته وعلا قدره قد يختار شيئًا وتكون الخيرة والمصلحة في غيره، وأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له من الأمر شيء فغيره من باب أولى ففيها أعظم رد على من تعلق بالأنبياء أو غيرهم من الصالحين وغيرهم، وأن هذا شرك في العبادة، نقص في العقل، يتركون من الأمر كله له ويدعون من لا يملك من الأمر مثقال ذرة، إن هذا لهو الضلال البعيد، وتأمل كيف لما ذكر تعالى توبته عليهم أسند الفعل إليه، ولم يذكر منهم سببا موجبا لذلك، ليدل ذلك على أن النعمة محض فضله على عبده، من غير سبق سبب من العبد ولا وسيلة، ولما ذكر العذاب ذكر معه ظلمهم، ورتبه على العذاب بالفاء المفيدة للسببية، فقال ‏{‏أو يعذبهم فإنهم ظالمون‏}‏.
ليدل ذلك على كمال عدل الله وحكمته، حيث وضع العقوبة موضعها، ولم يظلم عبده بل العبد هو الذي ظلم نفسه، ولما نفى عن رسوله أنه ليس له من الأمر شيء قرر من الأمر له فقال ‏{‏ولله ما في السموات وما في الأرض‏}‏ من الملائكة والإنس والجن والحيوانات والأفلاك والجمادات كلها، وجميع ما في السموات والأرض، الكل ملك لله مخلوقون مدبرون متصرف فيهم تصرف المماليك، فليس لهم مثقال ذرة من الملك، وإذا كانوا كذلك فهم دائرون بين مغفرته وتعذيبه فيغفر لمن يشاء بأن يهديه للإسلام فيغفر شركه ويمن عليه بترك العصيان فيغفر له ذنبه، ‏{‏ويعذب من يشاء‏}‏ بأن يكله إلى نفسه الجاهلة الظالمة المقتضية لعمل الشر فيعمل الشر ويعذبه على ذلك، ثم ختم الآية باسمين كريمين دالين على سعة رحمته وعموم مغفرته وسعة إحسانه وعميم إحسانه، فقال ‏{‏والله غفور رحيم‏}‏ ففيها أعظم بشارة بأن رحمته غلبت غضبه، ومغفرته غلبت مؤاخذته، فالآية فيها الإخبار عن حالة الخلق وأن منهم من يغفر الله له ومنهم من يعذبه، فلم يختمها باسمين أحدهما دال على الرحمة، والثاني دال على النقمة، بل ختمها باسمين كليهما يدل على الرحمة، فله تعالى رحمة وإحسان سيرحم بها عباده لا تخطر ببال بشر، ولا يدرك لها وصف، فنسأله تعالى أن يتغمدنا ويدخلنا برحمته في عباده الصالحين.
الأسئلة :
١..لماذا نهى الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على رؤساء المشركين
؟

ام عبدالله وامنه 05-09-2020 04:49 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة..

‏[‏128 ـ 129‏]‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ * وَلِلَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏

لما جرى يوم ‏"‏أحد‏"‏ ما جرى، وجرى على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مصائب، رفع الله بها درجته، فشج رأسه وكسرت رباعيته، قال ‏"‏كيف يفلح قوم شجوا نبيهم‏"‏ وجعل يدعو على رؤساء من المشركين مثل أبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، أنزل الله تعالى على رسوله نهيا له عن الدعاء عليهم باللعنة والطرد عن رحمة الله ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏
إنما عليك البلاغ وإرشاد الخلق والحرص على مصالحهم، وإنما الأمر لله تعالى هو الذي يدبر الأمور، ويهدي من يشاء ويضل من يشاء، فلا تدع عليهم بل أمرهم راجع إلى ربهم، إن اقتضت حكمته ورحمته أن يتوب عليهم ويمن عليهم بالإسلام فعل، وإن اقتضت حكمته إبقاءهم على كفرهم وعدم هدايتهم، فإنهم هم الذين ظلموا أنفسهم وضروها وتسببوا بذلك، فعل، وقد تاب الله على هؤلاء المعينين وغيرهم، فهداهم للإسلام رضي الله عنهم، وفي هذه الآية مما يدل على أن اختيار الله غالب على اختيار العباد، وأن العبد وإن ارتفعت درجته وعلا قدره قد يختار شيئًا وتكون الخيرة والمصلحة في غيره، وأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له من الأمر شيء فغيره من باب أولى ففيها أعظم رد على من تعلق بالأنبياء أو غيرهم من الصالحين وغيرهم، وأن هذا شرك في العبادة، نقص في العقل، يتركون من الأمر كله له ويدعون من لا يملك من الأمر مثقال ذرة، إن هذا لهو الضلال البعيد، وتأمل كيف لما ذكر تعالى توبته عليهم أسند الفعل إليه، ولم يذكر منهم سببا موجبا لذلك، ليدل ذلك على أن النعمة محض فضله على عبده، من غير سبق سبب من العبد ولا وسيلة، ولما ذكر العذاب ذكر معه ظلمهم، ورتبه على العذاب بالفاء المفيدة للسببية، فقال ‏{‏أو يعذبهم فإنهم ظالمون‏}‏ ليدل ذلك على كمال عدل الله وحكمته، حيث وضع العقوبة موضعها، ولم يظلم عبده بل العبد هو الذي ظلم نفسه، ولما نفى عن رسوله أنه ليس له من الأمر شيء قرر من الأمر له فقال ‏{‏ولله ما في السموات وما في الأرض‏}‏ من الملائكة والإنس والجن والحيوانات والأفلاك والجمادات كلها، وجميع ما في السموات والأرض، الكل ملك لله مخلوقون مدبرون متصرف فيهم تصرف المماليك، فليس لهم مثقال ذرة من الملك، وإذا كانوا كذلك فهم دائرون بين مغفرته وتعذيبه فيغفر لمن يشاء بأن يهديه للإسلام فيغفر شركه ويمن عليه بترك العصيان فيغفر له ذنبه، ‏{‏ويعذب من يشاء‏}‏ بأن يكله إلى نفسه الجاهلة الظالمة المقتضية لعمل الشر فيعمل الشر ويعذبه على ذلك، ثم ختم الآية باسمين كريمين دالين على سعة رحمته وعموم مغفرته وسعة إحسانه وعميم إحسانه، فقال ‏{‏والله غفور رحيم‏}‏ ففيها أعظم بشارة بأن رحمته غلبت غضبه، ومغفرته غلبت مؤاخذته، فالآية فيها الإخبار عن حالة الخلق وأن منهم من يغفر الله له ومنهم من يعذبه، فلم يختمها باسمين أحدهما دال على الرحمة، والثاني دال على النقمة، بل ختمها باسمين كليهما يدل على الرحمة، فله تعالى رحمة وإحسان سيرحم بها عباده لا تخطر ببال بشر، ولا يدرك لها وصف، فنسأله تعالى أن يتغمدنا ويدخلنا برحمته في عباده الصالحين‏.‏
الأسئلة...
من هم الذين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم... ولماذا نهاه الله سبحانه وتعالى عن الدعاء عليهم؟
❤❤❤

ام عبدالله وامنه 06-10-2020 11:00 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
يتبع..
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة..

‏[‏128 ـ 129‏]‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ * وَلِلَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏

لما جرى يوم ‏"‏أحد‏"‏ ما جرى، وجرى على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مصائب، رفع الله بها درجته، فشج رأسه وكسرت رباعيته، قال ‏"‏كيف يفلح قوم شجوا نبيهم‏"‏ وجعل يدعو على رؤساء من المشركين مثل أبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، أنزل الله تعالى على رسوله نهيا له عن الدعاء عليهم باللعنة والطرد عن رحمة الله ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏
إنما عليك البلاغ وإرشاد الخلق والحرص على مصالحهم، وإنما الأمر لله تعالى هو الذي يدبر الأمور، ويهدي من يشاء ويضل من يشاء، فلا تدع عليهم بل أمرهم راجع إلى ربهم، إن اقتضت حكمته ورحمته أن يتوب عليهم ويمن عليهم بالإسلام فعل، وإن اقتضت حكمته إبقاءهم على كفرهم وعدم هدايتهم، فإنهم هم الذين ظلموا أنفسهم وضروها وتسببوا بذلك، فعل، وقد تاب الله على هؤلاء المعينين وغيرهم، فهداهم للإسلام رضي الله عنهم، وفي هذه الآية مما يدل على أن اختيار الله غالب على اختيار العباد، وأن العبد وإن ارتفعت درجته وعلا قدره قد يختار شيئًا وتكون الخيرة والمصلحة في غيره، وأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له من الأمر شيء فغيره من باب أولى ففيها أعظم رد على من تعلق بالأنبياء أو غيرهم من الصالحين وغيرهم، وأن هذا شرك في العبادة، نقص في العقل، يتركون من الأمر كله له ويدعون من لا يملك من الأمر مثقال ذرة، إن هذا لهو الضلال البعيد، وتأمل كيف لما ذكر تعالى توبته عليهم أسند الفعل إليه، ولم يذكر منهم سببا موجبا لذلك، ليدل ذلك على أن النعمة محض فضله على عبده، من غير سبق سبب من العبد ولا وسيلة، ولما ذكر العذاب ذكر معه ظلمهم، ورتبه على العذاب بالفاء المفيدة للسببية، فقال ‏{‏أو يعذبهم فإنهم ظالمون‏}‏ ليدل ذلك على كمال عدل الله وحكمته، حيث وضع العقوبة موضعها، ولم يظلم عبده بل العبد هو الذي ظلم نفسه، ولما نفى عن رسوله أنه ليس له من الأمر شيء قرر من الأمر له فقال ‏{‏ولله ما في السموات وما في الأرض‏}‏ من الملائكة والإنس والجن والحيوانات والأفلاك والجمادات كلها، وجميع ما في السموات والأرض، الكل ملك لله مخلوقون مدبرون متصرف فيهم تصرف المماليك، فليس لهم مثقال ذرة من الملك، وإذا كانوا كذلك فهم دائرون بين مغفرته وتعذيبه فيغفر لمن يشاء بأن يهديه للإسلام فيغفر شركه ويمن عليه بترك العصيان فيغفر له ذنبه، ‏{‏ويعذب من يشاء‏}‏ بأن يكله إلى نفسه الجاهلة الظالمة المقتضية لعمل الشر فيعمل الشر ويعذبه على ذلك، ثم ختم الآية باسمين كريمين دالين على سعة رحمته وعموم مغفرته وسعة إحسانه وعميم إحسانه، فقال ‏{‏والله غفور رحيم‏}‏ ففيها أعظم بشارة بأن رحمته غلبت غضبه، ومغفرته غلبت مؤاخذته، فالآية فيها الإخبار عن حالة الخلق وأن منهم من يغفر الله له ومنهم من يعذبه، فلم يختمها باسمين أحدهما دال على الرحمة، والثاني دال على النقمة، بل ختمها باسمين كليهما يدل على الرحمة، فله تعالى رحمة وإحسان سيرحم بها عباده لا تخطر ببال بشر، ولا يدرك لها وصف، فنسأله تعالى أن يتغمدنا ويدخلنا برحمته في عباده الصالحين‏.‏
الأسئلة...
من هم الذين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم... ولماذا نهاه الله سبحانه وتعالى عن الدعاء عليهم؟
❤❤❤

ام عبدالله وامنه 06-18-2020 02:13 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة....
[‏130 ـ 134]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السموات وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }‏

تقدم في مقدمة هذا التفسير أن العبد ينبغي له مراعاة الأوامر والنواهي في نفسه وفي غيره، وأن الله تعالى إذا أمره بأمر وجب عليه ـ أولاً ـ أن يعرف حده، وما هو الذي أمر به ليتمكن بذلك من امتثاله، فإذا عرف ذلك اجتهد، واستعان بالله على امتثاله في نفسه وفي غيره، بحسب قدرته وإمكانه، وكذلك إذا نهي عن أمر عرف حده، وما يدخل فيه وما لا يدخل، ثم اجتهد واستعان بربه في تركه، وأن هذا ينبغي مراعاته في جميع الأوامر الإلهية والنواهي، وهذه الآيات الكريمات قد اشتملت عن أوامر وخصال من خصال الخير، أمر الله ‏[‏بها‏]‏ وحث على فعلها، وأخبر عن جزاء أهلها، وعلى نواهي حث على تركها‏.‏

ولعل الحكمة ـ والله أعلم ـ في إدخال هذه الآيات أثناء قصة ‏"‏أحد‏"‏ أنه قد تقدم أن الله تعالى وعد عباده المؤمنين، أنهم إذا صبروا واتقوا نصرهم على أعدائهم، وخذل الأعداء عنهم، كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا‏}‏

ثم قال‏:‏ ‏{‏بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم‏}‏ الآيات‏.‏
فكأن النفوس اشتاقت إلى معرفة خصال التقوى، التي يحصل بها النصر والفلاح والسعادة، فذكر الله في هذه الآيات أهم خصال التقوى التي إذا قام العبد بها فقيامه بغيرها من باب أولى وأحرى، ويدل على ما قلنا أن الله ذكر لفظ ‏"‏التقوى‏"‏ في هذه الآيات ثلاث مرات‏:‏ مرة مطلقة وهي قوله‏:‏ ‏{‏أعدت للمتقين‏}‏ ومرتين مقيدتين، فقال‏:‏ ‏{‏واتقوا الله‏}‏ ‏{‏واتقوا النار‏}‏ فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا‏}‏ كل ما في القرآن من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا‏}‏ افعلوا كذا، أو اتركوا كذا، يدل على أن الإيمان هو السبب الداعي والموجب لامتثال ذلك الأمر، واجتناب ذلك النهي؛ لأن الإيمان هو التصديق الكامل بما يجب التصديق به، المستلزم لأعمال الجوارح، فنهاهم عن أكل الربا أضعافا مضاعفة، وذلك هو ما اعتاده أهل الجاهلية، ومن لا يبالي بالأوامر الشرعية من أنه إذا حل الدين، على المعسر ولم يحصل منه شيء، قالوا له‏:‏ إما أن تقضي ما عليك من الدين، وإما أن نزيد في المدة، ويزيد ما في ذمتك، فيضطر الفقير ويستدفع غريمه ويلتزم ذلك، اغتناما لراحته الحاضرة، ، فيزداد ـ بذلك ـ ما في ذمته أضعافا مضاعفة، من غير نفع وانتفاع‏.‏

ففي قوله‏:‏ ‏{‏أضعافًا مضاعفة‏}‏ تنبيه على شدة شناعته بكثرته، وتنبيه لحكمة تحريمه، وأن تحريم الربا حكمته أن الله منع منه لما فيه من الظلم‏.‏

وذلك أن الله أوجب إنظار المعسر، وبقاء ما في ذمته من غير زيادة، فإلزامه بما فوق ذلك ظلم متضاعف، فيتعين على المؤمن المتقي تركه وعدم قربانه، لأن تركه من موجبات التقوى‏.‏

والفلاح متوقف على التقوى، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين‏}‏ بترك ما يوجب دخولها، من الكفر والمعاصي، على اختلاف درجاتها، فإن المعاصي كلها ـ و خصوصًا المعاصي الكبار ـ تجر إلى الكفر، بل هي من خصال الكفر الذي أعد الله النار لأهله،فترك المعاصي ينجي من النار، ويقي من سخط الجبار، وأفعال الخير والطاعة توجب رضا الرحمن، ودخول الجنان، وحصول الرحمة، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وأطيعوا الله والرسول‏}‏ بفعل الأوامر امتثالا، واجتناب النواهي ‏{‏لعلكم ترحمون‏}‏

فطاعة الله وطاعة رسوله، من أسباب حصول الرحمة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة‏}‏ الآيات‏.‏

ثم أمرهم تعالى بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عرضها السموات والأرض، فكيف بطولها، التي أعدها الله للمتقين، فهم أهلها وأعمال التقوى هي الموصلة إليها، ثم وصف المتقين وأعمالهم، فقال‏:‏ ‏{‏الذين ينفقون في السراء والضراء‏}‏ أي‏:‏ في حال عسرهم ويسرهم، إن أيسروا أكثروا من النفقة، وإن أعسروا لم يحتقروا من المعروف شيئًا ولو قل‏.‏

‏{‏والكاظمين الغيظ‏}‏ أي‏:‏ إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم ـ وهو امتلاء قلوبهم من الحنق، الموجب للانتقام بالقول والفعل ـ ، هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطباع البشرية، بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ، ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم‏.‏

‏{‏والعافين عن الناس‏}‏ يدخل في العفو عن الناس، العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل، والعفو أبلغ من الكظم، لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة، وتخلى عن الأخلاق الرذيلة، وممن تاجر مع الله، وعفا عن عباد الله رحمة بهم، وإحسانا إليهم، وكراهة لحصول الشر عليهم، وليعفو الله عنه، ويكون أجره على ربه الكريم، لا على العبد الفقير، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فمن عفا وأصلح فأجره على الله‏}‏ثم ذكر حالة أعم من غيرها، وأحسن وأعلى وأجل، وهي الإحسان، فقال ‏[‏تعالى‏]‏‏:‏ ‏{‏والله يحب المحسنين‏}‏ والإحسان نوعان‏:‏ الإحسان في عبادة الخالق‏.‏ ‏[‏والإحسان إلى المخلوق، فالإحسان في عبادة الخالق‏]‏‏.‏

فسرها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله‏:‏ ‏(‏أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك‏)‏

وأما الإحسان إلى المخلوق، فهو إيصال النفع الديني والدنيوي إليهم، ودفع الشر الديني والدنيوي عنهم، فيدخل في ذلك أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وتعليم جاهلهم، ووعظ غافلهم، والنصيحة لعامتهم وخاصتهم، والسعي في جمع كلمتهم، وإيصال الصدقات والنفقات الواجبة والمستحبة إليهم، على اختلاف أحوالهم وتباين أوصافهم، فيدخل في ذلك بذل الندى وكف الأذى، واحتمال الأذى، كما وصف الله به المتقين في هذه الآيات، فمن قام بهذه الأمور، فقد قام بحق الله وحق عبيده...
الأسئلة :
١-ماسبب إدخال آيات خصال الخير أثناء قصة أحد؟
١_من هم الكاظمين الغيظ... من هم العافين عن الناس... ماهو الإحسان إلى المخلوق؟ مئة و ثلاثين و ثلاثة عشر و أربعة

ام عبدالله وامنه 06-25-2020 07:13 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
(١٣٥،١٣٦).
:‏ ‏{‏والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم‏}‏ أي‏:‏ صدر منهم أعمال ‏[‏سيئة‏]‏ كبيرة، أو ما دون ذلك، بادروا إلى التوبة والاستغفار، وذكروا ربهم، وما توعد به العاصين ووعد به المتقين، فسألوه المغفرة لذنوبهم، والستر لعيوبهم، مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون‏}‏

‏{‏أولئك‏}‏ الموصوفون بتلك الصفات ‏{‏جزاؤهم مغفرة من ربهم‏}‏ تزيل عنهم كل محذور ‏{‏وجنات تجري من تحتها الأنهار‏}‏ فيها من النعيم المقيم، والبهجة والسرور والبهاء، والخير والسرور، والقصور والمنازل الأنيقة العاليات، والأشجار المثمرة البهية، والأنهار الجاريات في تلك المساكن الطيبات، ‏{‏خالدين فيها‏}‏ لا يحولون عنها، ولا يبغون بها بدلا، ولا يغير ما هم فيه من النعيم، ‏{‏ونعم أجر العاملين‏}‏ عملوا لله قليلا فأجروا كثيرًا فـ ‏"‏عند الصباح يحمد القوم السرى‏"‏ وعند الجزاء يجد العامل أجره كاملًا موفرًا‏.‏

وهذه الآيات الكريمات من أدلة أهل السنة والجماعة، على أن الأعمال تدخل في الإيمان، خلافًا للمرجئة، ووجه الدلالة إنما يتم بذكر الآية، التي في سورة الحديد، نظير هذه الآيات، وهي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله‏}‏ فلم يذكر فيها إلا لفظ الإيمان به وبرسله، وهنا قال‏:‏ ‏{‏أعدت للمتقين‏}‏ ثم وصف المتقين بهذه الأعمال المالية والبدنية، فدل على أن هؤلاء المتقين الموصوفين بهذه الصفات هم أولئك المؤمنون‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏ ‏[‏137 ـ 138‏]‏ ‏{‏قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ‏}‏

وهذه الآيات الكريمات، وما بعدها في قصة ‏"‏أحد‏"‏ يعزي تعالى عباده المؤمنين ويسليهم، ويخبرهم أنه مضى قبلهم أجيال وأمم كثيرة، امتحنوا، وابتلي المؤمنون منهم بقتال الكافرين، فلم يزالوا في مداولة ومجاولة، حتى جعل الله العاقبة للمتقين، والنصر لعباده المؤمنين، وآخر الأمر حصلت الدولة على المكذبين، وخذلهم الله بنصر رسله وأتباعهم‏.‏

‏{‏فسيروا في الأرض‏}‏ بأبدًانكم وقلوبكم ‏{‏فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين‏}‏ فإنكم لا تجدونهم إلا معذبين بأنواع العقوبات الدنيوية، قد خوت ديارهم، وتبين لكل أحد خسارهم، وذهب عزهم وملكهم، وزال بذخهم وفخرهم، أفليس في هذا أعظم دليل، وأكبر شاهد على صدق ما جاءت به الرسل‏؟‏‏"‏

وحكمة الله التي يمتحن بها عباده، ليبلوهم ويتبين صادقهم من كاذبهم، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏هذا بيان للناس‏}‏ أي‏:‏ دلالة ظاهرة، تبين للناس الحق من الباطل، وأهل السعادة من أهل الشقاوة، وهو الإشارة إلى ما أوقع الله بالمكذبين‏.‏

‏{‏وهدى وموعظة للمتقين‏}‏ لأنهم هم المنتفعون بالآيات فتهديهم إلى سبيل الرشاد، وتعظهم وتزجرهم عن طريق الغي، وأما باقي الناس فهي بيان لهم، تقوم ‏[‏به‏]‏ عليهم الحجة من الله، ليهلك من هلك عن بينة‏.‏

ويحتمل أن الإشارة في قوله‏:‏ ‏{‏هذا بيان للناس‏}‏ للقرآن العظيم، والذكر الحكيم، وأنه بيان للناس عمومًا، وهدى وموعظة للمتقين خصوصًا،، وكلا المعنيين حق‏.
الأسئلة :
١_ذكرت في الآيات شروط قبول التوبة.. ماهي؟
٢_اشرحي قوله تعالى.. هدى وموعظة للمتقين...؟

ام عبدالله وامنه 07-11-2020 06:10 PM

Re: تفسير سورة آل عمران من تفسير الكريم المنان السعدي
 
يتبع..
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
قال تعالى‏:‏ ‏[‏144 ـ 145‏]‏ ‏{‏وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شيئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل‏}‏ أي‏:‏ ليس ببدع من الرسل، بل هو من جنس الرسل الذين قبله، وظيفتهم تبليغ رسالات ربهم وتنفيذ أوامره، ليسوا بمخلدين، وليس بقاؤهم شرطا في امتثال أوامر الله، بل الواجب على الأمم عبادة ربهم في كل وقت وبكل حال، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم‏}‏ بترك ما جاءكم من إيمان أو جهاد، أو غير ذلك‏.‏

قال ‏[‏الله‏]‏ تعالى‏:‏ ‏{‏ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا‏}‏ إنما يضر نفسه، وإلا فالله تعالى غني عنه، وسيقيم دينه، ويعز عباده المؤمنين، فلما وبخ تعالى من انقلب على عقبيه، مدح من ثبت مع رسوله، وامتثل أمر ربه، فقال‏:‏ ‏{‏وسيجزي الله الشاكرين‏}‏ والشكر لا يكون إلا بالقيام بعبودية الله تعالى في كل حال‏.‏
وفي هذه الآية الكريمة إرشاد من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالة لا يزعزعهم عن إيمانهم أو عن بعض لوازمه، فقدُ رئيس ولو عظم، وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمر من أمور الدين بعدة أناس من أهل الكفاءة فيه، إذا فقد أحدهم قام به غيره، وأن يكون عموم المؤمنين قصدهم إقامة دين الله، والجهاد عنه، بحسب الإمكان، لا يكون لهم قصد في رئيس دون رئيس، فبهذه الحال يستتب لهم أمرهم، وتستقيم أمورهم‏.‏

وفي هذه الآية أيضًا أعظم دليل على فضيلة الصديق الأكبر أبي بكر، وأصحابه الذين قاتلوا المرتدين بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنهم هم سادات الشاكرين‏.‏

ثم أخبر تعالى أن النفوس جميعها متعلقة بآجالها بإذن الله وقدره وقضائه، فمن حتَّم عليه بالقدر أن يموت، مات ولو بغير سبب، ومن أراد بقاءه، فلو أتى من الأسباب كل سبب، لم يضره ذلك قبل بلوغ أجله، وذلك أن الله قضاه وقدره وكتبه إلى أجل مسمى‏:‏ ‏{‏إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون‏}‏ثم أخبر تعالى أنه يعطي الناس من ثواب الدنيا والآخرة ما تعلقت به إراداتهم، فقال‏:‏ ‏{‏ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها‏}‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏كلًا نمدُّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورًا انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً‏}‏

‏{‏وسنجزي الشاكرين‏}‏ ولم يذكر جزاءهم ليدل ذلك على كثرته وعظمته، وليعلم أن الجزاء على قدر الشكر، قلة وكثرة وحسنًا‏.‏
الأسئلة :
١_ماهي وظيفة الرسل؟
٢_مامعني(ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا)؟


الساعة الآن 05:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)