شعاع العلوم الشرعية مقالات- ارشاد- توجيه- خواطر تهدف للدعوة الى الله- حملات دعوية و ثقافة إسلامية.... |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||
| |||||||||||
ما هو سد الذرائع في فقه الإسلام من الأصول التي أخذ بها العلماء ما يُعرف بسد الذرائع، فما هو سد الذرائع؟ سد الذرائع هو واحد من الأصول المختلف فيها بين العلماء رحمهم الله، أخذ به الإمام مالك وأصحابه، والإمام أحمد في رواية عنه، ومنعه الشافعية والحنابلة، ويرى المحققون أن الحنفية والشافعية أيضًا قاموا بالأخذ أيضًا في مذهبهما بسد الذرائع عند تنزيل الأحكام على الأحوال. الذرائع في اللغة جمع ذريعة، ويراد بها: الوسيلة إلى الشيء، أما في الاصطلاح عند الفقهاء والأصوليين فيراد بها: الأمر الذي ظاهره الإباحة إلاّ أنه يُفضي ويؤول إلى المفسدة وفعل المحرم، أما حقيقة سد الذرائع فهي التوصل بما فيه مصلحة إلى المفسدة، أما المقصود بسد الذرائع فهو: سد الطرق، وقطع الأسباب المؤدية والموصلة إلى الفساد. ومما يدل على العمل بسد الذرائع من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية ما يأتي: قول الله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}، سد الذرائع هنا منع سب آلهة الكفار مخافة أن يقابلوا السب بالمثل، فيسبوا الله تعالى. نهي رسول الله صل الله عليه وسلم عن تصوير من مات من الصالحين وعدم بناء المساجد عليهم لكي لا تتم عبادتهم. أمثلة على سد الذرائع المراد بسد الذرائع، أنه يقوم على المقاصد والمصالح، وأنّ الله تعالى شرع أحكامه لتحقيق المصالح ودرء المفاسد، فإذا أصبحت أحكامه تستخدم كذريعة للتوصل إلى غير ما شرعت له،ويتوصل بها إلى غير مقاصدها كان لا بد من سد الطرق المؤدية إلى الفساد. ومن الأمثلة التي يمكن إدراجها تحت قاعدة سد الذرائع ما يأتي: النهي عن إبداء الزينة والضرب بالأرجل ذات الخلاخيل لأنه يعد وسيلة لإثارة الشهوة عند الرجال. الأمر باستئذان الصغار والعبيد ثلاث مرات، لئلا يكون دخولهم ذريعة للاطلاع على العورات. النهي عن البيع وقت صلاة الجمعة لئلا يُتخذ ذريعة للإنشغال عن الصلاة بالتجارة. النهي عن بناء المساجد على القبور لئلا تكون ذريعة لاتخاذها أوثانًا. النهي عن طرق المسافر على أهله ليلًا. فمثلا لم يكن تحريم المذياع في البداية إلا تماشياً مع هوس التحريم بوصفه أصلاً في الشأن المدني، حتى يثبت العكس. وتم التحريم بتفعيل هذه القاعدة (سد الذرائع). وكذلك تحريم التلفاز، وهو الحكم الذي لا يزال سارياً إلى اليوم بين الأوساط المتطرفة، باستثناء فضائياتهم الخاصة فجاء الإسلام كدين عام عالمي، يخاطب الإنسانية جمعاء، ويضع لها المحددات العامة التي تكفل لها الانطلاق والفاعلية في أي زمان ومكان. ولهذا كان واضحاً تمام الوضوح فيما يأمر به وينهى عنه. الجميع - من أبناء المجتمع المسلم - يعرف الواجبات القطعية والمحرمات النهائية. كما يعرف أن الضرورات الخاصة والعامة تبيح من كل ذلك بقدر الضرورة. وهذا الاستثناء هو ما كان شبه لازم في آيات التحريم التي تتعلق بالنهائيات. ومع أن ممارسة الواجبات الدينية، تحتاج إلى معرفة بالتفاصيل التي تبين كيفية الأداء لها، لأنها توقيفية، إلا أن خطوطها العامة التي هي محل إجماع، تؤخذ كتقليد سلوكي، لا يحتاج فيه إلى الفقيه إلا فيما ندر. هذا في الواجبات. أما المحرمات - وأقصد المحرمات القطعية النهائية - فهي حالة امتناع. أي عمل سلبي، يعلمه - ويطيقه - الجميع، بدليل: «وما نهيتكم عنه فانتهوا». تبقى الأخلاق العامة التي هي من بدهيات الشرائع كافة، وليس الإسلام فحسب. وهذا أكثر وضوحاً في الذهنية العامة مما سبق. فالصدق، والوفاء، والكرم، وإعانة الضعيف، ونصرة المظلوم، وتحريم الاعتداء، وبر الوالدين، والتعاون على البر.. إلخ. كل ذلك أخلاق عامة، لا بد من التأكيد عليها. لكنها لا تحتاج إلى فقيه ليمنحها الشرعية، لأن الجميع فيها فقهاء. إذن، المسألة الدينية واضحة في خطوطها العامة - المتفق عليها - والتي هي مسائل دينية خالصة. كل ما سبق من واجبات ومحرمات وأخلاقيات، تجعل من مساحات المباح المدني مساحات واسعة، لا يمتلك الديني - وأقصد الفاعل الديني - عليها سلطة. أي أن المرجعية فيها مرجعية مدنية خالصة، بحيث يأتي الحكم الشرعي العام فيها، بعد أن يتخذ المدني قراره الأول. فالحكم - العام - وإن كان شرعياً إلا أنه مدني في مصدره. هنا يقف الفاعل الديني حائراً، إذ ليس لديه الكثير مما يمكن أن يفعله في الواقع المتعين. ويزداد الأمر حرجاً وتعقيداً؛ عندما يكون هذا الفاعل - بالأصالة أو متلبساً - لديه هوس بالنفوذ الاجتماعي، وشهوة - غير مشروعة - لإحكام السيطرة على تفاصيل الحراك المدني. الشريعة - كما يتضح من محدداتها العامة السابقة - لم تطلق يد الفقيه في الشأن المدني. لكن شهوة الكلام في كل آن!، وشهوة النفوذ والمكانة الاجتماعية تتجاوز به حدود الشرعي بدعاوى شرعية!. كيف يمكن إرساء هذا النفوذ اللامشروع، والأحكام الشرعية - الخالصة - لا تتناول إلا جزئيات محدودة من المدني العام؟!. كيف ينزل الفاعل الديني إلى الميدان المدني، وليس في يده إلا حزمة قليلة من الأحكام القطعية التي يعرفها الجميع، والتي هي من بدهيات الثقافة العامة في المجتمع المسلم، ولا يحتاج إليه فيها إلا فيما ندر من التفاصيل، غير الضرورية - في الغالب -؟!. منذ القديم واجه الفاعل الديني هذه الإشكالية التي تحد من صلاحياته في الشأن العام. ولهذا، بادر إلى تأسيس مجموعة من المفاهيم التي تكفل له السيطرة على تفاصيل المدني ومع أن هذه المصطلحات المفاهيم والقواعد العامة لم تكن محل تنصيص من المشرع الأول، وإنما هي استنباط من مدلولات النص الأول، أي أنها مفاهيم وقواعد اجتهادية، يتم الاجتهاد بواسطتها!، إلا أنها طغت على كثير من ممارسات الفاعل الديني، وأصبح ما يتم من خلالها أكثر مما يتم من خلال قطعيات النصوص المحكمة، لأنها تعترف بالحدود بين الديني والمدني!. من أشهر هذه القواعد التي مارس - ويمارس - الفاعل الديني بها سلطته في الشأن المدني، قاعدة: سد الذرائع. والقاعدة لها تعريف محدد. فمرة هي: «كل ما أفضى إلى حرام فهو حرام». ومرة هي: «ما غلب على الظن أنه يفضي إلى حرام فهو حرام». كل ذلك تحت قاعدة: للوسائل حكم الغايات. بواسطة هذه القاعدة الذرائعية، تم تحريم الكثير من الحلال. فمع أن تحديد كيفية الإفضاء هذا، وحتميته، أو درجة التغليب في الظن، أو امتلاك تصور واقعي عن طبيعة الوسائل، كل ذلك ليس من شأن الفاعل الديني، أو - على الأقل - ليس من شأنه وحده، إلا أن الفاعل الديني يريد أن يحتكر الحكم في كل هذا العالم الذي ينضج بالمدنية الخالصة؛ تحت مبرر من هذه القاعدة التي ليست محل إجماع. لم يكن لهذه القاعدة أن تروج؛ لولا أن هناك هوساً بالتحريم في الثقافة الإسلامية منذ القدم. وهذا الهوس تصاعد في مجتمعاتنا، إلى درجة صبغتنا بروح (حرورية) تجاوز الأصل الشرعي العظيم، والذي يؤكد على أن التحريم استثناء، والإباحة هي الأصل. هذه الروح (الحرورية) قلبت الأصول الشرعية؛ فأصبح التحريم هو الأصل الراسخ، والإباحة استثناء عابرا، بل وضُيّق هذا الاستثناء إلى درجة تقارب الإلغاء. ولهذا، تجد صيغة الأسئلة التي يطرحها المستفتي على الفاعل الديني تنطلق من كون التحريم أصلاً، فيكون السؤال: هل هذا الأمر حلال؟. وهو سؤال كاشف، يعري واقعنا الثقافي البائس. معظم المستحدثات المدنية، التي لم يرد فيها حكم بالنص، تم النظر إليه من خلال هذه القاعدة التي يمكن أن يتم بواسطتها تحريم كل شيء، حتى الحياة يمكن تحريمها وتفضيل الموت عليها، لأن الإنسان الحي لا بد أن يرتكب معصية ما يقيناً، ولو صغيرة، فلا أحد معصوم. ومن هنا تصبح الحياة - وفق هذا الفهم القاعدي! - مفضية إلى محرم، بل ومحرم يقيني، وليس ظنياً. إذا، فلا بد أن تكون الحياة يقينية التحريم، لهذا السبب. أي أن لا أحد يقول بهذا. لكن مؤدى هذه القاعدة - وهي قابلة للتمدد إلى ما لا نهاية - ينتهي إلى هذا. لم يكن تحريم المذياع في البداية إلا تماشياً مع هوس التحريم بوصفه أصلاً في الشأن المدني، حتى يثبت العكس. وتم التحريم بتفعيل هذه القاعدة (سد الذرائع). وكذلك تحريم التلفاز، وهو الحكم الذي لا يزال سارياً إلى اليوم بين الأوساط المتطرفة، باستثناء فضائياتهم الخاصة. وقد حرمت الفضائيات - خاصة قبل ظهور الفضائيات التقليدية - بهذه القاعدة. وكذلك الإنترنت، وتعليم المرأة قبل عقود، وامتلاكها البطاقة المدنية، وقيادة السيارة الخاصة.. إلخ، تم تحريمها، لأن كل هذه تفضي - حسب زعمهم - إلى محرم، أو تيسر الوصول إليه. لو نظرنا إلى كل هذه الأشياء التي تم تحريمها بهذه القاعدة، لوجدناها مدنية خالصة، من حيث وضعيتها الأولى المحايدة. أما كيفية الاستخدام فهي متروكة للضمير الشخصي الخاص. هذا إذا اعتبرنا الإنسان كائناً راشداً ومسؤولاً. إذن، كان من الواجب أن يكون الحكم على كيفية خاصة - ومحددة بدقة - من الاستخدام، أي الكيفية التي تشتبك مع النص الأصلي المحرم، لا أن يتم تحريم حراك مدني كامل، بدعوى سد الذرائع. هناك من يقول إن الحكم ارتبط بالضرر العام المتوقع. لكن، هذا الضرر المتوقع - وأكرر: المتوقع - من يقرره، خاصة وأنه في مسألة مدنية متواشجة مع تفاصيل أخرى في غاية المدنية. هل الفاعل الديني هو الأقدر على تحديد مستويات الضرر في هذا الحراك المدني؟!. لماذا لا يكون التعامل مع هذا المدني مدنياً، أي، إذا تحقق الضرر؛ يكون الموقف منه: المنع بواسطة النظام القانوني. فيقال: هذا ممنوع نظاماً. وبهذا نحفظ للتحريم مكانته في النفوس، ولا يكون مبتذلاً في كل قضية مدنية. هناك فرق كبير بين كلمتي: ممنوع ومحرم. التحريم له صفة قدسية، والقدسية لا تتكون إلا بالاستمرارية والثبات، ولو نسبياً. وهذا متعذر في القضايا المدنية التي تتغير بين عشية وضحاها، تبعاً للتغير المدني السريع، وخاصة في هذا العصر. المنع المدني، قابل لأن يتغير؛ متى ما رأى المشرع المدني أن صلاحيته قد انتهت. إذا أعطي الممنوع المتغير صفة المحرم الثابت، تزعزعت صفة (الحرمة) في النفوس، وأصبح التعدي عليها كالتعدي على القانون المدني (البشري). وقد يمتد هذا الأثر النفسي - اللامبالاة بالحرمة - إلى المحرمات الأصلية، فيصبح التعدي عليها كالتعدي على النظام. وبهذا، يختلط الإلهي بالبشري. وهذا غير مقبول دينياً. كل هذا التأكيد على عدم إقحام الحكم الديني (التحريم هنا) في المدني، والاكتفاء بصيغة: المنع، يأتي على افتراض أن الفاعل الديني مدرك لتفاصيل المدني وعلائقه الموغلة في مدنيتها. وهذا افتراض قلما يقع في الواقع!. فالفاعل المدني - وكل من زاويته - أكثر إدراكاً للواقع المدني، وأقرب إليه - بواقعيته - من الديني الذي يشتغل على المثالي في غالب أحواله. ويكون الأمر أكثر إشكالاً، عندما نعرف أن كثيراً من المحرمات بواسطة قاعدة سد الذرائع، إنما حرمت لغلبة الظن أنها تؤدي إلى محرم. أي أن التحريم بكل صرامته المرتبطة بالإلهي قام على أمر ظني، على الأقل في مستوى الضرر المقدر. وهذا الظني - أيضاً - هو ظن لا يتفق عليه الجميع، بل هو ظن خاص بالفاعل الديني الذي أصدر الحكم، خاصة، وأنه لا يخلو أمر من أمور الحياة العامة من جوانب سلبية. لكن يختلف الجميع في تقدير مستوياتها. فهل نرضى أن تصبح أحكامنا المقدسة في مهب الظنون البشرية التي لا تستقر على حال؟!. بقي أمر هام. وهو أن الفاعل الديني يستشهد لهذه القاعدة بعدد من الشواهد، أو الأدلة، مثل: نهى الله - عز وجل - عن سب آلهة المشركين؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يسبوا الله. مثل: منع الصلاة عند شروق الشمس وغروبها. ومثل: تحريم الخلوة بالأجنبية.. إلخ هذه الشواهد. وليس محل النزاع فيما ورد تحريمه بالنص الشرعي، وقامت الشريعة - وليس الفاعل الديني - بسد الذريعة إليه؛ لأن الفاعل الديني إذا مارس هذا الدور فقد مارس التشريع. وهذا ليس من حقه، بل هو حق خاص بالله - عز وجل -. الذي حرّم في هذه الشواهد هو الله - عز وجل -. ومن ثمَّ يمكن تقسيم سد الذرائع إلى: شرعية (وهي ما نص عليها الشرع)، وغير شرعية (وهي من ظنون الفاعل الديني، وغير منصوص عليها شرعاً). الخلوة - مثلاً - ذريعة إلى الخطيئة، كما في النص الشرعي. والذي حكم بأنها ذريعة ليس أنا أو أنت - بصرف النظر من تكون -، بل هو الذي يمتلك حق تحديد الذرائع والتحريم. لا يمكن أن يأتي أحد - قياساً على تحريم الخلوة - فيحرم - مثلاً - مشاركة المرأة في بناء المجتمع المدني، تحت ذريعة الاختلاط، بدعوى أن الاختلاط ذريعة إلى محرم. هذا ليس من حق أي أحد، لأن الذريعة لا يحددها إلا الله - عز وجل - وهو الأعلم بمستويات الضرر، وهل يرقى هذا الضرر إلى درجة التحريم، فحكمه يقيني، وأحكامنا - الاجتهادية - ظنية. ولو كان الاختلاط (المشاركة في العمل المدني، دون خلوة) ذريعة إلى الحرام؛ لكان الشرع قد نص عليها كما نص على تحريم الخلوة. وقس على ذلك كثيراً من الاجتهادات الخاصة التي راجت، بسبب ذهنية التحريم المسيطرة على وعينا الثقافي التقليدي. آخر تعديل عطر الجنة يوم
12-22-2020 في 01:15 AM. |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 3 : | |
, , |
|
|