منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع القران الكريم وعلومه (https://hwazen.com/vb/f28.html)
-   -   تفسير سورة النساء للسعدي (https://hwazen.com/vb/t20961.html)

ام عبدالله وامنه 02-20-2021 02:37 PM

Re: تفسير سورة النساء للسعدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
[‏22‏]‏ ‏{‏وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا‏}‏

أي‏:‏ لا تتزوجوا من النساء ما تزوجهن آباؤكم أي‏:‏ الأب وإن علا‏.‏ ‏{‏إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً‏}‏ أي‏:‏ أمرا قبيحا يفحش ويعظم قبحه ‏{‏وَمَقْتًا‏}‏ من الله لكم ومن الخلق بل يمقت بسبب ذلك الابن أباه والأب ابنه، مع الأمر ببره‏.‏

‏{‏وَسَاءَ سَبِيلًا‏}‏ أي‏:‏ بئس الطريق طريقا لمن سلكه لأن هذا من عوائد الجاهلية، التي جاء الإسلام بالتنزه عنها والبراءة منها‏.‏

[‏23 ـ 24‏]‏ ‏{‏حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا‏}‏

هذه الآيات الكريمات مشتملات على المحرمات بالنسب، والمحرمات بالرضاع، والمحرمات بالصهر، والمحرمات بالجمع، وعلى المحللات من النساء‏.‏ فأما المحرمات في النسب فهن السبع اللاتي ذكرهن الله‏.‏

الأم يدخل فيها كل من لها عليك ولادة، وإن بعدت، ويدخل في البنت كل من لك عليها ولادة، والأخوات الشقيقات، أو لأب أو لأم‏.‏ والعمة‏:‏ كل أخت لأبيك أو لجدك وإن علا‏.‏

والخالة‏:‏ كل أخت لأمك، أو جدتك وإن علت وارثة أم لا‏.‏ وبنات الأخ وبنات الأخت أي‏:‏ وإن نزلت‏.‏

فهؤلاء هن المحرمات من النسب بإجماع العلماء كما هو نص الآية الكريمة وما عداهن فيدخل في قوله‏:‏ ‏{‏وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ‏}‏ وذلك كبنت العمة والعم وبنت الخال والخالة‏.‏

وأما المحرمات بالرضاع فقد ذكر الله منهن الأم والأخت‏.‏ وفي ذلك تحريم الأم مع أن اللبن ليس لها، إنما هو لصاحب اللبن، دل بتنبيهه على أن صاحب اللبن يكون أبا للمرتضع فإذا ثبتت الأبوة والأمومة ثبت ما هو فرع عنهما كإخوتهما وأصولهم وفروعهم وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب‏)‏ فينتشر التحريم من جهة المرضعة ومن له اللبن كما ينتشر في الأقارب، وفي الطفل المرتضع إلى ذريته فقط‏.‏ لكن بشرط أن يكون الرضاع خمس رضعات في الحولين كما بينت السنة‏.‏
الاسئلة :
١_اذكري المحرمات بالنسب والمحرمات بالرضاع
؟

ام عبدالله وامنه 03-16-2021 03:01 PM

Re: تفسير سورة النساء للسعدي
 
يتبع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته..
25‏]‏ ‏{‏وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏

ثم قال تعالى ‏{‏وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا‏}‏ الآية‏.‏

أي‏:‏ ومن لم يستطع الطول الذي هو المهر لنكاح المحصنات أي‏:‏ الحرائر المؤمنات وخاف على نفسه العَنَت أي‏:‏ الزنا والمشقة الكثيرة، فيجوز له نكاح الإماء المملوكات المؤمنات‏.‏ وهذا بحسب ما يظهر، وإلا فالله أعلم بالمؤمن الصادق من غيره، فأمور الدنيا مبنية على ظواهر الأمور، وأحكام الآخرة مبنية على ما في البواطن‏.‏

‏{‏فَانْكِحُوهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ المملوكات ‏{‏بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ‏}‏ أي‏:‏ سيدهن واحدًا أو متعددًا‏.‏

‏{‏وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏ أي‏:‏ ولو كن إماء، فإنه كما يجب المهر للحرة فكذلك يجب للأمة‏.‏ ولكن لا يجوز نكاح الإماء إلا إذا كن ‏{‏مُحْصَنَاتٍ‏}‏ أي‏:‏ عفيفات عن الزنا ‏{‏غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ‏}‏ أي‏:‏ زانيات علانية‏.‏ ‏{‏وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ‏}‏ أي‏:‏ أخلاء في السر‏.‏

فالحاصل أنه لا يجوز للحر المسلم نكاح أمة إلا بأربعة شروط ذكرها الله‏:‏ الإيمان بهن والعفة ظاهرا وباطنا، وعدم استطاعة طول الحرة، وخوف العنت، فإذا تمت هذه الشروط جاز له نكاحهن‏.‏

ومع هذا فالصبر عن نكاحهن أفضل لما فيه من تعريض الأولاد للرق، ولما فيه من الدناءة والعيب‏.‏ وهذا إذا أمكن الصبر، فإن لم يمكن الصبر عن المحرم إلا بنكاحهن وجب ذلك‏.‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏وقوله‏:‏ ‏{‏فَإِذَا أُحْصِنَّ‏}‏ أي‏:‏ تزوجن أو أسلمن أي‏:‏ الإماء ‏{‏فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ‏}‏ أي‏:‏ الحرائر ‏{‏مِنَ الْعَذَابِ‏}‏‏.‏

وذلك الذي يمكن تنصيفه وهو‏:‏ الجَلد فيكون عليهن خمسون جَلدة‏.‏ وأما الرجم فليس على الإماء رجم لأنه لا يتنصف، فعلى القول الأول إذا لم يتزوجن فليس عليهن حد، إنما عليهن تعزير يردعهن عن فعل الفاحشة‏.‏

وعلى القول الثاني‏:‏ إن الإماء غير المسلمات، إذا فعلن فاحشة أيضًا عزرن‏.‏

وختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين ‏"‏الغفور والرحيم‏"‏ لكون هذه الأحكام رحمةً بالعباد وكرمًا وإحسانًا إليهم فلم يضيق عليهم، بل وسع غاية السعة‏.‏

ولعل في ذكر المغفرة بعد ذكر الحد إشارة إلى أن الحدود كفارات، يغفر الله بها ذنوب عباده كما ورد بذلك الحديث‏.‏ وحكم العبد الذكر في الحد المذكور حكم الأمة لعدم الفارق بينهما‏.‏

الاسئلة
١_مامعني من لم يستطع منكم طولا.. ماهو الطول؟
2 _مامعنى محصنات.. غير مساحات.. العنت؟
pppopppo

ام عبدالله وامنه 03-16-2021 03:04 PM

Re: تفسير سورة النساء للسعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة...
[‏26 ـ 28‏]‏ ‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا‏}‏

يخبر تعالى بمنته العظيمة ومنحته الجسيمة، وحسن تربيته لعباده المؤمنين وسهولة دينه فقال‏:‏ ‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ جميع ما تحتاجون إلى بيانه من الحق والباطل، والحلال والحرام، ‏{‏وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ الذين أنعم الله عليهم من النبيين وأتباعهم، في سيرهم الحميدة، وأفعالهم السديدة، وشمائلهم الكاملة، وتوفيقهم التام‏.‏ فلذلك نفذ ما أراده، ووضح لكم وبين بيانا كما بين لمن قبلكم، وهداكم هداية عظيمة في العلم والعمل‏.‏

‏{‏وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ‏}‏ أي‏:‏ يلطف لكم في أحوالكم وما شرعه لكم حتى تمكنوا من الوقوف على ما حده الله، والاكتفاء بما أحله فتقل ذنوبكم بسبب ما يسر الله عليكم فهذا من توبته على عباده‏.‏

ومن توبته عليهم أنهم إذا أذنبوا فتح لهم أبواب الرحمة وأوزع قلوبهم الإنابة إليه، والتذلل بين يديه ثم يتوب عليهم بقبول ما وفقهم له‏.‏ فله الحمد والشكر على ذلك‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ كامل الحكمة، فمن علمه أن علمكم ما لم تكونوا تعلمون، ومنها هذه الأشياء والحدود‏.‏ ومن حكمته أنه يتوب على من اقتضت حكمته ورحمته التوبة عليه، ويخذل من اقتضت حكمته وعدله من لا يصلح للتوبة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ‏}‏ أي‏:‏ توبة تلم شعثكم، وتجمع متفرقكم، وتقرب بعيدكم‏.‏

‏{‏وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ‏}‏ أي‏:‏ يميلون معها حيث مالت ويقدمونها على ما فيه رضا محبوبهم، ويعبدون أهواءهم، من أصناف الكفرة والعاصين، المقدمين لأهوائهم على طاعة ربهم، فهؤلاء يريدون ‏{‏أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا‏}‏ أي‏:‏ ‏[‏أن‏]‏ تنحرفوا عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم والضالين.

يريدون أن يصرفوكم عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، وعن التزام حدود من السعادة كلها في امتثال أوامره، إلى مَنْ الشقاوةُ كلها في اتباعه‏.‏ فإذا عرفتم أن الله تعالى يأمركم بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم، وأن هؤلاء المتبعين لشهواتهم يأمرونكم بما فيه غاية الخسار والشقاء، فاختاروا لأنفسكم أوْلى الداعيين، وتخيّروا أحسن الطريقتين‏.‏

‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ‏}‏ أي‏:‏ بسهولة ما أمركم به و ‏[‏ما‏]‏ نهاكم عنه، ثم مع حصول المشقة في بعض الشرائع أباح لكم ما تقتضيه حاجتكم، كالميتة والدم ونحوهما للمضطر، وكتزوج الأمة للحر بتلك الشروط السابقة‏.‏ وذلك لرحمته التامة وإحسانه الشامل، وعلمه وحكمته بضعف الإنسان من جميع الوجوه، ضعف البنية، وضعف الإرادة، وضعف العزيمة، وضعف الإيمان، وضعف الصبر، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه، ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره وقوته‏.‏

الاسئلة :
مامعنى ( ويتوب عليكم)؟
و
( والله عليم حكيم )؟
و
( يريد الله أن يخفف عنكم )؟
pppopppo

ام عبدالله وامنه 03-16-2021 03:07 PM

Re: تفسير سورة النساء للسعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
29 ـ 30‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا‏}‏

ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات، وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة‏.‏ بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف، لأن هذا من الباطل وليس من الحق‏.‏

ثم إنه ـ لما حرم أكلها بالباطل ـ أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره‏.‏

‏{‏وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ لا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه‏.‏ ويدخل في ذلك الإلقاءُ بالنفس إلى التهلكة، وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك ‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا‏}‏ ومن رحمته أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود‏.‏

وتأمل هذا الإيجاز والجمع في قوله‏:‏ ‏{‏لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ‏}‏ ‏{‏وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏}‏ كيف شمل أموال غيرك ومال نفسك وقتل نفسك وقتل غيرك بعبارة أخصر من قوله‏:‏ ‏"‏لا يأكل بعضكم مال بعض‏"‏ و ‏"‏لا يقتل بعضكم بعضًا‏"‏ مع قصور هذه العبارة على مال الغير ونفس الغير فقط‏.‏

مع أن إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين فيه دلالة على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية‏.‏

ولما نهى عن أكل الأموال بالباطل التي فيها غاية الضرر عليهم، على الآكل، ومن أخذ ماله، أباح لهم ما فيه مصلحتهم من أنواع المكاسب والتجارات، وأنواع الحرف والإجارات، فقال‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ‏}‏ أي‏:‏ فإنها مباحة لكم‏.‏

وشرط التراضي ـ مع كونها تجارة ـ لدلالة أنه يشترط أن يكون العقد غير عقد ربا لأن الربا ليس من التجارة، بل مخالف لمقصودها، وأنه لا بد أن يرضى كل من المتعاقدين ويأتي به اختيارًا‏.‏

ومن تمام الرضا أن يكون المعقود عليه معلومًا، لأنه إذا لم يكن كذلك لا يتصور الرضا مقدورًا على تسليمه، لأن غير المقدور عليه شبيه ببيع القمار، فبيع الغرر بجميع أنواعه خال من الرضا فلا ينفذ عقده‏.‏

وفيها أنه تنعقد العقود بما دل عليها من قول أو فعل، لأن الله شرط الرضا فبأي طريق حصل الرضا انعقد به العقد‏.‏ ثم ختم الآية بقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا‏}‏ ومن رحمته أن عصم دماءكم وأموالكم وصانها ونهاكم عن انتهاكها‏.‏

‏[‏30‏]‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ‏}‏ أي‏:‏ أكل الأموال بالباطل وقتل النفوس ‏{‏عُدْوَانًا وَظُلْمًا‏}‏ أي‏:‏ لا جهلا ونسيانا ‏{‏فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا‏}‏ أي‏:‏ عظيمة كما يفيده التنكير ‏{‏وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا‏}‏

‏[‏31‏]‏ ‏{‏إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا‏}‏

وهذا من فضل الله وإحسانه على عباده المؤمنين وعدهم أنهم إذا اجتنبوا كبائر المنهيات غفر لهم جميع الذنوب والسيئات وأدخلهم مدخلا كريما كثير الخير وهو الجنة المشتملة على ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر‏.‏

ويدخل في اجتناب الكبائر فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا كبيرة، كالصلوات الخمس، والجمعة، وصوم رمضان، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما ما اجتنبت الكبائر‏)‏‏.‏

وأحسن ما حُدت به الكبائر، أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو نفي إيمان، أو ترتيب لعنة، أو غضب عليه‏.‏
الاسئلة
١_ماالمقصود بقوله (ولا تقتلوا أنفسكم)؟
2_ ا؛شرحي قول الله تعالى (ان الله كان بكم رحيما)

pppopppo

ام عبدالله وامنه 03-16-2021 03:10 PM

Re: تفسير سورة النساء للسعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
29 ـ 30‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا‏}‏

ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات، وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة‏.‏ بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف، لأن هذا من الباطل وليس من الحق‏.‏

ثم إنه ـ لما حرم أكلها بالباطل ـ أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره‏.‏

‏{‏وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ لا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه‏.‏ ويدخل في ذلك الإلقاءُ بالنفس إلى التهلكة، وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك ‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا‏}‏ ومن رحمته أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود‏.‏

وتأمل هذا الإيجاز والجمع في قوله‏:‏ ‏{‏لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ‏}‏ ‏{‏وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏}‏ كيف شمل أموال غيرك ومال نفسك وقتل نفسك وقتل غيرك بعبارة أخصر من قوله‏:‏ ‏"‏لا يأكل بعضكم مال بعض‏"‏ و ‏"‏لا يقتل بعضكم بعضًا‏"‏ مع قصور هذه العبارة على مال الغير ونفس الغير فقط‏.‏

مع أن إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين فيه دلالة على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية‏.‏

ولما نهى عن أكل الأموال بالباطل التي فيها غاية الضرر عليهم، على الآكل، ومن أخذ ماله، أباح لهم ما فيه مصلحتهم من أنواع المكاسب والتجارات، وأنواع الحرف والإجارات، فقال‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ‏}‏ أي‏:‏ فإنها مباحة لكم‏.‏

وشرط التراضي ـ مع كونها تجارة ـ لدلالة أنه يشترط أن يكون العقد غير عقد ربا لأن الربا ليس من التجارة، بل مخالف لمقصودها، وأنه لا بد أن يرضى كل من المتعاقدين ويأتي به اختيارًا‏.‏

ومن تمام الرضا أن يكون المعقود عليه معلومًا، لأنه إذا لم يكن كذلك لا يتصور الرضا مقدورًا على تسليمه، لأن غير المقدور عليه شبيه ببيع القمار، فبيع الغرر بجميع أنواعه خال من الرضا فلا ينفذ عقده‏.‏

وفيها أنه تنعقد العقود بما دل عليها من قول أو فعل، لأن الله شرط الرضا فبأي طريق حصل الرضا انعقد به العقد‏.‏ ثم ختم الآية بقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا‏}‏ ومن رحمته أن عصم دماءكم وأموالكم وصانها ونهاكم عن انتهاكها‏.‏

‏[‏30‏]‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ‏}‏ أي‏:‏ أكل الأموال بالباطل وقتل النفوس ‏{‏عُدْوَانًا وَظُلْمًا‏}‏ أي‏:‏ لا جهلا ونسيانا ‏{‏فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا‏}‏ أي‏:‏ عظيمة كما يفيده التنكير ‏{‏وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا‏}‏

‏[‏31‏]‏ ‏{‏إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا‏}‏

وهذا من فضل الله وإحسانه على عباده المؤمنين وعدهم أنهم إذا اجتنبوا كبائر المنهيات غفر لهم جميع الذنوب والسيئات وأدخلهم مدخلا كريما كثير الخير وهو الجنة المشتملة على ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر‏.‏

ويدخل في اجتناب الكبائر فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا كبيرة، كالصلوات الخمس، والجمعة، وصوم رمضان، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما ما اجتنبت الكبائر‏)‏‏.‏

وأحسن ما حُدت به الكبائر، أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو نفي إيمان، أو ترتيب لعنة، أو غضب عليه‏.‏
الاسئلة
١_ماالمقصود بقوله (ولا تقتلوا أنفسكم)؟
2_ ا؛شرحي قول الله تعالى (ان الله كان بكم رحيما)
pppopppo

ام عبدالله وامنه 03-16-2021 03:12 PM

Re: تفسير سورة النساء للسعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة.. 32‏]‏ ‏{‏وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا‏}‏‏.‏

ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة‏.‏ فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها‏.‏ ولأنه يقتضي السخط على قدر الله والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب‏.‏ وإنما المحمود أمران‏:‏ أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه‏.‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا‏}‏ أي‏:‏ من أعمالهم المنتجة للمطلوب‏.‏ ‏{‏وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ‏}‏ فكل منهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه‏.‏ ‏{‏وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ أي‏:‏ من جميع مصالحكم في الدين والدنيا‏.‏ فهذا كمال العبد وعنوان سعادته لا من يترك العمل، أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمع بين الأمرين فإن هذا مخذول خاسر‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا‏}‏ فيعطي من يعلمه أهلا لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق‏
[‏33‏]‏ ‏{‏وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا‏}‏

أي‏:‏ ‏{‏وَلِكُلٍّ‏}‏ من الناس ‏{‏جَعَلْنَا مَوَالِيَ‏}‏ أي‏:‏ يتولونه ويتولاهم بالتعزز والنصرة والمعاونة على الأمور‏.‏ ‏{‏مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ‏}‏ وهذا يشمل سائر الأقارب من الأصول والفروع والحواشي، هؤلاء الموالي من القرابة‏.‏

ثم ذكر نوعًا آخر من الموالي فقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ أي‏:‏ حالفتموهم بما عقدتم معهم من عقد المحالفة على النصرة والمساعدة والاشتراك بالأموال وغير ذلك‏.‏ وكل هذا من نعم الله على عباده، حيث كان الموالي يتعاونون بما لا يقدر عليه بعضهم مفردًا‏.‏

قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ آتوا الموالي نصيبهم الذي يجب القيام به من النصرة والمعاونة والمساعدة على غير معصية الله‏.‏ والميراث للأقارب الأدنين من الموالي‏.‏

‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا‏}‏ أي‏:‏ مطلعًا على كل شيء بعلمه لجميع الأمور، وبصره لحركات عباده، وسمعه لجميع أصواتهم‏.‏
الاسئلة
١.ماهو الحسد؟ وهل هناك حسد محمود؟
pppopppo

ام عبدالله وامنه 04-10-2021 02:36 PM

رد: تفسير سورة النساء للسعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة

[‏34‏]‏ ‏{‏الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا‏}‏

يخبر تعالى أن الرِّجَال ‏{‏قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ‏}‏ أي‏:‏ قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضًا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن، ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال‏:‏ ‏{‏بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ بسبب فضل الرجال على النساء وإفضالهم عليهن، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة‏:‏ من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع‏.‏ وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله‏.‏ وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء‏.‏

ولعل هذا سر قوله‏:‏ ‏{‏وَبِمَا أَنْفَقُوا‏}‏ وحذف المفعول ليدل على عموم النفقة‏.‏ فعلم من هذا كله أن الرجل كالوالي والسيد لامرأته، وهي عنده عانية أسيرة خادمة، فوظيفته أن يقوم بما استرعاه الله به‏.‏

ووظيفتها‏:‏ القيام بطاعة ربها وطاعة زوجها فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ‏}‏ أي‏:‏ مطيعات لله تعالى ‏{‏حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ‏}‏ أي‏:‏ مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب تحفظ بعلها بنفسها وماله، وذلك بحفظ الله لهن وتوفيقه لهن، لا من أنفسهن، فإن النفس أمارة بالسوء، ولكن من توكل على الله كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏{‏وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل، ‏{‏فَعِظُوهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة، والترهيب من معصيته، فإن انتهت فذلك المطلوب، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع، بأن لا يضاجعها، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم ‏{‏فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا‏}‏ أي‏:‏ فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر‏.‏

‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا‏}‏ أي‏:‏ له العلو المطلق بجميع الوجوه والاعتبارات، علو الذات وعلو القدر وعلو القهر الكبير الذي لا أكبر منه ولا أجل ولا أعظم، كبير الذات والصفات‏.‏

‏[‏35‏]‏ ‏{‏وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا‏}‏

أي‏:‏ وإن خفتم الشقاق بين الزوجين والمباعدة والمجانبة حتى يكون كل منهما في شق ‏{‏فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا‏}‏ أي‏:‏ رجلين مكلفين مسلمين عدلين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين، ويعرفان الجمع والتفريق‏.‏ وهذا مستفاد من لفظ ‏"‏الحكم‏"‏لأنه لا يصلح حكما إلا من اتصف بتلك الصفات‏.‏

فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب، فإن لم يستطع أحدهما ذلك، قنَّعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق، ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلا عنه‏.‏

فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح، فرقا بينهما‏.‏ ولا يشترط رضا الزوج، كما يدل عليه أن الله سماهما حكمين، والحكم يحكم ولو لم يرض المحكوم عليه، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا‏}‏ أي‏:‏ بسبب الرأي الميمون والكلام الذي يجذب القلوب ويؤلف بين القرينين‏.‏

‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا‏}‏ أي‏:‏ عالمًا بجميع الظواهر والبواطن، مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها‏.‏ فمن علمه وخبره أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة والشرائع الجميلة‏.‏

الاسئلة :
* مامعنى قوامة الرجال على النساء وماوظيفة المرأة... وكيف يتعامل الرجل مع المرأة الناشز؟

* مالعمل عند حصول الشقاق والتباعد بين الزوجين؟

ام عبدالله وامنه 04-10-2021 02:39 PM

رد: تفسير سورة النساء للسعدي
 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا نتابع القراءة في تفسير السعدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة..

[‏36 ـ 38‏]‏ ‏{‏وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شيئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا‏}‏

يأمر تعالى عباده بعبادته وحده لا شريك له، وهو الدخول تحت رق عبوديته، والانقياد لأوامره ونواهيه، محبة وذلا وإخلاصا له، في جميع العبادات الظاهرة والباطنة‏.‏

وينهى عن الشرك به شيئًا لا شركا أصغر ولا أكبر، لا ملكا ولا نبيا ولا وليا ولا غيرهم من المخلوقين الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، بل الواجب المتعين إخلاص العبادة لمن له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وله التدبير الكامل الذي لا يشركه ولا يعينه عليه أحد‏.‏ ثم بعد ما أمر بعبادته والقيام بحقه أمر بالقيام بحقوق العباد الأقرب فالأقرب‏.‏ فقال‏:‏ ‏{‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ أي‏:‏ أحسنوا إليهم بالقول الكريم والخطاب اللطيف والفعل الجميل بطاعة أمرهما واجتناب نهيهما والإنفاق عليهما وإكرام من له تعلق بهما وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا بهما‏.‏ وللإحسان ضدان، الإساءةُ وعدمُ الإحسان‏.‏ وكلاهما منهي عنه‏.‏

‏{‏وَبِذِي الْقُرْبَى‏}‏ أيضًا إحسانا، ويشمل ذلك جميع الأقارب، قربوا أو بعدوا، بأن يحسن إليهم بالقول والفعل، وأن لا يقطع برحمه بقوله أو فعله‏.‏

‏{‏وَالْيَتَامَى‏}‏ أي‏:‏ الذين فقدوا آباءهم وهم صغار، فلهم حق على المسلمين، سواء كانوا أقارب أو غيرهم بكفالتهم وبرهم وجبر خواطرهم وتأديبهم، وتربيتهم أحسن تربية في مصالح دينهم ودنياهم‏.‏

‏{‏وَالْمَسَاكِين‏}‏ وهم الذين أسكنتهم الحاجة والفقر، فلم يحصلوا على كفايتهم، ولا كفاية من يمونون، فأمر الله تعالى بالإحسان إليهم، بسد خلتهم وبدفع فاقتهم، والحض على ذلك، والقيام بما يمكن منه‏.‏

{‏وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى‏}‏ أي‏:‏ الجار القريب الذي له حقان حق الجوار وحق القرابة، فله على جاره حق وإحسان راجع إلى العرف‏.‏ ‏{‏و‏}‏ كذلك ‏{‏الْجَارِ الْجُنُبِ‏}‏ أي‏:‏ الذي ليس له قرابة‏.‏ وكلما كان الجار أقرب بابًا كان آكد حقًّا، فينبغي للجار أن يتعاهد جاره بالهدية والصدقة والدعوة واللطافة بالأقوال والأفعال وعدم أذيته بقول أو فعل‏.‏

‏{‏وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ‏}‏ قيل‏:‏ الرفيق في السفر، وقيل‏:‏ الزوجة، وقيل الصاحب مطلقا، ولعله أولى، فإنه يشمل الصاحب في الحضر والسفر ويشمل الزوجة‏.‏ فعلى الصاحب لصاحبه حق زائد على مجرد إسلامه، من مساعدته على أمور دينه ودنياه، والنصح له؛ والوفاء معه في اليسر والعسر، والمنشط والمكره، وأن يحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، وكلما زادت الصحبة تأكد الحق وزاد‏.‏

‏{‏وَابْنَ السَّبِيلِ‏}‏ وهو‏:‏ الغريب الذي احتاج في بلد الغربة أو لم يحتج، فله حق على المسلمين لشدة حاجته وكونه في غير وطنه بتبليغه إلى مقصوده أو بعض مقصوده ‏[‏وبإكرامه وتأنيسه‏]‏

‏{‏وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ ‏:‏ أي‏:‏ من الآدميين والبهائم بالقيام بكفايتهم وعدم تحميلهم ما يشق عليهم وإعانتهم على ما يتحملون، وتأديبهم لما فيه مصلحتهم‏.‏ فمن قام بهذه المأمورات فهو الخاضع لربه، المتواضع لعباد الله، المنقاد لأمر الله وشرعه، الذي يستحق الثواب الجزيل والثناء الجميل، ومن لم يقم بذلك فإنه عبد معرض عن ربه، غير منقاد لأوامره، ولا متواضع للخلق، بل هو متكبر على عباد الله معجب بنفسه فخور بقوله، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا‏}‏ أي‏:‏ معجبا بنفسه متكبرًا على الخلق ‏{‏فَخُورًا‏}‏ يثني على نفسه ويمدحها على وجه الفخر والبطر على عباد الله، فهؤلاء ما بهم من الاختيال والفخر يمنعهم من القيام بالحقوق‏.‏ ولهذا ذمهم بقوله‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يَبْخَلُونَ‏}‏ أي‏:‏ يمنعون ما عليهم من الحقوق الواجبة‏.‏ ‏{‏وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ‏}‏ بأقوالهم وأفعالهم ‏{‏وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ أي‏:‏ من العلم الذي يهتدي به الضالون ويسترشد به الجاهلون فيكتمونه عنهم، ويظهرون لهم من الباطل ما يحول بينهم وبين الحق‏.‏ فجمعوا بين البخل بالمال والبخل بالعلم، وبين السعي في خسارة أنفسهم وخسارة غيرهم، وهذه هي صفات الكافرين، فلهذا قال تعالى‏:

{‏وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا‏}‏ أي‏:‏ كما تكبروا على عباد الله ومنعوا حقوقه وتسببوا في منع غيرهم من البخل وعدم الاهتداء، أهانهم بالعذاب الأليم والخزي الدائم‏.‏ فعياذًا بك اللهم من كل سوء‏.‏

ثم أخبر عن النفقة الصادرة عن رياء وسمعة وعدم إيمان به فقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ‏}‏ أي‏:‏ ليروهم ويمدحوهم ويعظموهم ‏{‏وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ‏}‏ أي‏:‏ ليس إنفاقهم صادرا عن إخلاص وإيمان بالله ورجاء ثوابه‏.‏ أي‏:‏ فهذا من خطوات الشيطان وأعماله التي يدعو حزبه إليها ليكونوا من أصحاب السعير‏.‏ وصدرت منهم بسبب مقارنته لهم وأزهم إليها فلهذا قال‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا‏}‏ أي‏:‏ بئس المقارن والصاحب الذي يريد إهلاك من قارنه ويسعى فيه أشد السعي‏.‏

فكما أن من بخل بما آتاه الله، وكتم ما مَنَّ به الله عليه عاص آثم مخالف لربه، فكذلك من أنفق وتعبد لغير الله فإنه آثم عاص لربه مستوجب للعقوبة، لأن الله إنما أمر بطاعته وامتثال أمره على وجه الإخلاص، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏}‏ فهذا العمل المقبول الذي يستحق صاحبه المدح والثواب.
الاسئلة:
1_ فسري قوله تعالى (وبالوالدين إحسانا )؟

( وبذي القربى)

( واليتامى )

( والمساكين )


2_ماهو العمل الذي يستحق صاحبه المدح والثواب؟


pppopppo


الساعة الآن 06:52 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)