شعاع القصص الوعظية قصص تربوية هادفة للتائبين العائدين الى الله |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||
| |||||||||||
قصة جريج العابد ودعوة امه قصة جريج العابد ودعوة امه كان في الأمم السابقة أولياء صالحون ، وعباد زاهدون ، وكان جريج العابد أحد هؤلاء الصالحين الذين برأهم الله عز وجل ، وأظهر على أيديهم الكرامات ، بعد أن تربص به المفسدون ، وحاولوا إيقاعه في الفاحشة ، وتشويه سمعته بالباطل ، وقد قص علينا خبره - نبينا صل الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صل الله عليه وسلم- قال : لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ، عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج ، وكان جريج رجلا عابدا ، فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : أي رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات ، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته ، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها ، فقالت : إن شئتم لأفتننه لكم ، قال : فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته ، فأمكنته من نفسها ، فوقع عليها ، فحملت ، فلما ولدت قالت : هو من جريج ، فأتوه فاستنزلوه ، وهدموا صومعته ، وجعلوا يضربونه ، فقال : ما شأنكم ، قالوا : زنيت بهذه البغي فولدت منك ، فقال : أين الصبي ، فجاءوا به ، فقال : دعوني حتى أصلي ، فصلى ، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه ، وقال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال : فلان الراعي ، قال : فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب ، قال : لا ، أعيدوها من طين كما كانت ، ففعلوا ) . كان جريج في أول أمره تاجرا ، وكان يخسر مرة ويربح أخرى ، فقال : ما في هذه التجارة من خير ، لألتمسن تجارة هي خير من هذه التجارة ، فانقطع للعبادة والزهد ، واعتزل الناس ، واتخذ صومعة يترهب فيها ، وكانت أمه تأتي لزيارته بين الحين والحين ، فيطل عليها من شرفة في الصومعة فيكلمها ، فجاءته في يوم من الأيام وهو يصلي ، فنادته ، فتردد بين تلبية نداء أمه وبين إكمال صلاته ، فآثر إكمال الصلاة على إجابة نداء أمه ، ثم انصرفت وجاءته في اليوم الثاني والثالث ، فنادته وهو يصلي كما فعلت في اليوم الأول ، فاستمر في صلاته ولم يجبها ، فغضبت غضبا شديدا ، ودعت عليه بأن لا يميته الله حتى ينظر في وجوه الزانيات ، ولو دعت عليه أن يفتن لفتن - كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في رواية أخرى ، فاستجاب الله دعاء الأم ، وهيأ أسبابه ، وعرضه للبلاء . فقد تذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته وزهده ، فسمعت بذلك امرأة بغي يضرب الناس المثل بحسنها وجمالها ، فتعهدت لهم بإغوائه وفتنته ، فلما تعرضت له لم يأبه بها ، وأبى أن يكلمها ، ولم يعرها أي اهتمام ، فازدادت حنقا وغيظا ، حيث فشلت في ما ندبت نفسها له من فتنة ذلك العابد ، فعمدت إلى طريقة أخرى تشوه بها سمعته ، ودبرت له مكيدة عظيمة ، فرأت راعيا يأوي إلى صومعة جريج ، فباتت معه ، ومكنته من نفسها ، فزنى بها ، وحملت منه في تلك الليلة ، فلما ولدت ادعت بأن هذا الولد من جريج ، فتسامع الناس أن جريجا العابد قد زنى بهذه المرأة ، فخرجوا إليه ، وأمروه بأن ينزل من صومعته ، وهو مستمر في صلاته وتعبده ، فبدؤوا بهدم الصومعة بالفؤوس ، فلما رأى ذلك منهم نزل إليهم ، فجعلوا يضربونه ويشتمونه ويتهمونه بالرياء والنفاق ، ولما سألهم عن الجرم الذي اقترفه ، أخبروه باتهام البغي له بهذا الصبي ، وساقوه معهم ، وبينما هم في الطريق ، إذ مروا به قريبا من بيوت الزانيات ، فخرجن ينظرن إليه ، فلما رآهن تبسم ، ثم أمر بإحضار الصبي ، فلما جاءوا به طلب منهم أن يعطوه فرصة لكي يصلي ويلجأ إلى ربه ، ولما أتم صلاته جاء إلى الصبي ، فطعنه في بطنه بإصبعه ، وسأله والناس ينظرون ، فقال له : من أبوك ؟ فأنطق الله الصبي ، وتكلم بكلام يسمعه الجميع ويفهمه ، فقال : أبي فلان الراعي ، فعرف الناس أنهم قد أخطؤوا في حق هذا الرجل الصالح ، وأقبلوا عليه يقبلونه ويتمسحون به ، ثم أرادوا أن يكفروا عما وقع منهم تجاهه ، فعرضوا عليه أن يعيدوا بناء صومعته من ذهب ، فرفض وأصر أن تعاد من الطين كما كانت ، ولما سألوه عن السبب الذي أضحكه عندما مروا به على بيوت الزواني ، قال : ما ضحكت إلا من دعوة دعتها علي أمي . هذه هي قصة جريج كما رواتها لنا كتب السنة وهي قصة مليئة بالعبر والعظات تبين خطورة عقوق الوالدين وترك الاستجابة لأمرهما ، وأنه سبب لحلول المصائب على الإنسان ، وأن كل هذه المحن والابتلاءات التي تعرض لها ذلك العبد الصالح ، كانت بسبب عدم استجابته لنداء أمه كما تؤكد هذه القصة على ضرورة الصلة بالله ومعرفته في زمن الرخاء ، وأن يكون عند الإنسان رصيد من عمل صالح وبر وإحسان ، ينجيه الله به في زمن الشدائد والأزمات ، كما أنجى جريجا وبرأه من التهمة بسبب صلاحه وتقاه . وفيها كذلك بيان حال الصالحين والأولياء من عباد الله الذين لا تضطرب أفئدتهم عند المحن ، ولا تطيش عقولهم عند الفتن ، بل يلجؤون إلى من بيده مقاليد الأمور ، كما لجأ جريج إلى ربه وفزع إلى صلاته ، وكذلك كان نبينا - صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة . وهي تكشف لنا عن مواقف أهل الفساد والفجور من الصالحين والأخيار في كل زمان ومكان ، ومحاولتهم تشويه صورتهم ، وتلطيخ سمعتهم ، واستخدام أي وسيلة لإسقاطهم من أعين الناس وفقد الثقة فيهم ، وبالتالي الحيلولة دون وصول صوتهم ورسالتهم إلى الآخرين . فهؤلاء الساقطون في أوحال الرذيلة لا يطيقون حياة الطهر والعفاف ولا يهنأ لهم بال ، ولا يطيب لهم عيش إلا بأن يشاركهم الآخرون في غيهم وفسادهم ، بل ويستنكفون أن يكون في عباد الله من يستعلي على الشهوات ومتع الحياة الزائلة ، كما قال عثمان رضي الله عنه : " ودت الزانية لو زنى النساء كلهن " . كما أن هذه القصة تبين وقع المصيبة ، وعظم الفاجعة عند الناس ، عندما يفقدون ثقتهم فيمن اعتبروه محلا للأسوة والقدوة ، وعنوانا للصلاح والاستقامة ، ولذا تعامل أهل القرية مع جريج بذلك الأسلوب حين بلغتهم الفرية ، حتى هدموا صومعته وأهانوه وضربوه . مما يوجب على كل من تصدى للناس في تعليم أو إفتاء أو دعوة أن يكون محلا لهذه الثقة ، وعلى قدر المسؤولية ، فالخطأ منه ليس كالخطأ من غيره ، والناس يستنكرون منه ما لا يستنكرون من غيره ، لأنه محط أنظارهم ، ومهوى أفئدتهم . وقصة جريج تكشف عن جزء من مخططات الأعداء في استخدامهم لسلاح المرأة والشهوة ، لشغل الأمة وتضييع شبابها ، ووأد روح الغيرة والتدين ، وهو مخطط قديم وإن تنوعت وسائل الفتنة والإغراء ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم- : ( فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه أحمد . وانظر كيف كان مجرد النظر إلى وجوه الفاجرات والعاهرات يؤذي قلوب الأولياء والصالحين ، ويعتبرونه نوعا من البلاء والعقوبة ، فكان أقصى ما تدعو به المرأة على ولدها أن يرى وجوه المومسات كما فعلت أم جريج ، وقارنه بحال البعض في هذا العصر الذي انفتح الناس فيه على العالم عبر وسائل الاتصال الحديثة ، وعرضت المومسات صباح مساء عبر أجهزة التلفاز والقنوات الفضائية وشبكة الإنترنت ، فأصبحوا بمحض اختيارهم وطوع إرادتهم يتمتعون بالنظر الحرام ، لا إلى وجوه المومسات فقط ، بل إلى ما هو أعظم من ذلك !! ، ولا شك أن ذلك من العقوبات العامة التي تستوجب من المسلم أن يكون أشد حذرا على نفسه من الوقوع في فتنة النظر ، فضلا عن ارتكاب الفاحشة والعياذ بالله . وهكذا يظهر لنا أن الابتلاء فيه خير للعبد في دنياه وأخراه ، إذا صبر وأحسن واتقى الله في حال الشدة والرخاء فجريج كان بعد البلاء أفضل عند الله وعند الناس منه قبل الابتلاء . |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سؤال جريح ... | نوال | شعاع العـــام | 4 | 10-03-2017 02:06 AM |
العابد والمجنون | ام عبدالله وامنه | شعاع القصص الوعظية | 4 | 01-15-2017 11:00 PM |
قلب جديد لمن يريد | مريم مصطفى رفيق | شعاع العلوم الشرعية | 11 | 04-04-2015 02:38 AM |