شعاع العلوم الشرعية مقالات- ارشاد- توجيه- خواطر تهدف للدعوة الى الله- حملات دعوية و ثقافة إسلامية.... |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
المزاح بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعد :رب يسر وأعن وتقبل فالمزاح حال من أحوال البشر ، يستروحون به النفوس ، ويستعينون به على الجدِّ ، وقد قال الله تعالى : ( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ) [ النجم : 43 ] . والمباح من المزاح ما فيه تطييب النفوس واسترواحها ؛ فالنوادر رواحة ، وبها للمكدود استراحة ، لا سيما إذا أثقله عبءُ الجِدِّ ، وعاد باحتماله كليل الحدِّ ؛ وهي صادرة عن مزح قد رخص فيه ، ودعابة لم يخل منها كل شريف ونبيه ؛ ولا بأس بها ما لم تكن سفهًا ، ولا فيها إيذاء وخروج عن اللياقة في القول والفعل ، والله تعالى قد وعد في اللمم بالتجاوز والعفو ؛ فقال : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) [ لنجم : 32 ] . فالمزاح بما يَحْسُن مباح ، وقد مزح رسول الله ، ولم يقل إلا حقًًّا ؛ ومزح أصحابه qqqs ، ومن بعدهم من العلماء وأهل الفضل ، اتباعًا لرسولهم ، ولم يخرجوا عن حدِّ الأدب في مزاحهم ؛ وقد قيل : الناس في سجن ما لم يمازحوا . قال ابن قتيبة - رحمه الله : وكان الناس يأتسون برسول الله ، ويقتدون بهديه وشكله ، لقول الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [ الأحزاب : 21 ] ؛ فلو ترك رسول الله طريق الطلاقة والهشاشة والدماثة إلى القطوب والعبوس والزماتة أخذ الناس أنفسهم بذلك ، على ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء ؛ فمزح ليمزحوا ، ووقف على أصحاب الدركلة ( الحبشة ) وهم يلعبون ، فقال : " خُذُوا يَا بَنِي أَرْفِدَةَ ، لِيَعْلَمَ اليَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً " ( 1 ) ؛ يريد ما يكون في العرسات لإعلان النكاح ، وفي المآدب لإظهار السرور . وأما قوله : " ما أنا مِنْ دَدٍ ، وَلاَ الدَدُ مِنِّى " (2 ) ، فإن الدد اللهو والباطل ؛ وكان يمزح ولا يقول إلا حقًّا ، وإذا لم يقل في مزاحه إلا حقًّا ، لم يكن ذلك المزاح ددًا ولا باطلا ؛ قال لعجوز : " إنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا العُجُزُ " ، يريد أنهن يعدن شوابًا ؛ وقال لأخرى : " زُوجُكِ فِي عَيْنَيهِ بَيَاضٌ " ، يريد ما حول الحدقة من بياض العين ، فظنت هي أنه البياض الذي يغشى الحدقة ؛ واستدبر رجلا من ورائه ، وقال : " مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي الْعَبْدَ " يعني أنه عبد الله ؛ ودين الله يسر ، ليس فيه - بحمد الله ونعمته - حرج ... إلى أن قال : وقد درج الصالحون والخيار على أخلاق رسول الله في التبسم والطلاقة والمزاح بالكلام ، المجانب للقدع والشتم والكذب ؛ فكان عليqqqs يكثر الدعابة ، وكان ابن سيرين يضحك حتى يسيل لعابه ؛ وقال جرير في الفرزدق : لقد أصبحت عرس الفرزدق ناشزًا ... ولو رضيت رمح إسته لاستقرت وقال الفرزدق ، وتمثل به ابن سيرين نبئت أن فتاة كنت أخطبها ... عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول وسأله رجل عن هشام بن حسان ، فقال : توفي البارحة ، أما شعرت ؟ فجزع الرجل واسترجع ؛ فلما رأى جزعه ، قرأ : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ) [ الزمر : 42 ] ؛ وكان زيد بن ثابت من أزمت الناس إذا خرج ، وأفكههم في بيته ؛ وقال أبو الدرداء : إني لاستجم نفسي ببعض الباطل ، كراهة أن أحمل عليها من الحق ما يملها ؛ وكان شريح يمزح في مجلس الحكم ، وكان الشعبي من أفكه الناس ، وكان صهيب مزَّاحًا ؛ وكان أبو العالية مزَّاحًا .أسنانها مائة أو زدن واحدة ... وسائر الخلق منها بعد مبطول وكل هؤلاء إذا مزح لم يفحش ، ولم يشتم ، ولم يغتب ، ولم يكذب ، وإنما يذم من المزاح ما خالطته هذه الخلال أو بعضها .ا.هـ (3) . وكان أصحاب رسول الله يمزحون بحضرته ، وكذلك مَنْ بعدهم من التابعين والعلماء والأئمة كانوا يمزحون . قال أبو حاتم البستي في ( روضة العقلاء ) : الواجب على العاقل أن يستميل قلوب الناس إليه بالمزاح وترك التعبس ؛ والمزاح على ضربين : فمزاح محمود ، ومزاح مذموم ؛ فأما المزاح المحمود فهو الذي لا يشوبه ما كره الله ، ولا يكون بإثم ولا قطيعه رحم . وأما المزاح المذموم فالذي يثير العداوة ، ويذهب البهاء ، ويقطع الصداقه ، ويجريء الدنيء عليه ، ويحقد الشريف به ( 4) . وقد صنف العلماء في المزاح وما يتعلق به ، ومن أقدم من صنف في ذلك الزبير بن بكار - رحمه الله - في كتاب ( الفكاهة والمزاح ) ( 5) ، ومنهم ابن عبد البر - رحمه الله - في ( بهجة المجالس وأنس المجالس ) ، ومنهم الغزالي - رحمه الله - في ( الإحياء ) ، والماوردي - رحمه الله - في ( أدب الدنيا والدين ) , وللغزي الشافعي - رحمه الله - كتاب بعنوان : ( المراح في المزاح ) ، وغير هؤلاء كثير . وكتبه أفقر العباد إلى عفو رب البرية محمد بن محمود بن إبراهيم عطية 1 - رواية الإمام أحمد في قصة مشاهدة أم المؤمنين عائشة qqqs للعب الحبشة : إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ : " لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً ، إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ " ، رواها في المسند : 6 / 116 ، 233 . 2- رواه البخاري في الأدب المفرد ( 785 ) بلفظ : " لَسْتُ مِنْ دَدٍ ، وَلاَ دَدٌ مِنِّى " ، وصححه الألباني . 3- انظر ( تأويل مختلف الحديث ) ص 292 – 295 . 4- روضة العقلاء ص 77 . 5- ذكره ابن حجر في ( فتح الباري ) : 12/ 65 . آخر تعديل أم يعقوب يوم
11-02-2014 في 12:02 PM. |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 7 : | |
, , , , , , |
|
|