من فقه أسماء الله الحسنى الوارث http://im46.gulfup.com/tDpVN7.gif السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نكمل اخواتي دورتنا في فقه الاسماء الحسنى :- ( الوارث) وقد وَرد الاسم في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع كلها بصيغة الجمع ، وهي قوله تعالى :{ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ [الحجر : 23] .. وقوله تعالى :{ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء : 89].. وقوله تعالى :{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ [القصص : 58] _ومعنى (( الوارث )) ، أي : الباقي بعد فناء الخلق ، فكلُّ مَن سواه زائل ، وكلُّ مَن عداه فانٍ ، وهو جلَّ وعلا الحيُّ الذي لا يموت ، الباقي الذي لايزول ، إليه المرجع والمنتهى ، وإليه المآل والمصير ، يفني الملاك وأملاكهم ، ويرث تبارك الخلقَ أجمعين ؛ لأنه باقٍ وهم فانون ، ودائمٌ وهم زائلون .. _فقوله : { وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ } أي : نرث الأرض ومن عليها ، بأن نُميتَ جميعهم فلا يبقى حيٌّ سوانا إذا جاء ذلك الأجل ، إذ الجميع يفنى وكلٌّ يموت ، ويبقى الله وحده الحيّ الذي لايموت .. _وقال عزَّ وجلَّ : { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَن ْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [مريم : 40] ، وفي هذا تنبيهٌ لمن أَلْهَتْه الدنيا وشَغَلتْه عمَّا خُلِقَ لأجله وأُوجِد لتحقيقه ؛ أنّ الدنيا وما فيها من أولها إلى آخرها ستذهب عن أهلها ، ويذهبون عنها ، وسيرث الله عزَّ وجل الأرض ومن عليها ، ويُرجِعُهم إليه فيُجازيهم بما عملوا فيها .. _وفي موضع آخر مِنَ القرآن توعَّد سبحانه كفَّار قريش الذين مَنَّ الله عليهم بأنْ مكَّن لهم حَرَمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنه سبحانه ، وأبوا قبولَ دعوة الرسول ﷺ والإيمان بما جاء به ، توعدهم بما فَعلَه بالأمم الماضية حيث قال : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ [القصص : 58] أي : أنه سبحانه الوارث للعباد حيث يُميتُهم سبحانه ويرجع إليه جميع مامتعهم به من النعم ، ثم يعيدهم إليه ليجازي كلًّا منهم بعمله .. _وفي ذلك اليوم ينكشف للناس الغطاء ، وتذهبُ أوهامُ مَن تعلَّقت قلوبهم بالدنيا ، وظنوا أنهم باقون فيها ، وأن ملكهم فيها سيبقى ، وأنهم إلى الله لا يرجعون ، فيوقنون حينئذ بأن الملك لله الواحد القهار ، وأنه سبحانه الوارث لديارهم وأموالهم ، ولاينفعهم حينئذ تقطُّع قلوبهم حَسرات وامتلاؤُها بالنَّدَم والأَسَف .. _وكان آخر خطبة عمر بن عبدالعزيز أنْ حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : (( أمّا بعد ، فإنّكم لم تُخلقوا عبثًا ، ولن تُتركوا سُدى ، وإنّ لكم معادًا ينزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم ، فخاب وخسر مَنْ رحمة الله ، وحرم جنّة عرضها السموات والأرض ، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدًا إلا من حذر هذا اليوم وخافه ، وباع نافذاً بباق ، وقليلًا بكثير ، وخوفًا بأمان ، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين ، وسيكون من بعدكم الباقين حتى تُردّون إلى خير الوارثين ؟! .. ثم إنّكم في كلّ يوم تشيِّعون غاديًا ورائحًا إلى الله عزّ وجلّ ، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله ، حتّى تغيِّبوه في صدْع من الأرض ، في بطن صَدع غير ممهّد ولا مُوسّد ، قد فارق الأحباب وباشر التراب ، وواجه الحساب ، مرتَهن بعمله ، غني عمّا ترك ، فقير إلى ماقدّم .. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ، ونزول الموت بكم . ثم جعل طرف ردائه على وجهه ، فبكى وأبكى من حوله )) .. _وقد حثَّ الله عبادَه المؤمنين على النَّفقة في سبيله مِنَ المال الذي مَنَّ عليهم به ، وجعلهم مُستخلَفين فيه ، مُذكِّرًا لهم بأنه الوارثُ سبحانه ، قال تعالى :{ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد : 7] إلى أن قال :{ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ} [ الحديد :10 ] .. روى مسلم في (( صحيحه )) عن مُطرِّف ، عن أبيه عبدالله بن الشِّخِّير رضي الله عنه قال :(( أتيتُ النَّبيَّ ﷺ وهو يقرأ : {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ } ، قال : يقول ابنُ آدم : مالي ، مالي ، قال : وهل لك ياابنَ آدم مِن مَلِك إلَّا ماأكلت فأَنيتَ ، أو لبستَ فأبليتَ ، أو تصدَّقت فأمضيت َ)) .. _ثم إنَّ الله عز وجلّ هو المالك للسموات والأرض ، والمالك لكل شيء ، والأرض له سبحانه يورثها من يشاء من عباده .. قال تعالى :{ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف : 128] .. وقال تعالى : { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ } [الأعراف : 137] وقال تعالى :{ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الأحزاب : 27] .. والجنة دار كرامته يورثها من يشاء من عباده { جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا [ 61]لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا ۖ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا [ 62]تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا [مريم : 63] .. وقال تعالى :{ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف : 43].. وقال تعالى :{ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف : 72] .. _وكتابه عزَّ وجل هو الهداية والعزِّ والفلاح ، يورثه سبحانه من اصطفاهم لمنَّته واجتباهم لكرامته ، قال تعالى :{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر : 32] ،، فكلهم قد اصطفاهم الله لوراثة هذا الكتاب ، وإن تفاوتت مراتبهم ، وتمايزت أحوالهم ، فلكلٍّ منهم قسط ونصيب من وراثته .. _ثم إنَّ التوسُّل إلى الله بهذا الاسم داخل في عموم قوله :{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ [الأعراف : 180] .. ولا سيما بمراعاة المناسبة بين المطلوب والاسم المذكور كما في دعاء نبي الله زكريا عليه السلام ، قال تعالى { وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [ 89] فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء : 90] ،، وفي الآية الأخرى قال :{ فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا [ 5]يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا [مريم : 6] .. والإرث المذكور هنا إنما هو إرثُ علمٍ ونبوَّةٍ ودعوةٍ إلى الله عز وجلّ لا إرث مالٍ ، وقد توسَّل عليه السلام في هذا السياق باسم الله الوارث مراعاة لمناسبة المسألة والمطلوب .. وقد استجاب الله عزَّ وجل لدعاء نبيِّه زكريَّاعليه السلام ، فجعل امرأته ولودًا بعد أن كانت عقيمًا ، ورزقه ولدًا ذكرًا صالحًا سماه يحيى ، وجعله نبيا من الانبياء ، ورث النبوة مِن بعد أبيه .. ومثل هذا الإرث المبارك ماورد في قوله تعالى :{ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ } [ النمل : 16 ] .. أي : ورث سليمان أباه داود النبوة ، والأمر لله من قبل ومن بعد ، وهو المانُّ وحده ، وإليه المرجع والمآب ، وهو تبارك وتعالى خير الوارثين .. اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنابما علمتنا وزدنا معرفة بك يالله |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الوارث |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الوارث |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الوارث |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الوارث |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الوارث ماشاء الله تبارك الله ممتاز غاليه لاحرمتي الاجر |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الوارث |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الوارث |
الساعة الآن 06:43 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)