" والمرسلات عرفا " أقسم الله تعالى بالرياح حين تهب متتابعة يقفو بعضها بعضا, " فالعاصفات عصفا " وبالرياح الشديدة الهبوب المهلكة, " والناشرات نشرا " وبالملائكة الموكلين بالسحب يسوقونها حيث شاء الله, " فالفارقات فرقا " والملائكة التي تنزل من عند الله بما يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام " فالملقيات ذكرا " وبالملائكة التي تتلقى الوحي من عند الله يتنزل به على أنبيائه; " عذرا أو نذرا " إعذارا من الله إلى خلقه إنذارا منه إليهم ; لئلا يكون لهم حجة. " إنما توعدون لواقع " إن الذي توعدون به من أمر يوم القيامة وما فيه من حساب وجزاء لنازل بكم لا محالة " فإذا النجوم طمست " فإذا النجوم طمست وذهب ضياؤها, " وإذا السماء فرجت " وإذا السماء تصدعت, " وإذا الجبال نسفت " وإذا الجبال تطايرت وتناثرت وصارت هباء تزروه الرياح, " وإذا الرسل أقتت " وإذا الرسل عين لهم وقت وأجل للفصل بينهم وبين الأمم, " لأي يوم أجلت " يقال: لأي يوم عظيم أخرت الرسل؟ " ليوم الفصل " أخرت ليوم القضاء والفصل بين الخلائق. " وما أدراك ما يوم الفصل " وما أعلمك أيها الإنسان- أي شيء هو يوم الفصل وشدته وهوله؟ " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك عظيم في ذلك اليوم للمكذبين بهذا اليوم الموعود. " ألم نهلك الأولين " ألم نهلك السابقين من الأمم الماضية; بتكذيبهم للرسل كقوم نوح وعاد وثمود؟ " ثم نتبعهم الآخرين " ثم نلحق بهم المتأخرين ممن كانوا مثلهم في التكذيب والعصيان " كذلك نفعل بالمجرمين " مثل ذلك الإهلاك الفظيع نفعل بهؤلاء المجرمين من كفار " مكة " . لتكذيهم الرسول صلى الله عليه وسلم. " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يوم القيامة لكل مكذب بالتوحيد والنبوة والبعث والحساب. " ألم نخلقكم من ماء مهين " ألم نخلقكم- يا معشر الكفار- من ماء ضعيف حقير وهو النطفة, " فجعلناه في قرار مكين " فجعلنا هذا الماء في مكان حصين, وهو رحم المرأة, " إلى قدر معلوم " إلى وقت محدود ومعلوم عند الله تعالى؟ " فقدرنا فنعم القادرون " فقدرنا على خلقه وتصويره وإخراجه, فنعم القادرون نحن. " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بقدرتنا. " ألم نجعل الأرض كفاتا " ألم نجمل هذه الأرض التي تعيشون عليها, تضم على ظهرها أحياء لا يحصون, وفي بطنها أمواتا لا يحصرون, " وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا " وجعلنا فيها جبالا ثوابت عاليات لئلا تضطرب بكم, وأسقيناكم ماء عذبا سائغا؟ " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بهذه النعم. " انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون " يقال للكافرين يوم القيامة: صيروا إلى عذاب جهنم الذي كنتم به تكذبون في الدنيا, " انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " سيروا, فاستظلوا بدخان جهنم يتفرع منه ثلاث قطع, " لا ظليل ولا يغني من اللهب " لا يظل ذلك الظل من حر ذلك اليوم, ولا يدفع من حر اللهب شيئا. " إنها ترمي بشرر كالقصر " إن جهنم تقذف من النار بشرر عظيم, كل شرارة منه كلبناء المشيد في العظم والارتفاع. " كأنه جمالة صفر " كأن شرر جهنم المتطاير منها إبل سود يميل لونها إلى الصفرة. " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بوعيد الله. " هذا يوم لا ينطقون " هذا يوم القيمة الذي لا ينطقون فيه بكلام ينفعهم, " ولا يؤذن لهم فيعتذرون " ولا يكون لهم إذن في الكلام فيعتذرون لأنه لا عذر لهم. " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يومئذ للمكذبين بهذا اليوم وما فيه. " هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين " هذا يوم يفصل الله فيه بين الخلائق, ويتميز فيه الحق من الباطل, جمعناكم فيه يا معشر كفار هذه الأمة مع الكفار الأولين من الأمم الماضية, " فإن كان لكم كيد فكيدون " فإن كان لكم حيلة في الخلاص من العذاب فاحتالوا, وأنقذوا أنفسكم من بطش الله وانتقامه " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بيوم القيامة. " إن المتقين في ظلال وعيون " إن الذين خافوا ربهم في الدنيا, واتقوا عذابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه, هم يوم القيامة في ظلال الأشجار الوارفة وعيون الماء الجارية, " وفواكه مما يشتهون " وفواكه كثيرة مما تشتهيه أنفسهم يتنعمون. " كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون " يقال لهم: كلوا أكلا لذيذا, واشربوا شربا هنيئا, بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال. " إنا كذلك نجزي المحسنين " إنا بمثل ذلك الجزاء العظيم نجزي أهل الإحسان في أعمالهم وطاعتهم لنا. " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بنعيم الجنة. " كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون " يقال للكافرين: كلها من لذائذ الدنيا, واستمتعوا بشهواتها الفانية زمنا قليلا.
إنكم مجرمون بإشراككم بالله. " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يوم القيمة للمكذبين بيوم الحساب والجزاء. " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " وإذا قيل لهؤلاء المشركين: صلوا لله, واخشعوا له, لا يخشعون ولا يصلون, بل يصرون على استكبارهم. " ويل يومئذ للمكذبين " هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بآيات الله. " فبأي حديث بعده يؤمنون " فبأي كتاب وكلام بعد هذا القرآن المعجز الواضح يؤمنون إن لم يؤمنوا بالقرآن؟ |