شعاع الحديث الشريف و أصوله كل مايخص الحديث دروس وشرح وعلوم |
![]() |
![]() |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
| |||||||
![]() الصحيح, تعجيل الصدقة, صدقة صدقة الصحيح الشحيح بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد الحمد لله رب العالمين, حمداً يليق بعظمته وجلاله, وثناءً يليق بكبريائه وكماله. والصلاة والسلام على حادي المؤمنين إلى الصراط المستقيم؛ لينجيهم بإذن ربهم من عذاب الجحيم, ويحدوهم برحمة ربهم إلى جنات النعيم, صلاةً وسلاماً يفوح منهما شذا وعبير المصلين. وسلاماً على من كانوا نبراساً قد استضائوا بنور النبوة فأضاؤوا, واستهدوا بهدي القرآن فاهتدوا وأهدوا, وحُمِّلُوا الرسالة فحملو وأدوا. أما بعد: فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد أرشد أمته إلى خير الدنيا والآخرة, وهداهم لما فيه صلاح أمورهم في العاجلة والآجلة, وذلك في كافة المجالات, وعلى جميع المستويات, في معاشهم ومعادهم. فتشريعه خير تشريع, وذلك لأنه تشريع رباني خالص, لا تشوبه الأهواء البشرية, ولا النوازع الإنسانية, فالنبي –صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى, قال –جل ذكره-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. ([1]) ولذلك فعلينا أن نطبق ما أمر به النبي –صلى الله عليه وسلم- تطبيقاً حرفياً؛ لأنه وحي من الله –عز وجل-. ومن تلك المأمورات التي أمرنا بها النبي –صلى الله عليه وسلم- الصدقة: سواءً في ذلك الصدقة الواجبة أو المستحبة-. والصحابة –رضي الله عنهم أجمعين- كانوا حرصين أشد ما يكون الحرص على تنفيذ أوامر الله –جل ذكره-, وأوامر نبيه –عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم-, وكانوا يتسابقون في تحقيق أعلى وأسمى مراتب العبودية لله –تبارك وتعالى-, وأقصى مستويات الاتباع للنبي الكريم –عليه من الله أزكى التسليم-. فهاهو أبو هريرة –رضي الله عنه- يحكي لنا موقفاً يبرز ما ذكرته سابقاً, فيقول: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا، وَلِفُلاَنٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ». ([2]) مفردات الحديث: (وأنت صحيح شحيح) قال الخطابي الشح أعم من البخل وكأن الشح جنس والبخل نوع وأكثر ما يقال البخل في أفراد الأمور والشح عام كالوصف اللازم وما هو من قبل الطبع. والشُّح الْمَنْع مُطلقًا يعم منع المَال وَغَيره وَالْبخل بِالْمَالِ فَهُوَ نوع مِنْهُ. فمعنى الحديث أن الشح غالب في حال الصحة فإذا سمح فيها وتصدق كان أصدق في نيته وأعظم لأجره بخلاف من أشرف على الموت وأيس من الحياة ورأى مصير المال لغيره فإن صدقته حينئذ ناقصة بالنسبة إلى حالة الصحة والشح ورجاء البقاء وخوف الفقر. (وتأمل الغنى) بِضَم الْمِيم أي تطمع فيه. (حتى إذا بلغت الحلقوم) أي بلغت الروح والمراد قاربت بلوغ الحلقوم إذ لو بلغته حقيقة لم تصح وصيته ولا صدقته ولا شيء من تصرفاته باتفاق الفقهاء]. والحلقوم الْحلق. أَلا وَقد كَانَ لفُلَان قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بِهِ الْوَارِث وَقَالَ غَيره المُرَاد بِهِ سبق الْقَضَاء للْمُوصى بِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ الْأَظْهر وَقَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى أَنه خرج عَن تصرفه وَكَمَال ملكه واستقلاله بِمَا شَاءَ من التَّصَرُّف وَلَيْسَ لَهُ فِي وَصيته كَبِير ثَوَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَدَقَة الصَّحِيح الشحيح. ([3]) أي وقد صار المال الذي تتصرف فيه في هذه الحالة ثلثاه حقاً للوارث وأنت تتصدق بجميعه فكيف يقبل منك. وقال القسطلاني: أي وقد صار ما أوصى به للوارث فيبطله إن شاء إذا زاد على الثلث، أو أوصى به لوارث آخر. ([4]) ما يؤيد هذا الحديث من القرآن الكريم: ولما كانت السنة النبوية معضدة ومؤيدة للقرآن الكريم, فهي والقرآن مصدرا التشريع للأمة الإسلامية, آثرت أن اذكر بعض الآيات التي تؤدي نفس المعنى الذي أفاده الحديث الشريف؛ حتى يتضح المعنى ويجتلي, قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. ([5]) {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}. ([6]) {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. ([7]) الدروس المستفادة من الحديث الشريف: سأحاول جاهدة –إن شاء الله- أن استعرض –مع قصر باعي, وقلة زادي, وضحالة علمي-, بعضاً من الدروس المستفادة من هذا الحديث الشريف؛ فالسنة النبوية منبعاً لا ينضب, ومنهلاً لا ينفد من الهدي النبوي –على صاحبها أزكى الصلاة وأتم التسليم-: * استحباب السؤال عن أفضل العبادات, وعن أحسن أحوالها وأوقاتها. * استحباب المبادرة بفعل الخيرات, وكراهة التسويف في أمور الآخرة. * استغلال تلك الأيام القليلة التي نعيشها في هذه الدنيا أصحاء أغنياء, كما أرشدنا إلى ذلك نبينا الكريم فقد قال لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ. ([8]) * التزود من متاع الدنيا الفانية للآخرة الباقية, وذلك عن طريق إنفاق ما لدينا في الدنيا في سبيل الله –عز وجل-, قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. ([9]) وقد روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه ذبح شاة فتصدقت بها السيدة عائشة كلها, وأبقت للنبي –صلى الله عليه وسلم- الكتف لأنه كان يحبها, فعندما قالت له ذهبت الشاة وبقي الكتف, قال لها النبي –صلى الله عليه وسلم-: -فيما معناه- {بل ذهب الكتف وبقيت الشاة}. * تأدية حقوق الخلق قبل فوات الأوان, وقبل أن يأتي يوم القصاص {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}, ([10]) وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَأْتِي الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَأْتِي الغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا»، وَقَالَ: «وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى المَاءِ» قَالَ: " وَلاَ يَأْتِي أَحَدُكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُ، وَلاَ يَأْتِي بِبَعِيرٍ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: لاَ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُ". ([11]) وسأكتفي بما ذكرت حول هذا الحديث الشريف لضيق الوقت؛ وإلا: فإن الحديث عنه والدروس المستفادة منه لا ينضب ولا ينتهي؛ لأنه عن أعظم الخلق, وأفصح البشر, ومن أوتي جوامع الكلم –صلوات الله وسلامه عليه-. وَبِاللهِ حَوْلِى وَاعْتِصَامِي وَقُوَّتِى وَمَاليَ إِلاَّ سِتْرُهُ مُتَجَلِّلاَ فَيَا رَبِّ أَنْتَ اللهُ حَسْبي وَعُدَّنِي عَلَيْكَ اعْتِمَادِي ضَارِعاً مُتوكلا وَسَلِّمْ لِإِحْدَىا الْحُسْنَيَيْنِ إِصَابَةٌ وَالأُخْرَى اجْتِهادٌ رَامَ صَوْباً فَأَمْحَلاَ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. أرجو أن ينال هذا البحث القصير إعجاب أستاذتي الغالية. مع خالص تحياتي لأستاذتي الفاضلة الأستاذة هوازن الشريف محمد تلميذتك المخلصة ياسمين ([1]) [النجم: 3-4]. ([2]) أخرجه البخاري في الزكاة, باب فضل صدقة الصحيح الشحيح, برقم: 1419. ومسلم في الزكاة, باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح, برقم 1032. ([3])جلال الدين السيوطي, عبد الرحمن بن أبي بكر. الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج, دار ابن عفان للنشر والتوزيع - المملكة العربية السعودية - الخبر، الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م, ج: 3, ص: 112. ([4]) الرحماني المباركفوري, أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين. مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح, إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء - الجامعة السلفية - بنارس الهند, الطبعة الثالثة - 1404 هـ، 1984 م، ج: 6, ص: 291. ([5]) [البقرة: 254]. ([6]) [آل عمران:92]. ([7]) [المنافقون: 10-11]. ([8]) ابن المبارك, أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، التركي ثم المرْوزي. الزهد والرقائق, دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان, ص: 2. ([9]) [البقرة: 245]. ([10]) [الشعراء: 88-89]. ([11]) أخرجه البخاري في الزكاة, باب أثم مانع الزكاة, عن أبي هريرة -رضي الله عنه-, برقم: 1402. ومسلم في الزكاة, باب إثم مانع الزكاة, برقم: 987. آخر تعديل أم يعقوب يوم
02-19-2015 في 02:20 PM. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الصحيح, تعجيل الصدقة, صدقة |
![]() | |
, , , , , |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الحديث الصحيح وشروطه-للشيخ علي حسن الحلبي-حفظه الله- | أم انس السلفية | شعاع الحديث الشريف و أصوله | 7 | 06-26-2014 02:52 AM |
الصوم الصحيح | إسمهان الجادوي | مواضيع تخص رمضان | 2 | 06-21-2014 11:53 PM |
شرح حديث . يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير . شرح الحديث الصحيح .احاديث نبوية | هوازن الشريف | شعاع الحديث الشريف و أصوله | 6 | 06-08-2014 08:47 AM |
مدخل للمعتقد الصحيح | أم عبد الرحمن السلفيه | شعاع العلوم الشرعية | 2 | 04-02-2014 09:26 PM |
كتاب المنهج الصحيح | إسمهان الجادوي | مكتبة العقيدة والفقه الإسلامي | 1 | 08-13-2013 01:13 PM |