[INDENT][FONT=Traditial Arabic][SIZE=5]لقد اهتم خلْقٌ كثير بمظاهر أجسادهم , وأهملوا نفوسهم ؛ مع أن
النفس أولى بالاهتمام، والروح أولى بالرعاية، والقلب أولى بالعناية فكم من ساتر لعورة جسمه مظهر لعورة نفسه ؛ وما أجود ما قيل :[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE][CENTER][CENTER][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]يا خادم الجسـم كم تشقى بخدمته أتطلب الربـح مما فيه خسران[/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]أقبل على
النفس واستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان[/FONT][/SIZE][/CENTER]
[/CENTER]
[SIZE=5][FONT=Traditial Arabic] وهذه دعوة للتأمل في ماهية لباس
النفس ، ليستر الإنسان عورات داخله كما يستر عورات ظاهره ، إن الله تعالى يقول: [/FONT][FONT=AGA Arabesque][FONT=AGA Arabesque]][/FONT][/FONT][FONT=Traditial Arabic] يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [/FONT][FONT=AGA Arabesque][FONT=AGA Arabesque][[/FONT][/FONT][FONT=Traditial Arabic] [ الأعراف : 26 ] [/FONT][FONT=Traditial Arabic][/FONT]
[FONT=Traditial Arabic] ففي هذه الآية امتن الله تعالى على عباده باللباس الذي يواري العورات الظاهرة ، ثم بين أن التقوى خير لباس ، فكما أن للجسم عورات يجب أن توارى بلباس ، فكذلك للنفس عورات يجب أن توارى بلباس ؛ وأخبرنا الله تعالى أن التقوى هي لباس
النفس ، وما أحسن ما قيل : [/FONT]
[/SIZE][CENTER][CENTER][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى تقلب عريانًا وإن كان كاسيا[/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]وخـير لباس المرء طاعـة ربه ولا خير فيمن كان لله عاصيا[/FONT][/SIZE][/CENTER]
[/CENTER]
[SIZE=5][FONT=Traditial Arabic] وعن كنه هذا اللباس وماهيته يقول ابن عباس [/FONT]qqqs[FONT=Traditial Arabic]: لباس التقوى هو العمل الصالح ؛ وقال عثمان بن عفان وابن عباس [/FONT]qqqs[FONT=Traditial Arabic] : السمت الحسن ؛ وقال قتادة والسدي وابن جريج : لباس التقوى : الإيمان ؛ وقال بعضهم: لباس التقوى :
الحياء 1 ؛ والكل متلازم ، فالتقوى تقتضي العمل الصالح ، والسمت الحسن ، وأصلها الإيمان ، والحياء شعبة من الإيمان ، وداعٍ للالتزام بكل ما سبق ؛ وهذا الذي يسميه أهل التفسير : التفسير بالمثال [/FONT]
[FONT=Traditial Arabic] وعلى ذلك فلباس التقوى لا يتم إلا بمحاسن الأخلاق ، وقد قال الرسول الأعظم [/FONT][FONT=Traditial Arabic] صلى الله عليه وسلم" إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاقِ " 2، وقال [/FONT][FONT=Traditial Arabic]" إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ " 3 , وقال" أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا "الحديث 4 ؛ والأحاديث في ذلك كثيرة [/FONT]
[FONT=Traditial Arabic] فليست الأخلاق من مواد الترف التي يمكن الاستغناء عنها، بل هي أصول الحياة التي يرتضيها الدين ويحترم ذويها ؛ كما قال الشيخ الغزالي - رحمه الله [/FONT]
[FONT=Traditial Arabic] وإذا تفحص الأخلاق متأمل وجد أن
الحياء أصل لجل هذه الأخلاق إن لم يكن لجميعها ، ومن هنا قال رسول الله [/FONT][/SIZE][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]صلى الله عليه وسلم[/FONT][/SIZE]" إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ " 5 ، بل جعل النبي [/FONT][FONT=Traditial Arabic]الحياء والإيمان قرينين ، فإذا ذهب أحدهما ذهب الآخر ؛ فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنها – يرفعه : "
الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر " 6 ، فهما قرينان لا ينفصلان , فإما أن يبقيا جميعا أو يذهبا جميعا ؛ ذلك لأن
الحياء يحث صاحبه على الفضائل ويمنعه عن الرذائل ، وأنه كما قال [/FONT][/SIZE][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]صلى الله عليه وسلم[/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=Traditial Arabic]" الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ " أَوْ " الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ "، وفي رواية: " الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إلا بِخَيْرٍ " متفق عليه من حديث عمران بن حصين [/FONT][FONT=Traditial ArabicΩ [/FONT][FONT=Traditial Arabic] [/FONT]
[FONT=Traditial Arabic] هذا، وإنك – أيها القارئ – إذا أرجعت ما تراه بين الناس من سوء خلق وجهر بمعصية وترك للطاعات وفعل للمنكرات إلى قلة
الحياء أو انعدامه ، فما أبعدت ؛ فقد قال [/FONT][/SIZE][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]صلى الله عليه وسلم[/FONT][/SIZE]" إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ " رواه البخاري عن أبي مسعود البدري [/FONT][FONT=Traditial ArabicΪ[/FONT][FONT=Traditial Arabic] [/FONT]
[FONT=Traditial Arabic] قال الماوردي - رحمه الله : اعلم – رحمك الله – أن الخير والشر معان كامنة ، وتُعرف بسمات دالة ، كما قالت العرب : تخبر عن مجهوله مرآته ؛ وكما قال الشاعر : [/FONT]
[/SIZE][CENTER][CENTER][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]لا تسأل المرء عن خلائقه في وجهه شاهد من الخبر[/FONT][/SIZE][/CENTER]
[/CENTER]
[SIZE=5][FONT=Traditial Arabic] فسمة الخير : الدعة والحياء ، وسمة الشر : القحة والبذاء ، وكفى بالحياء خيرًا أن يكون على الخير دليلا ، وكفى بالقحة والبذاء شرًّا أن يكونا إلى الشر سبيلا ؛ وقد قال [/FONT][/SIZE][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]صلى الله عليه وسلم[/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=Traditial Arabic]" الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنْ الْإِيمَانِ ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ " 9 ؛ ويشبه أن يكون العي في معنى الصمت ، والبيان في معنى التشدق ، كما جاء في الحديث الآخر : " وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي فِي الْآخِرَةِ مَسَاوِيكُمْ أَخْلاقًا الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ " 10 وعن أبي هريرة [/FONT]qqqs[FONT=Traditial Arabic] أن رسول الله [/FONT][/SIZE][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]صلى الله عليه وسلم[/FONT][/SIZE] [IMG]http://hwazencom/
vb/data:image/pngbase64,iVBORw0KGgoAAAANSUhEUgAAAB4AAAAeCAMAAAAM7l6QAAAAgVBMVEX9/f3////8/Pz /v77 /v6 voAAADy8vKUlJTq6uqQkJD39/fY2Njl5eXS0tJ3d3fMzMzGxsabm5uqqqplZWWioqK0tLQYGBjf399qamq6urqCgoJZWVm/v79AQEAODg5MTEx/f38zMzNDQ0NycnIfHx9dXV1RUVEkJCQwMDAaGhr8Y6I6AAACPElEQVQokV1T2bakIAwkIDuigNIobm1vc/v/P3DwOj13zuSBcJJKhSWFEMIIEfTtMOIGU0wwOUMfwx/He8DF4RN/QshZXaJAalvCFf5D Q8KUEWlyzcJlFRHFv9wY0w0hTGlTmkJlgBFf7OluoJegR8xWA3PlCdeKNAPgnPrfCiRPMDyqtllLvUfo8R URMgdJX7xcUa1cD8Dz8l7XoNnD6 JAy9Vc8xzasAXZEDUdHKqZsnafPzPGYpmzmTtNTwfXgNJvH5qcDmYHz9ApjcHECJzMudKbS5r22MoxMi6GbduovrAnqGMeJSOw5GpWtn8kMZxphrLgpGj8rha0BoHngAzlagXuh4jy2HXgNXFw0xIprTKNX6bkdVehKuBKc3AzOLVcduyAakJ9ZYoeo0eDlYzuEe2n2E7X19odSkbZFgHPAYBs7rNfTXe6i1W/gtI2jYTpFpv4S681tFp axuwUgK7/84gj3HlJ8ZtZxUb SYfube5YbtrA3JwjES1xWZnsBz6Amu7CJdpGx6f2STiHNd7bsLemjVOAYWzdrH00w4FvIuQwQTVBaLSB5LW9507UrDEaObb Y8iEIktj3vqNGiY70vLdQX2PP21GWVyNVZXtnLutlfaymbujmwE9aGC hOiaNFPIm6K5vjYHtWpvIInBff2cPgKYBEUiXnflUaNidUI7g76gRDJhqM XOls8YIhyTjD/iKDo49nBYBUAOVvKfivDRg1JUlbU6RXNK4NQRIedaPKCPBH8DEWInG6Cpv5AAAAAASUVORK5CYII=[/IMG][/FONT][FONT=Traditial Arabic]قال: " الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ " 11 ؛ وقال بعض الحكماء: من كساه
الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه ؛ وقال بعض البلغاء : حياة الوجه بحيائه كما أن حياة الغرس بمائه ؛ وقال بعض البلغاء العلماء : يا عجبا ! كيف لا تستحي من كثرة ما لا تستحي ، وتتقي من طول مالا تتقي ؟![/FONT]
[FONT=Traditial Arabic] وقال صالح بن عبد القدوس : [/FONT]
[/SIZE][CENTER][CENTER][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]إذا قلَّ ماء الوجه قلَّ حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه[/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditial Arabic] حياؤك فاحفظه عليك وإنما يدل على فعل الكريم حياؤه 12 [/FONT][/SIZE][/CENTER]
[/CENTER]
[SIZE=5][FONT=Traditial Arabic] إن
الحياء هو الخلق الذي يميز هذه الأمة ، فهل ترجع الأمة إلى خلقها ؟ [/FONT]
[FONT=Traditial Arabic] اللهم ردَّنا إلى ديننا ردًّا جميلا آمين [/FONT]
[FONT=Traditial ArabicΣ- انظر لهذه الآثار تفسير ابن جرير: 8 / 149[/FONT]
[FONT=Traditial ArabicΤ – رواه أحمد: 2 / 381، والبخاري في الأدب المفرد 273، والحاكم 4221 عن أبي هريرة، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي وفي الموطأ: 2 / 904 1609 بلاغا " بعثت لأتمم حسن الأخلاق " [/FONT]
[FONT=Traditial ArabicΥ – رواه أحمد: 6 / 64، 90، واللفظ له، وأبو داود 4798، والحاكم 199 عن عائشة وصححه على شرطهما، وله شاهد عند الحاكم 200 عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه،وصححه على شرط مسلم [/FONT]
[FONT=Traditial ArabicΦ – رواه أحمد: 2 / 250، 272، والترمذي 1162 وصححه، والدارمي 2792[/FONT][FONT=Traditial Arabic]، [/FONT][FONT=Traditial Arabic]وابن[/FONT][FONT=Traditial Arabic]حبان[/FONT][FONT=Traditial Arabic𖴧[/FONT][FONT=Traditial Arabic]، [/FONT][FONT=Traditial Arabic]والحاكم[/FONT][FONT=Traditial ArabicΣ، 2 وصححه عن أبي هريرة ورواه أحمد: 6 / 47، 99، والترمذي 2612 وصححه عن عائشة رضي الله عنها [/FONT]
[FONT=Traditial ArabicΧ- رواه ابن ماجة 4181، وأبو يعلى 3573، والطبراني في الأوسط 1658 عن أنس، ورواه أبن ماجة 4182، وأبو نعيم في الحلية: 3 / 220، عن ابن عباس وحسنه الألباني في صحيح الجامع ج2 ص227؛ وله شاهد رواه مالك في الموطأ: 2 / 905 1610 عن زيد بن طلحة بن ركانة مرسلا [/FONT]
[FONT=Traditial ArabicΨ – رواه البخاري في الأدب المفرد 1313، أبو نعيم في الحلية: 4 / 297، والحاكم 58 وصححه على شرطيهما [/FONT]
[FONT=Traditial ArabicΩ- البخاري 6117، ومسلم 37[/FONT]
8[FONT=Traditial Arabic]- البخاري 6120، ورواه أبو داود 4797، وابن ماجة 4183[/FONT]
[FONT=Traditial ArabicΫ- رواه أحمد: 5 / 269، والترمذي 2027 وحسنه، والحاكم 17 وصححه على شرطهما، عن أبي أمامة [/FONT][/SIZE][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic][/FONT][FONT=Traditial Arabic] قال الترمذي : وَالْعِيُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ وَالْبَذَاءُ هُوَ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ ، وَالْبَيَانُ هُوَ كَثْرَةُ الْكَلَامِ ، مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْخُطَبَاءِ الَّذِينَ يَخْطُبُونَ فَيُوَسِّعُونَ فِي الْكَلَامِ وَيَتَفَصَّحُونَ فِيهِ مِنْ مَدْحِ النَّاسِ فِيمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ اهـ [/FONT]
[FONT=Traditial Arabic⑞- جزء من حديث صحيح رواه أحمد : 4 / 193، 194، وابن حبان 482 عن أبي ثعلبة الخشني ورواه الترمذي 2018 عن جابر [/FONT]
[FONT=Traditial Arabic⑟- رواه أحمد : 2 / 501 ، والترمذي 2009 وصححه ، وابن حبان 609 ، والحاكم 172 وصححه؛ ورواه ابن ماجة 4184 عن أبي بكرة [/FONT][/SIZE][SIZE=5][FONT=Traditial Arabic]
12-أدب الدنيا والدين ص240، 241 ، باختصار وتصرف [/FONT] [/SIZE][/INDENT][SIZE=5] كتبه
محمد محمود ابراهيم عطية[/SIZE]