07-24-2021
|
#31 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 6 | تاريخ التسجيل : May 2013 | العمر : 40 | أخر زيارة : منذ 16 ساعات (01:24 PM) | المشاركات : 16,402 [
+
] | التقييم : 43872 | الدولهـ | MMS ~ | SMS ~ | | لوني المفضل : Darkviolet | |
رد: الأمالي في لغة العرب للبغدادي ( فلا تيأسا واستغور الله إنه ** إذا الله سنى عقد أمر تيسرا )
استغوراه سلاه الغيرة وهي الميرة أي سلاه الرزق وأنشد يعقوب لنصيب في المفاناة
( تقيمه تارة وتقعده ** كما يفاني الشموس قائدها )
وأنشد في المصاداة لمزرد
( ظللنا نصادى أمنا عن حميتها ** كأهل الشموس كلهم يتودد )
وقال العجاج في المدالاة
( يكاد ينسل من التصدير ** على مدالاتي والتوقير )
وقرأت على أبي بكر في المراداة لطفيل الغنوي
( يرادى على فأس اللجام كأنما ** يرادى به مرقاة جذع مشذب )
وقال غير يعقوب راديته وداريته واحد وقرأنا على أبي بكر بن دريد للغنوي
( ظللنا معا جارين نحترس الثأى ** يسائرني من نطفة وأسائره )
وصف سبعا
نحترس الثأى أي كل واحد منا يخاف صاحبه أن يغدر به
والثأى الفساد وأصله في الخزز وهو أن تنخرم الخرزتان فتصيرا واحدة فيتسع الثقب فيفسد ثم جعل مثلا لكل فساد
ويسائرني من السؤر وهي البقية أي يرد قبلي فيشرب فيبقي لي وأرد قبله فأبقي له وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن العتبي عن أبيه عن هشام بن صالح عن سعيد قال حج عتبة سنة إحدى وأربعين والناس قريب عهدهم بفتنة فصلى بمكة الجمعة ثم قال أيها الناس أنا قد ولينا هذا المقام الذي يضاعف فيه للمحسن الأجر وعلى المسيء فيه الوزر ونحن على طريق ما قصدنا فلا تمدوا الأعناق إلى غيرنا فإنها تنقطع دوننا ورب ممتن حتفه في أمنيته فاقبلوا العافية ما قبلناها فيكم وقبلناها منكم وإياكم ولوا فانها أتعبت من كان قبلكم ولن تريح من بعدكم وأنا أسأل الله أن يعين كلا
على كل فصاح به أعرابي أيها الخليفة فقال لست به ولم تبعد فقال يا أخاه فقال سمعت فقل فقال تا لله إن تحسنوا وقد أسأنا خير من أن تسيؤا وقد أحسنا وإن كان الإحسان لكم دوننا فما أحقكم باستتمامه وإن كان منا فما أولاكم بمكافأتنا رجل من بني عامر بن صعصعة يلقاكم بالعمومة ويقرب إليكم بالخؤلة قد كثره العيال ووطئه الزمان وبه فقر وفيه أجر وعنده شكر فقال عتبة أستغفر الله منكم وأستعينه عليكم قد أمرنا لك بغناك فليت اسرا عنا إليك يقوم بابطائنا عنك وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا العكلي قال حدثنا أحمد بن محمد المزني قال قال أبو جهم بن حذيفة لمعاوية نحن عندك يا أمير المؤمنين كما قال عبد المسيح لإبن عبد كلال
( نميل على جوانبه كأنا ** نميل إذا نميل على أبينا )
( نقلبه لنخبر حالتيه ** فنخبر منهما كرما ولينا )
فأمر له بمائة ألف وحدثنا أبو بكر بن شقير النحوي في منزله في غلة صافي ونحن يومئذ نقرأ عليه كتب الواقدي في المغازي وكان يرويها عن أحمد بن عبيد عن الواقدي قال حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح قال كان أسيد بن عنقاء الفزاري ومن أكثر أهل زمانه وأشدهم عارضة ولسانا فطال عمره ونكبه دهره واختلت حالته فخرج عشية يتبقل لأهله فمر به عميلة الفزاري فسلم عليه وقال يا عم ما أصارك إلى ما أرى من حالك فقال بخل مثلك بماله وصوني وجهي عن مسألة الناس فقال والله لئن بقيت إلى غد لأغيرن ما أرى من حالك فرجع ابن عنقاء إلى أهله فأخبرها بما قال له عميلة فقالت له لقد غرك كلام غلام جنح ليل فكأنما ألقمت فاه حجرا فبات متململا بين رجاء ويأس فلما كان السحر سمع رغاء الإبل وثغاء الشاء وصهيل الخيل ولجب الأموال فقال ما هذا فقالوا هذا عميلة ساق إليك ماله قال فاستخرج ابن عنقاء ثم قسم ماله شطرين وساهمه عليه فأنشأ ابن عنقاء يقول
( رآني على ما بي عميلة فاشتكى ** إلى ماله حالى أسر كما جهر )
( دعاني فآساني ولو ضن لم ألم ** على حين لا بد ويرجى ولا حضر )
( فقلت له خيرا وأثنيت فعله ** وأوفاك ما أبليت من ذم أو شكر )
( ولما رأى المجد استعيرت ثيابه ** تردى رداء سابغ لذيل وأتزر )
( غلام رماه الله بالخير مقبلا ** له سيماء لاتشق على البصر )
( كأن الثريا علقت فوق نحره ** وفي أنفه الشعرى وفي خده القمر )
( إذا قيلت العوراء أغضى كأنه ** ذليل بلا ذل ولو شاء لانتصر )
وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
( كريم يغض الطرف فضل حيائه ** ويدنو وأطراف الرماح دواني )
( وكالسيف أن لا ينته لان متنه ** وحداه أن خاشنته خشنان )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد
( يشبهون ملوكا في تجلتهم ** وطول أنضية الأعناق والأمم )
( إذا غد المسك يجري في مفارقهم ** راحوا كأنهم مرضى من الكرم )
وأنشدنا أبو بكر بن الانباري قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( تخالهم للحلم صما عن الخنا ** وخرسا عن الفحشاء عند التهاتر )
( ومرضى إذا لاقوا حياء وعفة ** وعند الحروب كالليوث الخوادر )
( لهم ذل انصاف ولين تواضع ** بهم ولهم ذلت رقاب المعاشر )
( كأن بهم وصما يخافون عاره ** وما وصمهم إلا اتقاء المقابر )
وأنشدنا أيضا عن أبي العباس
( أحلام عاد لا يخاف جليسهم ** إذا نطقوا العوراء غرب لسان )
( إذا حدثوا لم تخش سوء استماعهم ** وأن حدثوا أدوا بحسن بيان )
وأنشدنا أيضا قال أنشدني أبي
( يصم عن الفحشاء حتى كأنه ** إذا ذكرت في مجلس القوم غائب )
( له حاجب عن كل ما يصم الفتى ** وليس له عن طالب العرف حاجب )
وأنشدنا أيضا قال أنشدني أبي لبكر بن النطاح يمدح خربان بن عيسى قال وكان أبو عبيدة يقول لم أسمع لهؤلاء المحدثين مثل هذا
( لم ينقطع أحد إليك بوده ** إلا اتقته نوائب الحدثان )
( كل السيوف يرى لسيفك هيبة ** وتخافك الأرواح في الأبدان )
( قالت معد والقبائل كلها ** إن المنية في يدي خربان )
( ملك إذا أخذ القناة بكفه ** وثقت بشدة ساعد و بنان )
وقرأت على أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه للأسدي
( ولائمة لامتك يا فيض في الندى ** فقلت لها هل يقدح اللوم في البحر )
( أرادت لتثني الفيض عن عادة الندى ** ومن ذا الذي يثني السحاب عن القطر )
( مواقع جود الفيض في كل بلدة ** مواقع ماء المزن في البلد القفر )
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبيه عن يونس عن أبي عمرو بن العلاء قال لما توج النعمان واطمأن به سريره دخل عليه الناس وفيهم أعرابي فأنشأ يقول
( إذا سست قوما فاجعل الجود بينهم ** وبينك تأمن كل ما تتخوف )
( فان كشفت عند الملمات عورة ** كفاك لباس الجود ما يتكشف )
فقال مقبول منك نصحك ممن أنت قال أنا رجل من جرم فأمر له بمائة ناقة وهي أول جائزة أجازها وقرأت على أبي بكر وأنشدناه أبو عبد الله نفطويه عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لقيس بن عاصم المنقري
( إني امرؤ لا يعتري حسبي ** دنس يفنده ولا أفن )
( من منقر في بيت مكرمة ** والفرع ينبت حوله الغصن )
( خطباء حين يقول قائلهم ** بيض الوجوه مصاقع لسن )
( لا يفطنون لعيب جارهم ** وهم لحفظ جواره فطن )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي عبيدة للعرندس أحد بني بكر بن كلاب يمدح بني عمرو الغنويين قال وكان الأصمعي يقول هذا المحال كلابي يمدح غنويا
( هينون لينون أيسار ذو وكرم ** سواس مكرمة أبناء أيسار )
( إن يسألوا الخير يعطوه وأن خبروا ** في الجهد أدرك منهم طيب أخبار )
( فيهم ومنهم يعد الخير متلدا ** ولا يعد نثا خزي ولا عار )
( لا ينطقون عن الأهواء أن نطقوا ** ولا يمارون أن ماروا بإكثار )
( من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم ** مثل النجوم التي يسري بها الساري )
وقرأت عليه للنمر بن تولب
( ثم استمرت تريد الريح مصعدة ** نحو الجنوب فعزتها على الريح )
قوله تريد الريح يعني الطريدة تستقبل الريح أبدا وإنما تفعل ذلك لتبرد أجوافها باستقبال الريح
وعزتها غلبتها يعني فرسه غلبت الطريدة والدليل على ذلك قوله قبل هذا البيت
( لقد غدوت بصهبى وهي ملهبة ** إلهابها كضرام النار في الشيح )
وصهبى اسم فرسه ثم قال
( جاءت لتسنحني يسرا فقلت لها ** على يمينك إني غير مسنوح ) جاءت يعني الطريدة لتسنحني أي لتمضي على يساري ثم قال ثم استمرت تريد الريح وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال بعض الحكماء إن مما سنحا بنفس العاقل عن الدنيا علمه بأن الأرزاق فيها لم تقسم على قدر الأخطار وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال حدثنا عمر بن شبة أبو زيد قال
حدثنا الأصمعي قال حدثنا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال قال عروة لبنيه يا بني لا يهدين أحدكم إلى ربه ما يستحي أن يهديه إلى حريمه فإن الله أكرم الكرماء وأحق من اختير له قال وكان يقول يا بني تعلموا العلم فأنكم أن تكونوا صغار قوم فعسى أن تكونوا كبراءهم واسوأتا ماذا أقبح من شيخ جاهل وكان يقول إذا رأيتم خلة رائعة من شر من رجل فاحذروه وان كان عند الناس رجل صدق فإن لها عنده أخوات وإذا رأيتم خلة رائعة من خير من رجل فلا تقطعوا إناتكم منه وان كان عند الناس رجل سوء فإن لها عنده أخوات وقال الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال وجد فى حكمة فارس انى وجدت الكرماء والعقلاء يبتغون إلى كل صلة ومعروف سببا ورأيت المودة بين الصالحين سريعا اتصالها بطيأ انقطاعها ككوب الذهب سريع الإعادة أن أصابه ثلم أوكسر ورأيت المودة بين الأشرار بطيأ اتصالها سريعا انقطاعها ككوب الفخار أن أصابه ثلم أو كسر فلا إعادة له ورأيت الكريم يحفظ الكريم على اللقاءة الواحدة ومعرفة اليوم ورأيت اللئيم لا يحفظ إلارغبة أو رهبة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان عن العتبي عن أبيه عن هشام بن صالح عن سعد قال كنا بمصر فبلغنا أمور عن أهلها فصعد عتيبة المنبر مغضبا فقال أيا حاملين الأم أنوف ركبت بين أعين إنما قلمت أظفاري عنكم ليلين مسي إياكم وسألتكم صلاحكم لكم إذ كان فسادكم راجعا عليكم فأما إذ أبيتم إلا الطعن في الولاة والتنقص للسلف فوالله لأقطعن على ظهوركم بطون السياط فان حسمت داءكم وإلا فالسيف من ورائكم فكم من موعظة منا لكم مجتها قلوبكم وزجرة صمت عنها آذانكم ولست أبخل عليكم بالعقوبة إذ جدتم لنا بالمعصية ولا أويسكم من مراجعة الحسنى أن صرتم إلى التي هي أبر وأتقى
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم بن الأصمعي قال قال الأحنف بن قيس إن الله جعل أسعد عباده عنده وأرشدهم
لديه وأحظاهم يوم القيامة أبذلهم للمعروف يدا وأكثرهم على الإخوان فضلا وأحسنهم له على ذلك شكرا وحدثنا أبو بكر بن الانباري رحمه الله قال حدثني أبي عن أحمد بن عبيد عن الزيادي عن المطلب بن المطلب بن أبي وداعة عن جده قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله تعالى عنه عند باب بني شيبة فمر رجل وهو يقول
( يا أيها الرجل المحول رحله ** ألا نزلت بآل عبد الدار )
( هبلتك أمك لو نزلت برحلهم ** منعوك من عدم ومن إقتار )
قال فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال أهكذا قال الشاعر قال لا والذي بعثك بالحق لكنه قال
( يا أيها الرجل المحول رحله ** ألا نزلت بآل عبد مناف )
( هبلتك أمك لو نزلت برحلهم ** منعوك من عدم ومن إقراف )
( الخالطين فقيرهم بغنيهم ** حتى يعود فقيرهم كالكافي )
( ويكللون جفانهم بسديفهم ** حتى تغيب الشمس في الرجاف )
( منهم علي والنبي محمد ** القائلان هلم للاضياف )
قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هكذا سمعت الرواة ينشدونه وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي عن بعض موالي بني أمية قال خرج دواد بن سلم إلى حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية فلما قدم عليه قام غلمانه إلى متاعه فأدخلوه وحطوا عن راحلته فلما دخل أنشده
( ولما دفعت لأبوابهم ** ولاقيت حربا لقيت النجاحا )
( وجدناه يحمده المعتفون ** ويأبى على العسر إلا سماحا )
( ويغشون حتى ترى كلبهم ** يهاب الهرير وينسى النباحا )
فأمر له بجوائز كثيرة ثم استأذنه في الانصراف فأذن له وأعطاه ألف دينار فلما خرج
من عنده وغلمانه جلوس لم يقم إليه أحد منهم ولم يعنه فظن أن حربا ساخط عليه فرجع إليه وقال أواجد أنت علي قال لا ولم ذلك فأخبره خبر الغلمان قال ارجع إليهم فسلهم فرجع إليهم فسألهم فقالوا إنا ننزل الضيف ولا نرحله فلما قدم المدينة سمع الغاضري بحديثه فأتاه فقال إني أحب أن أسمع هذا الحديث منك فحدثه فقال هو يهودي أو نصراني إن لم يكن فعل الغلمان أحسن من شعرك
وقرأت على أبي بكر بن دريد للنمر بن تولب
( تضمنت أدواء العشيرة بينها ** وأنت على أعواد نعش تقلب )
قوله تضمنت أدواء العشيرة بينها أي ضمنت ما كان في العشيرة من داء أو فساد إذ كنت فيهم حيا وأنت اليوم على أعواد نعش وقال الأصمعي تضمنت أصلحت والمعنى عندي أنه كان يضمن دماء العشيرة فيصلح بينها وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا عبد الله ابن خلف قال حدثنا اسحق بن محمد النخعي قال حدثني محمد بن سهل قال حدثني المدائني قال امتدح أبو العتاهية عمر بن العلاء مولى عمرو بن حريث صاحب المهدي فأمر له بسبعين ألف درهم وأمر من حضره من خدمه وغلمانه أن يخلعوا عليه فخلعوا عليه حتى لم يقدر على القيام لما عليه من الثياب ثم إن جماعة من الشعراء كانوا بباب عمر فقال بعضهم با عجبا للأمير يعطي أبا العتاهية سبعين ألف درهم فبلغ ذلك عمر فقال علي بهم فأدخلوا عليه فقال ما أحسد بعضكم لبعض يا معشر الشعراء أن أحدكم يأتينا يريد مدحنا فيشبب في قصيدته بصديقته بخمسين بيتا فما يبلغنا حتى تذهب لذاذة مدحه ورونق شعره وقد أتانا أبو العتاهية فشبب ببيتين ثم قال
( إني أمنت من الزمان وريبه ** لما علقت من الأمير حبالا )
( لو يستطيع الناس من إجلاله ** لحذوا له حر الوجوه نعالا )
( ما كان هذا الجود حتى كنت يا ** عمرا ولو يوما تزول لزالا )
( إن المطايا تشتكيك لأنها ** قطعت إليك سباسبا ورمالا )
( فإذا أتين بنا أتين مخفة ** وإذا رجعن بنا رجعن ثقالا )
فقال له عمر حين مدحه أقم حتى أنظر في أمرك فأقام أياما ولم ير شيأ وكان عمر ينتظر مالا يجيء من وجه فأبطأ عليه فكتب إليه أبو العتاهية
( يا ابن العلاء ويا ابن القرم مرداس ** إني امتدحتك في صحبي وجلاسي )
( أثني عليك ولي حال تكذبني ** فيما أقول فأستحي من الناس )
( حتى إذا قيل ما أعطاك من صفد ** طأطأت من سوء حال عندها رأسي )
فقال عمر لحاجبه اكفنيه أياما فقال له الحاجب كلا ما دفعه به وقال له تنتظر فكتب إليه أبو العتاهية
( أصابت علينا جودك العين يا عمر ** فنحن لها نبغي التمائم والنشر )
( أصابتك عين في سخائك صلبة ** ويا رب عين صلبة تفلق الحجر )
( سنرقيك بالأشعار حتى تملها ** فإن لم تفق منها رقيناك بالسور )
قال فضحك عمر وقال لصاحب بيت ماله كم عندك قال سبعون ألف درهم قال ادفعها إليه ويقال إنه قال له اعذرني عنده ولا تدخله علي فأني أستحي منه قال أبو علي قال الأصمعي من أمثال العرب العبد من لا عبد له أي من لم يكن له عبد ولا كاف امتهن نفسه ويقال لو كويت على داء لم أكره أي لو عوتبت على ذنب ما امتعضت ويقال كمبتغي الصيد في عربسة الأسد يضرب مثلا للرجل يطلب الغنيمة في موضع الهلكة ويقال أجود من لافظة وأراد بلافظة البحر ويقال أجبن من صافر وأراد بصافر ما يصفر من الطير وإنما يوصف بالجبن لأنه ليس من سباعها
وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الراجز
( قد علمت إن لم أجد معينا ** لأخلطن بالخلوق طينا )
يعني امرأته يقول قد علمت إن لم أجد معينا يعينني على سقيها سأستعين بها وأستعملها حتى يختلط ما عليها من الخلوق بالطين والماء
وقال يعقوب بن السكيت يقال أخذه بأجمعه
وأجمعه وأخذه بحذافيره وقال أبو عبيدة عن الكسائي أخذه بحذافيره وجذاميره وجزاميره وجراميزه وحكى عن أبي عبيدة بربانه بفتح الراء في معناها وعن الأصمعي بربانه أي بجميعه
قال وقال الفراء أخذه بصنايته وسنايته مثله وقال يعقوب وأخذه بجلمته وقال لي أبو بكر بن الأنباري وبجلمته أيضا وقال يعقوب وأخذه بزغبره وقال لي أبو بكر بن الأنباري ويقال بزغبره وأظنني سمعت اللغتين جميعا من أبي بكر بن دريد وقال يعقوب وأخذه بزوبره وأنشد لابن أحمر
( وإن قال غاو من تنوخ قصيدة ** بها جرب عدت علي بزوبرا )
وقال أبو عبيدة وأخذه بزأبره وقال يعقوب وأخذه بصبرته وبأصباره وأخذه بزأبجه وبزأمجه وأخذه بأصيلته وأخذه بظليفته وأخذه مكهملا قال وحكى أبو صاعد أخذه بزوبرة وبأزمله كله أخذه جميعا وأخذه بربغه وبحداثته وبربانه قال أبو الحسن بن كيسان هذه الثلاثة معناها بأوله وابتدائه وأنشد لابن أحمر
( وإنما العيش بربانه ** وأنت من أفنانه مقتفر )
أخبرني بذلك الغالبي عن ابن كيسان وروى أبو عبيدة في بيت ابن أحمر
وأنت من أفنانه معتصروقال أبو نصر وغيره عن الأصمعي إنه قال بربانه بحداثته
وقال الأصمعي جلوت العروس أجلوها فهي مجلوة وجلوت المرآة أجلوها فهي مجلوة ومصدرهما جميعا جلاء ويقال أعط العروس جلوتها وقد جلاها زوجها وصيفة أي أعطاها حين سئل الجلوة وزوجها يجليها تجلية وجلى الطائر تجلية إذا أبصر الصيد من مكان بعيد وجل القوم يجلون جلولا وجلا القوم يجلون جلاء إذ اخرجوا من بلد إلى بلد ومنه قيل استعمل فلان على الجالة والجالية وهو أن يجعل على قوم خرجوا من بلد إلى بلد فالجالة من جللت والجالية من جلوت وجل البعر يجله جلا إذا التقطه والجلة البعر والإبل الجلالة التي تأكل الجلة ويقال خرج الاماء يجتللن أي يأخذن الجلة وأنشد لعمر بن لجأ يصف ناقة
( يحسب مجتل الاماء الحرم ** من هدب الضمران لم يحزم )
يحسب أي يكفي
والمجتلة التي تلقط الجلة
وقوله من هدب الضمران أي من بعر ابل رعت هدب الضمران فبعرت وذكر الضمران لأنه من أجود ما يرعى
وقوله لم يحزم أي هو بعر منثور لم يحزم كما يحزم الضمران إذا احتطب
وجل الرجل يجل جلة إذا عظم وغلظ وكذلك الصبي والعود
وابل جلة أي مسنة وقد جلت إذا أسنت ومشيخة جلة أي مسان والواحد جليل
والمجلة صحيفة كان يكتب فيها شيء من الحكم وأنشد بيت النابغة الذبياني
( مجلتهم ذات الإله ودينهم ** قويم فما يرجون غير العواقب )
( قال أبو حاتم يروي مجلتهم ومحلتهم فمن روى مجلتهم أراد الصحيفة ومن روى محلتهم أراد بلادهم الشام
والجلل الصغير اليسير والجليل العظيم وقال أبو نصر والجلل العظيم أيضا وقال أبو بكر بن الانباري وجدت في كتاب أبي عن أحمد بن عبيد عن أبي نصر كان الأصمعي يقول الجلل الصغير اليسير ولا يقول الجلل العظيم قال أبو علي قال الأصمعي لا يقال الجلال إلا في الله عز وجل وقال أبو حاتم وقد يقال وأنشد
( فلا ذا جلال هبنه لجلاله ** ولا ذا ضياع هن يتركن للفقر )
وجل كل شيء العظيم منه
وقرأت على أبي بكر بن دريد في كتاب الأبواب للأصمعي فعلت ذك من جلل كذا وكذا أي من عظمه في صدري وقال أبو نصر فعلت ذاك لجللك وجلالك أي لعظمتك في صدري وأنشد الأصمعي لجميل
( رسم دار وقفت في طلله ** كدت أقضي الغداة من جلله )
ورويت من غير هذا الوجه تفسير من جلله من أجله ويقال فعلت ذاك من أجلك وجللك وجلالك وأنشد الأصمعي في جلالك
( وغيد نشاوى من كرى فوق شزب ** من الليل قد نبهتهم من جلالكا )
أي من أجلك والجلي الأمر العظيم وجمعها جلل والجليل الثمام واحدته جليلة أنشد الأصمعي
( إلا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** بواد وحولي إذ خر وجليل )
وذكر شيوخنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع بلال ينشد هذا البيت فقال حننت يا ابن السوداء ويقال هو ابن جلا أي المنكشف المشهور الأمر وأنشد الأصمعي
( أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ** متى أضع العمامة تعرفوني )
قال وابن أجلى مثله وأنشد للعجاج
( لا قوا به الحجاج والأصحارا ** به ابن أجلى وافق الأسفارا )
قال ولم أسمع بابن أجلى إلا في بيت العجاج
وقوله لا قوا به أي بذلك المكان وقوله الاصحارا أي وجدوه مصحراو وجدوا به ابن أجلى كما نقول لقيت به الأسد أي كأني لقيت بلقائي إياه الأسد
وقوله وافق الأسفار أي واضحا مثل الصبح وقال غيره عين جلية أي بصيرة قال أبو داود الأيادي
( بل تأمل وأنت أبصر مني ** قصددير السوى بعين جليه )
والجلية أيضا الأمر البين الواضح قال النابغة
( فآب مضلوه بعين جلية ** وغودر بالجولان حزم ونائل )
وقال الأصمعي والجلا انحسار الشعر من مقدم الرأس رجل أجلى وامرأة جلواء وقد جلى يجلى جلا مقصور وقرأت على أبي بكر بن دريد لبكر بن النطاح
( ولو خذلت أمواله جود كفه ** لقاسم من يرجوه شطر حياته )
( ولو لم يجد في العمر قسما لزائر ** لجادله بالشطر من حسناته )
وأنشدني بعض أصحابنا لبكر بن النطاح
( وإذا بدا لك قاسم يوم الوغى ** يختال خلت أمامه قنديلا )
وإذا تعرض للعمود وليه ** خلت العمود بكفه منديلا )
( قالوا وينظم فارسين بطعنة ** يوم اللقاء ولا يراه جليلا )
( لا تعجبوا فلو أن طول قناته ** ميل إذا نظم الفوارس ميلا )
وأنشدني بعض أصحابنا له
( يا عصمة العرب التي لو لم تكن ** حيا إذا كانت بغير عماد )
( إن العيون إذا رأتك حدادها ** رجعت من الإجلال غير حداد )
( وإذا رميت الثغر منك بعزمة ** فتحت منه مواضع الأسداد )
( فكأن رمحك منقع في عصفر ** وكأن سيفك سل من فرصاد )
( لو صال من غضب أبو دلف على ** بيض السيوف لذبن في الأغماد )
( أذكى وأوقد للعداوة والقرى ** نارين نار وغى ونار رماد )
وقرأت على أبي بكر بن دريد لليلى الأخيلية وقال لي كان الأصمعي يرويها لحميد ابن ثور الهلالي قال أبو علي فكذا وجدته بخط ابن زكريا وراق الجاحظ في شعر حميد
( يا أيها السدم الملوي رأسه ** ليقود من أهل الحجاز بريما )
( أتريد عمرو بن الخليع ودونه ** كعب إذا لوجدته مرؤما )
( إن الخليع ورهطه في عامر ** كالقلب ألبس جؤجؤا وخريما )
( لا تغزون الدهر آل مطرف ** لا ظالما أبدا ولا مظلوما )
( قوم رباط الخيل وسط بيوتهم ** وأسنة زرق تخال نجوما )
( ومخرق عنه القميص تخاله ** وسط البيوت من الحياء سقيما )
( حتى إذا رفع اللواء رأيته ** تحت اللواء على الخميس زعيما )
( لن تستطيع بأن تحول عزهم ** حتى تحول ذا الهضاب يسوما )
( إن سالموك فدعهم من هذه ** وارقد كفى لك بالرقاد نعيما )
قال أبو علي البريم الخيط فيه سواد وبياض ويقال للقطيع من الغنم إذا كان فيه معز بريم وسألت أبا بكر بن دريد عن معنى قول المتنخل الهذلي
( عقوا بسهم فلم يشعر به أحد ** ثم استفاؤا وقالوا حبذا الوضح )
فقال يقال عقي بسهم إذا رمى به نحو السماء لا يريد به أحدا وإذا اجتمع الفريقان للقتال ثم بدا لأحد الفريقين وأرادوا الصلح رموا بسهم نحو السماء فعلم الفريق الثاني أنهم يريدون الصلح فتراسلوا في ذلك
واستفاؤا رجعوا عما كانوا عليه
وقالوا حبذا الوضح أي اللبن أي حبذا الإبل والغنم نأخذها في الدية كما قال الآخر
( ظفرت بهجمة سود وحمر ** تسر بما يساء به اللبيب ) |
| |