••━═✿✦•❁❁•✦✿═━••
رجال حول الرسول ﷺ.
سعد بن عبادة رضي الله عنه
•┈┈┈••✦ه✿ه✦••┈┈┈•
❉ وبعد أنْ تمّت بيعةُ العقبةِ الثـانية وتم إختيار النُقبـاء وتم إبرام المعاهدة وكان القوم على وشك الإنفضاض ، إكتشفها أحدُ الشياطين ، وحيث جاء هذا الإكتشاف في اللحظة الأخيرة ، ولم يكن يمكن إبلاغ زُعَمَـاء قريشٍ هذا الخبر سرّاً ليُبَاغِتُوا المجتمعين وهم في الشعب ، قام ذلك الشيطان على مرتفعٍ من الأرض ، وصاح بأنفذ صوتٍ سُمع قط : *" يا أهل الأخاشب ـ المنازل ـ هل لكم في محمّد والصباةُ معه ؟ قد اجتمعوا على حربكم ".*
فقال رسول الله ﷺ : *" هذا أزبّ العقبـة ، أما والله يـا عـدو الله لأتفرغـنّ لك "* ثم أمرهم أن ينفضوا إلى رِحالهم.
وعند سماع صوت هذا الشيطان قال العباس بن عُبادة بن نَضْلة : *والذي بعثك بالحق ، إن شئت لنميلنّ على أهل منىً بأسيافنا.*
فقال رسول الله ﷺ : *لم نؤمر بذلك ، ولكن ارجعوا إلى رحالكم ، فرجعوا وناموا حتى أصبحوا.*
❁ ولمّا قرع هذا الخبر آذان قريش وقعتْ فيهم ضجة أثارتْ القلاقل والأحزان ، لأنهم كانوا على معرفة تامّة من عواقِب مثل هذه البيعة ونتائجها بالنسبة إلى أنفسهم وأموالهم ، فما إن أصبحوا حتى توجَهَ وفدٌ كبيرٌ من زُعمـاء مكة وأكابر مجرميها إلى مُخَيم أهل يثرب ليُقدم إحتجاجه الشديد على هذه المعاهدة فقالوا : *يا معشر الخزرج ، إنّه قد بلغنـا أنكم قد جئتم إلى صـاحبنا هذا تستخرجـونه من بين أظهُرِنـا ، وتُبايعونه على حربنا ، وإنه والله ما من حـَيٍّ من العرب أبغض إلينا من أن تنشب الحـربُ بيننا وبينهم منكم .*
❀ ولمّا كان مشركو الخزرج لا يعرفون شيئاً عن هذه البيعة ، لأنها تمّت في سريةٍ تامّة وفي ظلام الليل ، انبعث هؤلاء المشركون يحلفون بالله : ما كان من شيء وما علمنـاه ثم أنهم ـ يعني كفار قريش ـ جاءوا إلى عبدالله بن أُبَي بن سلول فجعل يقول : هذا بـاطل ، وما كان هذا ، وما كان قومي ليفتـاتوا على مثل هذا ، لو كنت بيثرب ما صنع قومي هذا حتى يُؤامرُونِي .
✺ أما المسلمون فنظر بعضهم إلى بعض ثم لاذوا بالصمت ، فلم يتحدث أحدٌ منهم بنفيٍ أو إثبـات ، ومَالَ زعماء قريش إلى تصديق المشركين فرجعوا خائبين .
❂ عاد زُعماء مكة وهم على شبه اليقين من كذب هذا الخبر ، لكنهم لم يزالوا يتنطسونه ـ يكثرون البحث عنه ويُدققون النظر فيه ـ حتى تأكد لديهم أنّ الخبر صحيح ، والبيعة قد تمّت فعلاً ، وذلك بعدما نفر الحجيج إلى أوطـانهم .
فسارع فرسانهم بمطاردةِ اليثربيـين ولكن بعد فوات الأوان ، إلا أنهم تمكنوا من رؤية *سعد بن عُبـادة و المنذر بن عمرو* فطاردوهما ، فأمّا المُنذر فأعجز القوم ، وأما سعد فألقوا القبض عليه ، فربطوا يديه إلى عُنُقِهِ بنسع رحله ، وجعلوا يضربونه ويجُرونه من شعره ـ وكان ذا شعرٍ كثير ـ حتى أدخلوه مكة.
قال سعد : *فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع عليهم نفرٌ من قُريش فيهم رجلٌ وضيءٌ أبيض شَعشاع حلو من الرجــال .*
قال : فقلت في نفسي : *إن يكُ عند أحدٍ من القوم خير فعند هذا .*
قال : *فلمّا دنا منّي رفع يده فلكمني لكمةً شديدة ، فقلت في نفسي : لا والله ما عندهم بعد هذا من خير .*
قال سعد : *فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى إليَّ ـ أشفق ورحم ـ رجلٌ ممّن كان معهم فقال : ويحـك !! أمّا بينك وبين أحدٍ من قُريش جوارٌ ولا عهد ؟*
قال : قلت : *بلى والله ، لقد كنت أُجِير لجُبير بن مُطعم بن عدّي تجارة وأمنعهم ممّن ظلمهم ببلادي ، وللحارث بن حَرْب بن عبد شمس.*
قال : *ويحك ! فاهتف بإسم الرّجُلين ، واذكر ما بينك وبينهما ،*
قال : *ففعلت.*
قال سعد : *وخرج الرجُل إليهما ، فوجدَهما في المسجد عند الكعبة ،*
فقال لهما : *إنّ رجلاً من الخزرج الآن يُضْرب بالأبطـح ويهتفُ بكما !! ويذكر أنّ بينه وبينكما جِـواراً .*
قالا : *ومن هو ...؟*
قال : *سعد بن عُبـــادة.*
قالا : *صدق والله ، إن كان ليُجير لنا تُجَّارنا ويمنعهم أن يُظلموا ببلده.*
قال : *فجاءا فخلَّصـا سعداً من أيديهم فانطلق.*
وتشـاروتْ الأنصار فيما بينهم حين فقدوا سعد أن يكروا إليه ، فبينما هم كذلك إذ هو قد طَلَعَ عليهم ، فوصل القوم جميعاً إلى المدينة .
۞ وبهذا يكون *سعد بن عُبـادة* رضي الله عنه هو الأنصاري الوحيد الذي نـال حظه من أذى قريش وتعذيبها ، ذاق ما كان يذوقه إخوانه المهاجرين من الآلام والجِراح .
ذاق ما كان يذوقه بلال وخَبـاب وصُهيب ، ولكن الفرق أنّ هذا العذاب الذي نـاله من قُريش كان ليومٍ واحد ، أمّا أولئـك فمكثوا سنـوات في هذا العذاب .
★ وكان الرجُل الذي لَكَمَ سعداً هو *سهيل بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي*، وذكر ابن هشام أنّ الرجل الذي أوى إلى سعد وطلب منه أن يَصّيحَ بإسم الرجُلين الذي كان يُجير هو لهما بيثرب هو *أبوالبُختـري بن هشـام .
•┈┈┈••✦ه✿ه✦••┈┈┈•