منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع القران الكريم وعلومه (https://hwazen.com/vb/f28.html)
-   -   سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع (https://hwazen.com/vb/t23423.html)

عطر الجنة 11-28-2023 06:12 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 


https://www.raed.net/img?id=506509

..................
نبذة
....................
إسحاق بن إبراهيم بن تارح بن نوح بن آدم عليهم السلام، وأمه سارة. وقيل : كان عمر والده حوالي المائة عام وأمه
عمرها يناهز التسعين عامًا.
وهو أصغر من أخيه إسماعيل عليه السلام بثلاثة عشر سنة تقريبًا.
.......................
مولده
...........................
بشرت الملائكة إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة بإسحاق عليه السلام لما مروا بهم ذاهبين إلى مدائن قوم لوط

ليدمروها عليهم بسبب كفرهم وفجورهم، ظانًا أنهم ضيوف كانوا على هيئة رجال فأراد أن يقدم لهم عجلًا سمينًا
فلم يأكلوا فخاف منهم فأخبروه بأنهم ملائكة جاؤوا ليبشروه بمولود جديد من سارة وكانت عجوز عقيم لا تلد فكانت
هذه البشارة بمثابة معجزة وفرحة كبيرة لإبراهيم عليه السلام وزوجه.

، يعتبره المسلمون نبيًا تمامًا كالمسيحيون واليهود، ويعتبر إسحاق في الإسلام نبيًا مهمًا لأنه ابن النبي إبراهيم عليه السلام

وذكر إسحاق عليه السلام في 16 آية في القرآن وهو أحد الأنبياء في الإسلام

قال تعالى ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). سورة البقرة

قال تعالى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). سورة البقرة

قال تعالى (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ). سورة البقرة

قال تعالى (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). سورة آل عمران

قال تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا). سورة النساء

قال تعالى (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ). سورة الأنعام

قال تعالى (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ). سورة هود

قال تعالى (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). سورة يوسف

قال تعالى (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ). سورة يوسف

قال تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء). سورة إبراهيم

قال تعالى (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) سورة مريم

قال تعالى (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ). سورة الأنبياء

قال تعالى (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). سورة العنكبوت

قال تعالى (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ). سورة الصافات

قال تعالى (وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ). سورة الصافات

قال تعالى (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ). سورة ص

............................
سيرته
...............................

إسحاق عليه السلام نبي من أنبياء الله أرسله الله إلى بني إسرائيل لعبادة الله وحده. ابن الكريم وخليل الرحمن وأبو الأنبياء
ذكر الله تعالى عبده إسحاق بالصفات الحميدة وجعله نبيًا ورسولا، وبرأه من كل ما نسبه إليه الجاهلون،
وأمر الله قومه بالإيمان به كغيره من الأنبياء والرسل، وقد مدح رسول الله صل الله عليه وسلم نبي الله
إسحاق وأثنى عليه عندما قال: إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم".
فهؤلاء الأنبياء الأربعة الذين مدحهم رسول الله صل الله عليه وسلم هم أنبياء متناسلون، ولا يوجد بين الناس أنبياء متناسلون غيرهم وهم يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم الصلاة والسلام.

دعا إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام إلى دين الإسلام وإلى عبادة الله وحده، وأوحى إليه بشريعة مبنية على الإسلام ليبلغها ويعلمها الناس، وقد أرسله الله تبارك وتعالى إلى الكنعانيين في بلاد الشام وفلسطين الذين عاش بينهم،

وقد قيل: إن إبراهيم عليه السلام أوصى ابنه إسحاق ألا يتزوج إلا امرأة من أهل أبيه فتزوج إسحاق رفقة بنت ابن عمه،
وكانت عاقرًا لا تنجب فدعا الله لها فحملت فولدت غلامين توأمين أحدهما اسمه العيص، والثاني يعقوب
وهو نبي الله إسرائيل.

..............................
ذرية إسحاق عليه السلام
......................................

لما بلغ إسحاق عليه السلام من العمر أربعين عامًا تزوج وولدت زوجته بتوأمين الأول سماه العيص وهو أبو الروم،

والثاني سماه يعقوب، ويسمى إسرائيل الذي تنتسب إليه بنو إسرائيل.

ويقال سمي يعقوب لأنه كان ممسك بعقب أخيه العيص

...........................................
وفاة إسحاق عليه السلام
..........................................

بعد أن كبرا العيص ويعقوب عليه السلام، سافر يعقوب إلى خاله في حران بسبب خلاف بينه وبين أخيه العيص،
ثم عاد يعقوب إلى والديه بعد أن كبرا في السن وأبوه إسحاق عليه السلام كان قد ضعف بصره، فجلس عند أبيه
وبره هو وأخوه العيص إلى أن توفي إسحاق عليه السلام.

.............................
العبر المستفادة
...................................

أنّ رحمة الله تعالى واسعة، وهو قريب مُجيب لعباده المؤمنين.

أنّ الله تعالى إذا قضى أمرًا هيّأ الأسباب لتحقيقه من العدم،
فلا رادّ لأمر الله تعالى وفضله.

أنّ الأخلاق الحسنة والآداب في التعامل مع الناس، هي صفات الأنبياء والصالحين.
وهو ما أقرَّته الشريعة الإسلامية ودعت إليه..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عطر الجنة 11-29-2023 01:30 AM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 



https://www.raed.net/img?id=507080

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة العاشرة
يعقوب عليه السلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.................
نبذة
........................
هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم يقال له "إسرائيل" وتعني عبد الله، كان نبيا لقومه، وكان تقيا وبشرت به الملائكة جده إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة عليهما السلام وهو والد يوسف.
هو يعقوب ابن نبي الله إسحاق ابن نبي الله إبراهيم، وأمه رفقة بنت بتوئيل بن ناصور بن ءازر أي بنت ابن عمه، ويسمى يعقوب ((إسرائيل)) الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل.
................
سيرته
...........................
اصطفى الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بالنبوة، ومما جاء في سيرة يعقوب عليه السلام أنه رحل من بيت المقدس
إلى خاله لابان بأرض حران؛ وَزَوَّجَه ابنتيه: ليا و راحيل. وكان ذلك سائغاً في ملتهم،
ثم نسخ في شريعة التوراة وولدت له ليا أولاداً وولدت له راحيل يوسف وبنيامين.
ورد ذلك في القرآن الكريم بقول الله تعالى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ
أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).

ورجع إلى فلسطين عند أبيه إسحاق عليهما السلام. ثم توفي إسحاق واستقر يعقوب هو وأبناؤه الأسباط الاثنا عشر في فلسطين، ومن ذرية الأسباط يتكون نسب بني إسرائيل

ذكر الله تعالى.. بشارة ميلاده. . وقد بشر الملائكة به إبراهيم عليه السلام جده وسارة جدته..
وقد نشأ وكبر يعقوب عليه السلام مع والده إسحاق عليه السلام في مدينة فلسطين وتربى في بيت النّبوة وشرب
من ينابيع الوحي والحكمة ما أهّله لأن يسير على درب أبيه وجده.

لقد كان يعقوب عليه السلام نبياً من أنبياء بني إسرائيل وكان له اثني عشر ولداً، منهم يوسف عليه السّلام الذي أحبّه حباً شديداً وتملّك قلبه، ولم يستطع يعقوب عليه السلام إخفاء هذه المحبّة لولده يوسف .

لذلك أضمر إخوته الشّرّ ليوسف وكادوا له حتّى جعلوه في غيابت الجبّ بعيداً عن أهله ووطنه.

ولقد كلّف الله يعقوب عليه السلام- بالرسالة، وبعثه إلى قومه، وكان يوصي أبناءه بدين الله تعالى
قال سبحانه وتعالى- (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

وقدا ذكر الله تعالى وصيته عند وفاته. . نعلم أن الموت كارثة تدهم الإنسان، غير أن يعقوب عليه السلام

لا ينسى وهو يموت أن يدعو إلى ربه.. قال تعالى في سورة البقرة

(أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) (البقرة(

إن هذا المشهد بين يعقوب وبنيه في ساعة الموت ولحظات الاحتضار، مشهد عظيم الدلالة

فما الشيء الذي يشغل باله في ساعة الاحتضار..؟

ما الأمر الخطير الذي يريد أن يطمئن عليه قبل موته..؟

ما التركة التي يريد أن يخلفها لأبنائه وأحفاده..؟

ما الشيء الذي يريد أن يطمئن قبل موته على سلامة وصوله للناس و كل الناس..؟

الجواب عن هذه الأسئلة كلها في سؤاله (مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي).

هذا ما يشغله ويؤرقه ويحرص عليه في سكرات الموت.

. قضية الإيمان بالله. هي القضية الأولى والوحيدة، وهي الميراث الحقيقي الذي لا ينخره السوس ولا يفسده..
وهي الذخر والملاذ.

قال أبناء إسرائيل: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا، ونحن له مسلمون..

والنص قاطع في أنهم بعثوا على الإسلام.. إن خرجوا عنه، خرجوا من رحمة الله.. وإن ظلوا فيه، أدركتهم الرحمة.

مات يعقوب عليه السلام وهو يسأل أبناءه عن الإسلام، ويطمئن على عقيدتهم..
وقبل موته، ابتلي بلاء شديدا في ابنه يوسف

توفي يعقوب عليه السلام وله من العمر ما يزيد على المائة،

و قيل كان ذلك بعد سبعة عشر سنة من اجتماعه بيوسف
، وقد أوصى نبي الله يعقوب ابنه يوسف عليه السلام أن يدفنه
مع أبيه إسحاق وجده إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ففعل ذلك
، وسار به إلى فلسطين ودفنه في المغارة بحبرون وهي مدينة الخليل في فلسطين.

.................................................. ................
ما يستفاد من شخصية يعقوب عليه السّلام من الدّروس
.................................................. ..................

## محبة الأبناء والخوف عليهم ..
يعقوب عليه السّلام- أحبّ يوسف وميّزه عن إخوته في الميل القلبي حينما توّسم فيه صفات النّبوّة والخير على إخوته،
لذلك ظلّ قلبه معلّقاً به حتّى في لحظات بعده عنه، فكان يذكره في كلّ حينٍ ويبكي عليه بكاء الثّكلى حتّى ابيضت عيناه
من الحزن ففقد البصر.

## اليقين بوعد الله تعالى ..
يعقوب عليه السّلام لم ييأس ولم يستسلم لخبر فقدان ابنه يوسف، بل علم يقيناً أنّه سوف يراه ويلتقيه مجدداً
لذلك ظلّ يحثّ أبناءه على تحسّس خبر يوسف وأخيه بنيامين لإيمانه بوعد الله -تعالى.

## الحكمة التي تتجلّى في مواقف كثيرة ..
أمر يعقوب عليه السلام ابنه يوسف بألا يخبر إخوته برؤياه حتّى لا يكيدوا له، كما أدرك يقيناً أنّ ما فعله أبناؤه بيوسف
ما هو إلا كيدٌ ومكرٌ برغم القميص الذي جاؤوا عليه بدمٍ كذب،
وفي موقف آخر تجلّت حكمة يعقوب -عليه السّلام- حينما أمر أبناءه بالدّخول إلى مصر من أبواب متفرّقة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

عطر الجنة 11-30-2023 05:40 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 



https://www.raed.net/img?id=510121

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة الحادية عشر

يوسف عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
.............
نبذة
...............
ولد يوسف عليه السلام وكان له 11 أخا وكان أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته، ولكن الشيطان وسوس لإخوته فاتفقوا على أن يلقوه في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من البدو فأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذت تراوده عن نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن ، واستعمله الملك على شؤون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط،
ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه.
..................................
سيرته:
...........................
نبي الله يوسف عليه السلام، هو ابن النبي يعقوب ابن النبي إسحاق ابن الخليل إبراهيم عليهم السلام، لذلك أطلق عليه
لقب الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، نشأ في بيت النبي يعقوب، وكان ليوسف شقيق من أمه يسمى بنيامين،
و10 أشقاء آخرين من أم أخرى، وكان يوسف أحسنهم وأكرمهم، وكانت له منزلة خاصة عند أبيه.
اختار الله يوسف وجعله نبياً، وعلمه تأويل الرؤى والأحاديث، وخصه بأنواع اللطف والرحمة والعناية،
وأنزل عليه الوحي كما آباءه يعقوب وجده إسحاق وجده إبراهيم عليهم السلام.

قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور.

أولها:

اختلاف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء، فجاءت قصص الأنبياء في عدة
سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة.

قال تعالى في سورة يوسف) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِين)
َ واختلف العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟
قيل إنها تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم..
وقيل لأن يوسف تجاوز عن إخوته وصبر عليهم وعفا عنهم.
. وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والعفة والغواية،
وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها،
فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات.. وقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعا كان إلى السعادة.

ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها.. نعتقد أن ثمة سببا مهما يميز هذه القصة.. إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى النهاية.. يلتحم مضمونها وشكلها، ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها
. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ)
لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام-
ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث.

.................................................. .........
المشهد الأول من فصل طفولة يوسف عليه السلام :
.................................................. ............
ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه، وحكى له عن رؤيا رآها.
أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له.
استمع والده إلى رؤيا ابنه وحذره أن يقصهاا لأخوته.

فلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام. خشية أن يستشعورا
ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فوجد الشيطان
من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له أمرا يسؤه. استجاب يوسف لتحذير أبيه..
ولم يحدث أخوته بما رأى، فأغلبالأمر أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم
ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه.

.........................
المشهد الثاني:
.............................
اجتمع أخوة يوسف يتحدثون في أمره.
(إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ)
أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مخطئ في تفضيل هذين الصبيين على مجموعة من الرجال النافعينّ!
فاقترح أحدهم حلا لأمر أخيهم (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا).
إنه الحقد وتدخل الشيطان الذي ضخم حب أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل.
أكبر جرائم الأرض قاطبة بعد الشرك بالله. وطرحه في أرض بعيدة نائية مرادف للقتل، لأنه سيموت هناك لا محاله.
ولماذا هذا كله؟
! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم. ومن ثم يتوبون عن جريمتهم (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)

قال قائل منهم - أثار الله في أعماقه شفقة حفية و رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟ إن كنتم تريدون الخلاص منه،
فلنلقه في بئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا.
. سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده.

انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد.
نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان في قلوبهم،
أو في قلوب بعضهم، بعض خير لم يمت بعد.

....................................
المشهد الثالث:
..............................
توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم.
دار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي، وإثارة للمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ..؟
أيمكن أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه، ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟
لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟

وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه،
ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقه وخوفه عليه من الذئاب
(قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ .)
ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله.
. نحن عشرة من الرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك.
. لن يأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه.

وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتضي مشيئته

......................................
المشهد الرابع:
......................................
خرج الأخوة ومعهم يوسف، وأخذوه للصحراء. اختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه وهموا بإلقائه في البئر..
وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا يخاف.. وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه.

.....................................
المشهد الخامس:
.........................................

عند العشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة. أخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون، فجاء ذئب على غفلة،
وأكل يوسف. لقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة، فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم!

ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى.
كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على التسرع،
وقد كان أبوهم يحذرهم منها أمس، وهم ينفونها
. فلم يكن من المستساغ أن يذهبوا في الصباح ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه أمس!
وبمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ونسوا في انفعالهم أن يمزقوا قميص يوسف..
جاءوا بالقميص كما هو سليما، ولكن ملطخا بالدم..
وانتهى كلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا:

(وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)
أي وما أنت بمطمئن لما نقوله، ولو كان هو الصدق، لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله.
أدرك يعقوب عليه السلام من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة، أن يوسف لم يأكله الذئب، وأنهم دبروا له مكيدة ما، وأنهم يلفقون له قصة لم تقع، فواجههم بأن نفوسهم
قد حسنت لهم أمرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه
؛ وأنه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو، مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيل وأكاذيب:
( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)

.................................................. .........................
المشهد الأخير من الفصل الأول من حياةا يوسف عليه السلام:
.................................................. .........................
أثناء وجود يوسف بالبئر، مرت عليه قافلة في طريقها إلى مصر.. سارت طويلا حتى سميت سيارة..
توقفوا للتزود بالماء.. وأرسلوا أحدهم للبئر فأدلى الدلو فيه.. تعلق يوسف به.. ظن من دلاه أنه امتلأ بالماء فسحبه..
ففرح بما رأى.. رأى غلاما متعلقا بالدلو..

فسرى على يوسف حكم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.
. يصير عبدا لمن التقطه..
هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد.
فرح به من وجده في البداية، ثم زهد فيه حين فكر في همه ومسئوليته، وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا..
وعزم على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكد يصل إلى مصر حتى باعه في سوق الرقيق بثمن زهيد،
دراهم معدودة. ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية

.................................................. ..........
انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم،
.................................................. .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ



عطر الجنة 11-30-2023 06:02 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 


.................................................. .....
المحنة الثانية،
والفصل الثاني من حياة يوسف عليه السلام
.................................................. .........


يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف. ألقي في البئر، أهين، حرم من أبيه، التقط من البئر، صار عبدا يباع في الأسواق،
اشتراه رجل من مصر، صار مملوكا لهذا الرجل.
. انطبقت المأساة، وصار يوسف بلا حول ولا قوة..
هكذا يظن أي إنسان.. غير أن الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما.

ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة وفتنة.. كان هو أول سلم يصعده يوسف عليه السلام في طريقه إلى مجده..
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) .
ينفذ تدبيره رغم تدبير الآخرين. ينفذ من خلاله تدبير الآخرين فيفسده ويتحقق وعد الله، وقد وعد الله يوسف بالنبوة.

وها هو يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه..
وها هو رجل حاكم في مصر يقول لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا. هذا الرجل من الطبقة الحاكمة في مصر.
وهو وزير من وزراء الملك. وزير خطير سماه القرآن "العزيز"
، وكان قدماء المصريين يطلقون الصفات كأسماء على الوزراء.
فهذا العزيز.. وهذا العادل.. وهذا القوي .. وأرجح الآراء أن العزيز
هو رئيس وزراء مصر.

وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. سيتربى كصبي في بيت رجل يحكم. وسيعلمه الله من تأويل الأحاديث والرؤى.
. وسيحتاج إليه الملك في مصر يوما. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
تم هذا كله من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف.

ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول:

(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)

كان يوسف أجمل رجل في عصره.. وكان نقاء أعماقه وصفاء سريرته يضفيان على وجهه مزيدا من الجمال.
وأوتي صحة الحكم على الأمور.. وأوتي علما بالحياة وأحوالها. وأوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب من يستمع إليه..
وأوتي نبلا وعفة، جعلاه شخصية إنسانية لا تقاوم.

وأدرك سيده أن الله قد أكرمه بإرسال يوسف إليه.
. اكتشف أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانة واستقامة وشهامة وكرما.. وجعله سيده مسئولا عن بيته وأكرمه وعامله كابنه.
..................................................
ويبدأ المشهد الأول من الفصل الثاني في حياته:
...........................................
في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية، وهي أشد وأعمق من المحنة الأولى. جاءته وقد أوتي صحة الحكم وأوتي العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منها جزاء إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه.
يذكر الله تعالى هذه المحنة في كتابه الكريم:

(وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) (يوسف(

لا يذكر السياق القرآني شيئا عن عمرها وعمره . أغلب الأمر أن تصرف المرأة في الحادثة وما بعدها يشير إلى أنها مكتملة جريئة.

والآن، لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات.

)وَرَاوَدَتْهُ) صراحة (عَن نَّفْسِهِ )، وأغلقت (الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ). لن تفر مني هذه المرة. هذا يعني أنه كانت هناك مرات سابقة فر فيها منها.
مرات سابقة لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة وهذا التعري. فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة وإباءه.. فقررت أن تغير خطتها. خرجت من التلميح إلى التصريح.. أغلقت الأبواب ومزقت أقنعة الحياء وصرحت بحبها وطالبته بنفسه.

ثم يتجاوز السياق القرآني الحوار الذي دار بين امرأة العزيز ويوسف عليه السلام، وما يهمنا هنا هو موقف يوسف -عليه السلام- من هذا الإغواء.

يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا
(قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)
أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة من أكرمني بأن نجاني من الجب وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن. ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله، فيرتكبون ما تدعينني اللحظة إليه.

ثم (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
اتفق المفسرون حول همها بالمعصية، واختلفوا حول همه.
فمنهم من أخذ بالإسرائيليات وذكر أن يعقوب ظهر له، أو جبريل نزل إليه، لكن التلفيق والاختلاق ظاهر في هذه الروايات الإسرائيلية.
. ومن قائل: إنها همت به تقصد المعصية وهم بها يقصد المعصية ولم يفعل، ومن قائل: إنها همت به لتقبله وهم بها ليضربها،
ومن قائل: إن هذا الهم كان بينهما قبل الحادث.
كان حركة نفسية داخل نفس يوسف في السن التي اجتاز فيها فترة المراهقة.
ثم صرف الله عنه. وأفضل تفسير تطمئن إليه النفس أن هناك تقديما وتأخيرا في الآية.

قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة، فلما أتيت على قوله تعالى (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا). قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير.
بمعنى ولقد همت به.. ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها. يستقيم هذا التفسير مع عصمة الأنبياء..
كما يستقيم مع روح الآيات التي تلحقه مباشرة
(كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) وهذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد الله المخلصين، تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان.
قال تعالى لإبليس يوم الخلق (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)
وما دام يوسف من عباده المخلصين، فقد وضح الأمر بالنسبة إليه.
لا يعني هذا أن يوسف كان يخلو من مشاعر الرجولة، ولا يعني هذا أنه كان في نقاء الملائكة وعدم احتفالهم بالحس. إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل قاومه فلم تمل نفسه يوما، ثم أسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه، عارفا أنه يوسف بن يعقوب النبي، ابن إسحق النبي، ابن إبراهيم جد الأنبياء وخليل الرحمن.

يبدو أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف متجها إلى الباب حتى
لا يتطور الأمر أكثر. لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه، تدفعها الشهوة لذلك. فأمسكت قميصه من الخلف، فتمزق في يدها.
وهنا تقطع المفاجأة. فتح الباب زوجها -العزيز. وهنا تتبدى المرأة المكتملة، فتجد الجواب حاضرا على السؤال البديهي الذي يطرح الموقف.
فتقول متهمة الفتى: قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

واقترحت هذه المراة -العاشقة- سريعا العقاب -المأمون- الواجب تنفيذه على يوسف، خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه. بيّنت للعزيز أن أفضل عقاب له هو السجن. بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عن نفسه: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي

تجاوز السياق القرآني رد الزوج، لكنه بين كيفية تبرأة يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة:

وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)

لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية، أم أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه..
كما أشارت بعض الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير، بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع. كل هذا جائز. وهو لا يغير من الأمر شيئا. ما يذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر للقميص، فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من أثر مدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة وهو كاذب. وإن كان قميصه ممزقا من الخلف فهو إذن من أثر تملصه منها وتعقبها هي له حتى الباب، فهي كاذبة وهو صادق.

فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف(

فتأكد الزوج من خيانة زوجته عندما رأى قميص يوسف ممزق من الخلف. لكن الدم لم يثر في عروقه ولم يصرخ ولم يغضب.
فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي وقع فيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف.. نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموما. وصرح بأن كيد النساء عموم عظيم.
وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق. ولا نحسب أنه يسوء المرأة أن يقال لها (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). فهو دلالة على أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد. بعدها التفت الزوج إلى يوسف قائلا له: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا) أهمل هذا الموضوع ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به. هذا هو المهم.. المحافظة على الظواهر.. ثم يوجه عظة -مختصرة- للمرأة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها عن نفسها وتمزيق قميصه: (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ).

انتهى الحادث الأول...
لكن الفتنة لم تنته.. فلم يفصل سيد البيت بين المرأة وفتاها..
كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوع. غير أن هذا الموضوع بالذات. وهذا الأمر يصعب تحقيقه في قصر يمتلئ بالخدم والخادمات والمستشارين والوصيفات.
__________________


عطر الجنة 11-30-2023 09:45 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 



..........................................
المشهد الثاني:
.......................................

بدأ ت تنتشر قصة إمرأت العزيز ..و خرج القصة من القصر إلى قصور الطبقة الراقية ووجدت فيه نساء هذه الطبقة مادة شهية للحديث.

وزاد حديث المدينة (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ)

وانتقل الخبر من فم إلى فم.. ومن بيت إلى بيت.. حتى وصل لامرأة العزيز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

...........................
المشهد الثالث:
............................

(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)
قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) (يوسف(

عندما سمعت امرأة العزيز بما تتناقله نساء الطبقة العليا عنها، فقررت أن تعد مأدبة كبيرة في القصر. وأعدت الوسائد حتى يتكئ عليها المدعوات. واختارت ألوان الطعام والشراب
وأمرت أن توضع السكاكين الحادة إلى جوار الطعام المقدم.

ووجهت الدعوة لكل من تحدثت عنها. وبينما هن منشغلات بتقطيع ماقدم لهن ، فاجأتهن بيوسف ( وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا( (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ)

أي بهتن لطلعته، ودهشن.

(وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) وجرحن أيديهن بالسكاكين للدهشة المفاجئة. (وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ) وهي كلمة تنزيه تقال في هذا الموضع تعبيرا

عن الدهشة بصنع الله.. (مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) يتضح من هذه التعبيرات أن شيئا من ديانات التوحيد
تسربت لأهل ذلك الزمان.

هنا انتصرت امرأة العزيز على نساء طبقتها، وأنهن لقين من طلعة يوسف الدهش والإعجاب والذهول.

فقالت قول المرأة المنتصرة، التي لا تستحي أمام النساء من بنات جنسها وطبقتها، والتي تفتخر عليهن بأن هذا متناول يدها؛ وإن كان قد استعصم في المرة الأولى فهي ستحاول المرة تلو الأخرى إلى أن يلين:

انظرن ماذا لقيتن منه من البهر والدهش والإعجاب! لقد بهرني مثلكن فراودته عن نفسه لكنه استعصم، وإن لم يطعني سآمر بسجنه لأذلّه.
إنها لم ترى بأسا من الجهر بنزواتها الأنثوية أما نساء طبقتها.

فقالتها بكل إصرار وتبجح، قالتها مبيّنة أن الإغراء الجديد تحت التهديد.

واندفع النسوة كلهم إليه يراودنه عن نفسه.. كل منهن أرادته لنفسها.. ويدلنا على ذلك أمران. الدليل الأول هو قول يوسف عليه السلام (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)
فلم يقل (ما تدعوني إليه)..
والأمر الآخر هو سؤال الملك لهم فيما بعد (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ).

أمام هذه الدعوات -سواء كانت بالقول أم بالحركات واللفتات- استنجد يوسف بربه ليصرف عنه محاولاتهن لإيقاعه في حبائلهن، خيفة أن يضعف في لحظة أمام الإغراء الدائم، فيقع فيما يخشاه على نفسه.

ف دعى يوسف الله دعاء الإنسان العارف ببشريته، الذي لا يغتر بعصمته؛ فيريد مزيدا من عناية الله وحياطته، ويعاونه على ا يعترضه من فتنة وكيد وإغراء.

(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)

واستجاب له الله.. وصرف عنه كيد النسوة.

وهذا الصرف قد يكون بإدخال اليأس في نفوسهن من استجابته لهن، بعد هذه التجربة؛ أو بزيادة انصرافه عن الإغراء حتى ما يحس في نفسه أثرا منه. أو بهما جميعا.

وهكذا اجتاز يوسف المحنة الثانية بلطف الله ورعايته، فهو الذي سمع الكيد ويسمع الدعاء، ويعلم ما وراء الكيد وما وراء الدعاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

ما انتهت المحنة الثانية إلا لتبدأ الثالثة.. لكن هذه الثالثة هي آخر محن الشدة.

يسجن يوسف عليه السلام والفصل الثالث من حياته:
ربما كان دخوله للسجن بسبب انتشار قصته مع امرأة العزيز

ونساء طبقتها، فلم يجد أصحاب هذه البيوت طريقة لإسكات هذه الألسنة سوى سجن هذا الفتى الذي دلت كل الآيات
على برائته، لتنسى القصة. قال تعالى في سورة (يوسف)

(ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) (يوسف(

وهكذا ترسم الآية الموجزة جو هذا العصر بأكمله..
جو الفساد الداخلي في القصور، جو الأوساط الأرستقراطية..

وجو الحكم المطلق. إن حلول المشكلات في الحكم المطلق هي السجن.. وليس هذا بغريب على من يعبد آلهة متعددة.

كانوا على عبادة غير الله.. ولقد رأينا من قبل كيف تضيع حريات الناس حين ينصرفون عن

عبادة الله إلى عبادة غيره. وها نحن أولا نرى في قصة يوسف شاهدا حيا يصيب حتى الأنبياء.

فقد أصدر بإدخله السجن. بلا قضية ولا محاكمة، ببساطة ويسر..

لا يصعب في مجتمع تحكمه آلهة متعددة أن يسجن بريء

. بل لعل الصعوبة تكمن في محاولة شيء غير ذلك.

دخل يوسف السجن وبذلك نجا من إلحاح زوجة العزيز ورفيقاتها، كان السجن بالنسبة إليه مكانا هادئا يخلو فيه ويفكر في ربه.

ويبين لنا القرآن الكريم المشهد الأول من هذا الفصل:

يختصر السياق القرآني ما كان من أمر يوسف في السجن...

لكن الواضح أن يوسف -عليه السلام- انتهز فرصة وجوده في السجن، ليقوم بالدعوة إلى الله

. مما جعل السجناء يتوسمون فيه الطيبة والصلاح وإحسان العبادة والذكر والسلوك.

انتهز يوسف -عليه السلام- هذه الفرصة ليحدث الناس عن رحمة الخالق وعظمته وحبه لمخلوقاته، كان يسأل الناس:

أيهما أفضل.. أن ينهزم العقل ويعبد أربابا متفرقين..

أم ينتصر العقل ويعبد رب الكون العظيم؟

وكان يقيم عليهم الحجة بتساؤلاته الهادئة وحواره الذكي وصفاء ذهنه، ونقاء دعوته.

وفي يوم قَدِمَ له سجينان يسألانه تفسير أحلامهما، بعد أن توسما في وجهه الخير.

إن أول ما قام به يوسف -عليه السلام- هو طمأنتهما أنه سيؤول لهم الرؤى، لأن ربه علمه علما خاصا،

جزاء على تجرده هو وآباؤه من قبله لعبادته وحده، وتخلصه من عبادة الشركاء...

ثم بدأ بدعوتهما إلى التوحيد، وتبيان ما هم عليه من الضلال.

ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىظ° حِينٍ 35 وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ غ– قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا غ– وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ غ– نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ غ– إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ 36

قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا غڑ ذَظ°لِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي غڑ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ 37

وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ غڑ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ غڑ ذَظ°لِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَظ°كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ 38

يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ 39 مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ غڑ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ غڑ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ غڑ ذَظ°لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَظ°كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ 40

بعد ذلك فسر لهما الرؤى. و بيّن لهما أن أحدها سيصلب، والآخر سينجو، وسيعمل في قصر الملك. لكنه لم يحدد من هو صاحب البشرى ومن هو صاحب المصير السيئ تلطفا

وتحرجا من المواجهة بالشر والسوء.

يَظ°صَظ°حِبَيِ ظ±لسِّجغ،نِ أَمَّاظ“ أَحَدُكُمَا فَيَسغ،قِي رَبَّهُغ¥ خَمغ،رظ—اغ– وَأَمَّا ظ±لغ،أظ“خَرُ فَيُصغ،لَبُ فَتَأغ،كُلُ ظ±لطَّيغ،رُ مِن رَّأغ،سِهِغ¦غڑ قُضِيَ ظ±لغ،أَمغ،رُ ظ±لَّذِي فِيهِ تَسغ،تَفغ،تِيَانِ (41)

وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُغ¥ نَاجظ– مِّنغ،هُمَا ظ±ذغ،كُرغ،نِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىظ°هُ ظ±لشَّيغ،طَظ°نُ ذِكغ،رَ رَبِّهِغ¦ فَلَبِثَ فِي ظ±لسِّجغ،نِ بِضغ،عَ سِنِينَ (42)


وتروي بعض التفاسير أن هؤلاء الرجلين كانا يعملان في القصر، أحدهما طباخا، والآخر يسقي الناس،

وقد اتهما بمحاولة تسميم الملك.

أوصى يوسف من سينجو منهما أن يذكر حاله عن الملك.

لكن الرجل لم ينفذ الوصية ؛ لأن حياة القصر المزدحمة أنسته أمر يوسف عليه السلام . فلبث في السجن بضع سنين.

وقد يكون هذا الأمر زيادة في كرم الله عليه واصطفاءه له، فلم يجعل قضاء حاجته على يد عبد ولا سبب يرتبط بعبد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد الثاني:
................................

في هذا المشهد تبدأ نقطة التحول.. التحول من محن الشدة إلى محن الرخاء.. من محنة العبودية والرق لمحنة السلطة والملك.

.................................................. ....................

في قصر الحكم.. وفي مجلس الملك: يحكي الملك لحاشيته رؤياه طالبا منهم تفسيرا لها.

(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ

يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)

لكن المستشارين والكهنة لم يعرفوالتفسير رؤياه أو أحسوا أنها رؤيا سوء فخشوا أن يفسروها للملك،

وأرادوا أن يأتي التفسير من خارج الحاشية -التي تعودت على قول كل ما يسر الملك فقط

. وعللوا عدم التفسير بأن قالوا للملك (قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين)

أي أحلام لا حاصل لهاولا لها تأويل و هذا جزم منهم بما لا يعلمون،


__________________

المشهد الثالث:
..................................

وصل الخبر إلى الساقي -الذي نجا من السجن وذكره حلم الملك بحلمه الذي رآه في السجن،

وذكره السجن بتأويل يوسف لحلمه.

وأسرع إلى الملك وحدثه عن يوسف. قال له: إن يوسف هو الوحيد الذي يستطيع تفسير رؤياك.

وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)

وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا أي: من الفتيين، وهو: الذي رأى أنه يعصر خمرا،

وهو الذي أوصاه يوسف أن يذكره عند ربه وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ

أي: وتذكر يوسف، وما جرى له في تعبيره لرؤياهما، وما وصاه به،

وعلم أنه كفيل بتعبير هذه الرؤيا بعد مدة من السنين فقال: أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ إلى يوسف لأسأله عنها

. وأرسل الملك ساقيه إلى السجن ليسأل يوسف. ويبين لنا الحق سبحانه كيف نقل الساقي رؤيا الملك ليوسف بتعبيرات الملك

نفسها، لأنه هنا بصدد تفسير حلم، وهو يريد أن يكون التفسير مطابقا تماما لما رءاه الملك

. وكان الساقي يسمي يوسف بالصديق، أي الصادق الكثير الصدق.. وهذا ما جربه من شأنه من قبل.

(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ )
________________________________________

فأرسلوه، فجاء إليه، ولم يعنفه يوسف على نسيانه، بل استمع ما يسأله عنه، وأجابه عن ذلك فقال ( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ)

أي: كثير الصدق في أقواله وأفعاله.

أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ

لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُون فإنهم متشوقون لتعبيرها وقد أهمتهم.

( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ 47) سورة يوسف

جاء الوقت واحتاج الملك إلى رأي يوسف.. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)

فحينما سُئِلَ يوسف عن تفسير حلم الملك.. لم يشترط خروجه من السجن مقابل تفسيره.

لم يساوم ولم يتردد ولم يقل شيئا غير تفسير الرؤيا.. هكذا ببراءة النبي حين يلجأ إليه الناس فيغيثهم..

وإن كان هؤلاء أنفسهم سجانيه وجلاديه.

لم يقم يوسف -عليه السلام- بالتفسير المباشر المجرد للرؤيا.

وإنما قدم مع التفسير النصح وطريقة مواجهة المصاعب التي ستمر بها مصر.

أفهم يوسف رسول الملك أن مصر ستمر عليها سبع سنوات مخصبة تجود فيها الأرض بالغلات.

وعليهم ألا يسرفوا في هذه السنوات السبع. لأن وراءها سبع سنوات مجدبة ستأكل ما يخزنه المصريون،

وأفضل خزن للغلال أن تترك في سنابلها كي لا تفسد أو يصيبها السوس أو يؤثر عليها الجو.

بهذا انتهى حلم الملك.. وزاد يوسف تأويله لحلم الملك بالحديث عن عام لم يحلم به الملك، عام من الرخاء.

عام يغاث فيه الناس بالزرع والماء فقال: تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا أي: متتابعات.

فَمَا حَصَدْتُمْ من تلك الزروع فَذَرُوهُ أي: اتركوه فِي سُنْبُلِهِ لأنه أبقى له وأبعد من الالتفات إليه إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ

أي: دبروا أيضا أكلكم في هذه السنين الخصبة، وليكن قليلا، ليكثر ما تدخرون ويعظم نفعه ووقعه

)ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ) سمى السنين المجدبة شدادا لشدتها على الناس
( يأكلن ) أي : يفنين ويهلكن

( ما قدمتم لهن ) أي : يؤكل فيهن ما أعددتم لهن من الطعام ، أضاف الأكل إلى السنين على طريق التوسع

( إلا قليلا مما تحصنون ) تحرزون وتدخرون للبذر

وقوله ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ تبشير لهم بأن الخير سيأتيهم، بعد تلك السنوات الشداد،

فقد جرت سنة الله-تبارك وتعالى- أن يعقب العسر باليسر.

..كان هذا العام الذي لا يقابله رمز في حلم الملك.
علما خاصا أوتيه يوسف. فبشر به الساقي ليببشر به الملك والناس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الرابع:
.............................
عاد الساقي إلى الملك. أخبره بما قال يوسف، دهش الملك دهشة شديدة. ما هذا السجين..؟ إنه يتنبأ لهم بما سيقع، ويوجههم لعلاجه.. دون أن ينتظر أجرا أو جزاء. أو يشترط خروجا أو مكافأة. فأصدر الملك أمره بإخراج يوسف من السجن وإحضاره فورا إليه.

{ وَقَالَ الْمَلِكُ } لمن عنده { ائْتُونِي بِهِ }

أي: بيوسف عليه السلام، بأن يخرجوه من السجن ويحضروه إليه، فلما جاء يوسف الرسول وأمره بالحضور عند الملك،
امتنع عن الخروج، حتى تتبين براءته التامة، وهذا من صبره وعقله ورأيه التام.

ذهب رسول الملك إلى السجن. ولا نعرف إن كان هو الساقي الذي جاءه أول مرة. أم أنه شخصية رفيعة مكلفة بهذه الشؤون.
ذهب إليه في سجنه ليخرج للقاء الملك . رفض يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن إلا إذا ثبتت براءته.

فقد رباه ربه وأدبه. ولقد سكبت هذه التربية وهذا الأدب في قلبه السكينة والثقة والطمأنينة. ويظهر أثر التربية واضحا
في الفارق بين الموقفين :

الموقف الذي يقول يوسف فيه للفتى: اذكرني عند ربك،

والموقف الذي يقول فيه: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الاتي قطعن أيدهن، الفارق بين الموقفين كبير.

فـ قَالَ : يوسف عليه السلام للرسول: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ) يعني به الملك. (فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)

أي: اسأله ما شأنهن وقصتهن، فإن أمرهن ظاهر متضح

) إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ(
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الخامس:
......................................

تجاوز السياق القرآني عما حدث بين الملك ورسوله، وردة فعل الملك. ليقف بنا أمام المحاكة.
(قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ * قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ * قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)
وسؤال الملك للنسوة عما فعلنه مع يوسف . و يبدوا أن الملك سأل عن القصة ليكون على بينة من الظروف قبل أن يبدأ التحقيق، لذلك جاء سؤاله دقيقا للنساء.
فاعترف النساء بالحقيقة التي يصعب إنكارها
(قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ).

وهنا تتقدم المرأة المحبة ليوسف، التي يئست منه، ولكنها لا تستطيع أن تخلص من تعلقها به.. تتقدم لتقول كل شيء بصراحة
. يصور السياق القرآني لنا اعتراف امرأة العزيز، بألفاظ موحية،
تشي بما وراءها من انفعالات ومشاعر عميقة
(أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)
شهادة كاملة بإثمها هي، وبراءته ونظافته وصدقه هو.
شهادة لا يدفع إليها خوف أو خشية أو أي اعتبار آخر..
فالسياق القرآني أعمق من هذا كله. نجد امرأة العزيز حرصها على أن يحترمها الرجل الذي أهان كبرياءها الأنثوية،
ولم يعبأ بفتنتها الجسدية. ومحاولة يائسة لتصحيح صورتها في ذهنه. لا تريده أن يستمر على تعاليه واحتقاره لها كخاطئة.
تريد أن تصحح فكرته عنها فقالت :
(ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ). أنها يلست بهذا السوء الذي يتصوره فيني
. ثم تمضي في هذه المحاولة والعودة إلى الفضيلة التي يحبها يوسف ويقدرها (وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ).
وتمضي خطوة أخرى في هذه المشاعر الطيبة
(وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

إن تأمل الآيات يوحي بأن امرأة العزيز قد تحولت إلى دين يوسف. تحولت إلى التوحيد. إن سجن يوسف كان نقلة هائلة في حياتها. آمنت بربه واعتنقت ديانته.

ويصدر الأمر الملكي بالإفراج عنه وإحضاره.

يهمل السياق القرآني بعد ذلك قصة امرأة العزيز تماما ، يسقطها من المشاهد، فلا نعرف ماذا كان من أمرها بعد شهادتها الجريئة التي أعلنت فيها ضمنا إيمانها بدين يوسف عليه السلام

وقد لعبت أساطير إسرائلية دورها في قصة إمرأة العزيز مع يوسف عليه السلام ..

غير أن السياق القرآني تجاوز تماما نهاية المرأة.

أغفلها من سياق القصة، بعد أن شهدت ليوسف.. وهذا يخدم الغرض الديني في القصة،

فالقصة أساسا قصة يوسف وليست قصة المرأة..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عطر الجنة 11-30-2023 11:15 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويبدأ فصل جديد من فصول حياة يوسف عليه السلام:

............................
بعد ما رأى الملك من أمر يوسف. براءته، وعلمه،. عرف أنه أمام رجل كريم، فلم يطلبه ليشكره أو يثني عليه، وإنما طلبه ليكون مستشاره.
وعندما جلس معه وكلمه، تحقق له صدق ما توسمه فيه. فطمئنه على أنه ذو مكانه وفي أمان عنده.
فماذا قال يوسف؟
قال (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
لم يكن يوسف في كلمته يقصد النفع أو الاستفادة.
على العكس من ذلك.
كان يحتمل أمانة إطعام شعوب جائعة لمدة سبع سنوات..
شعوب يمكن أن تمزق حكامها لو جاعت..
كان الموضوع في حقيقته تضحية من يوسف.

لا يثبت السياق القرآني أن الملك وافق.. فكأنما يقول القرآن الكريم إن الطلب تضمن الموافقة.. زيادة في تكريم يوسف، وإظهار مكانته عند الملك.. يكفي أن يقول ليجاب..
بل ليكون قوله هو الجواب، ومن ثم يحذف رد الملك..

وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. صار مسؤولا عن خزائن مصر واقتصادها و صار كبيرا للوزراء..
ولا ينبئنا السياق القرآني كيف تصرف يوسف في مصر..
عرف أنه حكيم عليم.. و أنه أمين وصادق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد الثاني من هذا الفصل:

طوى السياق دورته في عجلة الزمن ، ومر مرورا سريعا على سنوات الرخاء، وجاءت سنوات المجاعة.. وهنا في السياق القرآني بعد ذلك
لم يذكر الملك والوزراء في السورة كلها.. كأن الأمر كله قد صار ليوسف وحده على مسرح الحوادث, وسلط عليه كل الأضواء.

أما فعل الجدب والمجاعة فقد أبرزه السياق في مشهد إخوة يوسف, يجيئون من البدو من أرض كنعان البعيدة يبحثون عن الطعام في مصر. ومن ذلك ندرك اتساع دائرة المجاعة, كما كيف صارت مصر - بتدبير يوسف - محط أنظار جيرانها ومخزن الطعام في المنطقة كلها.

لقد اجتاح الجدب والمجاعة أرض كنعان وما حولها.
فاتجه إخوة يوسف إلى مصر. وقد تسامع الناس بما فيها من فائض الغلة منذ السنوات السمان. فدخلوا على عزيز مصر, وهم لا يعلمون أن أخاهم هو العزيز. إنه يعرفهم فهم لم يتغيروا كثيرا.

لم يكشف لهم يوسف عن نفسه. (فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ).
ولكنا ندرك من السياق أنه أنزلهم منزلا طيبا,
ثم أخذ في إعداد الدرس الأول
( وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ).
فنفهم من هذا أنه تركهم يأنسون إليه, واستدرجهم حتى ذكروا له من هم على وجه التفصيل, وأن لهم أخا صغيرا من أبيهم لم يحضر معهم لأن أباه يحبه ولا يطيق فراقه.
فلما جهزهم بحاجات الرحلة قال لهم: إنه يريد أن يرى أخاهم هذا. (قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ).
وقد رأيتم أنني أوفي الكيل للمشترين. فسأوفيكم نصيبكم حين يجيء معكم; ورأيتم أنني أكرم النزلاء فلا خوف عليه
بل سيلقى مني الإكرام المعهود (أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ)

ولما كانوا يعلمون كيف يضن أبوهم بأخيهم الأصغر - وبخاصة بعد ذهاب يوسف - فقد أظهروا أن الأمر ليس ميسورا, وإنما في طريقه عقبات من ممانعة أبيهم, وأنهم سيحاولون إقناعه, مع توكيد عزمهم - على الرغم من هذه العقبات - على إحضاره معهم حين يعودون: (قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ).
ولفظ (سنراود) يصور الجهد الذي يعلمون أنهم باذلوه.

أما يوسف فقد أمر غلمانه أن يدسوا البضاعة التي حضر بها إخوته ليستبدلوا بها القمح والعلف. بدسها في رحالهم –
والرحل متاع المسافر - لعلهم يعرفون حين يرجعون أنها بضاعتهم التي جاءوا بها


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الثالث:
ندع يوسف في مصر . لنشهد يعقوب وبنيه في أرض كنعان.
رجع الأخوة إلى أبيهم.. وقبل أن ينزلوا أحمال الجمال ويفكوا متاعهم، دخلوا على أبيهم. قائلين له بعتاب: إن لم ترسل معنا أخانا الصغير في المرة القادمة فلن يعطينا عزيز مصر الطعام.
وختموا كلامهم بوعد جديد ليعقوب عليه السلام
(وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

ويبدوا أن هذا الوعد قد أثار نفس يعقوب عليه السلام . فهو ذاته وعدهم له في يوسف! فإذا هو يجهز بما أثاره الوعد من شجونه:

قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) (يوسف(

وفتح الأبناء أوعيتهم ليخرجوا ما فيها من غلال.. فإذا هم يجدون فيها بضاعتهم التي ذهبوا يشترون بها.. مردودة إليهم مع الغلال والطعام.. ورد الثمن يشير إلى عدم الرغبة في البيع، أو هو إنذار بذلك..
وربما كان إحراجا لهم ليعودوا لسداد الثمن مرة أخرى.

وأسرع الأبناء إلى أبيهم (قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي) ..
لم نكذب عليك.. لقد رد إلينا الثمن الذي ذهبنا نشتري به.
هذا معناه أنهم لن يبيعوا لنا إلا إذا ذهب أخونا معنا.

واستمر حوارهم مع ابوهم .. أفهموه أن حبه لابنه والتصاقه به يفسدان مصالحهم وهم يريدون أن يتزودوا أكثر، وسوف يحفظون أخاهم أشد الحفظ وأعظمه.. وانتهى الحوار باستسلام يعقوب عليه السلام لهم بشرط ..
أن يعاهدوه على العودة بابنه، إلا إذا خرج الأمر من أيديهم وأحيط بهم.. نصحهم أبوهم ألا يدخلوا -وهم أحد عشر رجلا- من باب واحد من أبواب بمصر.. كي لا يستلفتوا انتباه أحد..
وربما خشي عليهم أبوهم شيئا كالسرقة أو الحسد.. لا يقول لنا السياق القرآني ماذا كان يخشىيعقوب عليه السلام
ولو كان الكشف عن السبب مهما لقيل.
__________________

المشهد الرابع:
....................................
عاد إخوة يوسف الأحد عشر هذه المرة.
وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (69) (يوسف(

وهنا سياق القصة قفز إلى مشهد يوسف وهو يحتضن أخاه ويكشف له وحده سر قرابته، ولا ريب أن هذا لم يحدث فور دخول الإخوة على يوسف، وإلا لانكشفت لهم قرابة يوسف، إنما وقع هذا في خفاء وتلطف، فلم يشعر إخوته، غير أن السياق المعجز يقفز إلى أول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه ورؤيته لأخيه..
وهكذا يجعله القرآن أول عمل، لأنه أول خاطر، وهذه من دقائق التعبير في هذا الكتاب العظيم.
يطوي السياق كذلك فترة الضيافة، وما دار فيها بين يوسف وإخوته، ويعرض مشهد الرحيل الأخير.. ها هو ذا يوسف يدبر شيئا لإخوته.. يريد أن يحتفظ بأخيه الصغير معه.
يعلم أن احتفاظه بأخيه سيثير أحزان أبيه، وربما حركت الأحزان الجديدة أحزانه القديمة، وربما ذكره هذا الحادث بفقد يوسف.. يعلم يوسف هذا كله..
لماذا يفعل ما فعل ويحتفظ بأخيه هكذا!؟
يكشف سياق القصة عن السر في ذلك.. إن يوسف يتصرف بوحي من الله.. يريد الله تعالى أن يصل بابتلائه ليعقوب إلى الذروة.. حتى إذا جاوز به منطقة الألم البشري المحتمل وغير المحتمل،
ورآه صابرا رد عليه ابنيه معا، ورد إليه بصره.

أمر يوسف -عليه السلام- رجاله أن يخفوا صواع الملك في متاع أخيه خلسة.. وكانت الصواع تستخدم كمكيال للغلال.. وكانت لها قيمتها كمعيار في الوزن أخفى الصواع في متاع أخيه..
وتهيأ إخوة يوسف للرحيل، ومعهم أخوهم.. ثم أغلقت أبواب العاصمة.. (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ(

كانت صرخة المؤذن تعني وقوف القوافل جميعا..
وانطلق الاتهام فوق رؤوس الجميع.. أقبل الناس، وأقبل معهم إخوة يوسف..( مَّاذَا تَفْقِدُونَ)؟

هكذا تسائل إخوة يوسف.. قال الجنود: (نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ)..
قال إخوة يوسف ببراءة: لم نأت لنفسد في الأرض ونسرق!
قال المؤذن (وكان يوسف قد وجههم لما يقولونه):
أي جزاء تحبون توقيعه على السارق؟
قال إخوة يوسف: في شريعتنا نعتبر من سرق عبدا لمن سرقه.

كانت هذه الإجابة كيدا وتدبيرا من الله تعالى، ولولا هذا التدبير الإلهي لامتنع على يوسف أن يأخذ أخاه.. فقد كان دين المل
ك أو قانونه لا يقضي باسترقاق من سرق. وبدأ التفتيش.

كان هذا الحوار على منظر ومسمع من يوسف، فأمر جنوده بالبدء بتفتيش رحال أخوته أولا قبل تفتيش رحل أخيه الصغير.
كي لا يثير شبهة في نتيجة التفتيش.

اطمأن إخوة يوسف لبراءتهم من السرقة ، فلم يبقى إلا أخوهم الصغير. وتم استخراج الصواع من رحله.
فأمر يوسف بأخذ أخيه عبدا، قانونهم الذي طبقه القضاء على السارق.
أعقب ذلك مشهد إن إحساس الإخوة براحة الإنقاذ والنجاة من التهمة، جعلهم يستديرون باللوم على شقيق يوسف (قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ)
إنهم يتنصلون من تهمة السرقة.. ويلقونها على أخوهم .

سمع يوسف باتهامهم له.. أسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم
قال (أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ).
أراد أن يقول إنكم بهذا القذف شر مكانا عند الله من المقذوف، لأنكم تقذفون بريئين بتهمة السرقة.. والله أعلم بحقيقة ما تقولون.

وتذكروا أباهم يعقوب.. لقد أخذ عليهم عهدا غليظا، ألا يفرطوا في ابنه. وبدؤا استرحام يوسف: يوسف أيها العزيز.. يوسف أيها الملك.. إ(ِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)

قال يوسف كيف تريدون أن نترك من وجدنا صواع الملك عنده.. ونأخذ بدلا منه أنسانا آخر..؟ هذا ظلم.. ونحن لا نظلم.

كانت هي الكلمة الأخيرة في الموقف. وعرفوا أن لا جدوى بعدها من الرجاء، فانسحبوا يفكرون في موقفهم المحرج أمام أبيهم حين يرجعون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد الخامس:
..........................................
وهنا السياق القرآني لا يذكر أقوالهم جميعا. إنما يثبت آخرها الذي يكشف عما انتهوا إليه. ذكر القرآن قول كبيرهم إذ ذكّرهم بالموثق المأخوذ عليهم، كما ذكرهم بتفريطهم في يوسف من قبل. ثم يبين قراره الجازم: ألا يبرح مصر، وألا يواجه أباه، إلا أن يأذن أبوه، أو يقضي الله له بحكم . وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم فيخبروه صراحة بأن ابنه سرق، فَاُخِذَ بما سرق. ذلك ما علموه شهدوا به.
أما إن كان بريئا، وكا هناك أمر وراء هذا الظاهر لا يعلمونه،
فهم غير موكلين بالغيب. وإن كان في شك من قولهم
فليسأل أهل القرية التي كانوا فيها -أي أهل مصر- وليسأل القافلة التي كانوا فيها، فهم لم يكونوا وحدهم، فالقوافل الكثيرة كانت ترد مصر لتأخذ الطعام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد السادس:
......................................
فعل الأبناء ما أمرهم به أخوهم الكبير، وقصوا لأبيهم يعقوب -عليه السلام- ما حدث. استمع إليهم وقال بحزن وصبر، وعين دامعة (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
)بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) كلمته ذاتها يوم فقد يوسف.. لكنه في هذه المرة يضيف إليها الأمل أن يرد الله عليه يوسف وأخاه فيرد ابنه الآخر.

هذا الشعاع من أين جاء إلى قلب هذا الرجل الشيخ؟
إنه الرجاء في الله، والاتصال الوثيق به، والشعور بوجوده ورحمته. وهو مؤمن بأن الله يعلم حاله، ويعلم ما وراء هذه الأحداث والامتحانات.
ويأتي بكل أمر في وقته المناسب، عندما تتحقق حكمته في ترتيب الأسباب والنتائج.

(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) وهي صورة مؤثرة للوالد المفجوع.
يشعر أنه منفرد بهمه، وحيد بمصابه، لا تشاركه هذه القلوب التي حوله ولا تجاوبه، فينفرد في معزل، يندب فجيعته في ولده الحبيب يوسف. الذي لم ينسه، ولم تهوّن من مصيبته السنون
، والذي تذكره به نكبته الجديدة في أخيه الأصغر فتغلبه على صبره الجميل. أسلمه البكاء الطويل إلى فقد بصره..
أو ما يشبه فقد بصره. فصارت أمام عينيه غشاوة بسبب البكاء
لا يمكن أن يرى بسببها. والكظيم هو الحزين الذي لا يظهر حزنه. ولم يكن يعقوب -عليه السلام- يبكي أمام أحد..
كان بكاؤه شكوى إلى الله لا يعلمها إلا الله.

ثم لاحظ أبناؤه أنه لم يعد يبصر ورجحوا أنه يبكي على يوسف، وهاجموه في مشاعره الإنسانية كأب.. حذروه بأنه سيهلك نفسه
)قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (86) (يوسف)

ردهم جواب يعقوب عليه السلام إلى حقيقة بكائه..
إنه يشكو همه إلى الله.. ويعلم من الله ما لا يعلمون..
فليتركوه في بكائه وقال (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)
إنه يكشف لهم في عمق أحزانه عن أمله في روح الله..
إنه يشعر بأن يوسف لم يمت كما أنبئوه.. لم يزل حيا، فليذهب الإخوة بحثا عنه.. وليكن دليلهم في البحث، هذا الأمل العميق في الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد السابع:
...................................
إخوة يوسف في طريقهم إلى عزيز مصر .. إن فقرهم وحزن أبيهم ومحاصرة المتاعب لهم، قد هدت قواهم تماما.. ها هم أولاء يدخلون على يوسف معهم بضاعتهم .. جاءوا بثمن لا يتيح لهم شراء شيء وعندما دخلوا على يوسف - عليه السلام- رجوه أن يتصدق عليهم (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ)
انتهى الأمر بهم إلى التسول.. إنهم يسألونه أن يتصدق عليهم.. ويستميلون قلبه، بتذكيره أن الله يجزي المتصدقين.

عندئذ.. وسط هوانهم وانحدار حالهم.. حدثهم يوسف بلغتهم، بغير واسطة ولا مترجم

(قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) (يوسف(

يكاد الحوار يتحرك بأدق تعبير عن مشاعرهم الداخلية..
ففاجأهم عزيز مصر بسؤالهم عما فعلوه بيوسف.. كان يتحدث بلغتهم فأدركوا أنه يوسف.. وراح الحوار يمضي فيكشف لهم خطيئتهم معه.. لقد كادوا له وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ

مرت السنوات، وذهب كيدهم له.. ونفذ تدبير الله المحكم الذي يقع بأعجب الأسباب.. كان إلقاؤه في البئر هو بداية صعوده إلى السلطة والحكم.. وكان إبعادهم له عن أبيه سببا في زيادة حب يعقوب له. وها هو ذا يملك رقابهم وحياتهم، وهم يقفون في موقف استجداء عطفه.. إنهم يختمون حوارهم معه بقولهم
(قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ)
إن روح الكلمات واعترافهم بالخطأ يشيان بخوف مبهم غامض يجتاح نفوسهم.. ولعلهم فكروا في انتقامه منهم وارتعدت فرائصهم.. ولعل يوسف أحس ذلك منهم فطمأنهم بقوله
(قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
لا مؤاخذة، ولا لوم، انتهى الأمر من نفسي وذابت جذوره..
لم يقل لهم إنني أسامحكم أو أغفر لكم، إنما دعا الله أن يغفر لهم، وهذا يتضمن أنه عفا عنهم وتجاوز عفوه . دعا الله أن يغفر لهم.. وهو نبي ودعوته مستجابة..

ها هو يوسف عليه السلام ينهي حواره معهم بنقلة مفاجئة لأبيه.. يعلم أن أباه قد ابيضت عيناه من الحزن عليه..
يعلم أنه لم يعد يبصر.. لم يدر الحوار حول أبيه لكنه يعلم.. وأعطاهم قميصا له وقال
(اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ). وعادت القافلة إلى فلسطين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد الثامن:
..........................................
ما أن خرجت القافلة من مصر، حتى قال يعقوب -عليه السلام-
لمن حوله في فلسطين: إني أشم رائحة يوسف، لولا أنكم تقولون في أنفسكم أنني شيخ خرِف لصدقتم ما أقول. فرد عليه من حوله

لكن المفاجأة البعيدة تقع. وصلت القافلة، وألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب -عليهما السلام- فارتدّ بصره.
هنا يذكر يعقوب حقيقة ما يعلمه من ربه
(قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).

فاعترف الأخوة بخطئهم، وطلبوا من أباهم الاستغفار لهم، فهو نبي ودعاءه مستجاب.
إلا أن يعقوب عليه السلام (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ونلمح هنا أن في قلب يعقوب شيئا من بنيه،
وأنه لم يصف لهم بعد، وإن كان يعدهم باستغفار الله لهم بعد
أن يصفو ويسكن ويستريح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد الأخير في قصة يوسف عليه السلام :
..................................................
بدأت قصته بالرؤيا.. وها هو الختام، تأويل رؤياه:

ف(َلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) (يوسف)

فالآن مشاعره ورؤياه تتحقق.. إنه يدعو ربه
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)..
هي دعوة واحدة.. تَوَفَّنِي مُسْلِمًا

__________________




عطر الجنة 11-30-2023 11:33 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
الدروس المستفادة من قصة يوسف عليه السلام :
.................................................. .......................

1/ حفظ وكتمان الأسرار :
وذلك عندما أخبر سيدنا يوسف عليه السلام والده سيدنا يعقوب برؤياه ، فأمره بألا يخبر أخواته بها ، حفاظا عليه من تآمرهم ونواياهم السيئة التي يخفوها له ، فسيدنا يعقوب يعلم جيدا أنهم يغارون من أخيهم ،
بسبب تفضيله وحبه الشديد له ، مما أثار في نفوسهم الكراهية والحقد .

2/ كيفية المساواة في التعامل مع الأخوة
إن تمييز سيدنا يعقوب وحبه الشديد لسيدنا يوسف ، أدي إلى الشحناء والبغضاء التي أدت كراهية اخوته له ورغبتهم في قتله ، ومن هنا يتعلم كل والد ووالدة ضرورة المساواة بين الأخوة حتى لا تثير في أنفسهم الغيرة والحقد وحب الإنتقام .


3- الثبات والصبر على الحق :
صبر سيدنا يوسف عليه السلام صبرا جميلا بعد أن تخلص منه أخوته في غيابات الجب ، كما نجده صبر على إغواء إمرأة العزيز له وما دبرته له من مؤامرات ، وعندما وضع في السجن ومكث فيه بضع سنين ،

ولم تؤثر جميع هذه الإختبارات ، ولم يمل الصبر والعزيمة والثبات على الحق .


4-الحفاظ على الدعوة إلى دين الله:
استمر سيدنا يوسف في الدعوة لدين الله عز وجل حتى في أصعب الفترات في حياته ، فعندما سأله أحد زملاؤه في السجن بتفسير رؤياه ، نجده بدأ كلامه بالدعوة لله وترك الكفر به ،

وهذه الآية توضح هذا الأمر : (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)


5- سلبيات الخلوة بالسيدات الأجنبيات :
حيث تعرض سيدنا يوسف عليه السلام لفتنة وإغواء من إمرأة العزيز ، فكانت الأسباب مهيئة للفاحشة حيث القدرة والسلطان والخلوة .

6- أهمية تبرئة النفس من التهم :
ربما يستغرق ذلك وقت طويل ، ولكن يجب الحصول على شهادة تبرئة ، فنجد في قصة سيدنا يوسف أنه دخل السجن
بسبب كيد النساء ، ولكنه صبر على هذا الإبتلاء ، فهو واثق أنه وقع عليه ظلم وأن الله يؤيده ويناصره مهما طال الوقت ،

وعندما خرج يوسف من السجن طلب إعلان براءته أمام الجميع حتى تظهر الحقيقة وتتضح الصورة ،
وهنا اعترفت إمرأة العزيز بفعلتها وقالت أنها راودته عن نفسها ، وبالتالي حصل سيدنا يوسف على البراءة وظهر بصورة ناصعة البياض .


7- التمكين يأتي بعد الإبتلاء والإمتحان
: حيث تعرض سيدنا يوسف للعديد من المحن الصعبة ، والتي استطاع إجتيازها بصبره وقوة إيمانه ،
وكانت نتيجة ذلك أنه أصبحا مقربا من الملك وتولى خزائن الأرض بعدما مكن منها .


8- العين حق :
فربما يجوز للأشخاص إتباع نمط معين يكف بها شر وأذى العين ، وهذه الآية توضع ذلك على لسان يعقوب عليه السلام

(وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ * وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ * وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) [يوسف:67] ،

فعلى الرغم من قوة إيمان يعقوب عليه السلام بالقضاء والقدر ، ولكنه أخذ بالأسباب لكف الأذى عن أولاده
فأبى أن يصابوا بالحسد من شدة جمالهم .


9- تجنب الفتن :
يجب الإبتعاد عن الظنون والفتن ، فقام يوسف عليه السلم بالإبتعاد عن إمرأة العزيز
حينما حاولت إغوائه وغلقت الأبواب ، حيث تحلى بالإيمان الشديد الذي عصمه من فتنتها .


10- أهمية الدعاء في حياة الإنسان المسلم :
فيعتبر الدعاء من أساسيات العبادة ، وهو دليل على قوة علاقة المسلم بالله ،
فنجد أن الدعاء ملازم ليوسف طوال حياته وفي جميع المواقف والمحن التي تعرض لها ،
لذلك ميزه الله عز وجل أنعم عليه بالكثير ومن أهم هذه النعم العلم والإيمان
ومكنه في الأرض ،

فدعا ربه قائلا (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ * فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ * تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) يوسف:101

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عطر الجنة 11-30-2023 11:41 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 



https://www.raed.net/img?id=510510




ـــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة الثانية عشر

أيوب عليه السلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


.....................
نبذة:
....................

أيوب عليه السلام من سلالة النبي إبراهيم عليه السلام كان من النبيين الموحى إليهم، كان أيوب عليه السلام

ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله ابتلاه في هذا كله فزاله عنه، وابتلي في جسده بأنواع البلاء

واستمر مرضه قيل 13 عاما والذي فيه الرواية عن رسول الله 18 عاما

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ نَبِيَّ اللهِ أَيُّوبَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -

لَبِثَ فِي بَلاَئِهِ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَفَضَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ إِلاَّ رَجُلَيْنِ مِنْ إِخْوَانِهِ كَانَا مِنْ أَخَصِّ إِخْوَانِهِ؛

كَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانِ، فَقَالَ : أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: تَعْلَمُ، وَاللهِ لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ.

فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَرْحَمْهُ اللهُ، فَيَكْشِفَ مَا بِهِ.

اعتزله فيها الناس إلا امرأته صبرت وعملت لكي توفر قوت يومهما حتى عافاه الله من مرضه

وأخلفه في كل ما ابتلي فيه، ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبره وفي بلائه،

روي أن الله يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام على أهل البلاء.


.......................
سيرته:
............................

ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما وصبر كصبر أيوب عليه السلام..

وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)

والأوبة: هي العودة إلى الله تعالى.. وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر.

وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه.

والقرآن لم يقص عن نوع مرضه ولم يحدده..

وقد نسجت الأساطير عديدا من الحكايات حول مرضه..

................................
مرض أيوب عليه السلام
.................................

كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات.

ونذكر هنا أشهرها:

أن أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير، ففقد ماله وولده، وابتلي في جسده، فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا زوجته ورجلين من إخوانه.


وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام.

ثم إن الناس توقفوا عن استخدامها، لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته.

فلما لم تجد أحداً يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير،

فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره،

فقالت: خدمت به أناساً، فلما كان الغد لم تجد أحداً،
فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً،
وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟
فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقاً،
قال في دعائه (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين).
وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى.

وقيل أن امرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي

أن يقول أنت شفيتني بعد علاجه، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف أن يضربها مئة ضربة.

أما ما كان من أمر صاحبي أيوب، فقد كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر:

لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء, فذكره الآخر لأيوب, فحزن ودعا الله.

ثم خرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه, فأوحى الله إليه أن اركض برجلك, فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا, فجاءت امرأته فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال:

إني أنا هو, وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير, فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض.

وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "بينما ‏‏أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا ‏‏ أيوب ‏ ‏ألم أكن أغنيتك عما ترى قال: بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك
" (رجل جراد ‏أي جماعة جراد).
## الشرح ##
كان أيوب -عليه السلام- يغتسل عريانًا، فسقط عليه ذهب كثير على هيئة الجراد، فجعل أيوب -عليه السلام-
يأخذه ويرميه في ثوبه، فناداه ربه عز وجل : ألم أكن أغنيتك عن هذا؟ فقال : بلى وعزتك، ولكني لم آخذه شرهًا وحرصًا على الدنيا، إنما لكونه بركةً منك.

فلما عوفي أمره الله عز وجل أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود دقيق) فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه
وبذلك يكون قد بر في قسمه.

ثم جزى الله -عز وجل- أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله فقيل: أحيى الله أبناءه. وقيل: آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة

وذكر بعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا.

هذه أشهر رواية عن فتنة أيوب وصبره.. ولم يذكر فيها أي شيء عن تساقط لحمه، وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب.

فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفرا أو مشوها كما تقول أساطير القدماء.. نستبعد ذلك لتنافيه مع منصب النبوة..

ويجدر التنبيه بأن دعاء أيوب ربه
(أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ).

قد يكون القصد منه شكوى أيوب -عليه السلام-
لربه جرأة الشيطان عليه وتصوره أنه يستطيع أن يغويه.

ولا يعتقد أيوب أن ما به من مرض قد جاء بسبب الشيطان.
هذا هو الفهم الذي يليق بعصمة الأنبياء وكمالهم.

وروى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين , والله أعلم.
وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب،
وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل

فالله أعلم.
__________________


العبر من قصه أيوب عليه السلام
...............................................
1/ إن الله هو مالك الأمر يقضي الأمر بحكمه ورحمته وحكمته، فالسراء والضراء نعمة
نحن بها مغبونون إذ إنّ كليْهما ابتلاء واختبار يختبر الله إيماننا هل نصبر أم نشكر،

فليس كصبر أيوب عليه السلام صبر ومع هذا صبر صبراً جميلاً لم يشْكُ ربه إلى الناس،

إنما رضي وصبر وشكر مؤمناً بعدل الله ورحمته فعوضه الله كل خير،

عظة لنا أن الله إذا أخذ أعطى أضعافَ مما أخذ.


2/ أن العبد عليه دائماً وأبدا أن يصبر في السراء والضراء، وفي العسر واليسر، وفي الخير والمكره

أن يلجأ إلى الله، وأن يملأ قلبه اعتقاداً، أن لا مجيب له إلا الله سبحانه وتعالى.


3/ إن لا كاشف لما نزل به من البلاء إلا رب الأرباب، وخالق الأسباب، فهو المعين، وهو المجيب،
وهو الذي بيده مقاليد كل شيء، وهذا الاعتقاد يدخل الراحة والطمأنينة في قلب
المؤمن ويجعل حياته هادئة مستقرة لا اضطراب فيها ولا قلق، ونفسه راضية مطمئنة، ترضى بما كتبه الله عليها، وتقبل بما قسمه الله لها.

4/ من اهم العبر الموجودة في قصة أيوب عليه السلام درس الصبر، فالصبر على البلاء،
والصبر على المرض، والصبر على مفاتن الدنيا، والصبر على ذهاب المال والولد،

كل ذلك من أنواع الصبر ونحوها مما يبتلي الله بها عباده؛ ليعلم من يصبر منهم وممن لا يصبر،
وليعلم المؤمن الحق من المنافق، وقد قال تعالى:

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىظ° نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}.. [محمد : 31]

وفي الحديث قوله صل الله عليه وسلم: وأعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا ًكثيرا، وأن النصر مع الصبر،

وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً).. رواه الامام احمد.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ






عطر الجنة 12-02-2023 09:06 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 




https://www4.0zz0.com/2023/12/02/17/685832337.png


ــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة الثالثة عشر:
ذو الكفل عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــ

..........
نبذة:
..........

من الأنبياء الصالحين، وكان يصلي كل يوم مائة صلاة، قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل فسمي بذي الكفل.

.............
سيرته:
.............
قال أهل التاريخ ذو الكفل هو ابن أيوب عليه السلام وأسمه في الأصل (بشر) وقد بعثه الله بعد أيوب عليه السلام وسماه
ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوقي بها، وكان مقامه
في الشام وأهل دمشق يتناقلون أن له قبرا في جبل هناك يشرف على دمشق يسمى قاسيون.

إلا أن بعض العلماء يرون أنه ليس بنبي وإنما هو رجل من الصالحين
من بني إسرائيل.
وقد رجح ابن كثير نبوته لأن الله تعالى قرنه مع الأنبياء فقال عز وجل:

(وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) (الأنبياء)

قال ابن كثير : فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هو المشهور.

والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوته ورسالته والقوم الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك
لا بالإجمال ولا بالتفصيل لذلك نمسك عن الخوض في موضوع دعوته حيث أن كثيرا من المؤرخين لم يوردوا عنه إلا الشيء اليسير.

ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما
رواه الأمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملتني عليه الحاجة ..
قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبي بالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه : قد غفر الله للكفل). رواه الترمذي
وقال: حديث حسن وروي موقوفا على ابن عمر وفي إسناده نظر.

فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وإنما لفظ الحديث الكفل من غير إضافة فهو إذا رجل آخر غير المذكور في القرآن.

ويذكر بعض المؤرخين أن ذا الكفل تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم ويقضي بينهم بالعدل فسمي ذا الكفل
وذكروا بعض القصص في ذلك ولكنها قصص تحتاج إلى تثبت وإلى تمحيص وتدقيق.

........................
هل ذو الكفل نبي أم رجل صالح ؟
..........................


أما من يقول أن ذو الكفل لم يكن نبيا وإنما كان رجلا صالحا من بني إسرائيل فيروي أنه كان في عهد نبي الله اليسع عليه السلام.
وقد روي أنه لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟
فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب.
فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم النهار،
وتقوم الليل، ولا تغضب؟
قال: نعم. لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون
أن يستخلف أحدا.
وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل
ما قال اليوم الأول، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا.
فاستخلف اليسع ذلك الرجل.
اختلف العلماء في ذي الكفل فمنهم من قال: إنه كان رجلاً صالحًا وحكمًا مقسطًا عادلاً من بني إسرائيل وكان قد تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم، ويقضي بينهم بالعدل ففعل فسُمّي ذا الكفل. ومن العلماء من قال إنه كان نبيًا وهذا الصحيح
لأنه الظاهر من ذكره في القرءان الكريم بالثناء عليه مقرونًا مع هؤلاء الأنبياء صل الله عليهم أجمعين، قال الله تبارك وتعالى
بعد ذكر قصة أيوب في سورة الأنبياء
(وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ)
وقال الله جل جلاله بعد ذكر أيوب عليه السلام
(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ*
إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّار* وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ* وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ) سورة ص.
كان يصوم النهار.. يقوم الليل.. ولا يغضب
السعدي في تفسير الآيات الكريمة، قال إن هؤلاء الأنبياء قد استخلصهم الله تعالى بأحسن الذكر، والثناء عليهم فقد استخلصهم من الخلق وانتقى لهم الأفضل من الأعمال والخصال الحميدة، والخُلُق، والطباع الحسنة.
وقد رُوي عن ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد، أن ذا الكفل لما كبر في العمر، خرج على قومه وقال لهم إنه يرغب في أن يستخلفه رجلاً على بني قومه، فيعمل عليهم قبل موته حتى يدري ما سوف يفعله بهم.
.................................................. ........
حوار الشيطان مع ذي الكفل عليه السلام
.................................................. .......

إبليس ظل يتربص بسيدنا ذا الكفل ويقول لأعوانه من الشياطين عليكم بفلان، فظلوا يراودونه حتى أعياهم، فقال لهم إبليس دعوه لي، فذهب إليه في هيئة شيخ عجوز كبير في السن وفقير، وأتاه عندما أخذ مضجعه، وكان لا ينام ليلاً أو نهارًا، إلا تلك الغفوة في القيلولة.
غفوة القيلولة عندما بدأت إذا بالباب يطرقه أحدهم فصاح متسائلاً من؟
فقال الطارق أنا شيخ عجوز مظلوم.
فنهض وفتح له الباب واستضافه، فجعل يقص عليه أن قومه قد ظلموه، وأنه بينه وبينهم ظلومة، وقال أنهم فعلوا وفعلوا به،
حتى بدأ يجن الغروب وترحل القائلة.
فقال له إذا رحلت فإنني أجلب لك حقك.
إبليس ذهب منطلقا، فذهب ذو الكفل إلى مجلسه وطفق يسأل ويقضي بين الناس، وينتظر العجوز أن يأتي حتى يرد له حقه فلم يره، ولما عاد إلى بيته وراح يخلد إلى النوم في القائلة، فإذا بالشيخ يطرق عليه الباب، فنهض ذا الكفل وسأله لمَ لم يأت بين الناس ليسترد حقه؟
إبليس قال لهم إنهم قوم خبث، فإذا كان قد جلس بينهم قالوا له سنهبك حقك، وإذا ما انطلق من خلفهم جحدوه.
فقال له ذو الكفل آتني بين الناس لأعطيك حقك، وظل ذو الكفل ينتظر العجوز ولكنه لم يأت، وشق عليه النعاس فأوصى أهله بألا يدعوا أحدًا يطرق الباب مجددًا، حتى يحصل على بعض النوم فقد شق عليه، وعندما خلد إلى مضجعه إذا بالعجوز يظهر ويطلب مقابلته.
قوم ذي الكفل خاطبوا إبليس قائلين: لقد انتظرك كثيرًا ولكنك لم تأت.
قال لقد أتيته بالأمس وذكرت له أمري فدعوني أجالسه.
فمنعوه وقالوا إنه قد أمرهم بألا يدعوا أحدًا يقترب من الباب.
فنظر العجوز حوله حتى وجد فتحة صغيرة في جانب المنزل، فتسلل منها إلى الداخل ثم طرق على الباب على من الداخل.
فنهض ذو الكفل ليرى من أتى، فإذا به معه داخل المنزل، فقال له ألم آمرك ألا تأتيني، فمن أين أتيت، قال ذلك وهو يدفع باب منزله ليجده مغلقًا كما هو، هنا عرف أنه إبليس قد أتاه بتلك الهيئة فقال له أعدو الله أنت؟ فقال له نعم لقد أعييتني حتى أنني فعلت كل شيء لأغضبك، فأسماه الله تعالى ذا الكفل؛ لأنه تكفّل بما وعد به وأوفى.
................................
وفاة نبي الله ذي الكفل
..................................
قيل: مات ذو الكفل وكان عمره خمسًا وسبعين سنة على ما يرويه
أهل التواريخ، ويقال إن قبره في قرية كفل حارس من أعمال نابلس
في فلسطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ


عطر الجنة 12-02-2023 09:18 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن ذا الكفل وإلياس واليسع عليهم الصلاة والسلام

هم ممن وردت أسماؤهم في القرآن الكريم بأنهم من الأنبياء، قال تعالى( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كلٌّ من الصابرين *

وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين) (الأنبياء: 85-86)،

وقوله تعالى("وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كلٌّ من الصالحين* وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاًّ فضّلنا على العالَمين"
(الأنعام: 84-85)،

ونصت آية الصافات على كون إلياس من الرسل ( وإن إلياس لمن المرسلين" (الصافات: 123)،

ويرى عدد من المفسرين في قوله تعالى (سلامٌ على إل ياسين) (الصافات: 130)

أن المقصود به هو إلياس وأن (إل ياسين) هي لغة ثانية لإلياس على غرار جبريل وجبرائيل وجبرائين، وميكال وميكائيل، وإسماعيل وإسماعين.

وأما شيث ويوشع عليهما الصلاة والسلام فقد ثبتت نبوّتهما في السنة النبوية، فبخصوص شيث عليه الصلاة والسلام
أخرج ابن حبان
بسندٍ حسن عن أبي ذر أنه قال: "إنه أنزل عليه خمسون صحيفة" وهذا حديث مرفوع للنبي صل الله عليه وسلم، لا يقوله الصحابي من ذاته.

وأخبر النبي صل الله عليه وسلم أن أحد أنبياء بني إسرائيل حُبست له الشمس في إحدى الغزوات

فقال عليه الصلاة والسلام: غزا نبي من الأنبياء ... فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريباً من ذلك، فقال للشمس:

أنتِ مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحُبست حتى فَتح الله عليه.."

رواه البخاري، وفي رواية صحيحة في مسند أحمد جاء التصريح باسم النبي المقصود،

فعن أبي هريرة أن النبي صل الله عليه وسلم قال: "إن الشمس لم تُحبس على بشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس".

ولم يَذكر القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من الأخبار عن قصص هؤلاء الأنبياء،

ولذلك يجب الحذر من تداول الإسرائيليات حولهم.

ومعلوم أن عدد الأنبياء والرسل كثير جداً، لقوله تعالى (ورسلاً قد قصَصْناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك)
(النساء: 164)،

وقال تعالى(وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) (فاطر: 24)،

وقدمت لنا السنة النبوية أرقاما محددة، فأبو ذر سأل النبي صل الله عليه وسلم عن عدد المرسلين، فقال عليه الصلاة والسلام:

"جم غفير، ثلاث مائة وبضعة عشر"، وسأله عن عدد الأنبياء، فقال عليه الصلاة والسلام: "مئة وأربعة وعشرون ألف نبي"
رواه أحمد

وبخصوص لماذا قص الله عز وجل قصص هؤلاء الأنبياء والرسل دون بقيتهم؟

يقول ابن عاشور في تفسيره التحوير والتنوير: "لأن المذكورين هم أعظم الرسل والأنبياء قصصا ذات عبر".

ولعل من العبر المهمة في قصص هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام -برغم أننا لا نعرف تفاصيل حياتهم ومسيرتهم-،

أن الله عز وجل قد خلّد ذكرهم "وتركْنا عليه في الآخِرين* سلام على إل ياسين" (الصافات: 129-130)
فجعل التصديق بهم وحبهم وتقديرهم من أركان الإيمان،

لِما لهم من الفضل وما قدموه في سبيل الله عز وجل عند أمة الإسلام حتى قيام الساعة، وفي يوم القيامة

يشهد المسلمون للأنبياء أنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة لأممهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ


الساعة الآن 02:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)