منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع القران الكريم وعلومه (https://hwazen.com/vb/f28.html)
-   -   سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع (https://hwazen.com/vb/t23423.html)

عطر الجنة 12-03-2023 12:21 AM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 



https://www3.0zz0.com/2023/12/02/20/568977870.png

ـــــــــــــــــــــــــــــ
القصة الرابعة عشر
يونس عليه السلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

............
نبذة:
..........

أرسله الله إلى قوم نينوى في العراق فدعاهم إلى عبادة الله وحده ولكنهم أبوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب
بعد ثلاث ليال فخشوا على أنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب، أما يونس عليه السلام فخرج في سفينة

وكانوا على وشك الغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال فوقع ثلاثا على يونس فرمى نفسه في البحر

فالتقمه الحوت وأوحى الله إليه أن لا يأكله فدعا يونس ربه أن يخرجه من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه إلى مائة ألف أو يزيدون

.................
سيرته:
.................

يونس عليه السلام نبيا كريما أرسله الله إلى قومه ؛ قيل في نسبه هو يونس بن متّى ثمّ يتصل نسبه بنسل بنيامين
شقيق يوسف عليه السلام، بُعث يونس عليه السلام إلى نينوى ، إلى قومٍ انتشر الشرك بينهم فكانوا يعبدون الأصنام،

فأوحى إليهم يونس وأرشدهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، إلا أنّهم كذّبوه، وكفروا برسالته، وأصرّوا على عبادة أصنامهم

وأوثانهم، وكان من بينها صنم أكبر يُدعى: عشتار، وقد قيل: إنّ دعوة يونس عليه السلام لقومه استمرت ثلاثاً وثلاثين سنة،

إلّا أنّه لم يؤمن معه سوى رجلين ولذلك شعر يونس عليه السلام باليأس من قومه، فتركهم وخرج من بلدتهم


وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا وقرر هجرهم

ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام. ولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس.

ولكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر.

وقال أهل التفسير: بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرض الموصل. فقاده الغضب إلى شاطىء البحر
حيث ركب سفينة مشحونة.

ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم. فلما خرج من قريته، وتأكد أهل القرية من نزول العذاب

بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل، وكانوا مائة
ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا أجمعين. فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم.

..........................
أمر السفينة:
..................................

لما خرج يونس عليه السلام من نينوى أقبل على قومٍ وركب معهم سفينتهم فلمّا أن وصلت بهم جميعاً إلى عُرض البحر

فقد هاج البحر بالسفينة ، وارتفع من حولها الموج. وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه
ارتكب خطيئة. وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق.

فاقترعوا على من يلقونه من السفينة . فخرج سهم يونس وكان معروفاً عندهم بالصلاح فأعادوا القرعة،

فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر أو ألقى هو نفسه.

فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له.

وأحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر له عظما. واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت،

فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء. ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام،

ومنهم من قال سبعة.

..................................
يونس في بطن الحوت:
..................................

عندما أحس بالضيق في بطن الحوت، في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل- سبح الله واستغفره

وذكر أنه كان من الظالمين.

وقال ( أن َّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).

فاستجاب الله له دعاءه. فلفظه الحوت. (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون).

وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء. وأنبت الله عليه شجرة القرع. قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه

حِكَم جمة. منها أن ورقه في غاية النعومة وكثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياً

ومطبوخاً، وبقشره وببزره أيضاً.

وكان هذا من تدبير الله ولطفه. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك.
فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً.

....................................
‏فضل يونس عليه السلام:
....................................

لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام،
منها قول النبي‏ ‏صل الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه و سلم قال

من قال: مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلاَمُ" رواه البخاري ومسلم

وفي رواية للبخاري من قال " أنا خير من يونس بن متّى فقد كذب" .

..........................
ذنب يونس عليه السلام:
...............................

نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس.

هل ارتكب يونس ذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟

وهل يذنب الأنبياء.؟

الجواب : أن الأنبياء معصومون.. غير أن هذه العصمة لا تعني أنهم لا يرتكبون أشياء هي عند الله أمور تستوجب العتاب.

المسألة نسبية إذا.

يقول العارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين.. وهذا صحيح.

فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة المعاندة. فلو صدر هذا التصرف من أي إنسان صالح غير يونس..

لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها. فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين.

ولكن يونس عليه السلام نبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولا يعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر

نتائج الدعوة.. ليس عليه إلا البلاغ.


إن الله عز وجل يلقن يونس درسا في الدعوة إليه ليدعو النبي إلى الله فقط. هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها .

وقد خرج يونس بغير إذن فانظر ماذا وقع لقومه. لقد آمنوا به بعد خروجه.. ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك

وعرفه واطمأن قلبه وذهب غضبه.. غير أنه كان متسرعا وليس تسرعه هذا سوى فيض في رغبته

أن يؤمن الناس وإنما اندفع إلى الخروج كراهية لهم لعدم إيمانهم.. فعاقبه الله وعلمه أن على النبي أن يدعو لله فحسب.

والله يهدي من يشاء


........................................
فوائد قصة يونس عليه السلام
..............................................

1/ أهمية عبادة التسبيح وأنها سببٌ لدفع الهمّ واستدفاع الغَمّ، فالاستمساك بصيغة التسبيح الواردة في قصة يونس عليه السلام،

وهي ( أن لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،

فهي جامعة شاملة للتوحيد والتسبيح، والاعتراف بفضل الله تعالى على العبد،


2/ في قصة يونس عليه السلام رسالةٌ لكل داعية ومربٍّ ومصلِح وأب ألا ييْئَسَ ولا يضيق مِن دعوته وتوجيهاته؛

فيونس عليه السلام حينما غاضَبَ قومَه حين جفوا دعوته، ثم عاد إليهم مرَّةً ثانية وواصل دعوته

فكان نتيجته: آمن قومه أجمعون.


3/ أنَّ الدعوة والنصيحة والتوجيه ليستْ جولةً واحدة بل هي جولة وجولات، ولكن مع الصِّدق والإخلاص

يفتح الله تعالى للكلمات الناصحة مغاليقَ القلوب.


4/ الصبر؛ فالصبر مفتاح الفرج وهو طريق تحقيق الغايات التي تأخّر ظهورها والداعي إلى الله تعالى عليه

أن يكون صبوراً في دعوته فعلى المسلم الداعية إلى ربّه عزّ وجلّ أن يكون صبوراً طويل النفس؛ ليصل إلى غايته العظيمة.


5/ في قصَّة يونس عليه السلام دليلٌ على القاعدة الأصولية المشهورة وهي: ارتكاب أخف الضررين لدفْع أعلاهما

فإلقاء بعض أفراد السفينة، وإن كان فيه ضررٌ متحقِّق إلا أنَّ فيه دفعًا لضرر أعلى وهو هلاكهم جميعًا .


6/ عدم الاستعجال؛ حيث قال الله تعالى (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)

فهذه إشارة كان على يونس عليه السلام ألّا يستعجل فيترك قومه لوحدهم بل أن يبقى معهم مُذكّراً و موجّهاً

ولا ينتظر منهم القبول، والإيمان بسرعةٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عطر الجنة 12-03-2023 11:47 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 



https://up.boohalharf.com/uploads/170163299497961.png


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة الخامسة عشر
شعيب عليه السلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

...................
نبذة:
.......................

قال الله تعالى: "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب
أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم
فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم
والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعا.

.........................
سيرته:
............................

هو شعيب بن مدين بن سام بن نوح بن إدريس بن شيث بن آدم عليه السلام، وهو ابن عم نبي الله لوط عليه السلام.

كان يسمى شعيب عليه السلام "خطيب الأنبياء"؛ لحسن مراجعته لقومه.

..............................................

رسالة نبي الله شعيب عليه السلام
..................................................
بعث النبي شعيب عليه السلام بعد النبي لوط إلى قوم مدين، العرب الذين سكنوا مدينة مدين، القرية الواقعة
على أطراف الشام، بالقرب من بحيرة قوم لوط التي يقال إنها كانت في الأردن، وهم قوم من بني مدين بن مديان بن

النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

وكان أهل مدين كفارا، يقطعون السبيل ويخيفون المارة، وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان فيأخذون

بالزائد ويدفعوم بالناقص، فبعث الله فيهم رسولًا منهم وهو النبي شعيب عليه السلام.

لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس..

فأرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين. فقال شعيب (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه)

نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف من نبي إلى آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة..

وبغير هذه الأساس يستحيل أن ينهض بناء العباد والأمة.

بدأ شعيب عليه السلام في توضيح الأمور الاخرى التي جاءت بها دعوته

(وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ)

بعد قضية التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي شعيب إلى قضية المعاملات اليومية.. قضية الأمانة والعدالة..

كان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم..

وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد.. ، وكان أهل مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهم..

نوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء.. ودهاء في الأخذ والعطاء..

ثم جاء نبيهم وأفهمهم أن هذه دناءة وسرقة.. أفهمهم أنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط..

فبعث شعيب عليه السلام بأخلاق الإسلام ليعلمه في حياة الناس، إلى الحد الذي يرقب فيه عملية البيع والشراء.

قال (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)

لم يزل شعيب ماضيا في دعوته.. إنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسط.. بالعدل والحق..

وهو يحذرهم أن يبخسوا الناس أشيائهم.

لنتدبر معا في التعبير القرآني القائل (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) كلمة الشيء تطلق على الأشياء المادية والمعنوية..

أي أنها ليست مقصورة على البيع والشراء فقط، بل تدخل فيها الأعمال أو التصرفات الشخصية.

ويعني النص تحريم الظلم، سواء كان ظلما في وزن الفاكهة أو الخضراوات، أو ظلما في تقييم مجهود الناس وأعمالهم..

ذلك أن ظلم الناس يشيع في جو الحياة مشاعر من الألم واليأس واللامبالاة، وتكون النتيجة أن ينهزم الناس من الداخل،

وتنهار علاقات العمل، وتلحقها القيم.. ويشيع الاضطراب في الحياة.. ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض

(وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) العثو هو تعمد الإفساد والقصد إليه فلا تفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين

(بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ).. ما عند الله خير لكم.. (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)

بعدها يفهمهم أنه لا يملك لهم شيئا.. ليس موكلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم..

إنما هو رسول يبلغهم رسالات ربه (وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ)

بهذا الأسلوب يشعر شعيب قومه بأن الأمر جد وخطير وثقيل.. إذ بين لهم عاقبة إفسادهم وتركهم أمام العاقبة وحدهم.

...................................
رد قوم شعيب عليه السلام :
......................................

تحدث قومه (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)

كان أهل مدين كفارا يقطعون السبيل، ويخيفون المارة،

ويعبدون الأيكة.. وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها.. وكانوا من أسوأ الناس معاملة،

يبخسون المكيال والميزان ويطففون فيهما، ويأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص..

وبعد هذا كله حوارهم مع شعيب قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)... ؟

بهذا التهكم الخفيف والسخرية واستهوال الأمر..

لقد تجرأت صلاة شعيب عليه السلام وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله وحده.. أي جرأة من شعيب..؟

بهذا المنطق الساخر وجه قوم شعيب خطابهم إلى نبيهم.. ثم عادوا يتساءلون ساخرين (أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء)

يا شعيب إن صلاتك تتدخل في إرادتنا، وطريقة تصرفنا في أموالنا.. ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية؟

بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء..

طرحوا أمامه قضية الإيمان، وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم.

هذه المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والإسلام، وقد بعث به كل الأنبياء، وإن اختلفت أسماؤه..

هذه المحاولة قديمة من عمر قوم شعيب عليه السلام . لقد أنكروا أن يتدخل الدين في حياتهم اليومية، وسلوكهم واقتصادهم

وطريقة إنفاقهم لأموالهم بحرية..

إن حرية إنفاق المال أو إهلاكه أو التصرف فيه شيء لا علاقة له بالدين..

هذه حرية الإنسان الشخصية.. وهذا ماله الخاص، ما الذي أقحم الدين على هذا وذاك؟..

هذا هو فهم قوم شعيب للإسلام الذي جاء به شعيب،

وهو لا يختلف كثيرا أو قليلا عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي نعيش فيه.

ما للإسلام وسلوك الإنسان الشخصي وحياتهم الاقتصادية وأسلوب الإنتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس

في أموالهم كما يشاءون..؟

ما للإسلام وحياتنا اليومية..؟

ثم يعودون إلى السخرية منه والاستهزاء بدعوته (إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)

أي لو كنت حليما رشيدا لما قلت ما تقول.

أدرك شعيب عليه السلام أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين في الحياة اليومية..

ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوة الواثق من الحق الذي معه وتجاوز سخريتهم لا يباليها

ولا يتوقف عندها أفهمهم أنه على بينة من ربه..

إنه نبي يعلم وهو لا يريد أن يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه

إنه لا ينهاهم عن شيء ليحقق لنفسه نفعا منه

إنه لا ينصحهم بالأمانة ليخلوا له السوق فيستفيد من التلاعب..

إنه لا يفعل شيئا من ذلك.. إنما هو نبي.. وهو يلخص لهم كل دعوات الأنبياء (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ)

إن ما يريده هو الإصلاح.. هذه هي دعوات الأنبياء في مضمونها الحقيقي وعمقها البعيد..

إنهم مصلحون أساسا مصلحون للعقول، والقلوب والحياة العامة والحياة الخاصة.

بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته

وما يجب عليهم الالتزام به ورأى منهم الاستكبار

حاول إيقاذ مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم قوم نوح، وقوم هود،

وقوم صالح، وقوم لوط.

وأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين فهو الغفور الرحيم


.................................................. ......

تحدي وتهديد القوم لشعيب عليه السلام :
.................................................. ........

لكن قوم شعيب أعرضوا عنه قائلين (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا)

أي أنه ضعيف بمقياسهم. ضعيف لأن الفقراء والمساكين هم فقط اتبعوه، أما عالية القوم فاستكبروا وأصروا على طغيانهم.

إنه مقياس بشري خاطئ، فالقوة بيد الله والله مع أنبياءه. ويستمر الكفرة في تهديدهم قائلين
(وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)

لولا أهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفرة وقتلناك ضربا بالحجارة.

نرى أنه عندما أقام شعيب عليه السلام الحجة على قومه،

غيروا أسلوبهم فتحولوا من السخرية إلى التهديد.

وأظهروا حقيقة كرههم له. لكن شعيب عليه السلام تلطف معهم..

تجاوز عن إساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ).

إنهم يسيئون تقدير حقيقة القوى التي تتحكم في الوجود.. إن الله هو وحده العزيز.. وكان عليهم أن يدركوا ذلك..

وعلى الإنسان ألا يقيم وزنا في الوجود لغير الله..

ولا يخشى في الوجود غير الله.. ولا يعمل حسابا في الوجود لقوة غير الله .. إن الله هو القاهر فوق عباده.

إن قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب. فاجتمع رؤساء قومه.

ودخلوا مرحلة جديدة من التهديد.. هددوه أولا بالقتل، وها هم أولاء يهددونه بالطرد من قريتهم..

خيروه بين التشريد، والعودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد الأشجار والجمادات..أفهمهم شعيب عليه السلام أن مسألة عودته

في ملتهم مسألة لا يفكر بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها.

لقد نجاه الله من ملتهم فكيف يعود إليها؟ أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد..

فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟

لقد أعرضوا عن الله..و أداروا ظهورهم لله. لقد هجروا الله وكذبوا نبيه، واتهموه بأنه مسحور وكاذب..

...............................
هلاك قوم شعيب عليه السلام :
..................................
وانتقل الصراع إلى تحد و راحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين..

راحوا يسألونه عن عذاب الله.. أين هو..؟ وكيف هو..؟ ولماذا تأخر..؟ سخروا منه..

وانتظر شعيب عليه السلام أمر الله.

فأوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية..


.................................................. ......
وخرج شعيب عليه السلام .. وجاء أمر الله تعالى:
.................................................. ......

(وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94)
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (94) (هود)

هي صيحة واحدة.. صوت جاءهم من غمامة أظلتهم.. ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر..

و فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم... أدركتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد فيهم يجثم على وجهه في مكانه

الذي كان فيه في داره.. صعقت الصيحة كل مخلوق حي.. لم يستطع أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه..

جثم في مكانه مصروعا بصيحة. الله عز وجل القاهر فوق عباده

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ


عطر الجنة 12-03-2023 11:55 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 


.................................................. .......

الفوائد والعبر من قصة شعيب عليه السلام
.................................................. .....

ـ منها : أن التوحيد هو الأساس( يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ )

فهذا هو أساس دعوة نبي الله شعيب بل أساس دعوة الأنبياء جميعًا، وهو توحيد الله عز وجل وعبادة الله وحده.


- منها: أن الكفار كما يعاقبون ويخاطبون بأصل الإسلام
فكذلك بشرائعه وفروعه؛ لأن شعيبًا دعا قومه إلى التوحيد وإلى إيفاء المكيال والميزان،
وجعل الوعيد مرتبًا على مجموع ذلك.

- ومنها: أن نقص المكاييل والموازين من كبائر الذنوب وتخشى العقوبة العاجلة على من تعاطى ذلك،

وأن ذلك من سرقة أموال الناس وإذا كان سرقتهم في المكاييل والموازين موجبة للوعيد؛ فسرقتهم على وجه القهر

والغلبة من باب أولى وأحرى.

- ومنها: أن الجزاء من جنس العمل؛ فمن بخس أموال الناس يريد زيادة ماله؛ عوقب بنقيض ذلك،

وكان سببا لزوال الخير الذي عنده من الرزق لقوله(إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ)د

أي: فلا تتسببوا إلى زواله بفعلكم.


- ومنها: أن على العبد أن يقنع بما آتاه الله، ويقنع بالحلال عن الحرام وبالمكاسب المباحة عن المكاسب المحرمة،

وأن ذلك خير له لقوله( بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ)

لما في ذلك من البركة وزيادة الرزق ما ليس في التكالب على الأسباب المحرمة من المحق وضد البركة.


- ومنها: أن ذلك من لوازم الإيمان وآثاره؛ فإنه رتب العمل به على وجود الإيمان فدل على أنه

إذا لم يوجد العمل فالإيمان ناقص أو معدوم.


- ومنها: أن الصلاة لم تزل مشروعة للأنبياء المتقدمين وأنها من أفضل الأعمال حتى إنه متقرر عند الكفار فضلها وتقديمها

على سائر الأعمال، وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي ميزان للإيمان وشرائعه؛ فبإقامتها تكمل أحوال العبد

وبعدم إقامتها تختل أحواله الدينية.


- ومنها: أن المال الذي يرزقه الله للإنسان وإن كان الله قد خوله إياه فليس له أن يصنع فيه ما يشاء؛

فإنه أمانة عنده عليه أن يقيم حق الله فيه بأداء ما فيه من الحقوق، والامتناع من المكاسب التي حرمها الله ورسوله،

لا كما يزعمه الكفار ومن أشبههم، أن أموالهم لهم أن يصنعوا فيها ما يشاءون ويختارون سواء وافق حكم الله

أو خالفه.


- ومنها: أن من تكملة دعوة الداعي وتمامها أن يكون أول مبادر لما يأمر غيره به وأول منته عما ينهى غيره عنه،

كما قال شعيب -عليه السلام (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ولقوله تعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ

مَا لا تَفْعَلُونَ. كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).


- ومنها: أن وظيفة الرسل وسنتهم وملتهم إرادة الإصلاح بحسب القدرة والإمكان؛

فيأتون بتحصيل المصالح وتكميلها وبدفع المفاسد وتقليلها ويراعون المصالح العامة على المصالح الخاصة

وحقيقة المصلحة: هي التي تصلح بها أحوال العباد وتستقيم بها أمورهم الدينية والدنيوية.


- ومنها: أن من قام بما يقدر عليه من الإصلاح لم يكن ملومًا

ولا مذمومًا في عدم فعله ما لا يقدر عليه؛ فعلى العبد أن يقيم من الإصلاح في نفسه وفي غيره ما يقدر عليه.


- ومنها: أن العبد ينبغي له أن لا يتكل على نفسه طرفة عين، بل لا يزال مستعينًا بربه متوكلًا عليه سائلًا له التوفيق،

وإذا حصل له شيء من التوفيق فلينسبه لموليه ومسديه ولا يعجب بنفسه لقوله )وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).


- ومنها: الترهيب بأخذات الأمم وما جرى عليهم وأنه ينبغي

أن نتذكر القصص التي فيها إيقاع العقوبات بالمجرمين في سياق الوعظ والزجر،

كما أنه ينبغي ذكر ما أكرم الله به أهل التقوى عند الترغيب والحث على التقوى.


- ومنها: أن التائب من الذنب كما يسمح له عن ذنبه ويعفى عنه فإن الله تعالى يحبه ويوده،

فإن الله قال )وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ(.


- ومنها: أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة قد يعلمون بعضها وقد لا يعلمون شيئًا منها،


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ


عطر الجنة 12-06-2023 10:24 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 



https://up.boohalharf.com/uploads/170188643499321.png

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة السادسة عشر

أنبياء أهل القرية
ــــــــــــــــــــــــــــــ
................................
نبذة
.....................
أنبياء أهل القرية عليهم السلام
تحكي الآيات القرآنية قصة أنبياء ثلاثة، أرسل الله رسولين لإحدى القرى لكن أهل القرية كذبوهما فأرسل الله تعالى
رسولا ثالثا يساندهما

يذكر القرآن الكريم قصة رجل من أهل القرية آمن بالرسل، ودعا قومه للإيمان بما جاؤوا بهم

لكن أهل القرية قتلوه، فأدخله الله الجنة.
...........................

سورة يس هي إحدى السور القرآنية التي تحمل بين آياتها الكثير من العِبر ، ولذلك فإن فضل سورة يس عظيم

كباقي سور القرآن الكريم وقد قيل عنها أنها قلب القرآن وقد كانت بدايتها تأكيدًا لرسالة الرسول عليه ال\صلاة والسلام

وتصديقًا لما جاء به ؛ حيث قال الله عزّ وجل (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)

تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)” ،

وبها وردت قصة أصحاب القرية وثلاثة من الرسل الذين أُرسلوا من أجلهم ، وتحمل القصة عبرة عظيمة لمن يعتبر.

...............................

قصة أصحاب القرية

.............................
قال الله عزّ وجل في هذه القصة (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا

فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15)

قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17)

قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19).

لم يذكر القرآن الكريم الأسماء ولا المكان ولا الزمن، السياق يذكر أن القوم كذبوا الرسولين فأرسل الله ثالثا يعزرهما،،

لم يذكر القرآن من هم أصحاب القرية ولا القرية –

وهنا؛ اختلفت الروايات في عدم إفصاح القرآن عن التفاصيل دليل على قلة شأنها واصل أهل القرية تكذيب الرسل، قالوا

(قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ(.

الرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية، حياة الرسل نموذج واقعي للحياة وفق المنهج الإلهي فنموذج يدعو قومه

إلى الاقتداء به كبشر مثلهم، رسول من البشر يمكن لهم أن يقلدوه

ووظيفة الرسول هي بلاغ رسالة الله عز وجل والناس بعدها أحرار في اتخاذ القرار لأنفسهم وفيما

يحملون في تصرفهم من أوزار

الأمر بين الرسل والناس هو التبليغ عن الله فمتى تحقق ذلك ،، فالأمر كله بعد ذلك إلى الله

لذلك عمد أهل القرية إلى أسلوب العنف ،، عمدوا إلى العنف في مقاومة الحجة، قالوا: إننا نتشاءم منكم؛ ونتوقع الشر في

دعوتكم؛ فإن لم تنتهوا عنها فإننا لن نسكت عليكم، ولن ندعكم في دعوتكم: "لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ".

هكذا أسفروا بالباطل والتهديد على الهداة، لكن واجب الرسل يقضي عليهم بالمضي في الطريق:

"قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ"، أبدوا التشاؤم بالدعوة كخرافة الجاهلية،

بيّن الرسل لقومهم التطير أنه خرافة، فحظهم من خير وشر لا يأتيهم من خارج نفوسهم، ففي وسعهم

أن يجعلوا النصيب خيراً أو أن يجعلوه شراً، فإن إرادة الله بالعبد تنفذ من خلال نفسه واتجاهه وعمله،

فالإنسان يحمل طائره معه، هذه حقيقة ثابتة قائمة على أساس صحيح، أما التشاؤم بالأمكنة أو بالوجوه أو بالكلمات،

أما عدا ذلك فهو خرافة لا تستقيم على أصل،

فقالوا لهم) أَئِن ذُكِّرْتُم( أترجموننا وتعذبوننا لأننا نذكركم ! أفهذا جزاء التذكير؟ "بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ".

ماكان منهم إلا انهم تجاوزوا على الموعظة بالتهديد والوعيد وردوا على الدعوة بالرجم والتعذيب !!

فحين أرسل سبحانه رسولين من أنبيائه عليهما السلام لأهل قرية كافرة ، فواجهوا الرسالة بالتكذيب والتعنت والعتو ،

فعزز الله الرسولين بثالث لتقوية موقفهما في مواجهة عناد

العصاة ، لكن موقف أهل القرية لم يتراجع عن الجحود والفسق

و زعموا أن لا ميزة لهؤلاء الرسل عليهم ، موجبة لاختصاصهم بالنبوة والدعوة ، فهم لا يعدون أن يكونوا بشرا .!

ضاقت بأهل القرية الكفرة الحيل وأعيتهم العلل ، فادعوا تشاؤمهم بأنبياء الله المرسلين عليهم السلام

جريا على عادة الجهلة والسفهاء من كل حجة وبرهان ، الخارجين عن كل منطق و عقل ،

فنفروا من دعوة الله وأداروا ظهورهم لها ، بل وهددوا أنبياء الله بالقتل والعذاب الأليم !



................................

قال الله سبحانه وتعالى في قصة هذا الرجل المؤمن

(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)

وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا

يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)

بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)
وبعد أن أعلن هذا الرجل إيمانه وتصديقه للرسل ودعوته للإيمان بما جاءوا به ؛
فقام أهل القرية بقتله لأنه آمن بهؤلاء الرسل ..
ولكن الرجل قد انتقل من الحياة الفانية إلى جنات النعيم الأبدية .
ويُذكر أن الله انتقم من أهل هذه القرية دون أن يُرسل لهم المزيد من الرسل ،
وذلك من خلال صيحة واحدة فقط أمر بها عليه السلام فشعروا بالفزع الشديد وماتوا جميعًا لهذا السبب ؛
حيث قال الله تعالى (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28)
إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عطر الجنة 12-06-2023 10:29 PM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 
..................................................
الدروس المستفادة من قصة أهل القرية
..................................................

1/ إن إرسال الرسل إلى القرى ينبغي أن يؤخذ منه ضرورة إقامة الحجة على الناس، ضرورة إرسال الرسائل الدعوية

إلى كل البلدان، وذلك لأن الله أرسل الرسل إلى القرى، (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر: 24


2/ أهمية تعزيز الداعية بدعاة آخرين، وأن إرسال أكثر من واحد ممكن يكون من أسباب الاستجابة، فعززنا بثالث تعزيز،

وهذه مسألة مهمة لأن التعزيز وتقوية الداعي بإرسال داعي آخر معه يشد من أزره، ويكون أقوى للحجة،

لإقامة الحجة على المدعوين،( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا (القصص: 34

وهذا الشاهد ردءًا معينًا ناصرًا مقويًا، ردءًا معينًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ
( القصص: 34-35،) (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (طه: 29-31 )


3/ القصة تعلمنا أن الإيمان يدفع صاحبه إلى الدعوة إلى الله

( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (يس: 20

إذا خالط الإيمان بشاشة القلوب حرك صاحبه إلى الدعوة، حرك صاحبه إلى تبليغ دين الله
و الحرص على الدعوة،(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ)

من بعيد إنه لم يكن قريبًا من المكان، جاء من أقصا المدينة، ثم جاء يسعى حريصًا ولو أتينا من مكان بعيد لأجل الدعوة

نأتي ونحن نسعى نسرع جادين مهرولين إلى الخير.

4/ في هذه القصة كظم الغيظ والصبر على جهل المدعوين، فهذا الرجل قال ( يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ )

يخاطبهم باللين ومع أنهم قاموا إليه فقتلوه لكن ما دعا ربه بهلاكهم بل تمنى أن يروا ما فيه من النعيم ليعرفوا ما هي عاقبة المتقين.
5/ ذكر في القصة التشاؤم والتشاؤم بطبيعة الحال أمر ينافي التوحيد، ولا يجوز للمسلم أن يتشاءم، وبعض الناس يتشاءم من أشياء يربط بينها وبين الشر،

مثلا ما العلاقة بين الغراب والشر؟
وما العلاقة بين البوم والشر؟
وما العلاقة بين رجل أعور والشر؟
) إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ (يس: 18

فالتشاؤم على عادة هؤلاء الجهلة وهكذا كان العرب يتشاءمون ببعض الطيور


6/ أن الإنسان إذا ذكر بما ينفعه في دينه فإنه ينبغي عليه أن يحسن استقبال التذكير وليس إذا ذكر أعرض

(أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ[يس: 19) فإن ما يصيب الناس من الشر بسبب الذنوب والمعاصي،

أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ[آل عمران: 165]

فالمعاصي هي سبب تلوث البيئة والطبيعة والأغذية ومعاش الناسل ِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم: 41


7/ الاعتبار بمآلات الأمور إلى أي شيء تنتهي تستقر على ماذا في النهاية هذه هي العبرة الحقيقية.

(يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي [يس: 26-27


8/ نرى في هذه القصة عظمة الله عز وجل وقدرته البالغة بصيحة واحدة قضى على بلد كامل،) خَامِدُونَ [يس: 29

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ




عطر الجنة 12-07-2023 01:03 AM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 



https://up.boohalharf.com/uploads/170189661418691.png

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة السابعة عشر
موسى عليه السلام
ـــــــــــــــــــــــــــ
....................
نبذة:
.............................
أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه، وأيده بمعجزتين، إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين، أما الأخرى فكانت يده

التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا

له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى، ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه، فطارده فرعون بجيش عظيم، ووقت أن ظن

أتباعه أنهم مدركون حينها أمره الله عز وجل أن يضرب البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون

الذي جعله الله عبرة للآخرين.

أرسل موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعوب كرها للحق وابتعادا عنه.. لذلك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف.

ولكي نستطيع عرض هذه القصة بالشكل الصحيح..

تم تقسيمها إلى أربعة أجزاء، كل جزء يتناول مرحلة من مراحل حياة هذين النبيين الكريمين.

.....................
أجزاء القصة:
الجزء الاول:
...................

نتناول نشأة موسى عليه السلام، وخروجه من مصر إلى مدين هاربا من فرعون وجنوده، ولقاءه بربه في الوادي المقدس.
............
سيرته:
............

النبي موسى عليه السلام من الرسل الذين خصهم الله عز وجل بصفات أولى العزم وهو ابن عمران بن لاوي بن نفتالي

بن جاد بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن سام بن نوح بن إدريس بن شيث بن ادم عليهم السلام.

وهو من أنبياء بني إسرائيل، حيث يرجع أصل بين إسرائيل إلى جدهم النبي يعقوب أو (إسرائيل) عليه السلام،

لذا فكل من أتى بعده من الأنبياء هم انبياء بني إسرائيل.

وولد النبي هارون عليه السلام أولا ثم أخوه النبي موسى عليهما السلام على أرض مصر، وشبا وكبر من خيرها،

وهما من بني إسرائيل، أي أنهما أحفاد أخوة يوسف عليه السلام، عندما دعاهم يوسف برفقة أبيه النبي يعقوب عليه السلام

للعيش في مصر خلال السنوات العجاف التي ضربت الأرض، لتتحقق رؤية يوسف بسجود إخوته له الذين عاشوا في خير

مصر بعد فراق بينهم وبين أخيهم.

وقد تربى في قصر فرعون بعد أن ألقته أمه في النهر داخل تابوت، عندما خافت عليه من فرعون الذي كان

يقتل أبناء بني إسرائيل.

ولما شبَّ قتل مصريًّا مما دفعه للهرب إلى مدين حيث عمل راعياً لدى شيخ صالح هناك- قيل: إنه شعيب عليه السلام- ا

لذي زوَّجه إحدى ابنتيه

وما من رسول إلا أوذي في الله تعالى، وناله من عظيم الابتلاء ما ناله، وابتلي به قومه، فمنهم من آمن به، ومنهم من كفر،

والمؤمن له إيمانه، والكافر عليه كفره..

.................................................
ولادة موسى وانتقاله إلى قصر فرعون
.................................................. .
أثناء حياة يوسف علي السلام بمصر تحولت مصر إلى توحيد الله سبحانه، وهي الرسالة التي كان يحملها جميع الرسل

إلى أقواهم. و بعد وفاته عاد أهل مصر إلى ضلالهم وشركهم. أما أبناء يعقوب أو أبناء إسرائيل فقد فضلّ منهم من ضل

وبقي على التوحيد من بقي. وتكاثر أبناء إسرائيل وتزايد عددهم واشتغلوا في العديد من الحرف.

ثم حكم مصر ملك فرعون كان المصريون يعبدونه. وسمع فرعون رؤيا يتحدثون بها عن نبوءة تقول إن واحدا

من أبناء إسرائيل سيسقط فرعون مصر من عرشه.

فكان ابتلاء قوم موسى بهذا الطاغوت قبل ولادة موسى عليه السلام؛ إذ كان يقتل الذكور ويستبقي الإناث ،

بسبب ما علمه من أن زوال ملك الفراعنة سيكون على يد واحد ممن يستضعفهم من بني إسرائيل،

فأمعن في قتل أبنائهم حتى كان جنده يحصون الحوامل من بني إسرائيل لقتل من يولد من الأبناء، واستبقاء من

يولد من البنات، وعظم بذلك كرب بني إسرائيل واشتدت محنتهم.

(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )

القصص4

وقد وصف الله تعالى ما حاق ببني إسرائيل على يد فرعون بالبلاء العظيم ومن منته سبحانه عليهم أن نجاهم

من ذلك ببعثة موسى عليه السلام ( وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ

وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) البقرة: 49.

وحملت أمه بموسى عليه السلام في سنة القتل، فعظم به كربها، وازداد همها، وعزمت على إخفاء حملها، فاحتاطت

حتى آن وضعته، على غير علم من عيون فرعون وجنده.

فألقى الله تعالى في روعها أي أوحى لها والإيحاء هنا بمعنى الإلهام وما يشعر به القلب من إحساس يسيطر عليه

ليتصرف وفقه، فكان الإلهام أن ترضعه بعد ولادته ثم تضعه في صندوق ثم تلقيه في اليم، والمقصود به نهر النيل،

وطمأنها الوحي بألا تخاف ولا تحزن؛ فلن يضيع موسى، بل سيرده عليها، وأنه سيكون نبيًّا مرسَلًا، ففي هذا الإيحاء منتهى

التطمين لها مع البشارة بما يتبع النبوة من العزة والتمكين لقومه بعد ضعف، وقد فعلت بدافع هذا الإيحاء ما طلب منها؛

( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )

القصص: 7

فكان هذا الحفظ والرعاية من الله تعالى لموسى عليه السلام من أعظم الآيات وأكبر البشارات لأمه عليها السلام،

ولا بشارة أكبر من ذلك إلا حين بشرت بأن ابنها سيكون من المرسلين.

فأمه عليها السلام حينما ألقته في النيل و اشتد خوفها عليه، وحزنت حزنا شديدا، وكادت أن تكشف سرها، وتظهر

لعدوها أمر طفلها، ولكن الله تعالى ثبتها، وربط على قلبها، وهذا من عظيم رعاية الله تعالى لها ولولدها عليهما السلام

( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [القصص: 10.

( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ) [القصص: 8،

وكان من قدر الله تعالى أن يظفر بطفل النيل أفراد من بيت فرعون فيأتون به إلى زوجه وكانت لا تنجب

وهذا أيضا من تهيئة مكان لموسى في بيت فرعون وفي قلب زوجته؛ ولربما لو كان لها ولد ما تعلقت به هذا التعلق.

فحينما رأته أحبته فشفعت فيه لدى فرعون وخاطبته قائلة ( قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا )

[القصص: 9]

إنها تشفع فيه، وتحاور فرعون لأجله، وهما لا يعلمان إرادة الله تعالى في هذا الغلام، وأن هلاك فرعون سيكون على يديه،

وأن ملك الفراعنة سيؤول إلى بني إسرائيل بسببه؛ ولذلك عقب الله تعالى ï´؟ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ï´¾ [الأعراف: 95]

أي لا يعلمون ما خبئ لهم في هذا الغلام الذي يتحاوران فيه.

.................................
رفض موسى للمراضع:
...................................
تم وعد الله تعالى لأم موسى عليهما السلام حين قال لها( إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (القصص: 7.

ردِّ الله وليدها عليها بعد أن ألقته في اليم فجاع الرضيع ولم يلتقم ثديا، ولم يقبل طعاما، ولا وجدوا حيلة لإرضاعه،

وإسكان جوعه، وإسكات صياحه، وكان من قلق أمه عليه أن أرسلت أخته تلتمس خبره، فرأته يدار به على النساء لعله يقبل إحداهن فيرضع منها، فأشارت عليهم ببيتها وأمها، فعاد الرضيع إلى حضن أمه،
والتقم ثديها، وشبع من لبنها،
( وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) القصص: 11 - 13

امتن الله تعالى على موسى عليه السلام بهذه النعمة العظيمة لما كلمه سبحانه فقال له( إذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى

مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ) طه 40.


................................................
نشأة موسى عليه السلام في بيت فرعون:
...............................................

أتمت أم موسى رضاعته وأسلمته لبيت فرعون. كان موضع حب الجميع. كان لا يراه أحد إلا أحبه.

و عاش موسى عليه السلام في قصور فرعون يتمتع بما يتمتع به أبناء الملوك، محفوظا بحفظ الله تعالى وعنايته ورعايته،

وصدق سبحانه إذ خاطبه بقوله عز وجل فمن لطف الله تعالى وعظيم تدبيره في ذلك: أن ألقى المحبة على موسى عليه السلام

وهو في المهد، فما يراه أحد إلا أحبه رغما عنه؛ ليقع مراد الله تعالى من حفظه ورعايته في بيت عدوه؛

ولذلك قال سبحانه لموسى عليه السلام في معرض منته عليه ) وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ( [طه: 39.

حتى إذا بلغ الفتى مبلغ الرجال، واستحكم خلْقُه وخُلُقَه، وكمل أربعين سنة بعثه الله تعالى رسولا يوحى إليه من أنوار العلم

والمعرفة والنبوة ما لا يعلمه إلا الله تعالى ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) [القصص 14


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عطر الجنة 12-07-2023 01:12 AM

رد: سلسلة قصص الأنبياء كاملة في صفحات شعاع
 


...........................................
موسى عليه السلام في مدين
.........................................

كبر موسى عليه السلام وبلغ أشده.. في بيت فرعون. كان موسى يعلم أنه ليس ابنا لفرعون، إنما هو واحد من بني إسرائيل.

وكان يرى كيف يضطهد رجال فرعون وأتباعه بني إسرائيل.. (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا)

فوجد رجلا من اتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من بني جلدته ، واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل موسى وأبعد بيده الرجل

الظالم فقتله. كان موسى قويا جدا، ولم يكن يقصد قتل الظالم، إنما أراد إإبعاده لكن ضربته هذه قتلته.

ففوجئ موسى به وقد مات وقال لنفسه (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ).

ودعا موسى ربه (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي). وغفر الله تعالى له، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).

أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ).

كان هذا حال موسى، حال إنسان مطارد، فهو خائف، يتوقع الشر في كل خطوة، وهو مترقب ووعد موسى بأن

لا يكون ظهيرا للمجرمين.

بقي موسى عليه السلام يترقّب ما سيحلّ بأمره ثمّ لقي الرجل الذي استنصرَه في اليوم السابق يقتتل مع آخر،

فطلب من موسى عليه السلام أن ينصره عليه، فزَجَره وحَثّه على السَّعي في تحقيق التراضي بين الطرفَين،

فرفض موسى قَتل الرجل ثمّ أرشده رجلٌ إلى الخروج من المدينة؛ خوفاً عليه من الانتقام الذي قَتَله سابقاً،

(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ

عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَـذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ*قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي


فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ*فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ

فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ*فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى

أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ )

قال تعالى (وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ*

فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

خرج موسى من مصر خائفا يتلفت ويتسمع ويترقب. في قلبه دعاء لله (رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

وكان القوم ظالمين لم يذهب إلى قصر فرعون ولم يعد للسفر عدته. لم يكن معه دابة تحمله على ظهرها وتوصله.

ولم يكن في قافلة. إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن وحذره من فرعون ونصحه أن يخرج. اختار طريقا غير معروف

وسلكه. واتجه إلى حيث قدرت له العناية الإلهية أن يتجه. لم يكن موسى عليه السلام قاصدا مكانا معينا.

وصل موسى عليه السلام إلى مكان. كان هذا المكان هو مدين. جلس يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم

ورأى فتاتَين واقفتَين تنتظران سقاية أغنامهما، فأقبل عليهما موسى عليه السلام واستفسر منهما عن سبب وقوفهما، فأجابتاه

بأنّهما تنتظران السقاية؛ إذ إنّ أبوهما شيخٌ كبيرٌ لا يقوى عليها؛ فسقى لهما موسى، وقضى حاجتهما،

ثمّ توجّه إلى الله تعالى بالدعاء والطلب، بينما قصّت الفتاتان على والدَيهما ما حدث معهما، وطلب من إحديهما

إحضار موسى؛ لشُكره على فِعله، فطلبت منه المُضيّ معها، وكانت شديدة الحياء، فشكره الشيخ على صنيعه مع ابنتَيه،

وكانت قد اقترحت إحداهما استئجار موسى عليه السلام للسقاية، فعرض الشيخ على موسى أن يُزوّجه إحدى ابنتَيه مقابل

العمل في السِّقاية مدّة ثمانية أعوامٍ، وإن أراد زيادة سنَتَين من عنده، ففَعل موسى، وقضى تلك المدّة كاملةً،

ثمّ توجّه عائداً إلى مصر

قال تعالى(وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي

حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ*فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ*فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا

تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ

الظَّالِمِينَ*قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ*قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن

تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّالِحِينَ*قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي

وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّـهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ).

عاد الشيخ لموسى وقال له: أريد يا موسى أن أزوجك إحدى ابنتي على أن تعمل في رعي الغنم عندي ثماني سنوات،

فإن أتممت عشر سنوات، فمن كرمك، لا أريد أن أتعبك، (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).

قال موسى: هذا اتفاق بيني وبينك. والله شاهد على اتفاقنا. سواء قضيت السنوات الثمانية، أو العشر سنوات
فأني حر بعدها في الذهاب.

خوض الكثيرون في تيه من الأقاصيص والروايات،

حول أي ابنتي الشيخ تزوج، وأي المدتين قضى. والثابت أن موسى تزوج إحدى ابنتي الشيخ. لا نعرف من كانت،

ولا ماذا كان اسمها. وهذه الأمور سكت عنها السياق القرآني.

إلا أنه استنادا إلى طبيعة موسى وكرمه ونبوته وكونه من أولي العزم. نرى أنه قضى الأجل الأكبر.

وهذا ما يؤكده حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وهكذا عاش موسى يخدم الشيخ عشر سنوات كاملة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




الساعة الآن 04:26 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)