منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع السيرة النبوية، الصحابة و السلف الصالح (https://hwazen.com/vb/f35.html)
-   -   قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام (https://hwazen.com/vb/t9313.html)

ام بشري 08-22-2015 12:13 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
الحاديه عشر حلقاتنا[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]

سيدنا شعيب عليه السلام


ارسل شعيب الى قوم مدين وكانوا يعبدون الايكه
وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم
فدعاهم الى عباده الله وان يتعاملوا بالعدل ولكنهم ابوا واستكبروا
واستمروا فى عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه
بان ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحه وقضت عليهم جميعا
سيرته:
دعوه شعيب عليه السلام:
لقد برز فى قصه شعيب ان الدين ليس قضيه توحيد والوهيه فقط
بل انه كذلك اسلوب لحياه الناس
ارسل الله تعالى شعيبا الى اهل مدين
فقال شعيب
{يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه}
نفس الدعوه التى يدعوها كل نبى لا تختلف من نبى الى اخر
لا تتبدل ولا تتردد هى اساس العقيده
وبغير هذه الاساس يستحيل ان ينهض بناء
بعد تبيين هذا الاساس بدا شعيب فى توضيح الامور الاخرى التى جاءت بها دعوته
{وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّى ارَاكُم
بِخَيْرٍ وَإِنِّى اخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ
}
بعد قضيه التوحيد مباشره ينتقل النبى الى قضيه المعاملات اليوميه
قضيه الامانه والعداله
كان اهل مدين ينقصون المكيال والميزان
ولا يعطون الناس حقهم وهى رذيله تمس نظافه القلب واليد كما تمس كمال المروءه والشرف
وكان اهل مدين يعتبرون بخس الناس اشياءهم
نوعا من انواع المهاره فى البيع والشراء
ودهاء فى الاخذ والعطاء
ثم جاء نبىهم وافهمهم ان هذه دناءه وسرقه افهمهم انه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط
انظر الى تدخل الاسلام الذى بعث به شعيب فى حياه الناس
الى الحد الذى يرقب فيه عمليه البيع والشراء قال:
{وَيَا قَوْمِ اوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ
النَّاسَ اشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الارْضِ مُفْسِدِينَ
}
لم يزل شعيب ماضيا فى دعوته ها هو ذا يكرر نصحه لهم بصوره ايجابيه بعد صوره النهى السلبيه
انه يوصيهم ان يوفوا المكيال والميزان بالقسط بالعدل والحق
وهو يحذرهم ان يبخسوا الناس اشيائهم
لنتدبر معا فى التعبير القرانى القائل:
{وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ اشْيَاءهُمْ}
كلمه الشئ تطلق على الاشياء الماديه والمعنويه
اى انها ليست مقصوره على البيع والشراء فقط
بل تدخل فىها الاعمال او التصرفات الشخصيه
ويعنى النص تحريم الظلم سواء كان ظلما فى وزن الفاكهه او الخضراوات
او ظلما فى تقييم مجهود الناس واعمالهم ذلك ان ظلم الناس يشيع فى جو الحياه
مشاعر من الالم والياس واللامبالاه
وتكون النتيجه ان ينهزم الناس من الداخل وتنهار علاقات العمل
وتلحقها القيم
ويشيع الاضطراب فى الحياه ولذلك يستكمل النص تحذيره من الافساد فى الارض:
{وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الارْضِ مُفْسِدِينَ}
العثو هو تعمد الافساد والقصد اليه فلا تفسدوا فى الارض متعمدين قاصدين
{بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ}
ما عند الله خير لكم
{إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}
بعدها يخلى بينهم وبين الله الذى دعاهم اليه ينحى نفسه ويفهمهم انه لا يملك لهم شيئا
ليس موكلا عليهم ولا حفىظا عليهم ولا حارسا لهم انما هو رسول يبلغهم رسالات ربه:
{وَمَا انَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ}
بهذا الاسلوب يشعر شعيب قومه بان الامر جد، وخطير
وثقيل اذ بين لهم عاقبه افسادهم وتركهم امام العاقبه وحدهم
رد قوم شعيب:
كان هو الذى يتكلم وكان قومه يستمعون توقف هو عن الكلام وتحدث قومه:
{قَالُواْ يَا شُعَيْبُ اصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ ان نَّتْرُكَ
مَا يَعْبُدُ ابَاؤُنَا اوْ ان نَّفْعَلَ فِى امْوَالِنَا
مَا نَشَاء إِنَّكَ لَانتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
}
كان اهل مدين كفارا يقطعون السبيل ويخيفون الماره ويعبدون الايكه
وهى شجره من الايك حولها غيضه ملتفه بها وكانوا من اسوا الناس معامله
يبخسون المكيال والميزان ويطففون فيهما وياخذون بالزائد ويدفعون بالناقص
انظر بعد هذا كله الى حوارهم مع شعيب:
{قَالُواْ يَا شُعَيْبُ اصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ ان نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ابَاؤُنَا}
بهذا التهكم الخفىف والسخريه المندهشه واستهوال الامر
لقد تجرات صلاه شعيب وجنت وامرته ان يامرهم ان يتركوا ما كان يعبد اباؤهم
ولقد كان اباؤهم يعبدون الاشجار والنباتات وصلاه شعيب تامرهم ان يعبدوا الله وحده
اى جراه من شعيب؟
او فلنقل اى جراه من صلاه شعيب؟
بهذا المنطق الساخر الهازئ وجه قوم شعيب خطابهم الى نبىهم
ثم عادوا يتساءلون بدهشه ساخره:
{اوْ ان نَّفْعَلَ فِي امْوَالِنَا مَا نَشَاء}
تخيل يا شعيب ان صلاتك تتدخل فى ارادتنا
وطريقه تصرفنا فى اموالنا
ما هى علاقه الايمان والصلاه بالمعاملات الماديه؟
بهذا التساؤل الذى ظنه قوم شعيب قمه فى الذكاء
طرحوا امامه قضيه الايمان وانكروا ان تكون لها علاقه بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم
هذه المحاوله للتفريق بين الحياه الاقتصاديه والاسلام
وقد بعث به كل الانبىاء، وان اختلفت اسماؤه
هذه المحاوله قديمه من عمر قوم شعيب
لقد انكروا ان يتدخل الدين فى حياتهم اليوميه
وسلوكهم واقتصادهم وطريقه انفاقهم لاموالهم بحريه
ان حريه انفاق المال او اهلاكه او التصرف فىه شئ لا علاقه له بالدين
هذه حريه الانسان الشخصيه وهذا ماله الخاص
ما الذى اقحم الدين على هذا وذاك؟
هذا هو فهم قوم شعيب للاسلام الذي جاء به شعيب
وهو لا يختلف كثيرا او قليلا عن فهم عديد من الاقوام فى زماننا الذى نعيش فىه.
ما للاسلام وسلوك الانسان الشخصى وحياتهم الاقتصاديه
واسلوب الانتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس فى اموالهم كما يشاءون؟
ما للاسلام وحياتنا اليوميه؟
ثم يعودون الى السخريه منه والاستهزاء بدعوته
{إِنَّكَ لَانتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}
اى لو كنت حليما رشيدا لما قلت ما تقول
ادرك شعيب ان قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين فى الحياه اليوميه
ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوه الواثق من الحق الذى معه
وتجاوز سخريتهم لا يباليها ولا يتوقف عندها ولا يناقشها
تجاوز السخريه الى الجد افهمهم انه على بينه من ربه
انه نبى يعلم وهو لا يريد ان يخالفهم الى ما ينهاهم عنه
انه لا ينهاهم عن شئ ليحقق لنفسه نفعا منه انه لا ينصحهم بالامانه
ليخلوا له السوق فىستفىد من التلاعب
انه لا يفعل شيئا من ذلك انما هو نبى
وها هو ذا يلخص لهم كل دعوات الانبىاء هذا التلخيص المعجز:
{إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ}
ان ما يريده هو الاصلاح هذه هى دعوات الانبىاء فى مضمونها الحقيقى وعمقها البعيد
انهم مصلحون اساسا، مصلحون للعقول والقلوب والحياه العامه
والحياه الخاصه
بعد ان بين شعيب عليه السلام لقومه اساس دعوته
وما يجب عليهم الالتزام به وراى منهم الاستكبار
حاول ايقاض مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الامم
وكيف دمرهم الله بامر منه فذكرهم قوم نوح
وقوم هود
وقوم صالح
وقوم لوط

واراهم ان سبيل النجاه هو العوده لله تائبين مستغفرين
فالمولى غفور رحيم
تحدي وتهديد القوم لشعيب:
لكن قوم شعيب اعرضوا عنه قائلين:
{قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا}
انه ضعيف بمقياسهم ضعيف لان الفقراء والمساكيهم فقط اتبعوه
اما عليه القوم فاستكبروا واصروا على طغيانهم انه مقياس بشري خاطئ
فالقوه بيد الله والله مع انبىاءه. ويستمر الكفره فى تهديهم قائلين:
{وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا انتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}
لولا اهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفره وقتلناك ضربا بالحجاره
نرى انه عندما اقام شعيب عليه السلام الحجه على قومه
غيروا اسلوبهم فتحولوا من السخريه الى التهديد واظهروا حقيقه كرههم له
لكن شعيب تلطف معهم تجاوز عن اساءتهم اليه وسالهم سؤالا كان هدفه ايقاظ عقولهم:
{قَالَ يَا قَوْمِ ارَهْطِى اعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ}
يا لسذاجه هؤلاء انهم يسيئون تقدير حقيقه القوى التى تتحكم فى الوجود
ان الله هو وحده العزيز والمفروض ان يدركوا ذلك المفروض الا يقيم الانسان وزنا فى الوجود لغير الله
ولا يخشى فى الوجود غير الله ولا يعمل حسابا فى الوجود لقوه غير الله
ان الله هو القاهر فوق عباده
ويبدو ان قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب فاجتمع رؤساء قومه
ودخلوا مرحله جديده من التهديد هددوه اولا بالقتل
وها هم اولاء يهددونه بالطرد من قريتهم
خيروه بين التشريد والعوده الى ديانتهم وملتهم التى تعبد الاشجار والجمادات
وافهمهم شعيب ان مساله عودته فى ملتهم مساله لا يمكن
حتى التفكير بها فكيف بهم يسالونه تنفىذها
لقد نجاه الله من ملتهم فكيف يعود اليها؟
انه هو الذى يدعوهم الى مله التوحيد
فكيف يدعونه الى الشرك والكفر؟
ثم اين تكافؤ الفرص؟
انه يدعوهم برفق ولين وحب وهم يهددونه بالقوه
واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبىهم حمل الدعوه ضده الرؤساء والكبراء والحكام
وبدا واضحا ان لا امل فيهم لقد اعرضوا عن الله
اداروا ظهورهم لله فنفض شعيب يديه منهم لقد هجروا الله
وكذبوا نبيه واتهموه بانه مسحور وكاذب فليعمل كل واحد
ولينتظروا جميعا امر الله
هلاك قوم شعيب:
وانتقل الصراع الى تحد من لون جديد راحوا يطالبونه بان يسقط عليهم كسفا من السماء ان كان من الصادقين
راحوا يسالونه عن عذاب الله اين هو؟
وكيف هو؟
ولماذا تاخر؟
سخروا منه وانتظر شعيب امر الله
اوحى الله اليه ان يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القريه
وخرج شعيب وجاء امره تعالى:
{وَلَمَّا جَاء امْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ امَنُواْ
مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَاخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ
الصَّيْحَةُ فَاصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ

(94)
كَان لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
(94)}
(هود)
هى صيحه واحده صوت جاءهم من غمامه اظلتهم
ولعلهم فرحوا بما تصوروا انها تحمله من المطر
ثم فوجئوا انهم امام عذاب عظيم ليوم عظيم
انتهى الامر
ادركتهم صيحه جباره جعلت كل واحد فىهم يجثم على وجهه فى مكانه الذى كان فىه فى داره
صعقت الصيحه كل مخلوق حى لم يستطع ان يتحرك او يجرى او يختبئ او ينقذ نفسه
جثم فى مكانه مصروعا بصيحه
تابعو معنا الحلقه الثانيه عشر[/postback]

ام بشري 08-22-2015 12:22 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]
الثانيه عشر حلقاتنا

سيدنا يوسف عليه السلام


ولد سيدنا يوسف وكان له 11 اخا وكان ابوه يحبه كثيرا
وفى ذات ليله راى احد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين
فقص على والده ما راى فقال له الا يقصها على اخوته
ولكن الشيطان وسوس لاخوته فاتفقوا على ان يلقوه فى غيابات الجب وادعوا ان الذئب اكله
ثم مر به ناس من البدو فاخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته ان ترعاه
ولكنها اخذت تراوده عن نفسه فابى فكادت له ودخل السجن
ثم اظهر الله براءته وخرج من السجن
واستعمله الملك على شئون الغذاء التى احسن ادارتها فى سنوات القحط
ثم اجتمع شمله مع اخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه
سيرته:
قبل ان نبدا بقصه يوسف عليه السلام
نود الاشاره لعده امور
اولها اختلاف طريقه روايه قصه يوسف عليه السلام فى القران الكريم
عن بقيه قصص الانبياء
فجاءت قصص الانبياء فى عده سور
بينما جاءت قصه يوسف كامله فى سوره واحده
قال تعالى فى سوره
(يوسف):
{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ احْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا اوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}
(يوسف - 3)
واختلف العلماء لم سميت هذه القصه احسن القصص؟
قيل انها تنفرد من بين قصص القران باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم
وقيل لان يوسف تجاوز عن اخوته وصبر عليهم وعفا عنهم
وقيل لان فىها ذكر الانبياء والصالحين
والعفه والغوايه
وسير الملوك والممالك
والرجال والنساء
وحيل النساء ومكرهن
وفىها ذكر التوحيد والفقه
وتعبير الرؤيا وتفسيرها
فهى سوره غنيه بالمشاهد والانفعالات
وقيل:
انها سميت احسن القصص لان مال من كانوا فىها جميعا كان الى السعاده
ومع تقديرنا لهذه الاسباب كلها
نعتقد ان ثمه سببا مهما يميز هذه القصه
انها تمضى فى خط واحد منذ البدايه الى النهايه
يلتحم مضمونها وشكلها
ويفضى بك لاحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ احكامه رغم وقوف البشر ضدها
{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى امْرِهِ}
هذا ما تثبته قصه يوسف بشكل حاسم
لا ينفى حسمه انه تم بنعومه واعجاز
لنمضي الان بقصه يوسف
عليه السلام
ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الاحداث
الفصل الاول طفوله يوسف

المشهد الاول:
ذهب يوسف الصبى الصغير لابيه
وحكى له عن رؤيا راها
اخبره بانه راى فى المنام احد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له
استمع الاب الى رؤيا ابنه وحذره ان يحكيها لاخوته
فلقد ادرك يعقوب
عليه السلام
بحدسه وبصيرته ان وراء هذه الرؤيه شانا عظيما لهذا الغلام
لذلك نصحه بان لا يقص رؤياه على اخوته خشيه ان يستشعروا ما وراءها لاخيهم الصغير
غير الشقيق
حيث تزوج يعقوب من امراه ثانيه انجبت له يوسف وشقيقه
فيجد الشيطان من هذا ثغره فى نفوسهم
فتمتلئ نفوسهم بالحقد
فىدبروا له امرا يسوؤه
استجاب يوسف لتحذير ابيه
لم يحدث اخوته بما راى
واغلب الظن انهم كانوا يكرهونه الى الحد الذى يصعب فيه ان يطمئن اليهم ويحكى
لهم دخائله الخاصه واحلامه
المشهد الثانى:
اجتمع اخوه يوسف يتحدثون فى امره
{إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَاخُوهُ احَبُّ إِلَى ابِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ ابَانَا لَفِى ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}
اى نحن مجموعه قويه تدفع وتنفع
فابونا مخطئ فى تفضيل هذين الصبيين على مجموعه من الرجال النافعين
فاقترح احدهم حلا للموضوع:
{اقْتُلُواْ يُوسُفَ اوِ اطْرَحُوهُ ارْضًا}
انه الحقد وتدخل الشيطان الذى ضخم حب ابيهم ليوسف وايثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل
اكبر جرائم الارض قاطبه بعد الشرك بالله
وطرحه فى ارض بعيده نائيه مرادف للقتل
لانه سيموت هناك لا محاله
ولماذا هذا كله؟
حتى لا يراه ابوه فىنساه فىوجه حبه كله لهم
ومن ثم يتوبون عن جريمتهم
{وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}
قال قائل منهم
حرك الله اعماقه بشفقه خفيه
او اثار الله فى اعماقه رعبا من القتل:
ما الداعى لقتله؟
ان كنتم تريدون الخلاص منه
فلنلقه فى بئر تمر عليها القوافل
ستلتقطه قافله وترحل به بعيدا
سيختفى عن وجه ابيه
ويتحقق غرضنا من ابعاده
انهزمت فكره القتل
واختيرت فكره النفى والابعاد
نفهم من هذا ان الاخوه
رغم شرهم وحسدهم
كان فى قلوبهم
او فى قلوب بعضهم
بعض خير لم يمت بعد
المشهد الثالث:
توجه الابناء لابيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم
دار الحوار بينهم وبين ابيهم بنعومه وعتاب خفى
واثاره للمشاعر
{مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ}
ايمكن ان يكون يوسف اخانا
وانت تخاف عليه من بيننا ولا تستامننا عليه
ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟
لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟
وردا على العتاب الاستنكارى الاول جعل يعقوب عليه السلام ينفى
بطريقه غير مباشره
انه لا يامنهم عليه
ويعلل احتجازه معه بقله صبره على فراقه وخوفه عليه من الذئاب:
{قَالَ إِنِّى لَيَحْزُنُنِى ان تَذْهَبُواْ بِهِ وَاخَافُ ان يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَانتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ}
ففندوا فكره الذئب الذى يخاف ابوه ان ياكله
نحن عشره من الرجال
فهل نغفل عنه ونحن كثره؟
نكون خاسرين غير اهل للرجوله لو وقع ذلك
لن ياكله الذئب ولا داعى للخوف عليه
وافق الاب تحت ضغط ابنائه
ليتحقق قدر الله وتتم القصه كما تقتضى مشيئته
المشهد الرابع:
خرج الاخوه ومعهم يوسف
واخذوه للصحراء
اختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه وهموا بالقائه فى البئر
واوحى الله الى يوسف انه ناج فلا يخاف
وانه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه
المشهد الخامس:
عند العشاء جاء الابناء باكين ليحكوا لابيهم قصه الذئب المزعومه
اخبروه بانهم ذهبوا يستبقون
فجاء ذئب على غفله
واكل يوسف
لقد الهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبه
فلو كانوا اهدا اعصابا ما فعلوها من المره الاولى التى ياذن لهم فىها يعقوب باصطحاب يوسف معهم
ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون
يخشون الا تواتيهم الفرصه مره اخرى
كذلك كان التقاطهم لحكايه الذئب دليلا على التسرع
وقد كان ابوهم يحذرهم منها امس
وهم ينفونها
فلم يكن من المستساغ ان يذهبوا فى الصباح ليتركوا يوسف للذئب الذى حذرهم ابوهم منه امس
وبمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به فى غير اتقان ونسوا فى انفعالهم ان يمزقوا قميص يوسف
جاءوا بالقميص كما هو سليما
ولكن ملطخا بالدم
وانتهى كلامهم بدليل قوى على كذبهم حين قالوا:
{وَمَا انتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}
اى وما انت بمطمئن لما نقوله
ولو كان هو الصدق
لانك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله
ادرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الاكذوبه الواضحه
ان يوسف لم ياكله الذئب
وانهم دبروا له مكيده ما
وانهم يلفقون له قصه لم تقع
فواجههم بان نفوسهم قد حسنت لهم امرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه
وانه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو
مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيل واكاذيب:
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ انفُسُكُمْ امْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}
المشهد الاخير من الفصل الاول من حياه سيدنا يوسف
عليه السلام:
اثناء وجود يوسف بالبئر
مرت عليه قافله
قافله فى طريقها الى مصر
قافله كبيره
سارت طويلا حتى سميت سياره
توقفوا للتزود بالماء
وارسلوا احدهم للبئر فادلى الدلو فيه
تعلق يوسف به
ظن من دلاه انه امتلا بالماء فسحبه
ففرح بما راى
راى غلاما متعلقا بالدلو
فسرى على يوسف حكم الاشياء المفقوده التى يلتقطها احد
يصير عبدا لمن التقطه
هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد
فرح به من وجده فى البدايه
ثم زهد فىه حين فكر فى همه ومسئوليته
وزهد فيه لانه وجده صبيا صغيرا
وعزم على التخلص منه لدى وصوله الى مصر
ولم يكد يصل الى مصر حتى باعه فى سوق الرقيق بثمن زهيد
دراهم معدوده
ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليه الاهميه
انتهت المحنه الاولى فى حياه هذا النبى الكريم

لنبتدا المحنه الثانيه
والفصل الثانى من حياته
ثم يكشف الله تعالى مضمون القصه البعيد فى بدايتها
{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى امْرِهِ وَلَـكِنَّ اكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}
لقد انطبقت جدران العبوديه على يوسف
القى فى البئر
اهين
حرم من ابيه
التقط من البئر
صار عبدا يباع فى الاسواق
اشتراه رجل من مصر
صار مملوكا لهذا الرجل
انطبقت الماساه
وصار يوسف بلا حول ولا قوه
هكذا يظن اي انسان
غير ان الحقيقه شئ يختلف عن الظن تماما
ما نتصور نحن انه ماساه ومحنه وفتنه
كان هو اول سلم يصعده يوسف فى طريقه الى مجده
{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى امْرِهِ}
ينفذ تدبيره رغم تدبير الاخرين
ينفذ من خلاله تدبير الاخرين فىفسده ويتحقق وعد الله
وقد وعد الله يوسف بالنبوه
وها هو ذا يلقى محبته على صاحبه الذى اشتراه
وها هو ذا السيد يقول لزوجته اكرمى مثواه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا
وليس هذا السيد رجلا هين الشان
انما هو رجل مهم
رجل من الطبقه الحاكمه فى مصر
سنعلم بعد قليل انه وزير من وزراء الملك
وزير خطير سماه القران
(العزيز)
وكان قدماء المصريين يطلقون الصفات كاسماء على الوزراء
فهذا العزيز
وهذا العادل
وهذا القوى

الى اخره
وارجح الاراء ان العزيز هو رئيس وزراء مصر
وهكذا مكن الله ليوسف فى الارض
سيتربى كصبى فى بيت رجل يحكم
وسيعلمه الله من تاويل الاحاديث والرؤى
وسيحتاج اليه الملك فى مصر يوما
{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى امْرِهِ وَلَـكِنَّ اكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}
تم هذا كله من خلال فتنه قاسيه تعرض لها يوسف
ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فىقول:
{وَلَمَّا بَلَغَ اشُدَّهُ اتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}
(يوسف)
كان يوسف اجمل رجل فى عصره
وكان نقاء اعماقه وصفاء سريرته يضفىان على وجهه مزيدا من الجمال
واوتى صحه الحكم على الامور
واوتى علما بالحياه واحوالها
واوتى اسلوبا فى الحوار يخضع قلب من يستمع اليه
واوتى نبلا وعفه
جعلاه شخصيه انسانيه لا تقاوم
وادرك سيده ان الله قد اكرمه بارسال يوسف اليه
اكتشف ان يوسف اكثر من راى فى حياته امانه واستقامه وشهامه وكرما
وجعله سيده مسئولا عن بيته واكرمه وعامله كابنه

الفصل الثانى فى حياته:
المشهد الاول:
فى هذا المشهد تبدا محنه يوسف الثانيه
وهى اشد واعمق من المحنه الاولى
جاءته وقد اوتى صحه الحكم واوتى العلم
رحمه من الله
ليواجهها وينجو منها جزاء احسانه الذى سجله الله له فى قرانه
يذكر الله تعالى هذه المحنه فى كتابه الكريم:
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الابْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّى احْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ
(23)
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا ان رَّاى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}
(يوسف)
لا يذكر السياق القرانى شيئا عن سنها وسنه
فلننظر فى ذلك من باب التقدير
لقد احضر يوسف صبيا من البئر
كانت هى زوجه فى الثلاثه والعشرين مثلا
وكان هو فى الثانيه عشرا
بعد ثلاثه عشر عاما صارت هى فى السادسه والثلاثين ووصل عمره الى الخامسه والعشرين
اغلب الظن ان الامر كذلك
ان تصرف المراه فى الحادثه وما بعدها يشير الى انها مكتمله جريئه
والان
لنتدبر معنا فى كلمات هذه الايات
(وَرَاوَدَتْهُ)
صراحه
(عَن نَّفْسِهِ)
واغلقت
(الابْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ)
لن تفر منى هذه المره
هذا يعنى انه كانت هناك مرات سابقه فر فيها منها
مرات سابقه لم تكن الدعوه فىها بهذه الصراحه وهذا التعرى
فيبدوا ان امراه العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمره واباءه
فقررت ان تغير خطتها
خرجت من التلميح الى التصريح
اغلقت الابواب ومزقت اقنعه الحياء وصرحت بحبها وطالبته بنفسه
ثم يتجاوز السياق القرانى
الحوار الذى دار بين امراه العزيز ويوسف عليه السلام
ولنا ان نتصور كيف حاولت اغراءه اما بلباسها او كلماتها او حركاتها
لكن ما يهمنا هنا هو موقف يوسف
عليه السلام
من هذا الاغواء
يقف هذا النبى الكريم فى وجه سيدته قائلا
{قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّى احْسَنَ مَثْوَاى إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}
اعيذ نفسى بالله ان افعل هذا مع زوجه من اكرمنى بان نجانى من الجب وجعل فى هذه الدار مثواى الطيب الامن
ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله
فيرتكبون ما تدعيننى اللحظه اليه
ثم
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا ان رَّاى بُرْهَانَ رَبِّهِ}
اتفق المفسرون حول همها بالمعصيه
واختلفوا حول همه
فمنهم من اخذ بالاسرائيليات وذكر ان يعقوب ظهر له
او جبريل نزل اليه
لكن التلفىق والاختلاق ظاهر فى هذه الزوايات الاسرائيليه
ومن قائل:
انها همت به تقصد المعصيه وهم بها يقصد المعصيه ولم يفعل
ومن قائل:
انها همت به لتقبله وهم بها ليضربها
ومن قائل:
ان هذا الهم كان بينهما قبل الحادث
كان حركه نفسيه داخل نفس يوسف فى السن التى اجتاز فيها فتره المراهقه
ثم صرف الله عنه
وافضل تفسير تطمئن اليه نفسى ان هناك تقديما وتاخيرا فى الايه
قال ابو حاتم:
كنت اقرا غريب القران على ابى عبيده
فلما اتيت على قوله تعالى:
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا}
قال ابو عبيده:
هذا على التقديم والتاخير
بمعنى ولقد همت به
ولولا ان راى برهان ربه لهم بها
يستقيم هذا التفسير مع عصمه الانبياء
كما يستقيم مع روح الايات التى تلحقه مباشره
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}
وهذه الايه التى تثبت ان يوسف من عباد الله المخلصين
تقطع فى نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان
قال تعالى لابليس يوم الخلق
{إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}
وما دام يوسف من عباده المخلصين
فقد وضح الامر بالنسبه اليه
لا يعنى هذا ان يوسف كان يخلو من مشاعر الرجوله
ولا يعنى هذا انه كان فى نقاء الملائكه وعدم احتفالهم بالحس
انما يعنى انه تعرض لاغراء طويل قاومه فلم تمل نفسه يوما
ثم اسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه
عارفا انه يوسف بن يعقوب النبيى
ابن اسحاق النبى
ابن ابراهيم جد الانبياء وخليل الرحمن
يبدو ان يوسف
عليه السلام
اثر الانصراف متجها الى الباب حتى لا يتطور الامر اكثر
لكن امراه العزيز لحقت به لتمسكه
تدفهعا الشهوه لذلك
فامسكت قميصه من الخلف
فتمزق فى يدها
وهنا تقطع المفاجاه
فتح الباب زوجها
العزيز
وهنا تتبدى المراه المكتمله
فتجد الجواب حاضرا على السؤال البديهى الذى يطرح الموقف
فتقول متهمه الفتى:
{قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ ارَادَ بِاهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ ان يُسْجَنَ اوْ عَذَابٌ الِيمٌ}
واقترحت هذه المراه
العاشقه
سريعا العقاب
المامون
الواجب تنفيذه على يوسف
خشيه ان يفتك به العزيز من شده غضبه
بيّنت للعزيز ان افضل عقاب له هو السجن
بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع جهر يوسف بالحقيقه ليدافع عن نفسه:
قَالَ هِى رَاوَدَتْنِى عَن نَّفْسِى
تجاوز السياق القرانى رد الزوج
لكنه بين كيفىه تبراه يوسف
عليه السلام
من هذه التهمه الباطله:
{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ اهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ
(26)
وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ
(27)
فَلَمَّا رَاى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ
(28)}
(يوسف)
لا نعلم ان كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البدايه
ام ان العزيز استدعاه بعد الحادثه لياخذ برايه
كما اشارت بعض الروايات ان هذا الشاهد رجل كبير
بينما اخبرت روايات اخرى انه طفل رضيع
كل هذا جائز
وهو لا يغير من الامر شيئا
ما يذكره القران ان الشاهد امرهم بالنظر للقميص
فان كان ممزقا من الامام فذلك من اثر مدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهى صادقه وهو كاذب
وان كان قميصه ممزقا من الخلف فهو اذن من اثر تملصه منها وتعقبها هى له حتى الباب
فهى كاذبه وهو صادق
{فَلَمَّا رَاى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28)}
(يوسف)
فتاكد الزوج من خيانه زوجته عندما راى قميص يوسف ممزق من الخلف
لكن الدم لم يثر فى عروقه ولم يصرخ ولم يغضب
فرضت عليه قيم الطبقه الراقيه التي وقع فىها الحادث ان يواجه الموقف بلباقه وتلطف
نسب ما فعلته الى كيد النساء عموما
وصرح بان كيد النساء عموم عظيم
وهكذا سيق الامر كما لو كان ثناء يساق
ولا نحسب انه يسوء المراه ان يقال لها:
{إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}
فهو دلاله على انها انثى كامله مستوفىه لمقدره الانثى على الكيد
بعدها التفت الزوج الى يوسف قائلا له:
{يُوسُفُ اعْرِضْ عَنْ هَـذَا}
اهمل هذا الموضوع ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به
هذا هو المهم
المحافظه على الظواهر
ثم يوجه عظه
مختصره
للمراه التى ضبطت متلبسه بمراوده فتاها عن نفسها وتمزيق قميصه:
{وَاسْتَغْفِرِى لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}
انتهى الحادث الاول
لكن الفتنه لم تنته
فلم يفصل سيد البيت بين المراه وفتاها
كل ما طلبه هو اغلاق الحديث فى هذا الموضوع
غير ان هذا الموضوع بالذات
وهذا الامر يصعب تحقيقه فى قصر يمتلئ بالخدم والخادمات والمستشارين والوصيفات

المشهد الثانى:
بدا الموضوع ينتشر
خرج من القصر الى قصور الطبقه الراقيه يومها
ووجدت فيه نساء هذه الطبقه ماده شهيه للحديث
ان خلو حياه هذه الطبقات من المعنى
وانصرافها الى اللهو
يخلعان اهميه قصوى على الفضائح التى ترتبط بشخصيات شهيره
وزاد حديث المدينه
{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى الْمَدِينَةِ امْرَاةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِى ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}
وانتقل الخبر من فم الى فم
ومن بيت الى بيت
حتى وصل لامراه العزيز

المشهد الثالث:
{فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ارْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَاعْتَدَتْ
لَهُنَّ مُتَّكَأً وَاتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا
وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَايْنَهُ اكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ ايْدِيَهُنَّ
وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ

(31)
قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ
فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا امُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا
مِّنَ الصَّاغِرِينَ

(32)}
(يوسف)
عندما سمعت امراه العزيز بما تتناقله نساء الطبقه العليا عنها
قررت ان تعد مادبه كبيره فى القصر
واعدت الوسائد حتى يتكئ عليها المدعوات
واختارت الوان الطعام والشراب وامرت ان توضع السكاكين الحاده الى جوار الطعام المقدم
ووجهت الدعوه لكل من تحدثت عنها
وبينما هن منشغلات بتقطيع اللحم او تقشير الفاكهه
فاجاتهن بيوسف:
وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا
{فَلَمَّا رَايْنَهُ اكْبَرْنَهُ}
بهتن لطلعته
ودهشن
{وَقَطَّعْنَ ايْدِيَهُنَّ}
وجرحن ايديهن بالسكاكين للدهشه المفاجئه
{وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ}
وهى كلمه تنزيه تقال فى هذا الموضع تعبيرا عن الدهشه بصنع الله
{مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ}
يتضح من هذه التعبيرات ان شيئا من ديانات التوحيد تسربت لاهل ذلك الزمان
ورات المراه انها انتصرت على نساء طبقتها
وانهن لقين من طلعه يوسف الدهش والاعجاب والذهول
فقالت قوله المراه المنتصره
التى لا تستحى امام النساء من بنات جنسها وطبقتها
والتي تفتخر عليهن بان هذا متناول يدها
وان كان قد استعصم فى المره الاولى فهى ستحاول المره تلو الاخرى الى ان يلين:
انظرن ماذا لقيتن منه من البهر والدهش والاعجاب
لقد بهرني مثلكن فراودته عن نفسه لكنه استعصم
وان لم يطعنى سامر بسجنه لاذلّه
انها لم ترى باسا من الجهر بنزواتها الانثويه اما نساء طبقتها. فقالتها بكل اصرار وتبجح
قالتها مبيّنه ان الاغراء الجديد تحت التهديد
واندفع النسوه كلهم اليه يراودنه عن نفسه
كل منهن ارادته لنفسها
ويدلنا على ذلك امران
الدليل الاول هو قول يوسف عليه السلام
{رَبِّ السِّجْنُ احَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ}
فلم يقل
{ما تدعونى اليه}
والامر الاخر هو سؤال الملك لهم فيما بعد
{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ}
امام هذه الدعوات
سواء كانت بالقول ام بالحركات واللفتات
استنجد يوسف بربه ليصرف عنه محاولاتهن لايقاعه فى حبائلهن
خيفه ان يضعف فى لحظه امام الاغراء الدائم
فيقع فيما يخشاه على نفسه
دعى يوسف الله دعاء الانسان العارف ببشريته
الذى لا يغتر بعصمته
فيريد مزيدا من عنايه الله وحياطته
ويعاونه على ما يعترضه من فته وكيد واغراء
{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ احَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ
وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ اصْبُ إِلَيْهِنَّ وَاكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ
}
واستجاب له الله
وصرف عنه كيد النسوه
وهذا الصرف قد يكون بادخال الياس فى نفوسهن من استجابته لهن
بعد هذه التجربه
او بزياده انصرافه عن الاغراء حتى ما يحس فى نفسه اثرا منه
او بهما جميعا
وهكذا اجتاز يوسف المحنه الثانيه بلطف الله ورعايته
فهو الذى سمع الكيد ويسمع الدعاء
ويعلم ما وراء الكيد وما وراء الدعاء

ما انتهت المحنه الثانيه الا لتبدا الثالثه
لكن هذه الثالثه هى اخر محن الشده

الفصل الثالث من حياته
:
المشهد الاول:
يسجن يوسف عليه السلام:
ربما كان دخوله للسجن بسبب انتشار قصته مع امراه العزيز ونساء طبقتها
فلم يجد اصحاب هذه البيوت طريقه لاسكات هذه الالسنه سوى سجن هذا الفتى الذى دلت كل الايات على برائته
لتنسى القصه
قال تعالى فى سوره
(يوسف):
{ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَاوُاْ الايَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}
(يوسف)
وهكذا ترسم الايه الموجزه جو هذا العصر باكمله
جو الفساد الداخلى فى القصور
جو الاوساط الارستقراطيه
وجو الحكم المطلق
ان حلول المشكلات فى الحكم المطلق هى السجن
وليس هذا بغريب على من يعبد الهه متعدده
كانوا على عباده غير الله
ولقد راينا من قبل كيف تضيع حريات الناس حين ينصرفون عن عباده الله الى عباده غيره
وها نحن اولاء نرى فى قصه يوسف شاهدا حيا يصيب حتى الانبياء
صدر قرارا باعتقاله وادخل السجن
بلا قضيه ولا محاكمه
ببساطه ويسر
لا يصعب فى مجتمع تحكمه الهه متعدده ان يسجن برئ
بل لعل الصعوبه تكمن فى محاوله شئ غير ذلك
دخل يوسف السجن ثابت القلب هادئ الاعصاب اقرب الى الفرح لانه نجا من الحاح زوجه العزيز ورفيقاتها
وثرثره وتطفلات الخدم
كان السجن بالنسبه اليه مكانا هادئا يخلو فيه ويفكر فى ربه
ويبين لنا القران الكريم المشهد الاول من هذا الفصل:
يختصر السياق القرانى ما كان من امر يوسف فى السجن
لكن الواضح ان يوسف
عليه السلام
انتهز فرصه وجوده فى السجن
ليقوم بالدعوه الى الله
مما جعل السجناء يتوسمون فيه الطيبه والصلاح واحسان العباده والذكر والسلوك
انتهز يوسف
عليه السلام
هذه الفرصه ليحدث الناس عن رحمه الخالق وعظمته وحبه لمخلوقاته
كان يسال الناس:
ايهما افضل
ان ينهزم العقل ويعبد اربابا متفرقين
ام ينتصر العقل ويعبد رب الكون العظيم؟
وكان يقيم عليهم الحجه بتساؤلاته الهادئه وحواره الذكى وصفاء ذهنه
ونقاء دعوته

وفى احد الايام
قَدِمَ له سجينان يسالانه تفسير احلامهما
بعد ان توسما فى وجهه الخير
ان اول ما قام به يوسف
عليه السلام
هو طمانتهما انه سيؤول لهم الرؤى
لان ربه علمه علما خاصا
جزاء على تجرده هو واباؤه من قبله لعبادته وحده
وتخلصه من عباده الشركاء
وبذلك يكسب ثقتهما منذ اللحظه الاولى بقدرته على تاويل رؤياهما
كما يكسب ثقتهما كذلك لدينه
ثم بدا بدعوتهما الى التوحيد
وتبيان ما هم عليه من الظلال
قام بكل هذا برفق ولطف ليدخل الى النفوس بلا مقاومه
بعد ذلك فسر لهما الرؤى. بيّن لهما ان احدها سيصلب
والاخر سينجو
وسيعمل فى قصر الملك
لكنه لم يحدد من هو صاحب البشرى ومن هو صاحب المصير السيئ تلطفا وتحرجا من المواجهه بالشر والسوء
وتروى بعض التفاسير ان هؤلاء الرجلين كانا يعملان فى القصر
احدهما طباخا
والاخر يسقى الناس
وقد اتهما بمحاوله تسميم الملك
اوصى يوسف من سينجو منهما ان يذكر حاله عن الملك
لكن الرجل لم ينفذ الوصيه
فربما الهته حياه القصر المزدحمه يوسف وامره
فلبث فى السجن بضع سنين
اراد الله بهذا ان يعلم يوسف
عليه السلام
درسا
فقد ورد فى احدى الرويات انه جاءه جبريل قال:
يا يوسف من نجّاك من اخوتك؟
قال:
الله
قال:
من انقذك من الجب؟
قال:
الله
قال:
من حررك بعد ان صرت عبدا؟
قال:
الله
قال:
من عصمك من النساء؟
قال:
الله
قال:
فعلام تطلب النجاه من غيره؟
وقد يكون هذا الامر زياده فى كرم الله عليه واصطفاءه له
فلم يجعل قضاء حاجته على يد عبد ولا سبب يرتبط بعبد

المشهد الثانى:
فى هذا المشهد تبدا نقطه التحول
التحول من محن الشده الى محن الرخاء
من محنه العبوديه والرق لمحنه السلطه والملك
فى قصر الحكم
وفى مجلس الملك:
يحكى الملك لحاشيته رؤياه طالبا منهم تفسيرا لها
{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّى ارَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ
سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ
يَا ايُّهَا الْمَلأُ افْتُونِى فِي رُؤْيَاى إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ
}
لكن المستشارين والكهنه لم يقوموا بالتفسير
ربما لانهم لم يعرفوا تفسيرها
او انهم احسوا انها رؤيا سوء فخشوا ان يفسروها للملك
وارادوا ان ياتى التفسير من خارج الحاشيه
التى تعودت على قول كل ما يسر الملك فقط. وعللوا عدم التفسير بان قالوا للملك
انها اجزاء من احلام مختلطه ببعضها البعض
ليست رؤيا كامله يمكن تاويلها

المشهد الثالث:
وصل الخبر الى الساقى
الذى نجا من السجن
تداعت افكاره وذكره حلم الملك بحلمه الذى راه فى السجن
وذكره السجن بتاويل يوسف لحلمه
واسرع الى الملك وحدثه عن يوسف
قال له:
ان يوسف هو الوحيد الذى يستطيع تفسير رؤياك
وارسل الملك ساقيه الى السجن ليسال يوسف
ويبين لنا الحق سبحانه كيف نقل الساقى رؤيا الملك ليوسف بتعبيرات الملك نفسها
لانه هنا بصدد تفسير حلم
وهو يريد ان يكون التفسير مطابقا تماما لما رءاه الملك
وكان الساقى يسمى يوسف بالصديق
اى الصادق الكثير الصدق
وهذا ما جربه من شانه من قبل
جاء الوقت واحتاج الملك الى راى يوسف
{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى امْرِهِ وَلَـكِنَّ اكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}
سُئِلَ يوسف عن تفسير حلم الملك
فلم يشترط خروجه من السجن مقابل تفسيره
لم يساوم ولم يتردد ولم يقل شيئا غير تفسير الرؤيا
هكذا ببراءه النبى حين يلجا اليه الناس فيغيثهم
وان كان هؤلاء انفسهم سجانيه وجلاديه
لم يقم يسوف
عليه السلام
بالتفسير المباشر المجرد للرؤيا
وانما قدم مع التفسير النصح وطريقه مواجهه المصاعب التي ستمر بها مصر
افهم يوسف رسول الملك ان مصر ستمر عليها سبع سنوات مخصبه تجود فيها الارض بالغلات
وعلى المصريين الا يسرفوا فى هذه السنوات السبع
لان وراءها سبع سنوات مجدبه ستاكل ما يخزنه المصريون
وافضل خزن للغلال ان تترك فى سنابلها كى لا تفسد او يصيبها السوس او يؤثر عليها الجو
بهذا انتهى حلم الملك
وزاد يوسف تاويله لحلم الملك بالحديث عن عام لم يحلم به الملك
عام من الرخاء
عام يغاث فيه الناس بالزرع والماء
وتنمو كرومهم فىعصرون خمرا
وينمو سمسمهم وزيتونهم فىعصرون زيتا
كان هذا العام الذى لا يقابله رمز فى حلم الملك
علما خاصا اوتيه يوسف
فبشر به الساقى ليبشر به الملك والناس

المشهد الرابع:
عاد الساقى الى الملك
اخبره بما قال يوسف
دهش الملك دهشه شديده
ما هذا السجين؟
انه يتنبا لهم بما سيقع
ويوجههم لعلاجه
دون ان ينتظر اجرا او جزاء
او يشترط خروجا او مكافاه
فاصدر الملك امره باخراج يوسف من السجن واحضاره فورا اليه
ذهب رسول الملك الى السجن
ولا نعرف ان كان هو الساقى الذى جاءه اول مره
ام انه شخصيه رفىعه مكلفه بهذه الشؤون
ذهب اليه فى سجنه
رجا منه ان يخرج للقاء الملك
فهو يطلبه على عجل
رفض يوسف ان يخرج من السجن الا اذا ثبتت براءته
لقد رباه ربه وادبه
ولقد سكبت هذه التربيه وهذا الادب فى قلبه السكينه والثقه والطمانينه
ويظهر اثر التربيه واضحا فى الفارق بين الموقفىن:
الموقف الذى يقول يوسف فيه للفتى:
اذكرني عند ربك
والموقف الذى يقول فيه:
ارجع الى ربك فاساله ما بال النسوه الاتى قطعن ايدهن
الفارق بين الموقفىن كبير

المشهد الخامس:
تجاوز السياق القرانى عما حدث بين الملك ورسوله
ورده فعل الملك
ليقف بنا امام المحاكه
وسؤال الملك لنساء الطبقه العليا عما فعلنه مع يوسف
يبدوا ان الملك سال عن القصه ليكون على بينه من الظروف قبل ان يبدا التحقيق
لذلك جاء سؤاله دقيقا للنساء
فاعترف النساء بالحقيقه التى يصعب انكارها
{قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ}
وهنا تتقدم المراه المحبه ليوسف
التى يئست منه
ولكنها لا تستطيع ان تخلص من تعلقها به
تتقدم لتقول كل شئ بصراحه
يصور السياق القرانى لنا اعتراف امراه العزيز
بالفاظ موحيه
تشى بما وراءها من انفعالات ومشاعر عميقه
{انَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}
شهاده كامله باثمها هى
وبراءته ونظافته وصدقه هو
شهاده لا يدفع اليها خوف او خشيه او اى اعتبار اخر
يشى السياق القرانى بحافز اعمق من هذا كله
حرصها على ان يحترمها الرجل الذى اهان كبرياءها الانثويه
ولم يعبا بفتنتها الجسديه
ومحاوله يائسه لتصحيح صورتها فى ذهنه
لا تريده ان يستمر على تعاليه واحتقاره لها كخاطئه
تريد ان تصحح فكرته عنها:
{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ انِّى لَمْ اخُنْهُ بِالْغَيْبِ}
لست بهذا السوء الذى يتصوره فينى
ثم تمضى فى هذه المحاوله والعوده الى الفضيله التى يحبها يوسف ويقدرها
{وَانَّ اللّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ الْخَائِنِينَ}
وتمضى خطوه اخرى فى هذه المشاعر الطيبه
{وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لامَّارَةٌ بِالسُّوءِ
إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّى إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ
}
ان تامل الايات يوحي بان امراه العزيز قد تحولت الى دين يوسف
تحولت الى التوحيد
ان سجن يوسف كان نقله هائله فى حياتها
امنت بربه واعتنقت ديانته
ويصدر الامر الملكى بالافراج عنه واحضاره
يهمل السياق القرانى بعد ذلك قصه امراه العزيز تماما
يسقطها من المشاهد
فلا نعرف ماذا كان من امرها بعد شهادتها الجريئه التى اعلنت فيها ضمنا ايمانها بدين يوسف
وقد لعبت الاساطير دورها فى قصه المراه
قيل:
ان زوجها مات وتزوجت من يوسف
فاكتشف انها عذراء
واعترفت له ان زوجها كان شيخا لا يقرب النساء
وقيل:
ان بصرها ضاع بسبب استمرارها فى البكاء على يوسف
خرجت من قصرها وتاهت فى طرقات المدينه
فلما صار يوسف كبيرا للوزراء
ومضى موكبه يوما هتفت به امراه ضريره تتكفف الناس:
سبحان من جعل الملوك عبيدا بالمعصيه
وجعل العبيد ملوكا بالطاعه
سال يوسف:
صوت من هذا؟
قيل له:
امراه العزيز
انحدر حالها بعد عز
واستدعاها يوسف وسالها:
هل تجدين فى نفسك من حبك لى شيئا؟
قالت:
نظره الى وجهك احب الى من الدنيا يا يوسف
ناولنى نهايه سوطك
فناولها
فوضعته على صدرها
فوجد السوط يهتز فى يده اضطرابا وارتعاشا من خفقان قلبها
وقيلت اساطير اخرى
يبدو فيها اثر المخيله الشعبيه وهى تنسج قمه الدراما بانهيار العاشقه الى الحضيض
غير ان السياق القرانى تجاوز تماما نهايه المراه
اغفلها من سياق القصه
بعد ان شهدت ليوسف
وهذا يخدم الغرض الدينى فى القصه
فالقصه اساسا قصه يوسف وليست قصه المراه
وهذا ايضا يخدم الغرض الفنى
لقد ظهرت المراه ثم اختفت فى الوقت المناسب
اختفت فى قمه ماساتها
وشاب اختفاءها غموض فنى معجز
ولربما بقيت فى الذاكره باختفائها هذا زمنا اطول مما كانت تقضيه لو عرفنا بقيه قصتها

الفصل الرابع من حياته:

المشهد الاول:
بعد ما راى الملك من امر يوسف
براءته
وعلمه
وعدم تهافته على الملك
عرف انه امام رجل كريم
فلم يطلبه ليشكره او يثنى عليه
وانما طلبه ليكون مستشاره
وعندما جلس معه وكلمه
تحقق له صدق ما توسمه فيه
فطمئنه على انه ذو مكانه وفى امان عنده
فماذا قال يوسف؟
لم يغرق الملك شكرا
ولم يقل له:
عشت يا مولاى وانا عبدك الخاضع او خادمك الامين
كما يفعل المتملقون للطواغيت
كلا انما طالب بما يعتقد انه قادر على ان ينهض به من الاعباء فى الازمه القادمه
كما واورد القرطبى فى تفسيره
ان الملك قال فيما قاله:
لو جمعت اهل مصر ما اطاقوا هذا الامر
ولم يكونوا فيه امناء
كان الملك يقصد الطبقه الحاكمه وما حولها من طبقات
ان العثور على الامانه فى الطبقه المترفه شديد الصعوبه
اعتراف الملك ليوسف بهذه الحقيقه زاد من عزمه على تولى هذا الامر
لانقاذ مصر وما حولها من البلاد من هذه المجاعه
قال يوسف:
{اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الارْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ}
لم يكن يوسف فى كلمته يقصد النفع او الاستفاده
على العكس من ذلك
كان يحتمل امانه اطعام شعوب جائعه لمده سبع سنوات
شعوب يمكن ان تمزق حكامها لو جاعت
كان الموضوع فى حقيقته تضحيه من يوسف
لا يثبت السياق القرانى ان الملك وافق
فكانما يقول القران الكريم ان الطلب تضمن الموافقه
زياده فى تكريم يوسف
واظهار مكانته عند الملك
يكفى ان يقول ليجاب
بل ليكون قوله هو الجواب
ومن ثم يحذف رد الملك
ويفهمنا شريط الصور المعروضه ان يوسف قد صار فى المكان الذى اقترحه
وهكذا مكن الله ليوسف فى الارض
صار مسئولا عن خزائن مصر واقتصادها
صار كبيرا للوزراء
وجاء فى روايه ان الملك قال ليوسف:
يا يوسف ليس لى من الحكم الا الكرسى
ولا ينبئنا السياق القرانى كيف تصرف يوسف فى مصر
نعرف انه حكيم عليم
نعرف انه امين وصادق
لا خوف اذا على اقتصاد مصر

المشهد الثانى من هذا الفصل:

دارت عجله الزمن
طوى السياق دورتها
ومر مرورا سريعا على سنوات الرخاء
وجاءت سنوات المجاعه
وهنا يغفل السياق القرانى بعد ذلك ذكر الملك والوزراء فى السوره كلها
كان الامر كله قد صار ليوسف
الذى اضطلع بالعبء فى الازمه الخانقه الرهيبه
وابرز يوسف وحده على مسرح الحوادث
وسلط عليه كل الاضواء
اما فعل الجدب والمجاعه فقد ابرزه السياق فى مشهد اخوه يوسف
يجيئون من البدو من ارض كنعان البعيده يبحثون عن الطعام فى مصر
ومن ذلك ندرك اتساع دائره المجاعه
كما كيف صارت مصر
بتدبير يوسف
محط انظار جيرانها ومخزن الطعام فى المنطقه كلها
لقد اجتاح الجدب والمجاعه ارض كنعان وما حولها
فاتجه اخوه يوسف
فيمن يتجهون
الى مصر
وقد تسامع الناس بما فىها من فائض الغله منذ السنوات السمان
فدخلوا على عزيز مصر
وهم لا يعلمون ان اخاهم هو العزيز
انه يعرفهم فهم لم يتغيروا كثير
اما يوسف فان خيالهم لا يتصور قط انه العزيز
واين الغلام العبرانى الصغير الذى القوه فى الجب منذ عشرين عاما او تزيد من عزيز مصر
شبه المتوج فى سنه وزيه وحرسه ومهابته وخدمه وحشمه وهيله وهيلمانه؟
ولم يكشف لهم يوسف عن نفسه
فلا بد من دروس يتلقونها:
{فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ}
ولكنا ندرك من السياق انه انزلهم منزلا طيبا
ثم اخذ فى اعداد الدرس الاول:
{وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِاخٍ لَّكُم مِّنْ ابِيكُمْ}
فنفهم من هذا انه تركهم يانسون اليه
واستدرجهم حتى ذكروا له من هم على وجه التفصيل
وان لهم اخا صغيرا من ابيهم لم يحضر معهم لان اباه يحبه ولا يطيق فراقه
فلما جهزهم بحاجات الرحله قال لهم:
انه يريد ان يرى اخاهم هذا
{قَالَ ائْتُونِى بِاخٍ لَّكُم مِّنْ ابِيكُمْ}
وقد رايتم اننى اوفى الكيل للمشترين
فساوفيكم نصيبكم حين يجئ معكم
ورايتم اننى اكرم النزلاء فلا خوف عليه بل سيلقى منى الاكرام المعهود:
{الاَ تَرَوْنَ انِّى أُوفِى الْكَيْلَ وَانَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ}
ولما كانوا يعلمون كيف يضن ابوهم باخيهم الاصغر
وبخاصه بعد ذهاب يوسف
فقد اظهروا ان الامر ليس ميسورا
وانما فى طريقه عقبات من ممانعه ابيهم
وانهم سيحاولون اقناعه
مع توكيد عزمهم
على الرغم من هذه العقبات
على احضاره معهم حين يعودون:
{قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ ابَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ}
ولفظ
(نراود)
يصور الجهد الذى يعلمون انهم باذلوه
اما يوسف فقد امر غلمانه ان يدسوا البضاعه التى حضر بها اخوته ليستبدلوا بها القمح والعلف
وقد تكون خليطا من نقد ومن غلات صحراويه اخرى من غلات الشجر الصحراوى
ومن الجلود وسواها مما كان يستخدم فى التبادل فى الاسواق
امر غلمانه بدسها فى رحالهم
والرحل متاع المسافر
لعلهم يعرفون حين يرجعون انها بضاعتهم التى جاءوا بها

المشهد الثالث:

ندع يوسف فى مصر
لنشهد يعقوب وبنيه فى ارض كنعان
رجع الاخوه الى ابيهم
وقبل ان ينزلوا احمال الجمال ويفكوا متاعهم
دخلوا على ابيهم
قائلين له بعتاب:
ان لم ترسل معنا اخانا الصغير فى المره القادمه فلن يعطينا عزيز مصر الطعام
وختموا كلامهم بوعد جديد ليعقوب عليه السلام
{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
ويبدوا ان هذا الوعد قد اثار كوامن يعقوب
فهو ذاته وعدهم له فى يوسف
فاذا هو يجهز بما اثاره الوعد من شجونه:
{قَالَ هَلْ امَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا امِنتُكُمْ عَلَى اخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ ارْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)}
(يوسف)
وفتح الابناء اوعيتهم ليخرجوا ما فىها من غلال
فاذا هم يجدون فىها بضاعتهم التي ذهبوا يشترون بها
مردوده اليهم مع الغلال والطعام
ورد الثمن يشير الى عدم الرغبه فى البيع
او هو انذار بذلك
وربما كان احراجا لهم ليعودوا لسداد الثمن مره اخرى
واسرع الابناء الى ابيهم
{قَالُواْ يَا ابَانَا مَا نَبْغِى}
لم نكذب عليك
لقد رد الينا الثمن الذى ذهبنا نشترى به
هذا معناه انهم لن يبيعوا لنا الا اذا ذهب اخونا معنا
واستمر حوارهم مع الاب
افهموه ان حبه لابنه والتصاقه به يفسدان مصالحهم
ويؤثران على اقتصادهم
وهم يريدون ان يتزودوا اكثر
وسوف يحفظون اخاهم اشد الحفظ واعظمه
وانتهى الحوار باستسلام الاب لهم
بشرط ان يعاهدوه على العوده بابنه
الا اذا خرج الامر من ايديهم واحيط بهم
نصحهم الاب الا يدخلوا
وهم احد عشر رجلا
من باب واحد من ابواب بمصر
كى لا يستلفتوا انتباه احد
وربما خشى عليهم ابوهم شيئا كالسرقه او الحسد
لا يقول لنا السياق القرانى ماذا كان الاب يخشى
ولو كان الكشف عن السبب مهما لقيل

المشهد الرابع:

عاد اخوه يوسف الاحد عشر هذه المره
{وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ اوَى إِلَيْهِ اخَاهُ قَالَ إِنِّى انَاْ اخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (69)}
(يوسف)
يقفز السياق قفزا الى مشهد يوسف وهو يحتضن اخاه ويكشف له وحده سر قرابته
ولا ريب ان هذا لم يحدث فور دخول الاخوه على يوسف
والا لانكشفت لهم قرابه يوسف
انما وقع هذا فى خفاء وتلطف
فلم يشعر اخوته
غير ان السياق المعجز يقفز الى اول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه ورؤيته لاخيه
وهكذا يجعله القران اول عمل
لانه اول خاطر
وهذه من دقائق التعبير فى هذا الكتاب العظيم
يطوي السياق كذلك فتره الضيافه
وما دار فىها بين يوسف واخوته

ويعرض مشهد الرحيل الاخير

ها هو ذا يوسف يدبر شيئا لاخوته
يريد ان يحتفظ باخيه الصغير معه
يعلم ان احتفاظه باخيه سيثير احزان ابيه
وربما حركت الاحزان الجديده احزانه القديمه
وربما ذكره هذا الحادث بفقد يوسف
يعلم يوسف هذا كله
وها هو ذا يرى اخاه
وليس هناك دافع قاهر لاحتفاظه به
لماذا يفعل ما فعل ويحتفظ باخيه هكذا؟
يكشف السياق عن السر فى ذلك
ان يوسف يتصرف بوحى من الله
يريد الله تعالى ان يصل بابتلائه ليعقوب الى الذروه
حتى اذا جاوز به منطقه الالم البشرى المحتمل وغير المحتمل
وراه صابرا رد عليه ابنيه معا
ورد اليه بصره
امر يوسف
عليه السلام
رجاله ان يخفوا كاس الملك الذهبيه فى متاع اخيه خلسه
وكانت الكاس تستخدم كمكيال للغلال
وكانت لها قيمتها كمعيار فى الوزن الى جوار قيمتها كذهب خالص
اخفى الكاس فى متاع اخيه
وتهيا اخوه يوسف للرحيل
ومعهم اخوهم
ثم اغلقت ابواب العاصمه
{ثُمَّ اذَّنَ مُؤَذِّنٌ ايَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}
كانت صرخه الجند تعني وقوف القوافل جميعا
وانطلق الاتهام فوق رؤوس الجميع كقضاء خفى غامض
اقبل الناس
واقبل معهم اخوه يوسف
{مَّاذَا تَفْقِدُونَ}
هكذا تسائل اخوه يوسف
قال الجنود:
{نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}
ضاعت كاسه الذهبيه
ولمن يجئ بها مكافاه
سنعطيه حمل بعير من الغلال
قال اخوه يوسف ببراءه:
لم نات لنفسد فى الارض ونسرق
قال الحراس
(وكان يوسف قد وجههم لما يقولونه):
اى جزاء تحبون توقيعه على السارق؟
قال اخوه يوسف:
فى شريعتنا نعتبر من سرق عبدا لمن سرقه
قال الحارس:
سنطبق عليكم قانونكم الخاص
لن نطبق عليكم القانون المصرى الذى يقضى بسجن السارق
كانت هذه الاجابه كيدا وتدبيرا من الله تعالى
الهم يوسف ان يحدث بها ضباطه
ولولا هذا التدبير الالهى لا متنع على يوسف ان ياخذ اخاه
فقد كان دين الملك او قانونه لا يقضى باسترقاق من سرق
وبدا التفتيش
كان هذا الحوار على منظر ومسمع من يوسف
فامر جنوده بالبدء بتفتيش رحال اخوته اولا قبل تفتيش رحل اخيه الصغير
كى لا يثير شبهه فى نتيجه التفتيش
اطمان اخوه يوسف الى براءتهم من السرقه وتنفسوا الصعداء
فلم يبقى الا اخوهم الصغير
وتم استخراج الكاس من رحله
فامر يوسف باخذ اخيه عبدا
قانونهم الذى طبقه القضاء على الحادث
اعقب ذلك مشهد عنيف المشاعر
ان احساس الاخوه براحه الانقاذ والنجاه من التهمه
جعلهم يستديرون باللوم على شقيق يوسف
{قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ اخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ}
انهم يتنصلون من تهمه السرقه
ويلقونها على هذا الفرع من ابناء يعقوب
سمع يوسف باذنيه اتهامهم له
واحس بحزن عميق
كتم يوسف احزانه فى نفسه ولم يظهر مشاعره
قال بينه وبين نفسه
{انتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ اعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ}
لم يكن هذا سبابا لهم
بقدر ما كان تقريرا حكيما لقاعده من قواعد الامانه
اراد ان يقول بينه وبين نفسه:
انكم بهذا القذف شر مكانا عند الله من المقذوف
لانكم تقذفون بريئين بتهمه السرقه
والله اعلم بحقيقه ما تقولون
سقط الصمت بعد تعليق الاخوه الاخير
ثم انمحى احساسهم بالنجاه
وتذكروا يعقوب
لقد اخذ عليهم عهدا غليظا
الا يفرطوا فى ابنه
وبدءوا استرحام يوسف:
يوسف ايها العزيز
يوسف ايها الملك
{إِنَّ لَهُ ابًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ احَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}
قال يوسف بهدوء:
كيف تريدون ان نترك من وجدنا كاس الملك عنده
وناخذ بدلا منه انسانا اخر؟
هذا ظلم
ونحن لا نظلم
كانت هى الكلمه الاخيره فى الموقف
وعرفوا ان لا جدوى بعدها من الرجاء
فانسحبوا يفكرون فى موقفهم المحرج امام ابيهم حين يرجعون

المشهد الخامس:

عقدوا مجلسا يتشاورون فيه
لكن السياق القرانى لا يذكر اقوالهم جميعا
انما يثبت اخرها الذى يكشف عما انتهوا اليه
ذكر القران قول كبيرهم اذ ذكّرهم بالموثق الماخوذ عليهم
كما ذكرهم بتفريطهم فى يوسف من قبل
ثم يبين قراره الجازم:
الا يبرح مصر
والا يواجه اباه
الا ان ياذن ابوه
او يقضى الله له بحكم
فيخض له وينصاع
وطلب منهم ان يرجعوا الى ابيهم فىخبروه صراحه بان ابنه سرق
فَاُخِذَ بما سرق
ذلك ما علموه شهدوا به
اما ان كان بريئا
وكان هناك امر وراء هذا الظاهر لا يعلمونه
فهم غير موكلين بالغيب
وان كان فى شك من قولهم فليسال اهل القريه التى كانوا فىها
اى اهل مصر
وليسال القافله التى كانوا فيها
فهم لم يكونوا وحدهم
فالقوافل الكثيره كانت ترد مصر لتاخذ الطعام

المشهد السادس:

فعل الابناء ما امرهم به اخوهم الكبير
وحكوا ليعقوب
عليه السلام
ما حدث استمع يعقوب اليهم وقال بحزن صابر
وعين دامعه:
{بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ انفُسُكُمْ امْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
عَسَى اللّهُ ان يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
}
{بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ انفُسُكُمْ امْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}
كلمته ذاتها يوم فقد يوسف
لكنه فى هذه المره يضيف اليها الامل ان يرد الله عليه يوسف واخاه فيرد ابنه الاخر المتخلف هناك
هذا الشعاع من اين جاء الى قلب هذا الرجل الشيخ؟
انه الرجاء فى الله
والاتصال الوثيق به
والشعور بوجوده ورحمته
وهو مؤمن بان الله يعلم حاله
ويعلم ما وراء هذه الاحداث والامتحانات
وياتى بكل امر فى وقته المناسب
عندما تتحق حكمته فى ترتيب الاسباب والنتائج
{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا اسَفَى عَلَى يُوسُفَ
وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
}
وهى صوره مؤثره للوالد المفجوع
يحس انه منفرد بهمه
وحيد بمصابه
لا تشاركه هذه القلوب التى حوله ولا تجاوبه
فينفرد فى معزل
يندب فجيعته فى ولده الحبيب يوسف
الذى لم ينسه
ولم تهوّن من مصيبته السنون
والذى تذكره به نكبته الجديده فى اخيه الاصغر فتغلبه على صبره الجميل
اسلمه البكاء الطويل الى فقد بصره
او ما يشبه فقد بصره
فصارت امام عينيه غشاوه بسبب البكاء لا يمكن ان يرى بسببها
والكظيم هو الحزين الذى لا يظهر حزنه
ولم يكن يعقوب
عليه السلام
يبكي امام احد
كان بكاؤه شكوى الى الله لا يعلمها الا الله
ثم لاحظ ابناؤه انه لم يعد يبصر ورجحوا انه يبكى على يوسف
وهاجموه فى مشاعره الانسانيه كاب
حذروه بانه سيهلك نفسه:
{قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ
حَرَضًا اوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ

(85)
قَالَ إِنَّمَا اشْكُو بَثِّى وَحُزْنِى إِلَى اللّهِ وَاعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
(86)}
(يوسف)
ردهم جواب يعقوب الى حقيقه بكائه
انه يشكو همه الى الله
ويعلم من الله ما لا يعلمون
فليتركوه فى بكائه وليصرفوا همهم لشئ اجدى عليهم
{يَا بَنِى اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَاخِيهِ
وَلاَ تَيْاسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْاسُ
مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
}
انه يكشف لهم فى عمق احزانه عن امله فى روح الله
انه يشعر بان يوسف لم يمت كما انبئوه
لم يزل حيا
فليذهب الاخوه بحثا عنه
وليكن دليلهم فى البحث
هذا الامل العميق فى الله

المشهد السابع:

تحركت القافله فى طريقها الى مصر
اخوه يوسف فى طريقهم الى العزيز
تدهور حالهم الاقتصادى وحالهم النفسى
ان فقرهم وحزن ابيهم ومحاصره المتاعب لهم
قد هدت قواهم تماما ها هم اولاء يدخلون على يوسف
معهم بضاعه رديئه جاءوا بثمن لا يتيح لهم شراء شئ ذى بال
وعندما دخلوا على يوسف
عليه السلام
رجوه ان يتصدق عليهم
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا ايُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا
وَاهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَاوْفِ لَنَا
الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِى الْمُتَصَدِّقِينَ
}
انتهى الامر بهم الى التسول
انهم يسالونه ان يتصدق عليهم
ويستميلون قلبه
بتذكيره ان الله يجزى المتصدقين
عندئذ
وسط هوانهم وانحدار حالهم
حدثهم يوسف بلغتهم
بغير واسطه ولا مترجم:
{قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَاخِيهِ إِذْ انتُمْ جَاهِلُونَ
(89)
قَالُواْ اإِنَّكَ لَانتَ يُوسُفُ قَالَ انَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا اخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ
عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ اجْرَ الْمُحْسِنِينَ
(90)
قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ اثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ
(91)}
(يوسف)
يكاد الحوار يتحرك بادق تعبير عن مشاعرهم الداخليه
فاجاهم عزيز مصر بسؤالهم عما فعلوه بيوسف
كان يتحدث بلغتهم فادركوا انه يوسف
وراح الحوار يمضى فىكشف لهم خطيئتهم معه
لقد كادوا له وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى امْرِهِ
مرت السنوات وذهب كيدهم له
ونفذ تدبير الله المحكم الذى يقع باعجب الاسباب
كان القاؤه فى البئر هو بدايه صعوده الى السلطه والحكم
وكان ابعادهم له عن ابيه سببا فى زياده حب يعقوب له
وها هو ذا يملك رقابهم وحياتهم
وهم يقفون فى موقف استجداء عطفه
انهم يختمون حوارهم معه بقولهم
{قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ اثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ}
ان روح الكلمات واعترافهم بالخطا يشيان بخوف مبهم غامض يجتاح نفوسهم
ولعلهم فكروا فى انتقامه منهم وارتعدت فرائصهم
ولعل يوسف احس ذلك منهم فطمانهم بقوله
{قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ ارْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
لا مؤاخذه
ولا لوم
انتهى الامر من نفسى وذابت جذوره
لم يقل لهم اننى اسامحكم او اغفر لكم انما دعا الله ان يغفر لهم
وهذا يتضمن انه عفا عنهم وتجاوز عفوه
ومضى بعد ذلك خطوات
دعا الله ان يغفر لهم وهو نبى ودعوته مستجابه
وذلك تسامح نراه ايه الايات فى التسامح
ها هو ذا يوسف ينهى حواره معهم بنقله مفاجئه لابيه
يعلم ان اباه قد ابيضت عيناه من الحزن عليه
يعلم انه لم يعد يبصر
لم يدر الحوار حول ابيه لكنه يعلم
يحس قلبه
خلع يوسف قميصه واعطاه لهم
{اذْهَبُواْ بِقَمِيصِى هَـذَا فَالْقُوهُ عَلَى وَجْهِ ابِى
يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِى بِاهْلِكُمْ اجْمَعِينَ
}
وعادت القافله الى فلسطين

المشهد الثامن:

ما انت خرجت القافله من مصر
حتى قال يعقوب
عليه السلام
لمن حوله فى فلسطين:
انى اشم رائحه يوسف
لولا انكم تقولون فى انفسكم انني شيخ خرِف لصدقتم ما اقول
فرد عليه من حوله
لكن المفاجاه البعيده تقع. وصلت القافله
والقى البشير قميض يوسف على وجه يعقوب
عليهما السلام
فارتدّ بصره
هنا يذكر يعقوب حقيقه ما يعلمه من ربه
{قَالَ الَمْ اقُل لَّكُمْ إِنِّى اعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
فاعترف الاخوه بخطئهم
وطلبوا من اباهم الاستغفار لهم
فهو نبى ودعاءه مستجاب
الا ان يعقوب عليه السلام
{قَالَ سَوْفَ اسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّى إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
ونلمح هنا ان فى قلب يعقوب شيئا من بنيه
وانه لم يصف لهم بعد
وان كان يعدهم باستغفار الله لهم بعد ان يصفو ويسكن ويستريح

ها هو المشهد الاخير فى قصه يوسف:

بدات قصته برؤيا
وها هو ذا الختام
تاويل رؤياه:
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ اوَى إِلَيْهِ ابَوَيْهِ وَقَالَ
ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ امِنِينَ

(99)
وَرَفَعَ ابَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا
وَقَالَ يَا ابَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ

قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّا وَقَدْ احْسَنَ بَى إِذْ اخْرَجَنِى مِنَ السِّجْنِ
وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ ان نَّزغَ
الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِى
إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

(100)}
(يوسف)
تامل الان مشاعره ورؤياه تتحقق
انه يدعو ربه
{رَبِّ قَدْ اتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الاحَادِيثِ
فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ انتَ وَلِيِّى
فِى الدُّنُيَا وَالاخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَالْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ
}

هى دعوه واحده
تَوَفَّنِى مُسْلِمًا
وهنا نكون روينا القصه كامله
والقادم سوره يوسف كامله وما كامل الا وجه الله الكريم
تابعو معنا الحلقه الثالثه عشر[/postback]

ام بشري 08-22-2015 12:23 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 

الحلقه الثالثه عشر[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]

سيدنا ايوب عليه السلام

صالح عليه السلام
نبذه:
ارسله الله الى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين اتاهم الله رزقا كثيرا
ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا ال اصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله اليهم صالحا مبشرا ومنذرا
ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه ب ان ي اتى بايه ليصدقوه فاتاهم بالناقه
وامرهم ان لا يؤذوها ولكنهم اصروا على كبرهم فعقروا الناقه وعاقبهم الله
بالصاعقه فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين
سيرته:
ارسال صالح عليه السلام لثمود:
جاء قوم ثمود بعد قوم عاد
وتكررت قصه العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيله تعبد الاصنامهى الاخرى
فارسل الله سيدنا "صالحا"
اليهم وقال صالح لقومه:
(يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ)
نفس الكلمه التى يقولها كل نبى
لا تتبدل ولا تتغير
كما ان الحق لا يتبدل ولا يتغير
فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله
انه يتهم الهتهم بانها بلا قيمه
وهو ينهاهم عن عبادتها ويامرهم بعباده الله وحده
و احدثت دعوته هزه كبيره فى المجتمع
وكان صالح معروفا بالحكمه والنقاء والخير
كان قومه يحترمونه قبل ان يوحى الله اليه ويرسله بالدعوه اليهم
وقال قوم صالح له:
قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ ابَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ
(62)(هود)
تامل وجهه نظر الكافرين من قوم صالح
انهم يدلفون اليه من باب شخصى بحت
لقد كان لنا رجاء فيك
كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك
ثم خاب رجاؤنا فيك
اتنهانا ان نعبد ما يعبد اباؤنا؟
ياللكارثه
كل شئ ياصالح الاهذا
ما كنا نتوقع منك ان تعيب الهتنا التى وجدنا ابائنا عاكفين عليها
وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم اليه
ويستنكرون ماهو واجب وحق، ويدهشون ان يدعوهم اخوهم صالح الى عباده الله وحده
لماذا؟
ما كان ذلك كله الا لان ابائهم كانوا يعبدونهذه الالهه
معجزه صالح عليه السلام:
ورغم نصاعه دعوه صالح صالح عليه السلام كامله
فقد بدا واضحا ان قومه لن يصدقونه
كانوا يشكون فى دعوته
واعتقدوا انه مسحور
وطالبوه بمعجزه تثبت انه رسول من الله اليهم
وشاءت اراده الله ان تستجيب لطلبهم
وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمه
كانوا يستخدمون الصخر فى البناء
وكانوا اقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شئ
جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الارض التى استعمروها
قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزه ليصدقوه:
وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ ايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ
(64)(هود)
والايههى المعجزه
ويقال ان الناقه كانت معجزه لان صخره بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقه
ولدت من غير الطريق المعروف للولاده
ويقال انها كانت معجزه لانها كانت تشرب المياه الموجوده
فى الابار فى يوم فلا تقترب بقيه الحيوانات من المياه فيهذا اليوم
وقيل انها كانت معجزه لانها كانت تدر لبنا يكفى لشرب الناس جميعا فيهذا اليوم الذى تشرب فيه الماء فلا يبقى شئ للناس
كانتهذه الناقه معجزه
وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله:
(نَاقَةُ اللّهِ)
اضافها لنفسه سبحانه بمعنى انها ليست ناقه عاديه وانماهى معجزه من الله
واصدر الله امره الى صالح ان يامر قومه بعدم المساس بالناقه او ايذائها او قتلها
امرهم ان يتركوها تاكل فى ارض الله
والا يمسوها بسوء
وحذرهم انهم اذا مدوا ايديهم بالاذى للناقه فسوف ياخذهم عذاب قريب
فى البدايه تعاظمت دهشه ثمود حين ولدت الناقه من صخور الجبل
كانت ناقه مباركه
كان لبنها يكفى الاف الرجال والنساء والاطفال
كان واضحا انها ليست مجرد ناقه عاديه
وانما هى ايه من الله
وعاشت الناقه بين قوم صالح
امن منهم من امن وبقى اغلبهم على العناد والكفر
وذلك لان الكفار عندما يطلبون من نبيهم ايه
ليس ل انهم يريدون الت اكد من صدقه والايمان به
وانما لتحديه واظهار عجزه امام البشر
لكن الله كان يخذلهم بت اييد انبياءه بمعجزات من عنده
كان صالح صالح عليه السلام كامله
يحدث قومه برفق وحب
وهو يدعوهم الى عباده الله وحده
وينبههم الى ان الله قد اخرج لهم معجزههى الناقه
دليلا على صدقه وبينه على دعوته
وهو يرجو منهم ان يتركوا الناقه تاكل فى ارض الله
وكل الارض ارض الله
وهو يحذرهم ان يمسوها بسوء خشيه وقوع عذاب الله عليهم
كما ذكرهم بانعام الله عليهم:
بانه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد
وانعم عليهم بالقصور والجبال المنحوته والنعيم والرزق والقوه
لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه
واتجهوا الى الذين امنوا بصالح
يس الونهم سؤال استخفاف وزرايه:
اتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ؟
قالت الفئه الضعيفه التى امنت بصالح:
إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
فاخذت الذين كفروا العزه بالاثم
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِى امَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
هكذا باحتقار واستعلاء وغضب
تامر المل ا على الناقه:
وتحولت الكراهيه عن سيدنا صالح الى الناقه المباركه
تركزت عليها الكراهيه
وبدات المؤامره تنسج خيوطها ضد الناقه
كره الكافرون هذه الايه العظيمه
ودبروا فى انفسهم امرا
وفى احدى الليالى
انعقدت جلسه لكبار القوم
وقد اصبح من المالوف ان نرى ان فى قصص الانبياء هذه التدابير للقضاء على النبى او معجزاته او دعوته
تاتى من رؤساء القوم
فهم من يخافون على مصالحهم ان تحول الناس للتوحيد
ومن خشيتهم الى خشيه الله وحده
اخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لانهاء دعوه صالح
فاشار عليهم واحد منهم بقتل الناقه ومن ثم قتل صالح نفسه
وهذا هو سلاح الظلمه والكفره فى كل زمان ومكان
يعمدون الى القوه والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين
لانهم يعلمون ان الحق يعلوا ولا يعلى عليه
ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم
وهم لا يريدون ان يصلوا لهذه المرحله
وقرروا القضاء على الحق قبل ان تقوى شوكته
لكن احدهم قال:
حذرنا صالح من المساس بالناقه
وهددنا بالعذاب القريب
فقال احدهم سريعا قبل ان يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم:
اعرف من يجرا على قتل الناقه
ووقع الاختيار على تسعه من جبابره القوم
وكانوا رجالا يعيثون الفساد فى الارض
الويل لمن يعترضهم
هؤلاءهم اداه الجريمه
اتفق على موعد الجريمه ومكان التنفيذ
وفى الليله المحدده
وبينما كانت الناقه المباركه تنام فى سلام
انتهى المجرمون التسعه من اعداد اسلحتهم وسيوفهم وسهامهم
لارتكاب الجريمه
هجم الرجال على الناقه فنهضت الناقه مفزوعه
امتدت الايدى الاثمه القاتله اليها
وسالت دمائها
هلاك ثمود:
علم النبى صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه
قال لهم:
الم احذركم من ان تمسوا الناقه؟
قالوا:
قتلناها فاتنا بالعذاب واستعجله
الم تقل انك من المرسلين؟
قال صالح لقومه:
تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ
بعدها غادر صالح قومه
تركهم ومضى
انتهى الامر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثه ايام
ومرت ثلاثه ايام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون
وفى فجر اليوم الرابع:
انشقت السماء عن صيحه جباره واحده
انقضت الصيحه على الجبال فهلك فيها كل شئ حى هى صرخه واحده
لم يكد اولها يبدا واخرها يجئ حتى كان كفار قوم صالح
قد صعقوا جميعا صعقه واحده
هلكوا جميعا قبل ان يدركوا ما حدث
اما الذين امنوا بسيدنا صالح
فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا

تابعو معنا الحلقه الرابع عشر[/postback]

ام بشري 08-22-2015 12:26 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 

ا
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]لحلقه الرابعه عشر

سيدنا ذو الكفل عليه السلام

نبذه
:

من الأنبياء الصالحين
وكان يصلى كل يوم مائه صلاه
قيل إنه تكفل لبنى قومه ان يقضى بينهم بالعدل
ويكفيهم امرهم ففعل فسمى بذى الكفل

سيرته:
قال اهل التاريخ
ذو الكفل هو ابن ايوب عليه السلام
واسمه فى الأصل
(
بشر) وقد بعثه الله بعد أيوب وسماه ذا الكفل
لأنه تكفل ببعض الطاعات فوقى بها
وكان مقامه فى الشام واهل دمشق يتناقلون
ان له قبرا فى جبل هناك يشرف على دمشق يسمى قاسيون
الا ان بعض العلماء يرون انه ليس بنبى
وانما هو رجل من الصالحين من بنى اسرائيل
وقد رجح ابن كثير نبوته لأن الله تعالى
قرنه مع الأنبياء فقال عز وجل:

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ
(85)
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ
(85)
(الأنبياء)

قال ابن كثير:
فالظاهر من ذكره فى القرآن العظيم
بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء الساده الأنبياء انه نبى
عليه من ربه الصلاه والسلام
وهذا هو المشهور

والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه
فى عداد الأنبياء اما دعوته ورسالته
والقوم الذين ارسل اليهم فلم يتعرض لشئ
من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيل
لذلك نمسك عن الخوض فى موضوع دعوته
حيث ان كثيرا من المؤرخين لم يوردوا
عنه الا الشئ اليسير
ومما ينبغى التنبه له ان
(ذا الكفل)
الذى ذكره القرآن هو غير
(الكفل)
الذى ذكر فى الحديث الشريف ونص الحديث
كما رواه الأمام احمد عن ابن عمر رضى الله عنهما قال:
(كان الكفل من بنى اسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله
فأتته امرأه فأعطاها ستين دينار على ان يطأها
فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته
ارعدت وبكت فقال لها ما يبكيك؟
اكرهتك؟
قالت:
لا ولكن هذا عمل لم اعمله قط وانما
حملتنى عليه الحاجه
قال:
فتفعلين هذا ولم تفعليه قط؟
ثم نزل فقال اذهبى بالدنانير لك
ثم قال:
والله لا يعصى الله الكفل ابدا فمات من ليلته
فأصبح مكتوبا على بابه:
قد غفر الله للكفل
)
رواه الترمذى وقال:
حديث حسن وروى موقوفا على ابن عمر
وفى اسناده نظر
فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وانما
لفظ الحديث الكفل من غير اضافه
فهو اذا رجل اخر غير المذكور فى القرآن

ويذكر بعض المؤرخين ان ذا الكفل
تكفل لبنى قومه ان يكفيهم امرهم
ويقضى بينهم بالعدل فسمى ذا الكفل
وذكروا بعض القصص فى ذلك ولكنها قصص
تحتاج الى تثبت والى تمحيص وتدقيق

الرجل الصالح:
اما من يقول ان ذو الكفل لم يكن نبيا
وانما كان رجلا صالحا من بنى اسرائيل
فيروى انه كان فى عهد نبى الله اليسع عليه السلام
وقد روى انه لما كبر اليسع قال
لو انى استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم
فى حياتى حتى انظر كيف يعمل؟
فجمع الناس فقال:
من يتقبل لى بثلاث استخلفه:
يصوم النهار
ويقوم الليل
ولا يغضب
فقام رجل تزدريه العين
فقال:
انا
فقال:
انت تصوم النهار
وتقوم الليل
ولا تغضب؟
قال:
نعم
لكن اليسع
عليه السلام
ردّ الناس ذلك اليوم دون ان يستخلف احدا
وفى اليوم التالى
خرج اليسع
عليه السلام
على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول
فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال
انا
فاستخلف اليسع ذلك الرجل

فجعل ابليس يقول للشياطين:
عليكم بفلان
فأعياهم ذلك
فقال دعونى واياه فأتاه فى صوره شيخ كبير فقير
واتاه حين اخذ مضجعه للقائله
وكان لا ينام الليل والنهار
الا تلك النّومه فدقّ الباب
فقال ذو الكفل:
من هذا؟
قال:
شيخ كبير مظلوم
فقام ذو الكفل ففتح الباب
فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومه بينه وبين قومه
وما فعلوه به
وكيف ظلموه
واخذ يطوّل فى الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل
بين الناس
وذهبت القائله
فقال ذو الكفل:
اذا رحت للمجلس فإننى اخذ لك بحقّك

فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون ان ينام
لكن الشيخ لم يحضر للمجلس
وانفض المجلس دون ان يحضر الشيخ
وعقد المجلس فى اليوم التالى
لكن الشيخ لم يحضر ايضا
ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائله ليضطجع
اتاه الشيخ فدق الباب
فقال:
من هذا؟
فقال الشيخ الكبير المظلوم
ففتح له فقال:
الم اقل لك اذا قعدت فاتنى؟
فقال الشيخ:
انهم اخبث قوم اذا عرفوا انك قاعد قالوا لى نحن نعطيك حقك
واذا قمت جحدونى
فقال ذو الكفل:
انطلق الآن فإذا رحت مجلسى فأتنى

ففاتته القائله
فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس
فقال لبعض اهله:
لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى انام
فإنى قد شق على النوم
فقدم الشيخ
فمنعوه من الدخول
فقال:
قد اتيته امس
فذكرت لذى الكفل امرى
فقالوا:
لا والله لقد امرنا ان لا ندع احداً يقربه
فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب
من الداخل فاستيقظ ذو الكفل
وقال لأهله:
الم امركم الا يدخل على احد؟
فقالوا:
لم ندع احدا يقترب
فانظر من اين دخل
فقام ذو الكفل الى الباب فإذا هو مغلق كما اغلقه؟
واذا الرجل معه فى البيت
فعرفه فقال:
اعَدُوَّ اللهِ؟
قال:
نعم اعييتنى فى كل شئ
ففعلت كل ما ترى لأغضبك

فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به
تابعو معنا الحلقه الخامسه عشر[/postback]

ام بشري 08-22-2015 12:28 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]
الحلقه الخامسه عشر

سيدنا يونس عليه السلام


ارسله الله الى قوم نينوى فدعاهم الى عباده الله وحده
ولكنهم ابوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليال
فخشوا على انفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب
اما يونس فخرج فى سفىنه وكانوا على وشك الغرق فاقترعوا لكى يحددوا من سيلقى من الرجال
فوقع ثلاثا على يونس فرمى نفسه فى البحر فالتقمه الحوت
واوحى الله اليه ان لا ياكله فدعا يونس ربه ان يخرجه
من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه الى مائه الف او يزيدون
سيرته:
كان يونس بن متى نبيا كريما ارسله الله الى قومه فراح يعظهم
وينصحهم ويرشدهم الى الخير
ويذكرهم بيوم القيامه ويخوفهم من النار
ويحببهم الى الجنه ويامرهم بالمعروف
ويدعوهم الى عباده الله وحده وظل ذو النون
يونس عليه السلام
ينصح قومه فلم يؤمن منهم احد
وجاء يوم عليه فاحس بالياس من قومه
وامتلا قلبه بالغضب عليهم لانهم لا يؤمنون
وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثه ايام
ولا يذكر القرآن اين كان قوم يونس
ولكن المفهوم انهم كانوا فى بقعه قريبه من البحر
وقال اهل التفسير:
بعث الله يونس عليه السلام الى اهل
(نينوى)
من ارض الموصل فقاده الغضب الى شاطىء البحر حيث ركب سفىنه مشحونه
ولم يكن الامر الالهى قد صدر له بان يترك قومه او يياس منهم
فلما خرج من قريته
وتاكد اهل القريه من نزول العذاب بهم قذف الله فى قلوبهم التوبه والانابه وندموا على ما كان منهم الى نبيهم
وصرخوا وتضرعوا الى الله عز وجل وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والامهات
وكانوا مائه الف يزيدون ولا ينقصون
وقد آمنوا اجمعين
فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورافته ورحمته عنهم العذاب الذى استحقوه بتكذيبهم
امر السفىنه:
اما السفىنه التى ركبها يونس
فقد هاج بها البحر
وارتفع من حولها الموج. وكان هذا علامه عند القوم بان من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه
لانه ارتكب خطيئه
وانه لا بد ان يلقى فى الماء لتنجو السفىنه من الغرق
فاقترعوا على من يلقونه من السفىنه
فخرج سهم يونس
وكان معروفاً عندهم بالصلاح
فاعادوا القرعه
فخرج سهمه ثانيه
فاعادوها ثالثه
ولكن سهمه خرج بشكل اكيد فالقوه فى البحر
او القى هو نفسه
فالتقمه الحوت لانه تخلى عن المهمه التى ارسله الله بها
وترك قومه مغاضباً قبل ان ياذن الله له
واحى الله للحوت ان لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر له عظما
واختلف المفسرون فى مده بقاء يونس فى بطن الحوت
فمنهم من قال ان الحوت التقمه عند الضحى واخرجه عند العشاء
ومنهم من قال انه لبث فى بطنه ثلاثه ايام ومنهم من قال سبعه
يونس فى بطن الحوت:
عندما احس بالضيق فى بطن الحوت
فى الظلمات ظلمه الحوت وظلمه البحر وظلمه الليل سبح الله واستغفره وذكر انه كان من الظالمين
وقال:
{لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
فسمع الله دعاءه واستجاب له
فلفظه الحوت
{فلولا انه كان من المسبحين للبث فى بطنه الى يوم يبعثون}
وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطئ
وانبت الله عليه شجره القرع قال بعض العلماء فى انبات القرع عليه حِكَم جمه
منها ان ورقه فى غايه النعومه وكثير وظليل ولا يقربه ذباب
ويؤكل ثمره من اول طلوعه الى آخره نياً ومطبوخاً
وبقشره وببزره ايضاً وكان هذا من تدبير الله ولطفه
وفىه نفع كثير وتقويه للدماغ وغير ذلك فلما استكمل عافىته
رده الله الى قومه الذين تركهم مغاضباً
‏فضل يونس عليه السلام:
لقد وردت احاديث كثيره عن فضل يونس عليه السلام
منها قول النبى ‏صلى الله عليه وسلم:
(‏لا ينبغى لعبد ان يقول انا خير من ‏‏ يونس بن متى)
وقوله عليه الصلاه والسلام:
(من قال انا خير من ‏‏ يونس بن متى ‏‏فقد كذب)
ذنب يونس عليه السلام:
نريد الآن ان ننظر فىما يسميه العلماء ذنب يونس
هل ارتكب يونس ذنبا بالمعنى الحقيقى للذنب؟
وهل يذنب الانبياء الجواب ان الانبياء معصومون
غير ان هذه العصمه لا تعنى انهم لا يرتكبون اشياء هى عند الله امور تستوجب العتاب. المساله نسبيه اذن
يقول العارفون بالله:
ان حسنات الابرار سيئات المقربين
وهذا صحيح فلننظر الى فرار يونس من قريته الجاحده المعانده
لو صدر هذا التصرف من اى انسان صالح غير يونس
لكان ذلك منه حسنه يثاب عليها فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين
ولكن يونس نبى ارسله الله اليهم
والمفروض ان يبلغ عن الله ولا يعبا بنهايه التبليغ او ينتظر نتائج الدعوه
ليس عليه الا البلاغ
خروجه من القريه اذن
فى ميزان الانبياء
امر يستوجب تعليم الله تعالى له وعقابه
ان الله يلقن يونس درسا فى الدعوه اليه
ليدعو النبى الى الله فقط
هذه حدود مهمته وليس عليه
ان يتجاوزها ببصره او قلبه ثم يحزن لان قومه لا يؤمنون
ولقد خرج يونس بغير اذن فانظر ماذا وقع لقومه
لقد آمنوا به بعد خروجه
ولو انه مكث فىهم لادرك ذلك وعرفه واطمان قلبه وذهب غضبه
غير انه كان متسرعا
وليس تسرعه هذا سوى فىض فى رغبته ان يؤمن الناس
وانما اندفع الى الخروج كراهيه لهم لعدم ايمانهم
فعاقبه الله وعلمه ان على النبى ان يدعو لله فحسب
والله يهدى من يشاء


[/postback]تابعو معنا الحلقه السادسه عشر

ام بشري 08-22-2015 12:30 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]
الحلقه السادسه عشر

سيدنا موسى والخضر عليهما السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
قصه موسى والخضر عليهما الصلاه والسلام
قال الله تعالى:
{وَاذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا ابْرَحُ حَتَّى ابْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ
اوْ امْضِى حُقُبًا فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ
سَبِيلَهُ
فِى الْبَحْرِ سَرَبًا فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا
مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ ارَايْتَ اذْ اوَيْنَا الَى الصَّخْرَةِ فَانِّى نَسِيتُ
الْحُوتَ
وَمَا انسَانِيهُ الَّا الشَّيْطَانُ انْ اذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ
عَجَبًا قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا عَبْدًا
مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ
عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ اتَّبِعُكَ عَلَى ان
تُعَلِّمَنِ
مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ انَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ
عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا
قَالَ سَتَجِدُنِى ان شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا اعْصِى لَكَ امْرًا قَالَ فَانِ
اتَّبَعْتَنِى فَلَا تَسْالْنِى
عَن شَيْءٍ حَتَّى احْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانطَلَقَا حَتَّى اذَا رَكِبَا فِى
السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ
اخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ اهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا امْرًا قَالَ الَمْ اقُلْ انَّكَ لَن
تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِى
بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ امْرِى عُسْرًا فَانطَلَقَا حَتَّى
اذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ اقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ
شَيْئًا نُّكْرًا قَالَ
الَمْ اقُل لَّكَ انَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا قَالَ ان سَالْتُكَ عَن شَئ
بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِى
قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّى عُذْرًا فَانطَلَقَا حَتَّى اذَا اتَيَا اهْلَ قَرْيَةٍ
اسْتَطْعَمَا اهْلَهَا فَابَوْا ان يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ انْ
يَنقَضَّ فَاقَامَهُ قَالَ
لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ اجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ سَانَبِّئُكَ
بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا امَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ
يَعْمَلُونَ
فِى الْبَحْرِ فَارَدتُّ انْ اعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ
غَصْبًا
وَامَّا الْغُلَامُ فَكَانَ ابَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا ان يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا
فَارَدْنَا
ان يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَاقْرَبَ رُحْمًا وَامَّا الْجِدَارُ فَكَانَ
لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ
فِى الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ ابُوهُمَا صَالِحًا فَارَادَ رَبُّكَ
انْ يَبْلُغَا
اشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ امْرِى
ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا
}
(سوره الكهف الآيات من 60-82)
قول بعض اهل الكتاب:
ان موسى هذا الذى رحل الى الخضر هو موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الخليل
وتابعهم على ذلك بعض من ياخذ من صحفهم
وينقل عن كتبهم منهم نوف بن فضاله الحميرى الشامى البكالى
ويقال:
انه دمشقى وكانت امه زوجه كعب الاحبار والصحيح الذي دل عليه ظاهر سياق القرآن
ونص الحديث الصحيح الصريح المتفق عليه انه موسى بن عمران صاحب بني اسرائيل
قال البخارى:
حدثنا الحميدى حدثنا سفيان حدثنا عمر بن دينار اخبرنى سعيد بن جبير
قال:
قلت لابن عباس:
ان نوفا البكالى يزعم ان موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بنى اسرائيل
قال ابن عباس:
كذب عدو الله حدثنا ابى بن كعب انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
ان موسى قام خطيبا فى بنى اسرائيل
فسئل:
اى الناس اعلم؟
فقال:
انا
فعتب الله عليه اذ لم يرد العلم اليه فاوحى الله اليه:
ان لى عبدا بمجمع البحرين هو اعلم منك
قال موسى:
يا رب
وكيف لى به؟
قال:
تاخذ معك حوتا فتجعله فى مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم
فاخذ حوتا فجعله بمكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون
حتى اذا اتيا الصخره وضعا رءوسهما فناما واضطرب الحوت فى المكتل
فخرج منه فسقط فى البحر واتخذ سبيله فى البحر سربا وامسك الله عن الحوت جريه الماء
فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ نسى صاحبه ان يخبره بالحوت
فانطلقا بقيه يومهما وليلتهما حتى اذا كان من الغد
{قال موسى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}
ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذى امره الله به
(قال)
له فتاه:
{ارَايْتَ اذْ اوَيْنَا الَى الصَّخْرَةِ فَانِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا انْسَانِيهُ الَّا
الشَّيْطَانُ انْ اذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا
}
قال:
فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا قال:
فرجعا يقصان اثرهما حتى انتهيا الى الصخره
فاذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر:
وانى بارضك السلام
قال:
انا موسى
قال:
موسى بنى اسرائيل؟
قال:
نعم
اتيتك لتعلمنى مما علمت رشدا
{قال انك لن تستطيع معى صبرا}
يا موسى انى على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه انت
وانت على علم من علم الله علمكه الله لا اعلمه فقال موسى
{ستجدنى ان شاء الله صابرا ولا اعصى لك امرا}
قال له الخضر:
{فان اتبعتنى فلا تسالنى عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا}
فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينه
فكلمهم ان يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول فلما ركبا فى السفينه لم يفجا الا والخضر قد قلع لوحا من الواح السفينه بالقدوم
فقال له موسى:
قوم حملونا بغير نول عمدت الى سفينتهم فخرقتها
(لتغرق اهلها لقد جئت شيئا امرا قال الم اقل انك لن تستطيع
معى صبرا قال لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من امرى
عسرا
)
قال:
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وكانت الاولى من موسى نسيانا
قال:
وجاء عصفور فوقع على حرف السفينه فنقر فى البحر نقره
فقال له الخضر:
ما علمى وعلمك فى علم الله الا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر
ثم خرجا من السفينه فبينما هما يمشيان على الساحل
اذ ابصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فاخذ الخضر راسه بيده فاقتلعه بيده فقتله
فقال له موسى:
(اقتلت نفسا زكيه بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال الم اقل لك انك لن تستطيع معى صبرا)
قال:
وهذه اشد من الاولى
(قال ان سالتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى
عذرا
فانطلقا حتى اذا اتيا اهل قريه استطعما اهلها فابوا ان
يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد ان ينقض
)
قال:
مائل
فقال الخضر بيده
(فاقامه)
فقال موسى:
قوم اتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا
لو شئت لاتخذت عليه اجرا قال هذا فراق بينى وبينك سانبئك بتاويل ما لم تستطع عليه صبرا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وددنا ان موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما قال سعيد بن جبير فكان ابن عباس يقرا:
{وكان امامهم ملك ياخذ كل سفينه صالحه غصبا}
وكان يقرا:
{واما الغلام فكان كافرا وكان ابواه مؤمنين}
ثم رواه البخارى ايضا عن قتيبه عن سفيان بن عيينه باسناده نحوه وفيه:
فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ومعهما الحوت حتى انتهيا الى الصخره فنزلا عندها
قال:
فوضع موسى راسه فنام قال سفيان:
وفى حديث غير عمرو قال:
وفى اصل الصخره عين يقال لها:
الحياه
لا يصيب من مائها شئ الا حى فاصاب الحوت من ماء تلك العين
قال:
فتحرك وانسل من المكتل ودخل البحر
فلما استيقظ قال موسى لفتاه:
اتنا غداءنا كذا قال
وساق الحديث وقال: ووقع عصفور على حرف السفينه فغمس منقاره فى البحر فقال الخضر لموسى:
ما علمى وعلمك وعلم الخلائق فى علم الله الا مقدار
ما غمس هذا العصفور منقاره وذكر تمام الحديث
تابعو معنا الحلقه السابعه عشر[/postback]

ام بشري 08-22-2015 12:32 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]الخضر عليه السلام
تابع لقصه سيدنا موسى عليه السلام

اسمه بليا بن ملكان وانما سمى خضرا
لأنه اذا صلى فى مكان اخضر ما حوله
شرب من عين الحياه فلا يموت حتى
يشاء الله سبحانه
سئل الخضر عليه السلام عن اعجب شئ
راه فى الدنيا مع طول سياحته
وقطعه للقفار والفلوات؟

فقال:
اعجب شئ رائيته انى مررت بمدينه لم ار على وجه الأرض
احسن منها فسألت بعض اهلها
متى بنيت هذه المدينه؟
فقالوا:
سبحان الله لم يذكر اباءونا ولا اجدادنا متى بنيت
وما زالت من عهد الطوفان
ثم غبت خمسمائه سنه ومررت بها فاذا
هى خاويه على عروشها ولم ار احدا اسأله
واذا رعاه غنم فدنوت منهم فقلت
اين المدينه التى هنا؟
فقالوا:
سبحان الله لم يذكر اباوءنا ولا اجدادنا انه هنا مدينه
ثم غبت خمسمائه سنه ومررت بها فاذا
موضع تلك المدينه بحر واذا غواصون يستخرجون
منه شبه الحليه فقلت للغواصين
منذ كم هذا البحر هنا؟
فقالوا:
سبحان الله لم يذكر اباونا ولا اجدادنا الا ان هذا البحر
من عهد الطوفان
فغبت خمسمائه سنه وجئت فاذا البحر قد غاض ماءوه
واذا مكانه غيضه وغواصون يصيدون السمك فى زوارق
صغار فقلت لبعضهم:
اين البحر الذى كان هنا؟
فقالوا:
سبحان الله لم يذكر اباوءنا ولا اجدادنا انه كان هنا بحر
فغبت خمسمائه عام ثم جئت الى ذلك المكان فاذا هو بالمدينه
على الحاله الأولى والحصون والقصور والأسواق قائمه فقلت
لبعضهم
اين الغيضه التى كانت هنا؟
ومتى بنيت هذه المدينه؟
فقالوا:
سبحان الله لم يذكر اباونا ولا اجدادنا الا ان هذه المدينه
على حالها من عهد الطوفان
فغبت عنها نحو خمسمائه سنه ثم اتيت اليها
فاذا عاليها سافلها وهى تدخن بدخان شديد فلم ار احد اسأله
ثم اتيت راعيا فسألته:
اين المدينه؟
قال:
سبحان الله لم يذكر اباوءنا ولا اجدادنا الا ان هذا المكان
هكذا منذ كان
فهذا اعجب شئ رايته فى سياحتى فسبحان
مبيد العباد ومفنى البلاد ووارث الأرض
من عليها وباعث من خلق منها بعد رده اليها
[/postback]

ام بشري 08-22-2015 12:33 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
ا[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]لحلقه السابعه عشر

سيدنا هارون عليه السلام

هارون هو شقيق موسى
وقد بعثه الله رسولاً مع موسى ووزيراً له فى رسالته
ومعيناً له فى دعوته قال تعالى فى شانهما:
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ
إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا
وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ
فَلَمَّا جَاءهُمْ الْحَقُّ
مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ
}
[يونس: 75-76]
نسبهما:
هما ابنا عمران
(عمرام بالعبرى)
بن قاهت
"قاهات"
بن لاوى بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم خليل الرحمن
وامهما يوكابد بنت لاوى عمه عمران
ولم يكن الزواج بالعمه حينئذ محرماً
ثم نزل تحريم ذلك على موسى
وهارون اسبق ميلاداً من موسى بثلاث سنين
ولهما شقيقه اسمها مريم كانت فوق سن الإِدراك حينما ولد موسى
حياه موسى وهارون عليهما السلام فى فقرات:
(ابرز ما تعرض له المؤرخون من حياه موسى وهارون ما يلى)
ولد موسى بعد (64) سنه من وفاه يوسف
اى:
بعد (425) سنه من ميلاد ابراهيم
وبعد (250) سنه من وفاته
وعاش نحو (120) سنه
والله اعلم
قبل ميلاد موسى اصاب العبرانيين اضطهاد من فرعون فى ارض مصر
وبلغ الاضطهاد ذروته اذ اصدر فرعون امره بقتل كل مولود ذكر للعبرانيين
بى اسرائيل وفى هذه الاثناء ولد موسى
فاوصى الله الى امه
{أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ
وَلا تَخَافِى وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ
}
[القصص:7]
فارضعته امه ثلاثه اشهر ثم خافت افتضاح امرها
وخشيت عليه من جنود فرعون المكلَّفين بالبحث عن اولاد العبرانيين الذكور
فصنعت له صندوقاً يحمله فى الماء
والقته فى النيل
وساق الماء الصندوق حتى دنا قصر فرعون المشرف على النيل
ومريم اخت موسى تراقبه عن بعد وتتبع اثره
حتى هيا الله لهذا الصندوق من يلتقطه من نساء القصر الفرعونى
قالوا:
وقد التقطته ابنه فرعون واحبته وادخلته البلاط الفرعونى
وقد علموا انه عبرانى وانه محكوم عليه بالقتل بموجب الامر الفرعونى العام
ولما راته امراه فرعون قذف الله محبته فى فؤادها
واسمها
(اسيه)
ثم كانت امراه مؤمنه ضرب الله بها المثل فى كتابه:
{إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِنْدَكَ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى
مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
}
[التحريم:11]
فطلبت اسيه من فرعون
بما لها من دالَّه
ان يبقيه على قيد الحياه ليكون قره عين لها وله
ولعلهم كانوا فى شوق لولد ذكر
وقالت له:
عسى ان ينفعنا اذا كبر عندنا
او نتخذه ولداً
واسموه فى القصر
(موسى)
اى:
المنتشل من الماء
قالوا:
واصل ذلك فى اللغه المصريه القديمه:
(موريس)
اخذاً من
(مو)
بمعنى ماء و
(اوريس)
بمعنى منتشل
واصبح فؤاد ام موسى فارغاً من الهمِّ والقلق على ولدها لما علمت نجاه ولدها
وتبنِّى القصر الملكى له
بحث نسوه البلاط الفرعون عن مرضع للطفل
فكانوا كلما جاؤوا بمرضع له رفض ثديها
لقد حرم الله عليه المراضع والهمه رفض ثُدِيِهنَ
وذلك ليعيده الى امه ويُقرَّ به عينها ولما رات اخته مريم انهم احبوه واستَحيوه
وهم يبحثون عن مرضع له ولعلَّها كانت معتاده دخول القصر الفرعونى
قالت لهم:
{هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}
[القصص: 12]
فوافقوا فدعت امها فعرضت عليه ثديها فامتصه بنَهمٍ وشوق
فاستاجروها لإِرضاعه وكفالته
وبذلك ردّ الله موسى الى امه كى تقرّ عينها به ولا تحزن على فراقه
ولتعلم ان وعد الله حق فقد رده الله اليها كما اوحى اليها
تمت مدّه رضاع موسى وكفالته على يدى ظئره فى ظن البيت الفرعونى
ويدى امه فى الحقيقه واعيد الى قصر الملك فنشا وتربى فيه
حتى بلغ اشُدَّه واستوى واتاه الله صحه وعقلاً وقوه وباساً
واذْ اراد الله ان يجعله رسولاً من اولى العزم
ذا شان فى تاريخ الرسالات السماويه
فقد آتاه حكماً وعلماً
ومما لا شك فيه انه ظل على صله بمرضعته
امه فى الحقيقه
التى عرف منها ومن بقيه اسرته قصه ولادته ونشاته فى القصر الفرعونى
وانه اسرائيلى من هذا الشعب المضطهد المسخَّر
فى مصر على ايدى فرعون وآله وجنوده
وبالنظر الى صلته ومكانته في القصر الفرعونى فقد جعل يعمل
على تخفيف الاضطهاد عن بنى اسرائيل
ويدفع عنهم الظلم بقدر استطاعته فصار الإِسرائيليون
فى مصر يستنصرون به فى كل مناسبه
مرّ موسى ذات يوم فى طُرُق المدينه فى وقت خلت فيه الطرقات من الناس
ولعل الامر كان ليلاً فوجد رجلين يقتتلان
احدهما اسرائيلى والآخر مصرى
قالوا:
وكان السبب ان المصرى الفرعونى اراد ان يسخِّر الإِسرائيلى فى عمل
فابى عليه الإِسرائيلى ولما راى الإِسرائيلى موسى استغاث به
فجاء موسى وكان قوياً شديد الباس فاخذ بجمع يده فوكز
المصرى وكزه كانت الضربه القاضيه عليه
فلما راه قتيلاً بين يديه ولم يكن يريد قتله قال:
{هذا من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين}
ورجع يستغفر الله مما فعل
واصبح موسى فى المدينه خائفاً يترقب يمرّ فى طرقاتها على حذر
وبينما هو فى طريقه اذا الذى استنصره بالامس يستصرخه مره ثانيه
فاقبل عليه موسى وقال له:
{انك لَغَوى مبين}
اى:
صاحب فتن ورجل مخاصمات ومع ذلك اخذته حماسه الانتصار للإِسرائيلى
فاراد ان يبطش بالذى هو عدوّ لهما لكنّ الإِسرائيلى
ظن انه يريد ان يبطش به فقال له:
{يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا
أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِى الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِين
}
[القصص:19]
فالتقط الناس كلمه الإِسرائيلى وعرفوا منها ان
موسى هو الذى قتل المصرى بالامس
وشاع الخبر ووصل الى القصر الفرعونى فتذاكر
ال فرعون فى امر موسى والقصاص منه
ولم يَعدم موسى رجلاً ناصحاً مخلصاً ممن
له صله بالقصر فجاءه من اقصى المدينه
وربما كان ذلك من القصر نفسه لان العاده
فى القصور الملكيه ان
تكون فى اماكن بعيده عن المساكن العامه وحركه المدينه
وقال له:
{يا موسى ان الملا ياتمرون بك ليقتلوك
فاخرج انى لك من الناصحين
}
قبل موسى نصيحه الرجل فخرج من المدينه خائفاً يترقب
وهو يقول:
{ربّ نجنى من القوم الظالمين}
واتجه الى جهه بلاد الشام تلقاء مدين وسار بلا ماء ولا زاد
قالوا:
وكان يقتات بورق الاشجار حتى وصل الى مدين
وفى مدين سلاله من الاسره الإِبراهيميه منحدره من مدين
"مديان"
بن ابراهيم احد اعمام بنى اسرائيل ولعله قصدها
عامداً لعلمه بصله القربى مع اهلها
وصل موسى بعد رحله شاقه الى مدين فلما ورد
ماءها وجد عليه امَّه من الناس يسقون
ووجد من دونهم امراتين تذودان اغنامهما عن الماء
منتظرتين حتى يتم الرعاه الاقوياء سقيهم
اخذت موسى غيره الانتصار للضعيف فقال لهما:
ما خطبكما؟
قالتا:
{لا نَسْقِى حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}
واعتذرتا عن عملهما فى السقى دون الرجال من اسرتهما فقالتا:
{وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}
[القصص: 23]
اى:
فهو لا يستطيع القيام بهذه المهمه
فنهض موسى وسقى لهما وانصرفتا شاكرتين له مبكرتين عن عادتهما
وتولّى موسى الى الظل واخذ يناجى الله ويقول:
{رَبِّ إِنِّى لِمَا أَنزَلْتَ إِلَى مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}
[القصص:24]
عجب ابوهما الشيخ الكبر من عوده ابنتيه مبكرتين فقصتا عليه قصه
الرجل الغريب الذى سقى لهما فامر احداهما
ان تعود اليه وتبلغه دعوه ابيها ليجزيه على عمله
فجاءته تمشى على استحياء قالت:
{إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}
[القصص:25]
فلبى موسى الدعوه وسار مع ابنه الشيخ قالوا:
وقد طلب منها ان تسير خلفه وتدله على الطريق
لئلا يقع بصره على حركات جسمها وذلك عفه منه
دخل موسى على الشيخ الكبير فرحب به وقدم له القِرى وساله عن خطبه
فقص عليه القصص ووصف له حاله وحال بنى اسرائيل
فى مصر قال:
{لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
[القصص:25]
ذكر كثير من المفسرين والمؤرخين ان هذا الشيخ الكبير
هو شعيب عليه السلام واستشكل اخرون ذلك وعلى كل حال
فلا بد ان يكون اما شعيباً او احد اقاربه من سلاله مدين او
احد المؤمنين الذين نجوا مع شعيب بعد اهلاك اهل مدين
وقد نرجح ان يكون شعيباً لحديث ورد فى ذلك عن
النبى صلى الله عليه وسلم وان لم يبلغ درجه الصحه
قالت احداهما:
{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأَمِينُ}
[القصص: 26]
فأُعجب الشيخ براى ابنته وعرض على موسى
الزواج من احدى ابنتيه اللَّتين سقى لهما موسى
قال:
{قَالَ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى
أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ
وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ
}
[القصص:27]
وبذلك شرط عليه ان يكون مهر ابنته ان يخدمه ثمانى سنين
فان زادها الى عشر سنين فهى زياده غير مفروضه
فوافق موسى ونجز العقد مع الشيخ فقال:
"ذلك بينى وبينك ايَّما الاجلين قضيتُ
فلا عدوان على
والله على ما نقول وكيل
"
وتمت المصاهره بينهما قالوا:
واسم ابنه الشيخ التى صارت زوجاً لموسى
"صفوره"
لبث موسى عند صهره الشيخ فى مدين يخدمه
حسب الشرط وقضى فى خدمته اوفى الاجلين وهو عشر سنين
وقد ولدت له امراته
"صفوره"
فى مدين ولداً سماه
"جرشوم"
ومعناه:
غريب المولد
ثم تحرك قلب موسى ان يعود باهله الى مصر وعزم
على المسير واستعد له ولما اراد الفراق امر
امراته ان تسال اباها ان يعطيها من غنمه ما يعيشون
به فاعطاها ما ولدت غنمه فى ذلك العام من قالب لون
يقال:
شاه قالب لون اى:
على غير لون امها
فعن عقبه بن المنذر فيما رواه البزار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
سُئل اى الاجلين قضى موسى؟
قال:
"ابرهما واوفاهما"
ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم:
"ان موسى عليه السلام لما اراد فراق شعيب عليه السلام امر امراته
ان تسال اباها ان يعطيها من غنمه ما يعيشون به فاعطاها
ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون
قال:
فما مرت شاه الا ضرب موسى جنبها بعصاه فولدت قوالب
الوان كلها وولدت اثنتين او ثلاثاً كلُّ شاه وليس فيها
فشوش ولا ضبوب ولا كميشه تفوت الكف ولا ثغول"
اى:
جاءت على غير الوان امّهاتها سالمه من العيوب
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اذا فتحتم الشام فانكم ستجدون بقايا منها وهى السامريه"
سار موسى باهله من ارض مدين فى فصل الشتاء واستاق الغنم
ولما بلغ الى قرب الطور ضلَّ الطريق فى ليله بارده
قالوا:
وكانت امراته حاملاً واراد موسى ان يورى ناراً فصلد زنده فلم يقدح له
وبينما هو كذلك اذ راى جانب الطور ناراً فقال لاهله:
{امْكُثُوا إِنِّى آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّى آتِيكُمْ مِنْهَا
بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى
}
[طه: 10]
اى:
من يدله على الطريق الى مصر
فلما اتى موسى النار من جانب الشجره المباركه سمع نداء:
{يا موسى
إِنِّى أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ
بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى
}
[طه:12-13]
فاوحى الله له ما اوحى وكلّفه ان يحمل الرساله الى الطاغى فرعون واعطاه الله الآيات
وطلب موسى من ربه ان يرسل معه اخاه هارون ليكون له ردءاً واثنى
موسى على اخيه بين يدى ربه بانه افصح منه لساناً وقال موسى:
{رَبِّ إِنِّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِى
وَاخِى هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِى رِدْءًا
يُصَدِّقُنِى إِنِّى أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِى
}
[القصص:33-34]
قال الله له:
{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا
فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا
وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ
}
[القصص:35]
وحمل موسى الرساله ومعه المعجزات ودخل مصر وقابل فرعون مع اخيه
هارون وكان من امرهما ما سبق ان شرحناه
فى معجزات موسى عليه السلام
وخرج موسى ببنى اسرائيل من مصر وانجاه
الله من فرعون وقومه
ثم ذهب لمناجاه ربه وتلقى من ربه الالواح وفيها الوصايا الإِلهيه
وعاد الى قومه فوجدهم قد عبدوا العجل الذى اتخذه لهم
السامرى وكان من شانه معهم ما سبق بيانه عنه
الكلام على معجزاته عليه السلام
ثم طلب من بنى اسرائيل ان يدخلوا الارض المقدسه
وهى اريحا مجاهدين فى سبيل الله بعدما اراهم المعجزات
الباهرات فقالوا له:
"ان فيها قوماً جبارين"
"انا لن ندخلها ابداً ما داموا فيها"
وقالوا له ايضاً:
"فاذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون"
فغضب موسى ودعا عليهم فقال:
"ربِّ انى لا املك الاَّ نفسى واخى
فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين
"
فقال تعالى:
{فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِى الأَرْضِ}
[المائده:26]
وهكذا لبثوا فى التيه اربعين سنه يتردَّدُون في بريه سيناء وبريه فاران
"صحراء الحجاز"
ويترددون ايضاً حوالى جبال السَّرَاه وارض ساعير
وبلاد الكرك والشوبك والله اعلم
من الاحداث التي جرت لموسى عليه السلام
لقاؤه بالعبد الصالح الذى ورد انه الخضر
وقصه لقائه به مبسوطةٌ فى القرآن الكريم فى سوره الكهف
ومن الاحداث التى جرت له ايذاء قارون له وطعنه افتراءً فى شرفه
فدعا موسى عليه فخسف الله به وبداره الارض وكان قارون رجلاً غنياً
قد بلغ من غناه انه كان عنده من الكنوز ما ان مفاتحه
لتنوء بالعصبه اولى القوه فلم تغنِ عنه من الله شيئاً
ثم اوحى الله الى موسى اني متوفٍ هارون فاتِ به الى جبل كذا
وكذا فانطلقا نحوه فاذا هما بسرير فناما عليه واخذ هارونَ الموتُ
ورُفع الى السماء ورجع موسى الى بنى اسرائيل فقالوا له:
انت قتلت هارون لحبِّنا اياه قال موسى:
ويحكم افتروننى اقتل اخى؟
فلما اكثروا عليه سال الله فانزل السرير وعليه هارون وقال لهم:
انى مت ولم يقتلنى موسى وكان ذلك فى التيه وكان عمر هارون
حين توفى (122) سنه
ثم توفى موسى عليه السلام بعد اخيه هارون باحد عشر شهراً فى التيه
قالوا:
وقد بلغ عمره (120) سنه ولما جاءه ملك الموت وعلم ان الموت لا بد منه قال:
(ربِّ ادننى من الارض المقدسه رميةً بحجر)
فأُدنى من الارض المقدسه ودفن هناك
فعن ابى هريره رضى الله عنه قال:
قال النبى صلى الله عليه وسلم:
"جاء ملك الموت الى موسى عليه السلام فقال له"
اجب ربك قال:
فلطم موسى عين ملك الموت ففقاها قال:
فرجع الملك الى الله فقال:
انك ارسلتني الى عبدٍ لك لا يريد الموت وقد فقا عينى قال:
فردّ اليه عينه وقال:
ارجع الى عبد فقل:
الحياه تريد؟
فان كنت تريد الحياه فضع يدك على متنِ ثورٍ فما وارت
يدُك من شعره فانك تعيش بها سنه قال:
ثم مَهْ؟
قال:
ثم تموت قال:
فالآن من قريب ربِّ ادنني من الارض المقدسه رميه بحجر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"والله لو انى عنده لاريتكم قبره الى
جانب الطريق
عند الكثيب الاحمر
"
رواه البخارى ومسلم
(ب) وقد بسط القرآن الكريم في نَيِّفٍ وثلاثين سوره حياه موسى
من ولادته ونشاته وفراره من مصر ودخوله ارض مدين
وزواجه ابنه شيخ مدين وعودته الى مصر وتكليم الله
له فى جانب الطور وتحميله الرساله ودعوته الى فرعون
وملئه والمعجزات التى جرت فى حياته وخروجه من مصر
ببنى اسرائيل ونجاتهم بالمعجزه وغرق فرعون وجنوده فى البحر
ونزول التوراه عليه والصحف وعباده قومه العجل وسائر الاحداث الهامه
التى جرت فى حياته مما اوجزناه هنا وفى الكلام عن المعجزات
وما بسطه القرآن الكريم من ذلك فى غايه الروعه والإِعجاز ويحمل
من العبر والاخبار ما يدلنا على مدى
اهميه رسالته عليه السلام

تابعو معنا الحلقه الثامنه عشر[/postback]

ام بشري 08-22-2015 12:38 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]
الحلقه الثامنه عشر

سيدنا الياس عليه السلام


فى منطقه تسمى بعلبك
(موجوده حاليًا فى لبنان)
كان يعيش مجموعه من
بنى اسرائيل
اغواهم الشيطان فانحرفوا عن منهج الله
وساروا يعبدون
صنمًا يقال له
(بعل)
فارسل الله عز وجل اليهم نبيًّا منهم هو
(الياس عليه السلام)
اخذ الياس يدعو قومه الى عباده الله عز وجل
فآمنت به طائفه من قومه واصبحوا من الموحدين المخلصين
وكذَّبت به طائفه اخرى وخالفوه
فكانت نهايتهم العذاب الاليم
وقد سجل القرآن الكريم قصه الياس عليه السلام مع قومه
فقال تعالى:
{وان الياس لمن المرسلين اذ قال لقومه الا تتقون
اتدعون بعلا وتذرون احسن الخالقين الله
ربكم ورب آبائكم الاولين
فكذبوه فانهم لمحضرون الا عباد الله المخلصين
وتركنا عليه في الآخرين سلام على ال ياسين
انا كذلك نجزى المحسنين انه من عبادنا المؤمنين
}
[الصافات:123-132]
وقد مدح الله سبحانه الياس عليه السلام واثنى عليه ثناءً جميلاً
وذلك لانه اخلص فى العباده واحسن فى عمله
قال تعالى:
{وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين}
[الانعام:85]

[/postback]تابعو معنا الحلقه التاسعه عشر

ام بشري 08-22-2015 12:39 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]الحلقه التاسعه عشر

سيدنا اليسع عليه السلام

نبى من انبياء الله ذكره الله فى كتابه العزيز مرتين
واثنى عليه ولم يشر القرآن الكريم
الى قصه اليسع ولا الى قومه
وروى انه ارسل الى بنى اسرائيل بعد
الياس عليه السلام
ومكث بينهم فتره يدعوهم الى الله
مستمسكًا بمنهاج الياس وشريعته حتى توفاه الله
تعالى وبعد وفاه اليسع عليه السلام
كثرت ذنوب بنى اسرائيل
وازدادت معاصيهم
وقتلوا من جاءهم من الانبياء بعد ذلك فسلط الله عليهم
ملوكًا جبارين يحكمونهم وسلط الله عليهم الاعداء
وقد بين الله سبحانه لنا فضل اليسع عليه السلام
عندما ذكره مع اخوانه الانبياء
صلوات الله عليهم
فقال تعالى:
{وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين
واسماعيل واليسع ويونس ولوطًا وكلا فضلنا على العالمين
ومن آبائهم وذرياتهم واخوانهم واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم
}
[الانعام: 85-87]
ولقد اثنى الله على اليسع عليه السلام
فقال:
{واذكر اسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الاخيار}
[ص: 48]

[/postback]تابعو معنا الحلقه العشرون


الساعة الآن 03:26 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)