منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد

منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد (https://hwazen.com/vb/index.php)
-   شعاع السيرة النبوية، الصحابة و السلف الصالح (https://hwazen.com/vb/f35.html)
-   -   قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام (https://hwazen.com/vb/t9313.html)

ام بشري 08-21-2015 11:40 PM

قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]
قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام


بسم الله الرحمن الرحيم

اولى حلقاتنا تبدأ بأذن الله تعالى

مع ابو البشر سيدنا ادم عليه السلام


سيدنا ادم ابو البشر عليه السلام
ابو البشر
خلقه الله بيده واسجد له الملائكه وعلمه الاسماء
وخلق له زوجته واسكنهما الجنه
وانذرهما ان لا يقربا شجره معينه
ولكن الشيطان وسوس لهما فاكلا منها فانزلهما الله الى الارض
ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعباده الله وحده وحض الناس على ذلك
وجعله خليفته فى الارض
وهو رسول الله الى ابنائه وهو اول الانبياء
خلق ادم عليه السلام:
اخبر الله سبحانه وتعالى ملائكه بانه سيخلق بشرا خليفه له فى الارض فقال الملائكه:
(اَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)
البقره : 30
ويوحى قول الملائكه هذا بانه كان لديهم تجارب سابقه فى الارض
او الهام وبصيره
يكشف لهم عن شئ من فطره هذا المخلوق
ما يجعلهم يتوقعون انه سيفسد فى الارض
وانه سيسفك الدماء
ثم هم
بفطره الملائكه البريئه التى لا تتصور الا الخير المطلق
يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له
هو وحده الغايه للوجود
وهو متحقق بوجودهم هم
يسبحون بحمد الله ويقدسون له
ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته
هذه الحيره والدهشه التى ثارت فى نفوس الملائكه بعد معرفه خبر خلق ادم
امر جائز على الملائكه ولا ينقص من اقدارهم شيئا، لانهم
رغم قربهم من الله
وعبادتهم له
وتكريمه لهم
لا يزيدون على كونهم عبيدا لله
لا يشتركون معه فى علمه
ولا يعرفون حكمته الخافيه
ولا يعلمون الغيب
لقد خفيت عليهم حكمه الله تعالى
فى بناء هذه الارض وعمارتها
وفى تنميه الحياه
وفى تحقيق اراده الخالق فى تطويرها وترقيتها وتعديلها
على يد خليفه الله فى ارضه
هذا الذى قد يفسد احيانا
وقد يسفك الدماء احيانا
عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شئ
والخبير بمصائر الامور
{انِّى اَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
وما ندرى نحن كيف قال الله او كيف يقول للملائكه
وما ندرى كذلك كيف يتلقى الملائكه عن الله
فلا نعلم عنهم سوى ما بلغنا من صفاتهم فى كتاب الله
ولا حاجه بنا الى الخوض فى شئ من هذا الذى لا طائل وراء الخوض فيه
انما نمضى الى مغزى القصه ودلالتها كما يقصها القران
ادركت الملائكه ان الله سيجعل فى الارض خليفه
واصدر الله سبحانه وتعالى امره اليهم تفصيلا
فقال انه سيخلق بشرا من طين
فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكه ان تسجد له
والمفهوم ان هذا سجود تكريم لا سجود عباده
لان سجود العباده لا يكون الا لله وحده
جمع الله سبحانه وتعالى قبضه من تراب الارض
فيها الابيض والاسود والاصفر والاحمر
ولهذا يجئ الناس الوانا مختلفه
ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حما مسنون
تعفن الطين وانبعثت له رائحه
وكان ابليس يمر عليه فيعجب اى شئ يصير هذا الطين
سجود الملائكه لادم:
من هذا الصلصال خلق الله تعالى ادم
سواه بيديه سبحانه
ونفخ فيه من روحه سبحانه
فتحرك جسد ادم ودبت فيه الحياه
فتح ادم عينيه فراى الملائكه كلهم ساجدين له
ما عدا ابليس الذى كان يقف مع الملائكه
ولكنه لم يكن منهم
لم يسجد
فهل كان ابليس من الملائكه؟
الظاهر انه لا
لانه لو كان من الملائكه ما عصى
فالملائكه لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون
وسيجئ انه خلق من نار
والماثور ان الملائكه خلق من نور
ولكنه كان مع الملائكه وكان مامورا بالسجود
اما كيف كان السجود؟
واين؟
ومتى؟
كل ذلك فى علم الغيب عند الله
ومعرفته لا تزيد فى مغزى القصه شيئاً
فوبّخ الله سبحانه وتعالى ابليس:
{قَالَ يَا ابْلِيسُ مَا مَنَعَكَ ان تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَى اسْتَكْبَرْتَ امْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ}
(ص : 75)
فردّ بمنطق يملاه الحسد:
{قَالَ انَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}
هنا صدر الامر الإلهى العالى بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح:
{قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ}
وانزال اللعنه عليه الى يوم الدين
ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه
{مِنْهَا}
فهل هى الجنه؟
ام هل هى رحمه الله
هذا وذلك جائز
ولا محل للجدل الكثير
فإنما هو الطرد واللعنه والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على امر الله الكريم
{قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ اقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ اجْمَعِينَ}
(ص : 84 - 85)
هنا تحول الحسد الى حقد
والى تصميم على الانتقام فى نفس ابليس:
{قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى الَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
واقتضت مشيئه الله للحكمه المقدره فى علمه ان يجيبه الى ما طلب
وان يمنحه الفرصه التى اراد
فكشف الشيطان عن هدفه الذى ينفق فيه حقده:
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ اجْمَعِينَ}
ويستدرك فيقول:
{الَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}
فليس للشيطان اى سلطان على عباد الله المؤمنين
وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه
انه يقسم بعزه الله ليغوين جميع الادميين
لا يستثنى الا من ليس له عليهم سلطان
لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن بلوغ غايته فيهم
وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده
والعاصم الذى يحول بينهم وبينه
انه عباده الله التى تخلصهم لله
هذا هو طوق النجاه
وحبل الحياه
وكان هذا وفق اراده الله وتقديره فى الردى والنجاه
فاعلن
سبحانه
ارادته
وحدد المنهج والطريق:
{لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ اجْمَعِينَ}
فهى المعركه اذن بين الشيطان وابناء ادم
يخوضونها على علم
والعاقبه مكشوفه لهم فى وعد الله الصادق الواضح المبين
وعليهم تبعه ما يختارون لانفسهم بعد هذا البيان
وقد شاءت رحمه الله الا يدعهم جاهلين ولا غافلين
فارسل اليهم المنذرين
تعليم ادم الاسماء
ثم يروى القران الكريم قصه السر الإلهى العظيم الذى اودعه الله هذا الكائن البشرى
وهو يسلمه مقاليد الخلافه:
{وَعَلَّمَ ادَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا}
سر القدره على الرمز بالاسماء للمسميات
سر القدره على تسميه الاشخاص والاشياء باسماء يجعلها
وهى الفاظ منطوقه
رموزا لتلك الاشخاص والاشياء المحسوسه
وهي قدره ذات قيمه كبرى فى حياه الإنسان على الارض
ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبه الكبرى
لو لم يوهب الإنسان القدره على الرمز بالاسماء للمسميات
والمشقه فى التفاهم والتعامل
حين يحتاج كل فرد لكى يتفاهم مع الاخرين على شئ ان يستحضر هذا الشئ بذاته امامهم ليتفاهموا بشانه
الشان شان نخله فلا سبيل الى التفاهم عليه الا باستحضار جسم النخله
الشان شان جبل
فلا سبيل الى التفاهم عليه الا بالذهاب الى الجبل
الشان شان فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه الا بتحضير هذا الفرد من الناس
انها مشقه هائله لا تتصور معها حياه
وإن الحياه ما كانت لتمضى فى طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدره على الرمز بالاسماء للمسميات
اما الملائكه فلا حاجه لهم بهذه الخاصيه
لانها لا ضروره لها فى وظيفتهم
ومن ثم لم توهب لهم
فلما علم الله ادم هذا السر
وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الاسماء
لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظيه للاشياء والشخوص
وجهروا امام هذا العجز بتسبيح ربهم
والاعتراف بعجزهم
والإقرار بحدود علمهم
وهو ما علمهم
ثم قام ادم بإخبارهم باسماء الاشياء
ثم كان هذا التعقيب الذى يردهم الى ادراك حكمه العليم الحكيم:
{قَالَ الَمْ أَقُل لَّكُمْ انِّى اعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}
(البقره : 33)
اراد الله تعالى ان يقول للملائكه انه عَـلِـمَ ما ابدوه من الدهشه حين اخبرهم انه سيخلق ادم
كما علم ما كتموه من الحيره فى فهم حكمه الله
كما علم ما اخفاه ابليس من المعصيه والجحود
ادرك الملائكه ان ادم هو المخلوق الذى يعرف
وهذا اشرف شئ فيه
قدرته على التعلم والمعرفه
كما فهموا السر فى انه سيصبح خليفه فى الارض
يتصرف فيها ويتحكم فيها
بالعلم والمعرفه
معرفه بالخالق
وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان او الإسلام
وعلم باسباب استعمار الارض وتغييرها والتحكم فيها والسياده عليها
ويدخل فى هذا النطاق كل العلوم الماديه على الارض
ان نجاح الإنسان فى معرفه هذين الامرين
(الخالق وعلوم الارض)
يكفل له حياه ارقى
فكل من الامرين مكمل للاخر
سكن ادم وحواء فى الجنه
كان ادم يحس الوحده
فخلق الله حواء من احد منه
فسمّاها ادم حواء
واسكنهما الجنه
لا نعرف مكان هذه الجنه
فقد سكت القران عن مكانها واختلف المفسرون فيها على خمسه وجوه
قال بعضهم:
انها جنه الماوى
وان مكانها السماء
ونفى بعضهم ذلك لانها لو كانت جنه الماوى لحرم دخولها على ابليس ولما جاز فيها وقوع عصيان
وقال اخرون:
انها جنه الماوى خلقها الله لادم وحواء
وقال غيرهم:
انها جنه من جنات الارض تقع فى مكان مرتفع
وذهب فريق الى التسليم فى امرها والتوقف
ونحن نختار هذا الراى
ان العبره التى نستخلصها من مكانها لا تساوى شيئا بالقياس الى العبره التى تستخلص مما حدث فيها
لم يعد يحس ادم الوحده
كان يتحدث مع حواء كثيرا
وكان الله قد سمح لهما بان يقتربا من كل شئ وان يستمتعا بكل شئ
ما عدا شجره واحده
فاطاع ادم وحواء امر ربهما بالابتعاد عن الشجره
غير ان ادم انسان
والإنسان ينسى
وقلبه يتقلب
وعزمه ضعيف
واستغل ابليس انسانيه ادم وجمع كل حقده فى صدره
واستغل تكوين ادم النفسى
وراح يثير فى نفسه يوما بعد يوم
راح يوسوس اليه يوما بعد يوم:
{هَلْ ادُلُّكَ عَلَى شَجَرَه الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى}
تسائل ادم بينه وبين نفسه
ماذا يحدث لو اكل من الشجره؟
ربما تكون شجره الخلد حقا
وكل انسان يحب الخلود
ومرت الايام وادم وحواء مشغولان بالتفكير فى هذه الشجره
ثم قررا يوما ان ياكلا منها
نسيا ان الله حذرهما من الاقتراب منها
نسيا ان ابليس عودهما القديم
ومد ادم يده الى الشجره وقطف منها احدى الثمار وقدمها لحواء
واكل الاثنان من الثمره المحرمه
ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود من اغواء حواء لادم وتحميلها مسئوليه الاكل من الشجره
ان نص القران لا يذكر حواء
انما يذكر ادم
كمسئول عما حدث
عليه الصلاه والسلام
وهكذا اخطا الشيطان واخطا ادم
اخطا الشيطان بسبب الكبرياء
واخطا ادم بسبب الفضول
لم يكد ادم ينتهى من الاكل حتى اكتشف انه اصبح عار
وان زوجته عاريه
وبدا هو وزوجته يقطعان اوراق الشجر لكى يغطى بهما كل واحد منهما جسده العارى
واصدر الله تبارك وتعالى امره بالهبوط من الجنه
هبوط ادم وحواء الى الارض
وهبط ادم وحواء الى الارض واستغفرا ربهما وتاب اليه
فادركته رحمه ربه التى تدركه دائما عندما يثوب اليها ويلوذ بها
واخبرهما الله ان الارض هى مكانهما الاصلى
يعيشان فيهما
ويموتان عليها
ويخرجان منها يوم البعث
يتصور بعض الناس ان خطيئه ادم بعصيانه هى التى اخرجتنا من الجنه
ولولا هذه الخطيئه لكنا اليوم هناك
وهذا التصور غير منطقى لان الله تعالى حين شاء ان يخلق ادم قال للملائكه:
{انِّى جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَه}
ولم يقل لهما انى جاعل فى الجنه خليفه
لم يكن هبوط ادم الى الارض هبوط اهانه
وانما كان هبوط كرامه كما يقول العارفون بالله
كان الله تعالى يعلم ان ادم وحواء سياكلان من الشجره
ويهبطان الى الارض
اما تجربه السكن فى الجنه فكانت ركنا من اركان الخلافه فى الارض
ليعلم ادم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما ان الشيطان طرد الابوين من الجنه
وان الطريق الى الجنه يمر بطاعه الله وعداء الشيطان
هابيل وقابيل:
لا يذكر لنا المولى عزّ وجلّ فى كتابه الكريم الكثير عن حياه ادم عليه السلام فى الارض
لكن القران الكريم يروى قصه ابنين من ابناء ادم هما هابيل وقابيل
حين وقعت اول جريمه قتل فى الارض
وكانت قصتهما كالتالى
كانت حواء تلد فى البطن الواحد ابنا وبنتا
وفى البطن التالى ابنا وبنتا
فيحل زواج ابن البطن الاول من البطن الثانى
ويقال ان قابيل كان يريد زوجه هابيل لنفسه
فامرهما ادم ان يقدما قربانا
فقدم كل واحد منهما قربانا
فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل
قال تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَى ادَمَ بِالْحَقِّ اذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن احَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الاخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ انَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ الَى يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا انَاْ بِبَاسِطٍ يَدِى الَيْكَ لِأَقْتُلَكَ انى اخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}
(المائده : 27 - 28)
لاحظ كيف ينقل الينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد
ويتجاهل تماما كلمات القاتل
عاد القاتل يرفع يده مهددا
قال القتيل فى هدوء:
{انِّى ارِيدُ ان تَبُوءَ بِإِثْمِى وَاثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ اصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ}
(المائده : 29)
انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا
بعد ايام
كان الاخ الطيب نائما وسط غابه مشجره
فقام اليه اخوه قابيل فقتله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا تقتل نفس ظلما الا كان على ابن ادم الاول كفل من دمها لانه كان اول من سن القتل)
جلس القاتل امام شقيقه الملقى على الارض
كان هذا الاخ القتيل اول انسان يموت على الارض
ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد
وحمل الاخ جثه شقيقه وراح يمشى بها
ثم راى القاتل غرابا حيا بجانب جثه غراب ميت
وضع الغراب الحى الغراب الميت على الارض وساوى اجنحته الى جواره وبدا يحفر الارض بمنقاره ووضعه برفق فى القبر وعاد يهيل عليه التراب
بعدها طار فى الجو وهو يصرخ
اندلع حزن قابيل على اخيه هابيل كالنار فاحرقه الندم
اكتشف انه وهو الاسوا والاضعف
قد قتل الافضل والاقوى
نقص ابناء ادم واحدا
وكسب الشيطان واحدا من ابناء ادم
واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم انشب اظافره فى الارض وراح يحفر قبر شقيقه
قال ادم حين عرف القصه:
{هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ انَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ}
(القصص : 15)
وحزن حزنا شديدا على خسارته فى ولديه
مات احدهما
وكسب الشيطان الثانى
صلى ادم على ابنه
وعاد الى حياته على الارض:
انسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه
ونبيا يعظ ابنائه واحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم اليه
ويحكى لهم عن ابليس ويحذرهم منه
ويروى لهم قصته هو نفسه معه
ويقص لهم قصته مع ابنه الذى دفعه لقتل شقيقه
موت ادم عليه السلام:
وكبر ادم
ومرت سنوات وسنوات
وعن فراش موته
يروى ابى بن كعب
فقال:
ان ادم لما حضره الموت قال لبنيه:
اى بنى انى اشتهى من ثمار الجنه
قال:
فذهبوا يطلبون له
فاستقبلتهم الملائكه ومعهم اكفانه وحنوطه
ومعهم الفؤوس والمساحى والمكاتل
فقالوا لهم:
يا بنى ادم ما تريدون وما تطلبون؟
او ما تريدون واين تطلبون؟
قالوا:
ابونا مريض واشتهى من ثمار الجنه
فقالوا لهم:
ارجعوا فقد قضى ابوكم
فجاءوا فلما راتهم حواء عرفتهم فلاذت بادم
فقال:
اليك عنى فإنى انما اتيت من قبلك
فخلى بينى وبين ملائكه ربى عز وجل
فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه
وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه ثم ادخلوه قبره فوضعوه فى قبره
ثم حثوا عليه
ثم قالوا:
يا بني ادم هذه سنتكم
وفى موته يروى الترمذى
حدثنا عبد بن حميد
حدثنا ابو نعيم
حدثنا هشام بن سعد
عن زيد بن اسلم
عن ابى صالح
عن ابى هريره قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لما خلق الله ادم مسح ظهره
فسقط من ظهره كل نسمه هو خالقها من ذريته الى يوم القيامه
وجعل بين عينى كل انسان منهم وبيصاً من نور
ثم عرضهم على ادم)
فقال:
اى رب من هؤلاء؟
قال:
هؤلاء ذريتك
فراى رجلاً فاعجبه وبيص ما بين عينيه
فقال:
اى رب من هذا؟
قال هذا رجل من اخر الامم من ذريتك يقال له داود
قال:
رب وكم جعلت عمره؟
قال ستين سنه
قال:
اى رب زده من عمرى اربعين سنه
فلما انقضى عمر ادم جاءه ملك الموت
قال:
او لم يبق من عمرى اربعون سنه؟
قال:
او لم تعطها ابنك داود؟
قال فجحد فجحدت ذريته
ونسى ادم فنسيت ذريته
وخطئ ادم فخطئت ذريته
وهذا كانت قصه ابو البشر سيدنا ادم عليه السلام
[/postback]تابعو معنا الحلقه الثانيه

ام بشري 08-21-2015 11:42 PM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]ثانى حلقاتنا

سيدنا ادريس عليه السلام


قصه سيدنا ادريس عليه السلام
كان صديقا نبيا ومن الصابرين
اول نبى بعث فى الارض بعد ادم
وهو ابو جد نوح
انزلت عليه ثلاثون صحيفه
ودعا الى وحدانيه الله وامن به الف انسان
وهو اول من خط بالقلم واول من خاط الثياب ولبسها
واول من نظر فى علم النجوم وسيرها
سيرته:
ادريس عليه السلام هو احد الرسل الكرام الذين اخبر الله تعالى عنهم فى كتابه العزيز
وذكره فى بضعه مواطن من سور القران
وهو ممن يجب الايمان بهم تفصيلاً اى يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لان القران قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوه والصديقيه
نسبه:
هو ادريس بن يارد بن مهلائيل وينتهى نسبه الى شيث بن ادم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفى الترجمه العربيه (اخنوخ) وهو من اجداد نوح عليه السلام
وهو اول بنى ادم اعطى النبوه بعد (ادم) و (شيث) عليهما السلام
وذكر ابن اسحاق انه اول من خط بالقلم
وقد ادرك من حياه ادم عليه السلام 308 سنوات لان ادم عمر طويلاً زهاء 1000 الف سنه
حياته:
وقد اختلف العلماء فى مولده ونشاته
فقال بعضهم ان ادريس ولد ببابل
وقال اخرون انه ولد بمصر والصحيح الاول
وقد اخذ فى اول عمره بعلم شيث بن ادم
ولما كبر اتاه الله النبوه فنهى المفسدين من بنى ادم عن مخالفتهم شريعه (ادم) و (شيث) فاطاعه نفر قليل
وخالفه جمع خفىر
فنوى الرحله عنهم وامر من اطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن اوطانهم فقالوا له
واين نجد اذا رحلنا مثل (بابل) فقال اذا هاجرنا رزقنا الله غيره
فخرج وخرجوا حتى وصلوا الى ارض مصر فراوا النيل فوقف على النيل وسبح الله
واقام ادريس ومن معه بمصر يدعو الناس الى الله والى مكارم الاخلاق
وكانت له مواعظ واداب فقد دعا الى دين الله
والى عباده الخالق جل وعلا
وتخليص النفوس من العذاب فى الاخره
بالعمل الصالح فى الدنيا وحض على الزهد فى هذه الدنيا الفانيه الزائله
وامرهم بالصلاه والصيام والزكاه وغلظ عليهم فى الطهاره من الجنابه
وحرم المسكر من كل شئ من المشروبات وشدد فىه اعظم تشديد وقيل انه كان فى زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقه منهم بلسانهم
وهو اول من علم السياسه المدنيه
ورسم لقومه قواعد تمدين المدن
فبنت كل فرقه من الامم مدناً فى ارضها وانشئت فى زمانه 188 مدينه وقد اشتهر بالحكمه فمن حكمه قوله
(خير الدنيا حسره وشرها ندم)
وقوله
(السعيد من نظر الى نفسه وشفاعته عند ربه اعماله الصالحه)
وقوله
(الصبر مع الايمان يورث الظفر)
وفاته:
وقد اخْتُلِفَ فى موته
فعن ابن وهب
عن جرير بن حازم
عن الاعمش
عن شمر بن عطيه
عن هلال بن يساف قال:
سال ابن عباس كعباً وانا حاضر فقال له:
ما قول الله تعالى لادريس
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
فقال كعب:
اما ادريس فان الله اوحى اليه:
انى ارفع لك كل يوم مثل جميع عمل بنى ادم
لعله من اهل زمانه
فاحب ان يزداد عملاً
فاتاه خليل له من الملائكه
فقال (له)
ان الله اوحى الى كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً
فحمله بين جناحيه ثم صعد به الى السماء
فلما كان فى السماء الرابعه تلقاه ملك الموت منحدراً
فكلم ملك الموت فى الذى كلمه فىه ادريس
فقال:
واين ادريس؟
قال هو ذا على ظهرى
فقال ملك الموت:
يا للعجب
بعثت وقيل لى اقبض روح ادريس فى السماء الرابعه
فجعلت اقول:
كيف اقبض روحه فى السماء الرابعه وهو فى الارض؟
فقبض روحه هناك
فذلك قول الله عز وجل
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
ورواه ابن ابى حاتم عند تفسيرها
وعنده فقال لذلك الملك سل لى ملك الموت كم بقى من عمرى؟
فساله وهو معه:
كم بقى من عمره؟
فقال:
لا ادرى حتى انظر
فنظر فقال انك لتسالنى عن رجل ما بقى من عمره الا طرفه عين
فنظر الملك الى تحت جناحه الى ادريس فاذا هو قد قبض وهو لا يشعر
وهذا من الاسرائيليات
وفى بعضه نكاره
وقول ابن ابى نجيح عن مجاهد فى قوله:
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
قال:
ادريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى
ان اراد انه لم يمت الى الان ففى هذا نظر
وان اراد انه رفع حياً الى السماء ثم قبض هناك
فلا ينافى ما تقدم عن كعب الاحبار والله اعلم
وقال العوفى عن ابن عباس فى قوله:
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
رفع الى السماء السادسه فمات بها
وهكذا قال الضحاك
والحديث المتفق عليه من انه فى السماء الرابعه اصح
وهو قول مجاهد وغير واحد
وقال الحسن البصرى:
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
قال:
الى الجنه
وقال قائلون رفع فى حياه ابيه يرد بن مهلاييل والله اعلم
وقد زعم بعضهم ان ادريس لم يكن قبل نوح بل فى زمان بنى اسرائيل
قال البخارى:
ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس ان الياس هو ادريس
واستانسوا فى ذلك بما جاء فى حديث الزهرى عن انس فى الاسراء:
انه لما مرّ به عليه السلام قال له مرحباً بالاخ الصالح والنبى الصالح
ولم يقل كما قال ادم و ابراهيم:
مرحباً بالنبى الصالح والابن الصالح
قالوا:
فلو كان فى عمود نسبه لقال له كما قالا له
وهذا لا يدل ولابد
قد لا يكون الراوى حفظه جيداً
او لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع
ولم ينتصب له فى مقام الابوه كما انتصب لادم ابى البشر
وابراهيم الذى هو خليل الرحمن
واكبر اولى العزم بعد محمد صلوات الله عليهم اجمعين

وهذه كانت قصه سيدنا ادريس عليه السلام
[/postback]تابعو معنا الحلقه الثالثه

ام بشري 08-21-2015 11:44 PM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]ثالث حلقاتنا

سيدنا نوح عليه السلام

كان نوح تقيا صادقا ارسله الله ليهدى قومه وينذرهم عذاب الاخره ولكنهم عصوه وكذبوه
ومع ذلك استمر يدعوهم الى الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس
واستمر الكفره فى طغيانهم فمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح
ان يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب
فامنوا فرفع الله عنهم العذاب ولكنهم رجعوا الى كفرهم
واخذ يدعوهم 950 سنه ثم امره الله ببناء السفىنه
وان ياخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فاغرقهم اجمعين
سيرته:
حال الناس قبل بعثه نوح:
قبل ان يولد قوم نوح عاش خمسه رجال صالحين من اجداد قوم نوح
عاشوا زمنا ثم ماتوا
كانت اسماء الرجال الخمسه هى:
(ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا)
بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل فى مجال الذكرى والتكريم
ومضى الوقت
ومات الذين نحتوا التماثيل
وجاء ابنائهم
ومات الابناء وجاء ابناء الابناء
ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوه خاصه
واستغل ابليس الفرصه
واوهم الناس ان هذه تماثيل الهه تملك النفع وتقدر على الضرر
وبدا الناس يعبدون هذه التماثيل
ارسال نوح عليه السلام:
كان نوح كان على الفطره مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته الى الناس
وكل الانبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم
وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ فاختاره الله لحمل الرساله
فخرج نوح على قومه وبدا دعوته:
{يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ الَـهٍ غَيْرُهُ انِّى اخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}
بهذه الجمله الموجزه وضع نوح قومه امام حقيقه الالوهيه
وحقيقه البعث
هناك اله خالق وهو وحده الذى يستحق العباده
وهناك موت ثم بعث ثم يوم للقيامه
يوم عظيم
فىه عذاب يوم عظيم
شرح (نوح) لقومه انه يستحيل ان يكون هناك غير اله واحد هو الخالق
افهمهم ان الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا
وان الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع
حدثهم نوح عن تكريم الله للانسان
كيف خلقه
ومنحه الرزق واعطاه نعمه العقل
وليست عباده الاصنام غير ظلم خانق للعقل
تحرك قوم نوح فى اتجاهين بعد دعوته
لمست الدعوه قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء
وانحنت على جراحهم والامهم بالرحمه
اما الاغنياء والاقوياء والكبراء
تاملوا الدعوه بعين الشك
ولما كانوا يستفىدون من بقاء الاوضاع على ما هى عليه
فقد بدءوا حربهم ضد نوح
فى البدايه اتهموا نوحا بانه بشر مثلهم:
{فَقَالَ الْمَلا الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ الاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا}
قال تفسير القرطبى:
الملا الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا فى قومه
يسمون الملا لانهم مليئون بما يقولون

قال هؤلاء الملا لنوح:
انت بشر يا نوح
رغم ان نوحا لم يقل غير ذلك
واكد انه مجرد بشر
والله يرسل الى الارض رسولا من البشر
لان الارض يسكنها البشر
ولو كانت الارض تسكنها الملائكه لارسل الله رسولا من الملائكه
استمرت الحرب بين الكافرين ونوح
فى البدايه
تصور الكفره يومها ان دعوه نوح لا تلبث ان تنطفئ وحدها
فلما وجدوا الدعوه تجتذب الفقراء والضعفاء واهل الصناعات البسيطه
بدءوا الهجوم على نوح من هذه الناحيه
هاجموه فى اتباعه
وقالوا له:
لم يتبعك غير الفقراء والضعفاء والاراذل
هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه
ولجا الذين كفروا الى المساومه
قالوا لنوح:
اسمع يا نوح
اذا اردت ان نؤمن لك فاطرد الذين امنوا بك
انهم ضعفاء وفقراء
ونحن ساده القوم واغنياؤهم
ويستحيل ان تضمنا دعوه واحده مع هؤلاء
واستمع نوح الى كفار قومه وادرك انهم يعاندون
ورغم ذلك كان طيبا فى رده
افهم قومه انه لا يستطيع ان يطرد المؤمنين
لانهم اولا ليسوا ضيوفه
انما هم ضيوف الله
وليست الرحمه بيته الذى يدخل فىه من يشاء او يطرد منه من يشاء
انما الرحمه بيت الله الذى يستقبل فىه من يشاء
كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الانبياء الكريم الوجيه
وهو منطق الفكر الذى يجرد نفسه من الكبرياء الشخصى
وهوى المصالح الخاصه
قال لهم ان الله قد اتاه الرساله والنبوه والرحمه
ولم يروا هم ما اتاه الله
وهو بالتالى لا يجبرهم على الايمان برسالته وهم كارهون
ان كلمه لا اله الا الله لا تفرض على احد من البشر
افهمهم انه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته
لا يطلب منهم مالا فىثقل عليهم
ان اجره على الله
هو الذى يعطيه ثوابه
افهمهم انه لا يستطيع ان يطرد الذين امنوا بالله
وان له حدوده كنبى
وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين:
انهم سيلقون الله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟
ثم انه لو طردهم لخاصموه عند الله
ويجازى من طردهم
فمن الذى ينصر نوحا من الله لو طردهم؟
وهكذا انتهى نوح الى ان مطالبه قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم
وعاد نوح يقول لهم انه لا يدعى لنفسه اكثر مما له من حق
واخبرهم بتذللـه وتواضعه لله عز وجل
فهو لا يدعى لنفسه ما ليس له من خزائن الله
وهى انعامه على من يشاء من عباده
وهو لا يعلم الغيب
لان الغيب علم اختص الله تعالى وحده به
اخبرهم ايضا انه ليس ملكا
بمعنى ان منزلته ليست كمنزله الملائكه
قال لهم نوح:
ان الذين تزدرى اعينكم وتحتقر وتستثقل
ان هؤلاء المؤمنين الذى تحتقرونهم لن تبطل اجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم
الله اعلم بما فى انفسهم
هو الذى يجازيهم عليه ويؤاخذهم به
اظلم نفسى لو قلت ان الله لن يؤتيهم خيرا
وسئم الملا يومها من هذا الجدل الذى يجادله نوح
حكى الله موقفهم منه فى سوره (هود):
{قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا ان كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
(32)
قَالَ انَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ ان شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ
(33)
وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي انْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ ان كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَالَيْهِ تُرْجَعُونَ
}
(34)
(هود)
اضاف نوح اغواءهم الى الله تعالى
تسليما بان الله هو الفاعل فى كل حال
غير انهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختيارى وملئ حريتهم وكامل ارادتهم
فالانسان صانع لافعاله ولكنه محتاج فى صدورها عنه الى ربه
بهذه النظره يستقيم معنى مساءله الانسان عن افعاله
كل ما فى الامر ان الله ييسر كل مخلوق لما خلق له
سواء اكان التيسير الى الخير ام الى الشر
وهذا من تمام الحريه وكمالها
يختار الانسان بحريته فىيسر له الله تعالى طريق ما اختاره
اختار كفار قوم نوح طريق الغوايه فىسره الله لهم
وتستمر المعركه
وتطول المناقشه بين الكافرين من قوم نوح وبينه اذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال
بدءوا يخرجون عن حدود الادب ويشتمون نبى الله:
{قَالَ الْمَلا مِن قَوْمِهِ انَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}
(60)
(الاعراف)
ورد عليهم نوح بادب الانبياء العظيم:
{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ
(61)
ابَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّى وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
(62)
(الاعراف)
ويستمر نوح فى دعوه قومه الى الله
ساعه بعد ساعه ويوما بعد يوم وعاما بعد عام ومرت الاعوام
ونوح يدعو قومه كان يدعوهم ليلا ونهارا
وسرا وجهرا يضرب لهم الامثال
ويشرح لهم الايات ويبين لهم قدره الله فى الكائنات
وكلما دعاهم الى الله فروا منه
وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا اصابعهم فى اذانهم واستكبروا عن سماع الحق
واستمر نوح يدعو قومه الى الله الف سنه الا خمسين عاما
وكان يلاحظ ان عدد المؤمنين لا يزيد
بينما يزيد عدد الكافرين وحزن نوح غير انه لم يفقد الامل
وظل يدعو قومه ويجادلهم وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح
وحزن نوح على قومه لكنه لم يبلغ درجه الياس
ظل محتفظا بالامل طوال 950 سنه
ويبدو ان اعمار الناس قبل الطوفان كانت طويله
وربما يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزه خاصه له
وجاء يوم اوحى الله اليه
انه لن يؤمن من قومك الا من قد امن
اوحى الله اليه الا يحزن عليهم
ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك
{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}
(26)
(نوح)
برر نوح دعوته بقوله:
{انَّكَ ان تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا الَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}
(26)
(نوح)
الطوفان:
ثم اصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان
اخبر الله تعالى عبده نوحا انه سيصنع سفىنه
{بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}
اى بعلم الله وتعليمه وعلى مراى منه وطبقا لتوجيهاته ومساعده الملائكه
اصدر الله تعالى امره الى نوح:
{وَلاَ تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُواْ انَّهُم مُّغْرَقُونَ}
يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت اهميتهم او قرابتهم للنبى
وينهى الله نبيه ان يخاطبه او يتوسط لهم
وبدا نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفىنه
انتظر سنوات ثم قطع ما زرعه وبدا نجارته
كانت سفىنه عظيمه الطول والارتفاع والمتانه
وقد اختلف المفسرون فى حجمها وهيئتها
وعدد طبقاتها ومده عملها والمكان الذى عملت فىه
ومقدار طولها وعرضها على اقوال متعارضه لم يصح منها شئ
وقال الفخر الرازى فى هذا كله:
اعلم ان هذه المباحث لا تعجبنى لانها امور لا حاجه الى معرفتها البته
ولا يتعلق بمعرفتها فائده اصلا نحن نتفق مع الرازى فى مقولته هذه
فنحن لا نعرف عن حقيقه هذه السفىنه الا ما حدثنا الله به
تجاوز الله تعالى هذه التفصيلات التى لا اهميه لها
الى مضمون القصه ومغزاها المهم
بدا نوح يبنى السفىنه ويمر عليه الكفار فىرونه منهمكا فى صنع السفىنه
والجفاف سائد وليست هناك انهار قريبه او بحار
كيف ستجرى هذه السفىنه اذن يا نوح؟
هل ستجرى على الارض؟
اين الماء الذى يمكن ان تسبح فىه سفىنتك؟
لقد جن نوح وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم من نوح
وكانوا يسخرون منه قائلين:
صرت نجارا بعد ان كنت نبيا
ان قمه الصراع فى قصه نوح تتجلى فى هذه المساحه الزمنيه
ان الباطل يسخر من الحق يضحك عليه طويلا
متصورا ان الدنيا ملكه وان الامن نصيبه
وان العذاب غير واقع غير ان هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان
عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين وتكون سخريتهم هى الحق.
انتهى صنع السفىنه، وجلس نوح ينتظر امر الله
اوحى الله الى نوح انه اذا فار التنور هذا علامه على بدء الطوفان
قيل فى تفسير التنور انه بركان فى المنطقه
وقيل ان الفرن الكائن فى بيت نوح
اذا خرج منه الماء وفار كان هذا امرا لنوح بالحركه
وجاء اليوم الرهيب
فار التنور واسرع نوح يفتح سفىنته ويدعو المؤمنين به
وهبط جبريل عليه السلام الى الارض
حمل نوح الى السفىنه من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين
بقرا وثورا فىلا وفىله عصفورا وعصفور نمرا ونمره
الى اخر المخلوقات
كان نوح قد صنع اقفاصا للوحوش وهو يصنع السفىنه
وساق جبريل عليه السلام امامه من كل زوجين اثنين
لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الارض
وهذا معناه ان الطوفان اغرق الارض كلها
فلولا ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الانواع من الحيوان والطير
وبدا صعود السفىنه صعدت الحيوانات والوحوش والطيور
وصعد من امن بنوح
وكان عدد المؤمنين قليلا
لم تكن زوجه نوح مؤمنه به فلم تصعد
وكان احد ابنائه يخفى كفره ويبدى الايمان امام نوح
فلم يصعد هو الاخر وكانت اغلبيه الناس غير مؤمنه هى الاخرى
فلم تصعد وصعد المؤمنون قال ابن عباس
رضى الله عنهما:
امن من قوم نوح ثمانون انسانا
ارتفعت المياه من فتحات الارض انهمرت من السماء امطارا غزيره بكميات لم تر مثلها الارض
فالتقت امطار السماء بمياه الارض وصارت ترتفع ساعه بعد ساعه
فقدت البحار هدوئها وانفجرت امواجها تجور على اليابسه
وتكتسح الارض وغرقت الكره الارضيه للمره الاولى فى المياه
ارتفعت المياه اعلى من الناس
تجاوزت قمم الاشجار
وقمم الجبال
وغطت سطح الارض كله
وفى بدايه الطوفان نادى نوح ابنه
كان ابنه يقف بمعزل منه
ويحكى لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذى دار بين نوح عليه السلام وابنه
قبل ان يحول بينهما الموج فجاه
نادى نوح ابنه قائلا:
{يَا بُنَى ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ}
ورد الابن عليه:
{قَالَ سَاوِى الَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الْمَاء}
عاد نوح يخاطبه:
{قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ امْرِ اللّهِ الاَّ مَن رَّحِمَ}
وانتهى الحوار بين نوح وابنه:
{وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ}
انظر الى تعبير القران الكريم
{وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ}
انهى الموج حوارهما فجاه نظر نوح فلم يجد ابنه
لم يجد غير جبال الموج التى ترتفع وترفع معها السفينه
وتفقدها رؤيه كل شئ غير المياه
وشاءت رحمه الله ان يغرق الابن بعيدا عن عين الاب
رحمه منه بالاب واعتقد نوح ان ابنه المؤمن تصور ان الجبل سيعصمه من الماء
فغرق
واستمر الطوفان استمر يحمل سفىنه نوح
بعد ساعات من بدايته كانت كل عين تطرف على الارض قد هلكت غرقا
لم يعد باقيا من الحياه والاحياء غير هذا الجزء الخشبى من سفىنه نوح
وهو ينطوى على الخلاصه المؤمنه من اهل الارض
وانواع الحيوانات والطيور التى اختيرت بعنايه
ومن الصعب اليوم تصور هول الطوفان او عظمته
كان شيئا مروعا يدل على قدره الخالق
كانت السفىنه تجرى بهم فى موج كالجبال ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم ان انفصال القارات وتشكل الارض فى صورتها الحاليه
قد وقعا نتيجه طوفان قديم جبار
ثارت فىه المياه ثوره غير مفهومه حتى غطت سطح الجزء اليابس من الارض
وارتفعت فىه قيعان المحيطات ووقع فىه ما نستطيع تسميته بالثوره الجغرافىه
استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره
ثم صدر الامر الالهى الى السماء ان تكف عن الامطار
والى الارض ان تستقر وتبتلع الماء
والى اخشاب السفىنه ان ترسو على الجودى
وهو اسم مكان قديم يقال انه جبل فى العراق
طهر الطوفان الارض وغسلها
قال تعالى فى سوره
(هود):
{وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِى مَاءكِ وَيَا سَمَاء اقْلِعِى وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِى الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِى وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
(44)
(هود)
{وَغِيضَ الْمَاء}
بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا الى فتحات الارض
(وَقُضِى الأَمْرُ)
بمعنى انه احكم وفرغ منه
يعنى هلك الكافرون من قوم نوح تماما
ويقال ان الله اعقم ارحامهم اربعين سنه قبل الطوفان
فلم يكن فىمن هلك طفل او صغير
{وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِى}
بمعنى رست عليه
وقيل كان ذلك يوم عاشوراء
فصامه نوح
وامر من معه بصيامه
{وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
اى هلاكا لهم طهر الطوفان الارض منهم وغسلها
ذهب الهول بذهاب الطوفان
وانتقل الصراع من الموج الى نفس نوح
تذكر ابنه الذى غرق
لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظه ان ابنه كافر
كان يتصور انه مؤمن عنيد
اثر النجاه باللجوء الى جبل
وكان الموج قد انهى حوارهما قبل ان يتم
فلم يعرف نوح حظ ابنه من الايمان
تحركت فى قلب الاب عواطف الابوه
قال تعالى فى سوره
(هود):
{وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ انَّ ابُنِى مِنْ اهْلِى وَانَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَانتَ احْكَمُ الْحَاكِمِينَ}
(45)
(هود)
اراد نوح ان يقول لله ان ابنه من اهله المؤمنين
وقد وعده الله بنجاه اهله المؤمنين
قال الله سبحانه وتعالى
مطلعا نوحا على حقيقه ابنه للمره الاولى:
{يَا نُوحُ انَّهُ لَيْسَ مِنْ اهْلِكَ انَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ انِّى اعِظُكَ ان تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}
(46)
(هود)
قال القرطبى
نقلا عن شيوخه من العلماء
وهو الراى الذى نؤثره:
كان ابنه عنده اى نوح مؤمنا فى ظنه
ولم يك نوح يقول لربه:
{انَّ ابُنِى مِنْ اهْلِى}
الا وذلك عنده كذلك اذ محال ان يسال هلاك الكفار
ثم يسال فى انجاء بعضهم وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الايمان
فاخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب اى علمت من حال ابنك ما لم تعلمه انت
وكان الله حين يعظه ان يكون من الجاهلين
يريد ان يبرئه من تصور ان يكون ابنه مؤمنا
ثم يهلك مع الكافرين
وثمه درس مهم تنطوى عليه الايات الكريمه التى تحكى قصه نوح وابنه
اراد الله سبحانه وتعالى ان يقول لنبيه الكريم ان ابنه ليس من اهله
لانه لم يؤمن بالله
وليس الدم هو الصله الحقيقيه بين الناس ابن النبى هو ابنه فى العقيده
هو من يتبع الله والنبى
وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه
هنا ينبغى ان يتبرا المؤمن من غير المؤمن
وهنا ايضا ينبغى ان تتصل بين المؤمنين صلات العقيده فحسب
لا اعتبارات الدم او الجنس او اللون او الارض
واستغفر نوح ربه وتاب اليه ورحمه الله وامره ان يهبط من السفىنه محاطا ببركه الله ورعايته
وهبط نوح من سفىنته
اطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت فى الارض
نزل المؤمنون بعد ذلك ولا يحكى لنا القران الكريم قصه من امن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان

[/postback]تابعو معنا الحلقه الرابعه

ام بشري 08-21-2015 11:48 PM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]رابع حلقاتنا

سيدنا هود عليه السلام

قصه هود عليه السلام
نسبه عليه السلام
وهو هود بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام
وكان من قبيله يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح
وكانوا عرباً يسكنون الاحقاف
وهى جبال الرمل
وكانت باليمن بين عمان وحضرموت بارض مطله على البحر يقال لها الشحر واسم واديهم مغيث.
وكانوا كثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الاعمده الضخام
كما قال تعالى:
{الَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ}
اى عاد ارم وهم عاد الاولى
{ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فى الْبِلادِ}
اى مثل القبيله وقيل مثل العمد
وفى صحيح ابن حبان عن ابى ذر فى حديثه الطويل فى ذكر الانبياء والمرسلين قال فىه:
"منهم اربعه من العرب"
"هود وصالح وشعيب ونبيك يا ابا ذر"
ويقال ان هوداً عليه السلام اول من تكلم بالعربيه
ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام العرب العاربه وهم قبائل كثيره:
منهم عاد وثمود وجرهم وطسم وجميس واميم ومدين وعملاق وعبيل وجاسم وقحطان وبنو يقطن وغيرهم
واما العرب المستعربه فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل وكان اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام
اول من تكلم بالعربيه الفصيحه البليغه وكان قد اخذ كلام العرب من جرهم الذين نزلوا عند امه هاجر بالحرم
كما ولكن انطقه الله بها فى غايه الفصاحه والبيان
وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم
قوم عاد
والمقصود ان عادا وهم عاد الاولى
كانوا اول من عبد الاصنام بعد الطوفان
وكانت اصنامهم ثلاثه:
صدا وصمودا وهرا
فبعث الله فىهم اخاهم هوداً عليه السلام فدعاهم إلى الله كما قال تعالى
بعد ذكر قوم نوح وما كان من امرهم
وقال تعالى
بعد ذكر قصه نوح فى سوره هود:
{وَالَى عَادٍ اخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ الَهٍ غَيْرُهُ انْ انْتُمْ الا مُفْتَرُونَ}
{وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِايَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا امْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}
{وَاتْبِعُوا فى هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ الاَ إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ الاَ بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}
وقال تعالى فى النجم:
{وَانَّهُ اهْلَكَ عَاداً الأُولَى وَثَمُودَ فَمَا ابْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ اظْلَمَ وَاطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ اهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِاى الاَءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}
بعثه هود إلى قوم عاد
ولنذكر مضمون القصه مجموعاً من هذه السياقات مع ما يضاف الى ذلك من الاخبار
وقد ذكرنا انهم اول الامم الذين عبدوا الاصنام بعد الطوفان
وذلك بين فى قوله لهم:
{وَاذْكُرُوا اذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فى الْخَلْقِ بَسْطَه}
اى جعلهم اشد اهل زمانهم فى الخلقه والشده والبطش
والمقصود ان عاداً كانوا جفاه كافرين عتاه متمردين فى عباده الاصنام
فارسل الله فىهم رجلاً منهم يدعوهم الى الله والى افراده بالعباده والإخلاص له
فكذبوه وخالفوه وتنقصوه فاخذهم الله اخذ عزيز مقتدر
فلما امرهم بعباده الله ورغبهم فى طاعته واستغفاره ووعدهم على ذلك
خير الدنيا والاخره وتوعدهم على مخالفه ذلك عقوبه الدنيا والاخره
{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فى سَفَاهَه}
اى هذا الامر الذى تدعونا اليه سفه بالنسبه الى ما نحن عليه من عباده هذه الاصنام
التى يرتجى منها النصر والرزق ومع هذا نظن انك تكذب فى دعواك
ان الله ارسلك
{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِى سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّى رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
اى ليس الامر كما تظنون ولا ما تعتقدون و لكنى:
{ابَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّى وَانَا لَكُمْ نَاصِحٌ امِينٌ}
والبلاغ يستلزم عدم الكذب وعدم الزياده فىه والنقص منه وهو مع هذا البلاغ
على هذه الصفه فى غايه النصح لقومه والشفقه عليهم
والحرص على هدايتهم لا يبتغى منهم اجراً ولا يطلب منهم جعلاً بل هو مخلص
لله عز وجل فى الدعوه اليه والنصح لخلقه لا يطلب اجره الا من الذى ارسله
فإن خير الدنيا والاخره كله فى يديه وامره إليه ولهذا قال
{يَا قَوْمِ لاَ اسْالُكُمْ عَلَيْهِ اجْراً إِنْ اجْرِى الاَّ عَلَى الَّذِى فَطَرَنِى افَلاَ تَعْقِلُونَ}
اى اما لكم عقل تميزون به وتفهمون اني ادعوكم الى الحق المبين الذى تشهد به فطركم
التى خلقتم عليها وهو دين الحق الذى بعث الله به نوحاً وهلك من خالفه من الخلق
وها انا ادعوكم اليه ولا اسالكم اجراً عليه بل ابتغى ذلك عند الله مالك الضر والنفع
وقال قوم هود له فىما قالوا:
{يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِى الِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ الِهَتِنَا بِسُوءٍ}
يقولون ما جئتنا بخارق يشهد لك بصدق ما جئت به وما نحن بالذين نترك عباده اصنامنا
عن مجرد قولك بلا دليل اقمته ولا برهان نصبته وما نظن الا انك مجنون فىما تزعمه
وعندنا انه إنما اصابك هذا لان بعض الهتنا غضب عليك فاصابك فى عقلك
فاعتراك جنون بسبب ذلك
وهو قولهم:
{إِنْ نَقُولُ الاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ الِهَتِنَا بِسُوءٍ}
{قَالَ انِّى اشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا انِّي بَرِئ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِى جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنْظِرُونِى}
وهذا تحد منه لهم وتبرا من الهتهم وتنقص منه لها وبيان انها لا تنفع شيئاً ولا تضر وانها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله
فإن كانت كما تزعمون من انها تنصر وتنفع وتضر فها انا برئ منها لاعن لها
{فكيدونى جميعاً ثم لا تنظرون}
انتم جميعاً بجميع ما يمكنكم ان تصلوا إليه وتقدروا عليه ولا تؤخرونى ساعه واحده
ولا طرفه عين فإنى لا ابالى بكم ولا افكر فىكم ولا انظر اليكم
{إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّه إِلاَّ هُوَ اخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا انَّ رَبِّى عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
اى انا متوكل على الله ومتايد به وواثق بجنابه الذى لا يضيع من لاذ به واستند إليه فلست ابالى
مخلوقاً سواه لست اتوكل إلا عليه ولا اعبد الا إياه
وهذا وحده برهان قاطع على ان هوداً عبد الله ورسوله وانهم على جهل وضلال فى عبادتهم غير الله
لانهم لم يصلوا اليه بسوء ولا نالوا منه مكروهاً
فدل على صدقه فىما جاءهم به وبطلان ما هم عليه وفساد ما ذهبوا إليه
وقد استبعدوا ان يبعث الله رسولاً بشرياً
ولهذا قال لهم هود عليه السلام:
{اوَعَجِبْتُمْ انْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ}
اى ليس هذا بعجيب:
فإن الله اعلم حيث يجعل رسالته
وقوله:
{ايَعِدُكُمْ انَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً انَّكُمْ مُخْرَجُون هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ
لِمَا تُوعَدُونَ إِنْ هِى إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بما كذبون
}
استبعدوا الميعاد وانكروا قيام الاجساد بعد صيرورتها تراباً وعظاماً
وقالوا:
{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ}
اى بعيد بعيد هذا الوعد
{انْ هِى إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}
اى يموت قوم ويحيا اخرون
كما يقول بعض الجهله من الزنادقه:
ارحام تدفع وارض تبلع
وقال لهم فىما وعظهم به:
{اتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ايَةً تَعْبَثُون وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}
يقول لهم:
اتبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيماً هائلاً كالقصور
ونحوها تعبثون ببنائها لانه لا حاجه لكم فىه وما ذاك
الا لانهم كانوا يسكنون الخيام
كما قال تعالى:
{الم تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فى الْبِلاَدِ}
فعاد ارم هم عاد الاولى الذين كانوا يسكنون الاعمده التى تحمل الخيام
وقوله:
{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ}
قيل هى القصور وقيل بروج الحمام وقيل ماخذ الماء
{لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}
اي رجاء منكم ان تعمروا فى هذه الدار اعماراً طويله
{وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاطِيعُونِي وَاتَّقُوا الَّذِى امَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُون
امَدَّكُمْ بِانْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إِنِّي اخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
}
وقالوا له مما قالوا:
{اجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ابَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ}
اى جئتنا لنعبد الله وحده ونخالف اباءنا واسلافنا وما كانوا عليه؟
فإن كنت صادقاً فىما جئت به فاتنا بما تعدنا من العذاب والنكال فإنا لا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نصدقك
قال:
{قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ اتُجَادِلُونَنِى
فى اسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا انْتُمْ وَابَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا
مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّى مَعَكُمْ مِنْ الْمُنتَظِرِينَ
}
اى قد استحققتم بهذه المقاله الرجس والغضب من الله اتعارضون عباده الله وحده لا شريك له بعباده اصنام انتم نحتموها وسميتموها الهه
من تلقاء انفسكم؟
اصطلحتم عليها انتم واباؤكم ما نزل الله بها من سلطان
وإذ ابيتم قبول الحق وتماديتم فى الباطل وسواء عليكم انهيتكم عما انتم فىه ام لا فانتظروا
الان عذاب الله الواقع بكم وباسه الذى لا يرد ونكاله الذى لا يصد
وقال تعالى:
{قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِى قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ
نَادِمِينَ فَاخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
}
هلاك قوم عاد
اهلكهم الله تعالى بان سلط عليهم ريح صرصر عاتيه وقد ذكر الله تعالى
خبر اهلاكهم فى غير ايه مجملاً ومفصلاً كقوله:
{فَانجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِايَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ}
واما تفصيل اهلاكهم فلما قال تعالى:
{فَلَمَّا رَاوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ اوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فىهَا عَذَابٌ الِيم}
كان هذا اول ما ابتداهم العذاب انهم منع عنهم المطر فطلبوا السقيا فراوا عارضاً
فى السماء وظنوه سقيا رحمه فإذا هو سقيا عذاب
ولهذا قال تعالى:
{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}
اى من وقوع العذاب وهو قولهم:
{فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا انْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ}
ومثلها فى الاعراف
وقد ذكر المفسرون وغيرهم هاهنا هذا الخبر:
انهم لما ابوا الا الكفر بالله عز وجل امسك عنهم القطر ثلاث سنين
حتى جهدهم ذلك قال:
وكان الناس اذا جهدهم امر فى ذلك الزمان فطلبوا
من الله الفرج منه انما يطلبونه بحرمه ومكان بيته
وكان معروفاً عند اهل ذلك الزمان وبه العماليق مقيمون وهم من سلاله
عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وكان سيدهم اذ ذاك رجلاً يقال انه معاويه بن بكر وكانت
امه من قوم عاد واسمها جلهده ابنه الخيبرى
قال:
فبعث عاد وفداً قريباً من سبعين رجلاً ليستسقوا لهم عند الحرم فمروا بمعاويه بن بكر
بظاهر مكه فنزلوا عليه فاقاموا عنده شهراً يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان و هما جاريتان لمعاويه وكانوا قد وصلوا اليه فى شهر
فلما طال مقامهم عنده واخذته شفقه على قومه واستحيا منهم ان يامرهم بالانصراف
عمل شعراً يعرض لهم فىه بالانصراف وامر الجاريتان ان تغنيهم به فقال:
الا يا قيل ويحك قم فهينم
لعل الله يمنحنا غماما
فىسقى ارض عاد ان عادا
قد امسوا لا يبينون الكلاما
من العطش الشديد فليس نرجو
به الشيخ الكبير ولا الغلاما
وقد كانت نساؤهم بخير
فقد امست نساؤهم ايامى
وان الوحش ياتيهم جهارا
ولا يخشى لعادى سهاما
وانتم ها هنا فىما اشتهيتم
نهاركم وليلكم تماما
فقبح وفدكم من وفد قوم
ولا لقوا التحيه والسلاما
قال:
فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له فنهضوا الى الحرم
ودعوا لقومهم فدعا داعيهم وهو قيل بن عنز
فانشا الله سحابات ثلاثاً:
بيضاء وحمراء وسوداء
ثم ناداه مناد من السماء:
اختر لنفسك او لقومك من هذا السحاب
فقال:
اخترت السحابه السوداء فإنها اكثر السحاب ماء
فناداه مناد:
اخترت رماد رمددا لا تبقى من عاد احداً لا والداً يترك ولا ولداً الا جعلته همداً الا بنى اللوذيه الهمدا
قال وهم من بطن عاد كانوا مقيمين بمكه فلم يصبهم ما اصاب قومهم
قال:
ومن بقى من انسابهم واعقابهم هم عاد الاخره
قال:
وساق الله السحابه السوداء التى اختارها قيل
بن عنز بما فىها من النقمه الى عاد حتى تخرج عليهم
من واد يقال له المغيث فلما راوها استبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا،
فىقول تعالى:
{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فىهَا عَذَابٌ الِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَئ بِامْرِ رَبِّهَا}
اى تهلك كل شئ امرت به
فكان اول من ابصر ما فىها وعرف انها ريح فىما يذكرون امراه من عاد يقال لها
"مهد"
فلما تبينت ما فىها صاحت ثم صعقت
فلما افاقت قالوا ما رايت يا مهد؟
قالت رايت ريحاً فىها شبه النار امامها رجال يقودونها فسخرها الله
عليهم سبع ليال وثمانيه ايام حسوماً والحسوم الدائمه
فلم تدع من عاد احداً الا هلك
قال:
واعتزل هود عليه السلام
فىما ذكر لى
فى حظيره هو ومن معه من المؤمنين ما يصيبهم الا ما تلين عليه الجلود وتلذ الانفس وانها لتمر على عاد بالظعن
فىما بين السماء والارض وتدمغهم بالحجاره
وقد قال ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من ائمه التابعين:
هى البارده والعاتيه الشديد الهبوب
{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ ايَّامٍ حُسُوماً}
اى كوامل متتابعات
قيل كان اولها الجمعه وقيل الاربعاء
{فَتَرَى الْقَوْمَ فىهَا صَرْعَى كَانَّهُمْ اعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَه}
شبههم باعجاز النخل التي لا رؤوس لها وذلك لان الريح كانت تجئ إلى احدهم فتحمله فترفعه فى الهواء
ثم تنكسه على ام راسه فتشدخه فىبقى جثه بلا راس كما قال:
{إِنَّا ارْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فى يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}
اى فى يوم نحس عليهم مستمر عذابه عليهم
{تَنزِعُ النَّاسَ كَانَّهُمْ اعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}
وفى الايه الاخرى:
{فَارْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فى ايَّامٍ نَحِسَاتٍ}
ومعلوم انها ثمانيه ايام متتابعات والمراد فى ايام نحسات اى عليهم
وقال تعالى:
{وَفى عَادٍ إِذْ ارْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}
اى التى لا تنتج خيراً فإن الريح المفرده لا تثير سحاباً
ولا تلقح شجراً بل هى عقيم لا نتيجه خير لها
ولهذا قال:
{مَا تَذَرُ مِنْ شَئ اتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}
اى كالشئ البالى الفانى الذى لا ينتفع به بالكليه
واما قوله:
{فَلَمَّا رَاوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ اوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}
فإن عاداً لما راوا هذا العارض وهو الناشئ فى الجو كالسحاب ظنوه سحاب مطر فإذا هو سحاب عذاب
اعتقدوه رحمه فإذا هو نقمه رجوا فىه الخير فنالوا منه غايه الشر
قال تعالى:
{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}
اى من العذاب
ثم فسره بقوله:
{رِيحٌ فىهَا عَذَابٌ الِيمٌ}
يحتمل ان ذلك العذاب هو ما اصابهم من الريح الصرصر العاتيه البارده الشديده الهبوط التى استمرت عليهم سبع ليال بايامها الثمانيه
فلم تبق منهم احداً بل تتبعتهم حتى كانت تدخل عليهم كهوف الجبال والغيران فتلفهم وتخرجهم وتهلكهم وتدمر عليهم البيوت
المحكمه والقصور المشيده فكما منوا بشدتهم وبقوتهم وقالوا:
من اشد منا قوه؟
سلط الله عليهم ما هو اشد منهم قوه واقدر عليهم وهو الريح العقيم
ويحتمل ان هذه الريح اثارت فى اخر الامر سحابه ظن من بقي منهم انها سحابه
فىها رحمه بهم وغياث لمن بقى منهم فارسلها الله عليهم شرراً وناراً
كما ذكره غير واحد
وهو اشد ما يكون من العذاب بالاشياء المختلفه المتضاده
والله اعلم
عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما فتح الله على عاد من الريح التى اهلكوا بها الا مثل موضع الخاتم فمرت باهل الباديه فحملتهم ومواشيهم واموالهم
بين السماء والارض فلما راى ذلك اهل الحاضره من عاد الريح وما فىها
{قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}
فالقت اهل الباديه ومواشيهم على اهل الحاضره
و ما رواه مسلم فى صحيحه حيث قال:
عن عائشه رضى الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا عصفت الريح قال:
"اللهم إنى اسالك خيرها وخير ما فىها وخير ما ارسلت
به واعوذ بك من شرها وشر ما فىها وشر ما ارسلت به"
الت:
"وإذا غيبت السماء تغير لونه وخرج ودخل واقبل وادبر
فإذا امطرت سرى عنه فعرفت ذلك عائشه فسالته
فقال:
لعله يا عائشه كما قال قوم عاد
{فلما راوه عارضاً مستقبل اوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا}
عن عائشه انها قالت:
ما رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً قط حتى ارى منه لهواته
انما كانت يبتسم وقالت:
كان اذا راى غيماً او ريحاً عرف ذلك فى وجهه
قالت يا رسول الله:
ان الناس اذا راوا الغيم فرحوا رجاء ان يكون فىه المطر واراك
اذا رايته عرف فى وجهك الكراهيه؟
فقال:
"يا عائشه ما يؤمننى ان يكون فىه عذاب
قد عذب قوم نوح بالريح وقد راى قوم العذاب فقالوا:
هذا عارض ممطرنا"
فهذا الحديث كالصريح فى تغاير القصتين كما اشرنا اليه اولاً
فعلى هذا تكون القصه المذكوره فى سوره الاحقاف خبراً عن قوم عاد الثانيه
وتكون بقيه السياقات فى القران خبراً عن عاد الاولى والله اعلم بالصواب

[/postback]تابعو معنا الحلقه الخامسه

ام بشري 08-21-2015 11:53 PM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]

خامس حلقاتنا


سيدنا صالح عليه السلام
صالح عليه السلام
نبذه:
ارسله الله الى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين اتاهم الله رزقا كثيرا
ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا ال اصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله اليهم صالحا مبشرا ومنذرا
ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه ب ان ي اتى بايه ليصدقوه فاتاهم بالناقه
وامرهم ان لا يؤذوها ولكنهم اصروا على كبرهم فعقروا الناقه وعاقبهم الله
بالصاعقه فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين
سيرته:
ارسال صالح عليه السلام لثمود:
جاء قوم ثمود بعد قوم عاد
وتكررت قصه العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيله تعبد الاصنامهى الاخرى
فارسل الله سيدنا "صالحا"
اليهم وقال صالح لقومه:
(يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ)
نفس الكلمه التى يقولها كل نبى
لا تتبدل ولا تتغير
كما ان الحق لا يتبدل ولا يتغير
فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله
انه يتهم الهتهم بانها بلا قيمه
وهو ينهاهم عن عبادتها ويامرهم بعباده الله وحده
و احدثت دعوته هزه كبيره فى المجتمع
وكان صالح معروفا بالحكمه والنقاء والخير
كان قومه يحترمونه قبل ان يوحى الله اليه ويرسله بالدعوه اليهم
وقال قوم صالح له:
قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ ابَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ
(62)(هود)
تامل وجهه نظر الكافرين من قوم صالح
انهم يدلفون اليه من باب شخصى بحت
لقد كان لنا رجاء فيك
كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك
ثم خاب رجاؤنا فيك
اتنهانا ان نعبد ما يعبد اباؤنا؟
ياللكارثه
كل شئ ياصالح الاهذا
ما كنا نتوقع منك ان تعيب الهتنا التى وجدنا ابائنا عاكفين عليها
وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم اليه
ويستنكرون ماهو واجب وحق، ويدهشون ان يدعوهم اخوهم صالح الى عباده الله وحده
لماذا؟
ما كان ذلك كله الا لان ابائهم كانوا يعبدونهذه الالهه
معجزه صالح عليه السلام:
ورغم نصاعه دعوه صالح صالح عليه السلام كامله
فقد بدا واضحا ان قومه لن يصدقونه
كانوا يشكون فى دعوته
واعتقدوا انه مسحور
وطالبوه بمعجزه تثبت انه رسول من الله اليهم
وشاءت اراده الله ان تستجيب لطلبهم
وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمه
كانوا يستخدمون الصخر فى البناء
وكانوا اقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شئ
جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الارض التى استعمروها
قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزه ليصدقوه:
وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ ايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ
(64)(هود)
والايههى المعجزه
ويقال ان الناقه كانت معجزه لان صخره بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقه
ولدت من غير الطريق المعروف للولاده
ويقال انها كانت معجزه لانها كانت تشرب المياه الموجوده
فى الابار فى يوم فلا تقترب بقيه الحيوانات من المياه فيهذا اليوم
وقيل انها كانت معجزه لانها كانت تدر لبنا يكفى لشرب الناس جميعا فيهذا اليوم الذى تشرب فيه الماء فلا يبقى شئ للناس
كانتهذه الناقه معجزه
وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله:
(نَاقَةُ اللّهِ)
اضافها لنفسه سبحانه بمعنى انها ليست ناقه عاديه وانماهى معجزه من الله
واصدر الله امره الى صالح ان يامر قومه بعدم المساس بالناقه او ايذائها او قتلها
امرهم ان يتركوها تاكل فى ارض الله
والا يمسوها بسوء
وحذرهم انهم اذا مدوا ايديهم بالاذى للناقه فسوف ياخذهم عذاب قريب
فى البدايه تعاظمت دهشه ثمود حين ولدت الناقه من صخور الجبل
كانت ناقه مباركه
كان لبنها يكفى الاف الرجال والنساء والاطفال
كان واضحا انها ليست مجرد ناقه عاديه
وانما هى ايه من الله
وعاشت الناقه بين قوم صالح
امن منهم من امن وبقى اغلبهم على العناد والكفر
وذلك لان الكفار عندما يطلبون من نبيهم ايه
ليس ل انهم يريدون الت اكد من صدقه والايمان به
وانما لتحديه واظهار عجزه امام البشر
لكن الله كان يخذلهم بت اييد انبياءه بمعجزات من عنده
كان صالح صالح عليه السلام كامله
يحدث قومه برفق وحب
وهو يدعوهم الى عباده الله وحده
وينبههم الى ان الله قد اخرج لهم معجزههى الناقه
دليلا على صدقه وبينه على دعوته
وهو يرجو منهم ان يتركوا الناقه تاكل فى ارض الله
وكل الارض ارض الله
وهو يحذرهم ان يمسوها بسوء خشيه وقوع عذاب الله عليهم
كما ذكرهم بانعام الله عليهم:
بانه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد
وانعم عليهم بالقصور والجبال المنحوته والنعيم والرزق والقوه
لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه
واتجهوا الى الذين امنوا بصالح
يس الونهم سؤال استخفاف وزرايه:
اتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ؟
قالت الفئه الضعيفه التى امنت بصالح:
إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
فاخذت الذين كفروا العزه بالاثم
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِى امَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
هكذا باحتقار واستعلاء وغضب
تامر المل ا على الناقه:
وتحولت الكراهيه عن سيدنا صالح الى الناقه المباركه
تركزت عليها الكراهيه
وبدات المؤامره تنسج خيوطها ضد الناقه
كره الكافرون هذه الايه العظيمه
ودبروا فى انفسهم امرا
وفى احدى الليالى
انعقدت جلسه لكبار القوم
وقد اصبح من المالوف ان نرى ان فى قصص الانبياء هذه التدابير للقضاء على النبى او معجزاته او دعوته
تاتى من رؤساء القوم
فهم من يخافون على مصالحهم ان تحول الناس للتوحيد
ومن خشيتهم الى خشيه الله وحده
اخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لانهاء دعوه صالح
فاشار عليهم واحد منهم بقتل الناقه ومن ثم قتل صالح نفسه
وهذا هو سلاح الظلمه والكفره فى كل زمان ومكان
يعمدون الى القوه والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين
لانهم يعلمون ان الحق يعلوا ولا يعلى عليه
ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم
وهم لا يريدون ان يصلوا لهذه المرحله
وقرروا القضاء على الحق قبل ان تقوى شوكته
لكن احدهم قال:
حذرنا صالح من المساس بالناقه
وهددنا بالعذاب القريب
فقال احدهم سريعا قبل ان يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم:
اعرف من يجرا على قتل الناقه
ووقع الاختيار على تسعه من جبابره القوم
وكانوا رجالا يعيثون الفساد فى الارض
الويل لمن يعترضهم
هؤلاءهم اداه الجريمه
اتفق على موعد الجريمه ومكان التنفيذ
وفى الليله المحدده
وبينما كانت الناقه المباركه تنام فى سلام
انتهى المجرمون التسعه من اعداد اسلحتهم وسيوفهم وسهامهم
لارتكاب الجريمه
هجم الرجال على الناقه فنهضت الناقه مفزوعه
امتدت الايدى الاثمه القاتله اليها
وسالت دمائها
هلاك ثمود:
علم النبى صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه
قال لهم:
الم احذركم من ان تمسوا الناقه؟
قالوا:
قتلناها فاتنا بالعذاب واستعجله
الم تقل انك من المرسلين؟
قال صالح لقومه:
تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ
بعدها غادر صالح قومه
تركهم ومضى
انتهى الامر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثه ايام
ومرت ثلاثه ايام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون
وفى فجر اليوم الرابع:
انشقت السماء عن صيحه جباره واحده
انقضت الصيحه على الجبال فهلك فيها كل شئ حى هى صرخه واحده
لم يكد اولها يبدا واخرها يجئ حتى كان كفار قوم صالح
قد صعقوا جميعا صعقه واحده
هلكوا جميعا قبل ان يدركوا ما حدث
اما الذين امنوا بسيدنا صالح
فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا
[/postback]تابعو معنا الحلقه السادسه

ام بشري 08-21-2015 11:55 PM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
سادس حلقاتنا[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]

سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام

هو خليل الله
اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه
كان ابراهيم يعيش فى قوم يعبدون الكواكب
فلم يكن يرضيه ذلك
واحس بفطرته ان هناك الها اعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته
واخذ ابراهيم يدعو قومه لوحدانيه الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا احراقه فانجاه الله من بين ايديهم
جعل الله الانبياء من نسل ابراهيم فولد له اسماعيل واسحاق
قام ابراهيم ببناء الكعبه مع اسماعيل
منزله ابراهيم عليه السلام:
هو احد اولى العزم الخمسه الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا
وهم:
نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد
بترتيب بعثهم
وهو النبى الذى ابتلاه الله ببلاء مبين
بلاء فوق قدره البشر وطاقه الاعصاب
ورغم حده الشده
وعنت البلاء
كان ابراهيم هو العبد الذى وفى
وزاد على الوفاء بالاحسان
وقد كرم الله تبارك وتعالى ابراهيم تكريما خاصا
فجعل ملته هى التوحيد الخالص النقى من الشوائب
وجعل العقل فى جانب الذين يتبعون دينه
وكان من فضل الله على ابراهيم ان جعله الله اماما للناس
وجعل فى ذريته النبوه والكتاب
فكل الانبياء من بعد ابراهيم هم من نسله فهم اولاده واحفاده
حتى اذا جاء اخر الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم
جاء تحقيقا واستجابه لدعوه ابراهيم التى دعا الله فىها ان يبعث فى الاميين رسولا منهم
ولو مضينا نبحث فى فضل ابراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشه
نحن امام بشر جاء ربه بقلب سليم
انسان لم يكد الله يقول له اسلم حتى قال اسلمت لرب العالمين
نبى هو اول من سمانا المسلمين
نبى كان جدا وابا لكل انبياء الله الذين جاءوا بعده
نبى هادئ متسامح حليم اواه منيب
يذكر لنا ربنا ذو الجلال والاكرام امرا اخر افضل من كل ما سبق
فىقول الله عز وجل فى محكم اياته:
{وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}
النساء:
(125)
لم يرد فى كتاب الله ذكر لنبى
اتخذه الله خليلا غير ابراهيم
قال العلماء:
الخُلَّه هى شده المحبه
وبذلك تعنى الايه:
واتخذ الله ابراهيم حبيبا
فوق هذه القمه الشامخه يجلس ابراهيم عليه الصلاه والسلام
ان منتهى امل السالكين
وغايه هدف المحققين والعارفىن بالله
ان يحبوا الله عز وجل
اما ان يحلم احدهم ان يحبه الله
ان يفرده بالحب ان يختصه بالخُلَّه وهى شده المحبه
فذلك شئ وراء افاق التصور كان ابراهيم هو هذا العبد الربانى الذى استحق ان يتخذه الله خليلا
حال المشركين قبل بعثه ابراهيم:
لا يتحدث القران عن ميلاده او طفولته
ولا يتوقف عند عصره صراحه
ولكنه يرسم صوره لجو الحياه فى ايامه
فتدب الحياه فى عصره
وترى الناس قد انقسموا ثلاث فئات:
فئه تعبد الاصنام والتماثيل الخشبيه والحجريه
وفئه تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر
وفئه تعبد الملوك والحكام
نشاه ابراهيم عليه السلام:
وفى هذا الجو ولد ابراهيم
ولد فى اسره من اسر ذلك الزمان البعيد
لم يكن رب الاسره كافرا عاديا من عبده الاصنام
كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيل الالهه
وقيل ان اباه مات قبل ولادته فرباه عمه
وكان له بمثابه الاب
وكان ابراهيم يدعوه بلفظ الابوه
وقيل ان اباه لم يمت وكان ازر هو والده حقا
وقيل ان ازر اسم صنم اشتهر ابوه بصناعته
ومهما يكن من امر فقد ولد ابراهيم فى هذه الاسره
رب الاسره اعظم نحات يصنع تماثيل الالهه
ومهنه الاب تضفى عليه قداسه خاصه فى قومه
وتجعل لاسرته كلها مكانا ممتازا فى المجتمع
هى اسره مرموقه
اسره من الصفوه الحاكمه
من هذه الاسره المقدسه
ولد طفل قدر له ان يقف ضد اسرته وضد نظام مجتمعه وضد اوهام قومه وضد ظنون الكهنه وضد العروش القائمه وضد عبده النجوم والكواكب وضد كل انواع الشرك باختصار
مرت الايام
وكبر ابراهيم
كان قلبه يمتلا من طفولته بكراهيه صادقه لهذه التماثيل التى يصنعها والده
لم يكن يفهم كيف يمكن لانسان عاقل ان يصنع بيديه تمثالا
ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه
لاحظ ابراهيم ان هذه التماثيل لا تشرب ولا تاكل ولا تتكلم ولا تستطيع ان تعتدل لو قلبها احد على جنبها
كيف يتصور الناس ان هذه التماثيل تضر وتنفع؟
مواجهه عبده الكواكب والنجوم:
قرر ابراهيم عليه السلام مواجهه عبده النجوم من قومه
فاعلن عندما راى احد الكواكب فى الليل
ان هذا الكوكب ربه
ويبدو ان قومه اطمانوا له
وحسبوا انه يرفض عباده التماثيل ويهوى عباده الكواكب
وكانت الملاحه حره بين الوثنيات الثلاث:
عباده التماثيل والنجوم والملوك
غير ان ابراهيم كان يدخر لقومه مفاجاه مذهله فى الصباح
لقد افل الكوكب الذى التحق بديانته بالامس
وابراهيم لا يحب الافلين
فعاد ابراهيم فى الليله الثانيه يعلن لقومه ان القمر ربه
لم يكن قومه على درجه كافىه من الذكاء ليدركوا انه يسخر منهم برفق ولطف وحب
كيف يعبدون ربا يختفى ثم يظهر
يافل ثم يشرق
لم يفهم قومه هذا فى المره الاولى فكرره مع القمر
لكن القمر كالزهره كاي كوكب اخر
يظهر ويختفى
فقال ابراهيم عندما افل القمر
{لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّى لاكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}
الانعام:
(77)
نلاحظ هنا انه عندما يحدث قومه عن رفضه لالوهيه القمر
فانه يمزق العقيده القمريه بهدوء ولطف. كيف يعبد الناس ربا يختفى ويافل
{لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّى}
يفهمهم ان له ربا غير كل ما يعبدون
غير ان اللفته لا تصل اليهم
ويعاود ابراهيم محاولته فى اقامه الحجه على الفئه الاولى من قومه
عبده الكواكب والنجوم
فىعلن ان الشمس ربه
لانها اكبر من القمر
وما ان غابت الشمس حتى اعلن براءته من عباده النجوم والكواكب
فكلها مغلوقات تافل
وانهى جولته الاولى بتوجيهه وجهه للذى فطر السماوات والارض حنيفا
ليس مشركا مثلهم.
استطاعت حجه ابراهيم ان تظهر الحق
وبدا صراع قومه معه
لم يسكت عنه عبده النجوم والكواكب
بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده
ورد ابراهيم عليهم قال:
{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّى فى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا
تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّى شَيْئًا وَسِعَ رَبِّى كُلَّ شَئ عِلْمًا أَفَلاَ
تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ
مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ
تَعْلَمُونَ
}
الانعام:
(80-81)
لا نعرف رهبه الهجوم عليه
ولا حده الصراع ضده
ولا اسلوب قومه الذى اتبعه معه لتخويفه
تجاوز القران هذا كله الى رده هو
كان جدالهم باطلا فاسقطه القران من القصه
وذكر رد ابراهيم المنطقى العاقل
كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟
اى الفريقين احق بالامن؟
بعد ان بين ابراهيم عليه السلام حجته لفئه عبده النجوم والكواكب
استعد لتبيين حجته لعبده الاصنام
اتاه الله الحجه فى المره الاولى كما سيؤتيه الحجه فى كل مره
سبحانه
كان يؤيد ابراهيم ويريه ملكوت السماوات والارض
لم يكن معه غير اسلامه حين بدا صراعه مع عبده الاصنام
هذه المره ياخذ الصراع شكلا اعظم حده
ابوه فى الموضوع
هذه مهنه الاب وسر مكانته وموضع تصديق القوم
وهى العباده التى تتبعها الاغلبيه
مواجهه عبده الاصنام:
خرج ابراهيم على قومه بدعوته
قال بحسم غاضب وغيره على الحق:
{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِى أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا
وَجَدْنَا ابَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَابَاؤُكُمْ فى ضَلالٍ
مُّبِينٍ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ
}
الانبياء:
(52-56)
انتهى الامر وبدا الصراع بين ابراهيم وقومه
كان اشدهم ذهولا وغضبا هو اباه او عمه الذى رباه كاب
واشتبك الاب والابن فى الصراع
فصلت بينهما المبادئ فاختلفا
الابن يقف مع الله
والاب يقف مع الباطل
قال الاب لابنه:
مصيبتى فىك كبيره يا ابراهيم
لقد خذلتنى واسات الى
قال ابراهيم:
{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِى
عَنكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّى قَدْ جَائنى مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِى
أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَتِ إِنِّى أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن
فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا
}
مريم:
(42-45)
انتفض الاب واقفا وهو يرتعش من الغضب
قال لابراهيم وهو ثائر اذا لم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف ارجمك
ساقتلك ضربا بالحجاره
هذا جزاء من يقف ضد الالهه
اخرج من بيتى لا اريد ان اراك
اخرج
انتهى الامر واسفر الصراع عن طرد ابراهيم من بيته
كما اسفر عن تهديده بالقتل رميا بالحجاره رغم ذلك تصرف ابراهيم كابن بار ونبى كريم
خاطب اباه بادب الانبياء قال لابيه ردا على الاهانات والتجريح والطرد والتهديد بالقتل:
{قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا وَأَعْتَزِلُكُمْ
وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّى عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّى
شَقِيًّا
}
مريم:
(47-48)
وخرج ابراهيم من بيت ابيه
هجر قومه وما يعبدون من دون الله
وقرر فى نفسه امرا
كان يعرف ان هناك احتفالا عظيما يقام على الضفه الاخرى من النهر
وينصرف الناس جميعا اليه
وانتظر حتى جاء الاحتفال وخلت المدينه التي يعيش فىها من الناس
وخرج ابراهيم حذرا وهو يقصد بخطاه المعبد
كانت الشوارع المؤديه الى المعبد خاليه
وكان المعبد نفسه مهجورا
انتقل كل الناس الى الاحتفال
دخل ابراهيم المعبد ومعه فاس حاده
نظر الى تماثيل الالهه المنحوته من الصخر والخشب
نظر الى الطعام الذى وضعه الناس امامها كنذور وهدايا
اقترب ابراهيم من التماثيل وسالهم:
{أَلَا تَأْكُلُونَ}
كان يسخر منهم ويعرف انهم لا ياكلون
وعاد يسال التماثيل:
{مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ}
ثم هوى بفاسه على الالهه
وتحولت الالهه المعبوده الى قطع صغيره من الحجاره والاخشاب المهشمه
الا كبير الاصنام فقد تركه ابراهيم
{لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ}
فىسالونه كيف وقعت الواقعه وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الالهه
ولعلهم حينئذ يراجعون القضيه كلها
فىرجعون الى صوابهم
الا ان قوم ابراهيم الذين عطّلت الخرافه عقولهم عن التفكير
وغلّ التقليد افكارهم عن التامل والتدبر
لم يسالوا انفسهم:
ان كانت هذه الهه فكيف وقع لها ما وقع دون ان تدفع عن انفسها شيئا؟
وهذا كبيرها كيف لم يدفع عنها؟
وبدلا من ذلك
{قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِالِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}
عندئذ تذكر الذين سمعوا ابراهيم ينكر على ابيه ومن معه عباده التماثيل
ويتوعدهم ان يكيد لالهتهم بعد انصرافهم عنها
فاحضروا ابراهيم عليه السلام
وتجمّع الناس
وسالوه
{أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِالِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ}
فاجابهم ابراهيم
{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ}
والتهكم واضح فى هذا الجواب الساخر فلا داعى لتسميه هذه كذبه من ابراهيم
عليه السلام
والبحث عن تعليلها بشتى العلل التى اختلف عليها المفسرون
فالامر ايسر من هذا بكثير
انما اراد ان يقول لهم:
ان هذه التماثيل لا تدرى من حطمها ان كنت انا ام هذا الصنم الكبير الذى لا يملك مثلها حراكا
فهى جماد لا ادراك له اصلا
وانتم كذلك مثلها مسلوبو الادراك لا تميزون بين الجائز والمستحيل
فلا تعرفون ان كنت انا الذى حطمتها ام ان هذا التمثال هو الذى حطمها
ويبدو ان هذا التهكم الساخر قد هزهم هزا
وردهم الى شئ من التدبر التفكر:
{فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ}
(الانبياء:64)
وكانت بادره خير ان يستشعروا ما فى موقفهم من سخف
وما فى عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم
وان تتفتح بصيرتهم لاول مره فىتدبروا ذلك السخف الذى ياخذون به انفسهم
وذلك الظلم الذى هم فىه سادرون
ولكنها لم تكن الا ومضه واحده اعقبها الظلام
والا خفقه واحده عادت بعدها قلوبهم الى الخمود:
{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ}
(الانبياء : 65)
وحقا كانت الاولى رجعه الى النفوس
وكانت الثانيه نكسه على الرؤوس
كما يقول التعبير القرانى المصور العجيب
كانت الاولى حركه فى النفس للنظر والتدبر
اما الثانيه فكانت انقلابا على الراس فلا عقل ولا تفكير
والا فان قولهم هذا الاخير هو الحجه عليهم
وايه حجه لابراهيم اقوى من ان هؤلاء لا ينطقون؟
ومن ثم يجيبهم بعنف وضيق على غير عادته وهو الصبور الحليم
لان السخف هنا يجاوز صبر الحليم:
{قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}
(الانبياء:66-67)
وهى قوله يظهر فىها ضيق الصدر
وغيظ النفس
والعجب من السخف الذى يتجاوز كل مالوف
عند ذلك اخذتهم العزه بالاثم كما تاخذ الطغاه دائما حين يفقدون الحجه ويعوزهم الدليل
فىلجاون الى القوه الغاشمه والعذاب الغليظ
{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا الِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ}
(الانبياء:68)
نجاه ابراهيم عليه السلام من النار:
وفعلا
بدا الاستعداد لاحراق ابراهيم
انتشر النبا فى المملكه كلها
وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذى تجرا على الالهه وحطمها واعترف بذلك وسخر من الكهنه
وحفروا حفره عظيمه ملئوها بالحطب والخشب والاشجار
واشعلوا فىها النار
واحضروا المنجنيق وهو اله جباره ليقذفوا ابراهيم فىها فىسقط فى حفره النار
ووضعوا ابراهيم بعد ان قيدوا يديه وقدميه فى المنجنيق
واشتعلت النار فى الحفره وتصاعد اللهب الى السماء
وكان الناس يقفون بعيدا عن الحفره من فرط الحراره اللاهبه
واصدر كبير الكهنه امره باطلاق ابراهيم فى النار
جاء جبريل عليه السلام ووقف عند راس ابراهيم وساله:
يا ابراهيم
الك حاجه؟
قال ابراهيم:
اما اليك فلا
انطلق المنجنيق ملقيا ابراهيم فى حفره النار
كانت النار موجوده فى مكانها
ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها فى الاحراق
فقد اصدر الله جل جلاله الى النار امره بان تكون
{بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}
احرقت النار قيوده فقط
وجلس ابراهيم وسطها كانه يجلس وسط حديقه
كان يسبّح بحمد ربه ويمجّده
لم يكن فى قلبه مكان خال يمكن ان يمتلئ بالخوف او الرهبه او الجزع
كان القلب مليئا بالحب وحده
ومات الخوف
وتلاشت الرهبه
واستحالت النار الى سلام بارد يلطف عنه حراره الجو
جلس الكهنه والناس يرقبون النار من بعيد
كانت حرارتها تصل اليهم على الرغم من بعدهم عنها
وظلت النار تشتعل فتره طويله حتى ظن الكافرون انها لن تنطفئ ابدا
فلما انطفات فوجئوا بابراهيم يخرج من الحفره سليما كما دخل
ووجهه يتلالا بالنور والجلال
وثيابه كما هى لم تحترق
وليس عليه اى اثر للدخان او الحريق
خرج ابراهيم من النار كما لو كان يخرج من حديقه
وتصاعدت صيحات الدهشه الكافره
خسروا جولتهم خساره مريره وساخره
{وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ}
(الانبياء:70)
لا يحدثنا القران الكريم عن عمر ابراهيم حين حطم اصنام قومه
لا يحدثنا عن السن التى كلف فىها بالدعوه الى الله
ويبدو من استقراء النصوص القديمه ان ابراهيم كان شابا صغيرا حين فعل ذلك
بدليل قول قومه عنه:
{سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}
وكلمه الفتى تطلق على السن التى تسبق العشرين
مواجهه عبده الملوك:
ان زمن اصطفاء الله تعالى لابراهيم غير محدد فى القران وبالتالى فنحن لا نستطيع ان نقطع فىه بجواب نهائ
كل ما نستطيع ان نقطع فىه برائ
ان ابراهيم اقام الحجه على عبده التماثيل بشكل قاطع
كما اقامها على عبده النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم
ولم يبق الا ان تقام الحجه على الملوك المتالهين وعبادهم
وبذلك تقوم الحجه على جميع الكافرين
فذهب ابراهيم عليه السلام لملك متالّه كان فى زمانه
وتجاوز القران اسم الملك لانعدام اهميته
لكن روى ان الملك المعاصر لابراهيم كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك الاراميين بالعراق
كما تجاوز حقيقه مشاعره
كما تجاوز الحوار الطويل الذى دار بين ابراهيم وبينه
لكن الله تعالى فى كتابه الحكيم اخبرنا الحجه الاولى التى اقامها ابراهيم عليه السلام على الملك الطاغيه
فقال ابراهيم بهدوء:
{رَبِّى الَّذِى يُحْيِـى وَيُمِيتُ}
قال الملك:
{أَنَا أُحْيِـى وَأُمِيتُ}
استطيع ان احضر رجلا يسير فى الشارع واقتله
واستطيع ان اعفو عن محكوم عليه بالاعدام وانجيه من الموت
وبذلك اكون قادرا على الحياه والموت
لم يجادل ابراهيم الملك لسذاجه ما يقول
غير انه اراد ان يثبت للملك انه يتوهم فى نفسه القدره وهو فى الحقيقه ليس قادرا
فقال ابراهيم:
{فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِى بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}
استمع الملك الى تحدى ابراهيم صامتا
فلما انتهى كلام النبى بهت الملك
احس بالعجز ولم يستطع ان يجيب
لقد اثبت له ابراهيم انه كاذب
قال له ان الله ياتى بالشمس من المشرق
فهل يستطيع هو ان ياتى بها من المغرب
ان للكون نظما وقوانين يمشى طبقا لها
قوانين خلقها الله ولا يستطيع اى مخلوق ان يتحكم فيها
ولو كان الملك صادقا فى ادعائه الالوهيه فليغير نظام الكون وقوانينه
ساعتها احس الملك بالعجز
واخرسه التحدى
ولم يعرف ماذا يقول ولا كيف يتصرف انصرف ابراهيم من قصر الملك
بعد ان بهت الذى كفر
هجره ابراهيم عليه السلام:
انطلقت شهره ابراهيم فى المملكه كلها
تحدث الناس عن معجزته ونجاته من النار
وتحدث الناس عن موقفه مع الملك وكيف اخرس الملك فلم يعرف ماذا يقول
واستمر ابراهيم فى دعوته لله تعالى
بذل جهده ليهدى قومه
حاول اقناعهم بكل الوسائل
ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب قومه وهجروه
ولم يؤمن معه من قومه سوى امراه ورجل واحد
امراه تسمى ساره
وقد صارت فىما بعد زوجته
ورجل هو لوط، وقد صار نبيا فىما بعد
وحين ادرك ابراهيم ان احدا لن يؤمن بدعوته
قرر الهجره
قبل ان يهاجر
دعا والده للايمان
ثم تبين لابراهيم ان والده عدو لله
وانه لا ينوى الايمانفتبرا منه وقطع علاقته به
للمره الثانيه فى قصص الانبياء نصادف هذه المفاجاه
فى قصه نوح كان الاب نبيا والابن كافرا
وفى قصه ابراهيم كان الاب كافرا والابن نبيا
وفى القصتين نرى المؤمن يعلن براءته من عدو الله رغم كونه ابنه او والده
وكان الله يفهمنا من خلال القصه ان العلاقه الوحيده التي ينبغى ان تقوم عليها الروابط بين الناس
هى علاقه الايمان لا علاقه الميلاد والدم
خرج ابراهيم عليه السلام من بلده وبدا هجرته
سافر الى مدينه تدعى اور
ومدينه تسمى حاران
ثم رحل الى فلسطين ومعه زوجته
المراه الوحيده التى امنت به
وصحب معه لوطا
الرجل الوحيد الذى امن به
بعد فلسطين ذهب ابراهيم الى مصر
وطوال هذا الوقت وخلال هذه الرحلات كلها
كان يدعو الناس الى عباده الله
ويحارب فى سبيله
ويخدم الضعفاء والفقراء
ويعدل بين الناس
ويهديهم الى الحقيقه والحق
وتاتى بعض الروايات لتبين قصه ابراهيم عليه السلام وزوجته ساره وموقفهما مع ملك مصر
فتقول:
وصلت الاخبار لملك مصر بوصول رجل لمصر معه امراه هى اجمل نساء الارض
فطمع بها
وارسل جنوده لياتونه بهذه المراه
وامرهم بان يسالوا عن الرجل الذى معها
فان كان زوجها فليقتلوه
فجاء الوحى لابراهيم عليه السلام بذلك
فقال ابراهيم
عليه السلام
لساره ان سالوك عنى فانت اختى
اى اخته فى الله
وقال لها ما على هذه الارض مؤمن غيرى وغيرك
فكل اهل مصر كفره
ليس فىها موحد لله عز وجل
فجاء الجنود وسالوا ابراهيم:
ما تكون هذه منك؟
قال:
اختى
لنقف هنا قليلا
قال ابراهيم حينما قال لقومه (انى سقيم)
و
{بل فعله كبيرهم هذا فاسالوه}
و
(هى اختى)
كلها كلمات تحتمل التاويل
لكن مع هذا كان ابراهيم عليه السلام خائفا جدا من حسابه على هذه الكلمات يوم القايمه
فعندما يذهب البشر له يوقم القيامه ليدعوا الله ان يبدا الحساب يقول لهم لا انى كذب على ربى ثلاث مرات
ونجد ان البشر الان يكذبون امام الناس من غير استحياء ولا خوف من خالقهم
لما عرفت ساره ان ملك مصر فاجر ويريدها له اخذت تدعوا الله قائله:
اللهم ان كنت تعلم انى امنت بك وبرسولك واحصنت فرجى الا على زوجى فلا تسلط على الكافر
فلما ادخلوها عليه
مد يده اليها ليلمسها فشلّ وتجمدت يده فى مكانها
فبدا بالصراخ لانه لم يعد يستطيع تحريكها
وجاء اعوانه لمساعدته لكنهم لم يستطيعوا فعل شئ
فخافت ساره على نفسها ان يقتلوها بسبب ما فعلته بالملك
فقالت:
يارب اتركه لا يقتلونى به
فاستجاب الله لدعائها
لكن الملك لم يتب وظن ان ما حدث كان امرا عابرا وذهب
فهجم عليها مره اخرى
فشلّ مره ثانيه
فقال:
فكينى
فدعت الله تعالى فَفَكّه
فمد يده ثالثه فشلّ
فقال:
فكينى واطلقك واكرمك
فدعت الله سبحانه وتعالى فَفُك
فصرخ الملك باعوانه:
ابعدوها عنى فانكم لم تاتونى بانسان بل اتيتمونى بشيطان
فاطلقها واعطاها شيئا من الذهب
كما اعطاها امَةً اسمها
(هاجر)
هذه الروايه مشهوره عن دخول ابراهيم
عليه السلام
لمصر
وكانت زوجته ساره لا تلد
وكان ملك مصر قد اهداها سيده مصريه لتكون فى خدمتها
وكان ابراهيم قد صار شيخا
وابيض شعره من خلال عمر ابيض انفقه فى الدعوه الى الله
وفكرت ساره انها وابراهيم وحيدان
وهى لا تنجب اولادا
ماذا لو قدمت له السيده المصريه لتكون زوجه لزوجها؟
وكان اسم المصريه
(هاجر)
وهكذا زوجت ساره سيدنا ابراهيم من هاجر
وولدت هاجر ابنها الاول فاطلق والده عليه اسم
(اسماعيل)
كان ابراهيم شيخا حين ولدت له هاجر اول ابنائه اسماعيل
ولسنا نعرف ابعاد المسافات التي قطعها ابراهيم فى رحلته الى الله
كان دائما هو المسافر الى الله
سواء استقر به المقام فى بيته او حملته خطواته سائحا فى الارض
مسافر الى الله يعلم انها ايام على الارض وبعدها يجئ الموت ثم ينفخ فى الصور وتقوم قيامه الاموات ويقع البعث
احياء الموتى:
ملا اليوم الاخر قلب ابراهيم بالسلام والحب واليقين
واراد ان يرى يوما كيف يحيى الله عز وجل الموتى
حكى الله هذا الموقف فى سوره
(البقره)
قال تعالى:
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْيِـى الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى}
لا تكون هذه الرغبه فى طمانينه القلب مع الايمان الا درجه من درجات الحب لله
{قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
فعل ابراهيم ما امره به الله
ذبح اربعه من الطير وفرق اجزاءها على الجبال
ودعاها باسم الله فنهض الريش يلحق بجناحه
وبحثت الصدور عن رؤوسها
وتطايرت اجزاء الطير مندفعه نحو الالتحام
والتقت الضلوع بالقلوب
وسارعت الاجزاء الذبيحه للالتئام
ودبت الحياه فى الطير
وجاءت طائره مسرعه ترمى بنفسها فى احضان ابراهيم
اعتقد بعض المفسرين ان هذه التجربه كانت حب استطلاع من ابراهيم
واعتقد بعضهم انه اراد ان يرى يد ذى الجلال الخالق وهي تعمل
فلم ير الاسلوب وان راى النتيجه
واعتقد بعض المفسرين انه اكتفى بما قاله له الله ولم يذبح الطير
ونعتقد ان هذه التجربه كانت درجه من درجات الحب قطعها المسافر الى الله
ابراهيم.
رحله ابراهيم مع هاجر واسماعيل لوادى مكه:
استيقظ ابراهيم يوما فامر زوجته هاجر ان تحمل ابنها وتستعد لرحله طويله
وبعد ايام بدات رحله ابراهيم مع زوجته هاجر ومعهما ابنهما اسماعيل
وكان الطفل رضيعا لم يفطم بعد
وظل ابراهيم يسير وسط ارض مزروعه تاتى بعدها صحراء تجئ بعدها جبال
حتى دخل الى صحراء الجزيره العربيه
وقصد ابراهيم واديا ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه ولا شراب
كان الوادى يخلو تماما من علامات الحياه
وصل ابراهيم الى الوادى
وهبط من فوق ظهر دابته
وانزل زوجته وابنه وتركهما هناك
ترك معهما جرابا فىه بعض الطعام
وقليلا من الماء
ثم استدار وتركهما وسار
اسرعت خلفه زوجته وهى تقول له:
يا ابراهيم اين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذى ليس فيه شئ؟
لم يرد عليها سيدنا ابراهيم
ظل يسير
عادت تقول له ما قالته وهو صامت
اخيرا فهمت انه لا يتصرف هكذا من نفسه
ادركت ان الله امره بذلك وسالته:
هل الله امرك بهذا؟
قال ابراهيم عليه السلام:
نعم
قالت زوجته المؤمنه العظيمه:
لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذى امرك بهذا
وسار ابراهيم حتى اذا اخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين الى السماء وراح يدعو الله:
{رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}
لم يكن بيت الله قد اعيد بناؤه بعد
لم تكن الكعبه قد بنيت
وكانت هناك حكمه عليا فى هذه التصرفات الغامضه
فقد كان اسماعيل الطفل الذى ترك مع امه فى هذا المكان
كان هذا الطفل هو الذى سيصير مسئولا مع والده عن بناء الكعبه فىما بعد
وكانت حكمه الله تقضى ان يمتد العمران الى هذا الوادى
وان يقام فيه بيت الله الذى نتجه جميعا اليه اثناء الصلاه بوجوهنا
ترك ابراهيم زوجته وابنه الرضيع فى الصحراء وعاد راجعا الى كفاحه فى دعوه الله
ارضعت ام اسماعيل ابنها واحست بالعطش
كانت الشمس ملتهبه وساخنه وتثير الاحساس بالعطش
بعد يومين انتهى الماء تماما
وجف لبن الام
واحست هاجر واسماعيل بالعطش
كان الطعام قد انتهى هو الاخر
وبدا الموقف صعبا وحرجا للغايه
ماء زمزم:
بدا اسماعيل يبكى من العطش
وتركته امه وانطلقت تبحث عن ماء
راحت تمشى مسرعه حتى وصلت الى جبل اسمه
(الصفا)
فصعدت اليه وراحت تبحث بهما عن بئر او انسان او قافله
لم يكن هناك شئ
ونزلت مسرعه من الصفا حتى اذا وصلت الى الوادى راحت تسعى سعى الانسان المجهد حتى جاوزت الوادى ووصلت الى جبل
(المروه)
فصعدت اليه ونظرت لترى احدا لكنها لم تر احدا
وعادت الام الى طفلها فوجدته يبكى وقد اشتد عطشه
واسرعت الى الصفا فوقفت عليه
وهرولت الى المروه فنظرت من فوقه
وراحت تذهب وتجئ سبع مرات بين الجبلين الصغيرين
سبع مرات وهى تذهب وتعود
ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروه احياء لذكريات امهم الاولى ونبيهم العظيم اسماعيل
عادت هاجر بعد المره السابعه وهى مجهده متعبه تلهث
وجلست بجوار ابنها الذى كان صوته قد بح من البكاء والعطش
وفى هذه اللحظه اليائسه ادركتها رحمه الله
وضرب اسماعيل بقدمه الارض وهو يبكى فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم
وفار الماء من البئر
انقذت حياتا الطفل والام
راحت الام تغرف بيدها وهى تشكر الله
وشربت وسقت طفلها وبدات الحياه تدب فى المنطقه
صدق ظنها حين قالت:
لن نضيع ما دام الله معنا
وبدات بعض القوافل تستقر فى المنطقه
وجذب الماء الذى انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس
وبدا العمران يبسط اجنحته على المكان
الامر بذبح اسماعيل عليه السلام:
كبر اسماعيل
وتعلق به قلب ابراهيم
جاءه العقب على كبر فاحبه
وابتلى الله تعالى ابراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب
فقد راى ابراهيم عليه السلام فى المنام انه يذبح ابنه الوحيد اسماعيل
وابراهيم يعمل ان رؤيا الانبياء وحى
انظر كيف يختبر الله عباده
تامل اى نوع من انواع الاختبار
نحن امام نبى قلبه ارحم قلب فى الارض
اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق
جاءه ابن على كبر
وقد طعن هو فى السن ولا امل هناك فى ان ينجب
ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى فى المنام انه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذى ليس له غيره
اى نوع من الصراع نشب فى نفسه
يخطئ من يظن ان صراعا لم ينشا قط لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذى يخلو من الصراع
نشب الصراع فى نفس ابراهيم
صراع اثارته عاطفه الابوه الحانيه
لكن ابراهيم لم يسال عن السبب وراء ذبح ابنه
فليس ابراهيم من يسال ربه عن اوامره
فكر ابراهيم فى ولده
ماذا يقول عنه اذا ارقده على الارض ليذبحه
الافضل ان يقول لولده ليكون ذلك اطيب لقلبه واهون عليه من ان ياخذه قهرا ويذبحه قهرا
هذا افضل
انتهى الامر وذهب الى ولده
{قَالَ يَا بُنَى إِنِّى أَرَى فى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}
انظر الى تلطفه فى ابلاغ ولده
وترك الامر لينظر فىه الابن بالطاعه
ان الامر مقضى فى نظر ابراهيم لانه وحى من ربه
فماذا يرى الابن الكريم فى ذلك؟
اجاب اسماعيل:
هذا امر يا ابى فبادر بتنفىذه
{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}
تامل رد الابن
انسان يعرف انه سيذبح فىمتثل للامر الالهى ويقدم المشيئه ويطمئن والده انه سيجده
{إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}
هو الصبر على اى حال وعلى كل حال
وربما استعذب الابن ان يموت ذبحا بامر من الله
ها هو ذا ابراهيم يكتشف ان ابنه ينافسه فى حب الله
لا نعرف اى مشاعر جاشت فى نفس ابراهيم بعد استسلام ابنه الصابر
ينقلنا الحق نقله خاطفه فاذا اسماعيل راقد على الارض
وجهه فى الارض رحمه به كيلا يرى نفسه وهو يذبح
واذا ابراهيم يرفع يده بالسكين
واذا امر الله مطاع
{فَلَمَّا أَسْلَمَا}
استخدم القران هذا التعبير
{فَلَمَّا أَسْلَمَا}
هذا هو الاسلام الحقيقى
تعطى كل شئ
فلا يتبقى منك شئ
عندئذ فقط
وفى اللحظه التى كان السكين فىها يتهيا لامضاء امره
نادى الله ابراهيم
انتهى اختباره
وفدى الله اسماعيل بذبح عظيم
وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد
هم المسلمون
صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين
عيدا يذكرهم بمعنى الاسلام الحقيقى الذى كان عليه ابراهيم واسماعيل
ومضت قصه ابراهيم
ترك ولده اسماعيل وعاد يضرب فى ارض الله داعيا اليه
خليلا له وحده
ومرت الايام
كان ابراهيم قد هاجر من ارض الكلدانيين مسقط راسه فى العراق وعبر الاردن وسكن فى ارض كنعان فى الباديه
ولم يكن ابراهيم ينسى خلال دعوته الى الله ان يسال عن اخبار لوط مع قومه
وكان لوط اول من امن به
وقد اثابه الله بان بعثه نبيا الى قوم من الفاجرين العصاه
البشرى باسحاق:
كان ابراهيم جالس لوحده
فى هذه اللحظه
هبطت على الارض اقدام ثلاثه من الملائكه:
جبريل واسرافىل وميكائيل
يتشكلون فى صور بشريه من الجمال الخارق
ساروا صامتين
مهمتهم مزودجه
المرور على ابراهيم وتبشيره
ثم زياره قوم لوط ووضع حد لجرائمهم
سار الملائكه الثلاثه قليلا
القى احدهم حصاه امام ابراهيم
رفع ابراهيم راسه
تامل وجوههم
لا يعرف احدا فيهم
بادروه بالتحيه
قالوا:
سلاما
قال:
سلام.
نهض ابراهيم ورحب بهم
ادخلهم بيته وهو يظن انهم ضيوف وغرباء
اجلسهم واطمان انهم قد اطمانوا
ثم استاذن وخرج
راغ الى اهله
نهضت زوجته ساره حين دخل عليها
كانت عجوزا قد ابيض شعرها ولم يعد يتوهج بالشباب فىها غير وميض الايمان الذى يطل من عينيها
قال ابراهيم لزوجته:
زارنا ثلاثه غرباء
سالته:
من يكونون؟
قال:
لا اعرف احدا فيهم
وجوه غريبه على المكان
لاريب انهم من مكان بعيد
غير ان ملابسهم لا تشى بالسفر الطويل
اى طعام جاهز لدينا؟
قالت:
نصف شاه.
قال وهو يهم بالانصراف:
نصف شاه
اذبحى لهم عجلا سمينا
هم ضيوف وغرباء
ليست معهم دواب او احمال او طعام
ربما كانوا جوعى وربما كانوا فقراء
اختار ابراهيم عجلا سمينا وامر بذبحه
فذكروا عليه اسم الله وذبحوه
وبدا شواء العجل على الحجاره الساخنه
واعدت المائده
ودعا ابراهيم ضيوفه الى الطعام
اشار ابراهيم بيده ان يتفضلوا باسم الله
وبدا هو ياكل ليشجعهم
كان ابراهيم كريما يعرف ان الله لا يتخلى عن الكرماء وربما لم يكن فى بيته غير هذا العجل
وضيوفه ثلاثه ونصف شاه يكفيهم ويزيد
غير انه كان سيدا عظيم الكرم
راح ابراهيم ياكل ثم استرق النظر الى ضيوفه ليطمئن انهم ياكلون
لاحظ ان احدا لا يمد يده الى الطعام
قرب اليهم الطعام وقال:
الا تاكلون؟
عاد الى طعامه ثم اختلس اليهم نظره فوجدهم لا ياكلون
راى ايديهم لا تصل الى الطعام
عندئذ
{أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَه}
فى تقاليد الباديه التى عاش فيها ابراهيم
كان معنى امتناع الضيوف عن الاكل انهم يقصدون شرا بصاحب البيت
ولاحظ ابراهيم بينه وبين نفسه اكثر من ملاحظه تؤيد غرابه ضيوفه
لاحظ انهم دخلوا عليه فجاه
لم يرهم الا وهم عند راسه
لم يكن معهم دواب تحملهم
لم تكن معهم احمال
وجوههم غريبه تماما عليه
كانوا مسافرين وليس عليهم اثر لتراب السفر
ثم ها هو ذا يدعوهم الى طعامه فيجلسون الى المائده ولا ياكلون
ازداد خوف ابراهيم
كان الملائكه يقرءون افكاره التى تدور فى نفسه
دون ان يشى بها وجهه
قال له احد الملائكه:
{لاَ تَخَفْ}
رفع ابراهيم راسه وقال بصدق عظيم وبراءه:
اعترف اننى خائف
لقد دعوتكم الى الطعام ورحبت بكم
ولكنكم لا تمدون ايديكم اليه
هل تنوون بى شرا؟
ابتسم احد الملائكه وقال:
نحن لا ناكل يا ابراهيم
نحن ملائكه الله
وقد
{أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ}
ضحكت زوجه ابراهيم
كانت قائمه تتابع الحوار بين زوجها وبينهم
فضحكت
التفت اليها احد الملائكه وبشرها باسحاق
صكت العجوز وجهها تعجبا:
{قَالَت يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَئ عَجِيبٌ}
(هود:72)
عاد احد الملائكه يقول لها:
{وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ}
جاشت المشاعر فى قلب ابراهيم وزوجته
شف جو الحجره وانسحب خوف ابراهيم واحتل قلبه نوع من انواع الفرح الغريب المختلط. كانت زوجته العاقر تقف هى الاخرى وهى ترتجف
ان بشاره الملائكه تهز روحها هزا عميقا
انها عجوز عقيم وزوجها شيخ كبير
كيف؟
كيف يمكن؟
وسط هذا الجو الندى المضطرب تساءل ابراهيم:
{أَبَشَّرْتُمُونِى عَلَى أَن مَّسَّنِى الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}
(الحجر:54)
اكان يريد ان يسمع البشاره مره اخرى؟
اكان يريد ان يطمئن قلبه ويسمع للمره الثانيه منه الله عليه؟
اكان ما بنفسه شعورا بشريا يريد ان يستوثق؟
ويهتز بالفرح مرتين بدلا من مره واحده؟
اكد له الملائكه انهم بشروه بالحق
{قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ}
(الحجر:55-56)
لم يفهم الملائكه احساسه البشرى
فنوه عن ان يكون من القانطين
وافهمهم انه ليس قانطا
انما هو الفرح
لم تكن البشرى شيئا بسيطا فى حياه ابراهيم وزوجته
لم يكن لابراهيم غير ولد واحد هو اسماعيل
تركه هناك بعيدا فى الجزيره العربيه
ولم تكن زوجته ساره قد انجبت خلال عشرتها الطويله لابراهيم
وهى التى زوجته من جاريتها هاجر
ومن هاجر جاء اسماعيل
اما ساره فلم يكن لها ولد
وكان حنينها الى الولد عظيما
لم يطفئ مرور الايام من توهجه
ثم دخلت شيخوختها واحتضر حلمها ومات
كانت تقول:
انها مشيئه الله عز وجل
هكذا اراد الله لها
وهكذا اراد لزوجها
ثم ها هى ذى فى مغيب العمر تتلقى البشاره
ستلد غلاما
ليس هذا فحسب
بشرتها الملائكه بان ابنها سيكون له ولد تشهد مولده وتشهد حياته
لقد صبرت طويلا ثم يئست ثم نسيت
ثم يجئ جزاء الله مفاجاه تمحو هذا كله فى لحظه
فاضت دموعها وهي تقف
واحس ابراهيم عليه الصلاه والسلام باحساس محير
جاشت نفسه بمشاعر الرحمه والقرب
وعاد يحس بانه ازاء نعمه لا يعرف كيف يوفىها حقها من الشكر
وخرّ ابراهيم ساجدا على وجهه
انتهى الامر واستقرت البشرى فى ذهنيهما معا
نهض ابراهيم من سجوده وقد ذهب عنه خوفه
واطمانت حيرته
وغادره الروع
وسكنت قلبه البشرى التى حملوها اليه
وتذكر انهم ارسلوا الى قوم لوط ولوط ابن اخيه النازح معه من مسقط راسه
والساكن على مقربه منه
وابراهيم يعرف معنى ارسال الملائكه الى لوط وقومه
هذا معناه وقوع عذاب مروع
وطبيعه ابراهيم الرحيمه الودوده لا تجعله يطيق هلاك قوم فى تسليم
ربما رجع قوم لوط واقلعوا واسلموا اجابوا رسولهم
وبدا ابراهيم يجادل الملائكه فى قوم لوط حدثهم عن احتمال ايمانهم ورجوعهم عن طريق الفجور
وافهمه الملائكه ان هؤلاء قوم مجرمون
وان مهمتهم هى ارسال حجاره من طين مسومه من عند ربك للمسرفين
وعاد ابراهيم
بعد ان سد الملائكه باب هذا الحوار
عاد يحدثهم عن المؤمنين من قوم لوط فقالت الملائكه:
نحن اعلم بمن فيها
ثم افهموه ان الامر قد قضى وان مشيئه الله تبارك وتعالى قد اقتضت نفاذ الامر وهلاك قوم لوط
افهموا ابراهيم ان عليه ان يعرض عن هذا الحوار
ليوفر حلمه ورحمته
لقد جاء امر ربه
وتقرر عليهم
(عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)
عذاب لن يرده جدال ابراهيم
كانت كلمه الملائكه ايذانا بنهايه الجدال
سكت ابراهيم
وتوجهت الملائكه لقوم لوط عليه السلام

[/postback]تابعو معنا الحلقه السابعه

ام بشري 08-21-2015 11:57 PM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
سابع حلقاتنا[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]

سيدنا اسماعيل عليه السلام


هو ابن ابراهيم البكر وولد السيده هاجر
سار ابراهيم بهاجر
بامر من الله
حتى وضعها وابنها فى موضع مكه وتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيده هاجر
تطوف هنا وهناك حتى هداها الله الى ماء زمزم
ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء امر الله لسيدنا ابراهيم
ببناء الكعبه ورفع قواعد البيت
فجعل اسماعيل ياتى بالحجر وابراهيم يبنى حتى اتما البناء ثم جاء امر الله
بذبح اسماعيل حيث راى ابراهيم فى منامه انه يذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال
{يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين}
ففداه الله بذبح عظيم
كان اسماعيل فارسا فهو اول من استانس الخيل وكان صبورا حليما
يقال انه اول من تحدث بالعربيه البينه وكان صادق الوعد
وكان يامر اهله بالصلاه والزكاه
وكان ينادى بعباده الله ووحدانيته
سيرته:
الاختبار الاول:
ذكر الله فى كتابه الكريم
ثلاث مشاهد من حياه اسماعيل عليه السلام
كل مشهد عباره عن محنه واختبار لكل من ابراهيم واسماعيل عليهما السلام
اول هذه المشاهد هو امر الله سبحانه وتعالى لابراهيم بترك اسماعيل وامه فى واد مقفر
لا ماء فيه ولا طعام
فما كان من ابراهيم عليه السلام الا الاستجابه لهذا الامر الربانى
وهذا بخلاف ما ورد فى الاسرائيليات من ان ابراهيم حمل ابنه وزوجته لوادى مكه لان ساره
زوجه ابراهيم الاولى
اضطرته لذلك من شده غيرتها من هاجر
فالمتامل لسيره ابراهيم عليه السلام
سيجد انه لم يكن ليتلقّى اوامره من احد غير الله
انزل زوجته وابنه وتركهما هناك
ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام
وقليلا من الماء
ثم استدار وتركهما وسار
اسرعت خلفه زوجته وهى تقول له:
ياابراهيم اين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذى ليس فيه شئ؟
لم يرد عليها سيدنا ابراهيم وظل يسير
عادت تقول له ما قالته وهو صامت
اخيرا فهمت انه لا يتصرف هكذا من نفسه
ادركت ان الله امره بذلك فسالته:
هل الله امرك بهذا؟
فقال ابراهيم عليه السلام:
نعم
قالت زوجته المؤمنه العظيمه:
لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذى امرك بهذا
وسار ابراهيم حتى اذا اخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين الى السماء وراح يدعو الله:
{رَّبَّنَا انِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى الَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}
(37)
(ابراهيم)
لم يكن بيت الله قد اعيد بناؤه بعد
لم تكن الكعبه قد بنيت
وكانت هناك حكمه عليا فى امر الله سبحانه لابراهيم
فقد كان اسماعيل
الطفل الذى تُرِكَ مع امه فى هذا المكان
ووالده من سيكونان المسئولان بناء الكعبه فىما بعد
وكانت حكمه الله تقضى ان يسكن احد فى هذا الوادى
لميتد اليه العمران
بعد ان ترك ابراهيم زوجته وابنه الرضيع فى الصحراء بايام نفد الماء وانتهى الطعام
وجف لبن الام
واحست هاجر واسماعيل بالعطش
بدا اسماعيل يبكى من العطش
فتركته امه وانطلقت تبحث عن ماء
راحت تمشى مسرعه حتى وصلت الى جبل اسمه
"الصفا"
فصعدت اليه وراحت تبحث به عن بئر او انسان او قافله
لم يكن هناك شئ
ونزلت مسرعه من الصفا حتى اذا وصلت الى الوادى راحت تسعى سعى الانسان المجهد حتى جاوزت الوادى ووصلت الى جبل
(المروه)
فصعدت اليه ونظرت لترى احدا لكنها لم تر احدا
وعادت الام الى طفلها فوجدته يبكى وقد اشتد عطشه
واسرعت الى الصفا فوقفت عليه
وهرولت الى المروه فنظرت من فوقه
وراحت تذهب وتجئ سبع مرات بين الجبلين الصغيرين
سبع مرات وهى تذهب وتعود
ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروه احياء لذكريات امهم الاولى ونبيهم العظيم اسماعيل
عادت هاجر بعد المره السابعه وهى مجهده متعبه تلهث
وجلست بجوار ابنها الذى كان صوته قد بح من البكاء والعطش
وفى هذه اللحظه اليائسه ادركتها رحمه الله
وضرب اسماعيل بقدمه الارض وهو يبكى فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم
وفار الماء من البئر
انقذت حياتا الطفل والام
راحت الام تغرف بيدها وهي تشكر الله
وشربت وسقت طفلها وبدات الحياه تدب فى المنطقه
صدق ظنها حين قالت:
لن نضيع ما دام الله معنا
وبدات بعض القوافل تستقر فى المنطقه
وجذب الماء الذى انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس
وبدا العمران يبسط اجنحته على المكان
كانت هذه هى المحنه الاولى
اما المحنه الثانيه فهى الذبح
الاختبار الثانى:
كبر اسماعيل
وتعلق به قلب ابراهيم
جاءه العقب على كبر فاحبه
وابتلى الله تعالى ابراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب
فقد راى ابراهيم عليه السلام فى المنام انه يذبح ابنه الوحيد اسماعيل
وابراهيم يعمل ان رؤيا الانبياء وحى
انظر كيف يختبر الله عباده
تامل اى نوع من انواع الاختبار
نحن امام نبى قلبه ارحم قلب فى الارض
اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق
جاءه ابن على كبر
وقد طعن هو فى السن ولا امل هناك فى ان ينجب
ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى فى المنام انه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذى ليس له غيره
اى نوع من الصراع نشب فى نفسه
يخطئ من يظن ان صراعا لم ينشا قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذى يخلو من الصراع
نشب الصراع فى نفس ابراهيم
صراع اثارته عاطفه الابوه الحانيه
لكن ابراهيم لم يسال عن السبب وراء ذبح ابنه
فليس ابراهيم من يسال ربه عن اوامره
فكر ابراهيم فى ولده
ماذا يقول عنه اذا ارقده على الارض ليذبحه
الافضل ان يقول لولده ليكون ذلك اطيب لقلبه واهون عليه من ان ياخذه قهرا ويذبحه قهرا
هذا افضل
انتهى الامر وذهب الى ولده
{قَالَ يَا بُنَى انِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}
انظر الى تلطفه فى ابلاغ ولده
وترك الامر لينظر فىه الابن بالطاعه
ان الامر مقضى فى نظر ابراهيم لانه وحى من ربه
فماذا يرى الابن الكريم فى ذلك؟
اجاب اسماعيل:
هذا امر يا ابى فبادر بتنفىذه
{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى ان شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}
تامل رد الابن
انسان يعرف انه سيذبح فيمتثل للامر الالهى ويقدم المشيئه ويطمئن والده انه سيجده
{ان شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}
هو الصبر على اى حال وعلى كل حال
وربما استعذب الابن ان يموت ذبحا بامر من الله
ها هو ذا ابراهيم يكتشف ان ابنه ينافسه فى حب الله
لا نعرف اى مشاعر جاشت فى نفس ابراهيم بعد استسلام ابنه الصابر
ينقلنا الحق نقله خاطفه فاذا اسماعيل راقد على الارض
وجهه فى الارض رحمه به كيلا يرى نفسه وهو يذبح
واذا ابراهيم يرفع يده بالسكين
واذا امر الله مطاع
{فَلَمَّا أَسْلَمَا}
استخدم القرآن هذا التعبير
{فَلَمَّا أَسْلَمَا}
هذا هو الاسلام الحقيقى
تعطى كل شئ فلا يتبقى منك شئ
عندئذ فقط
وفى اللحظه التى كان السكين فيها يتهيا لامضاء امره
نادى الله ابراهيم
انتهى اختباره
وفدى الله اسماعيل بذبح عظيم
وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد
هم المسلمون
صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين
عيدا يذكرهم بمعنى الاسلام الحقيقى الذى كان عليه ابراهيم واسماعيل
خبر زوجه اسماعيل:
عاش اسماعيل فى شبه الجزيره العربيه ما شاء الله له ان يعيش
روض الخيل واستانسها واستخدمها
وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقه وتعميرها
استقرت بها بعض القوافل
وسكنتها القبائل
وكبر اسماعيل وتزوج
وزاره ابراهيم فلم يجده فى بيته ووجد امراته
سالها عن عيشهم وحالهم
فشكت اليه من الضيق والشده
قال لها ابراهيم:
اذا جاء زوجك مريه ان يغير عتبه بابه
فلما جاء اسماعيل
ووصفت له زوجته الرجل
قال:
هذا ابى وهو يامرنى بفراقك
الحقى باهلك
وتزوج اسماعيل امراه ثانيه
زارها ابراهيم
يسالها عن حالها
فحدثته انهم فى نعمه وخير
وطاب صدر ابراهيم بهذه الزوجه لابنه
الاختبار الثالث:
وها نحن الآن امام الاختبار الثالث
اختبار لا يمس ابراهيم واسماعيل فقط بل يمس ملايين البشر من بعدهم الى يوم القيامه
انها مهمه اوكلها الله تعالى لهذين النبيين الكريمين
مهمه بناء بيت الله تعالى فى الارض
كبر اسماعيل
وبلغ اشده
وجاءه ابراهيم وقال له:
يا اسماعيل
ان الله امرنى بامر
قال اسماعيل:
فاصنع ما امرك به ربك
قال ابراهيم:
وتعيننى؟
قال:
واعينك
فقال ابراهيم:
فان الله امرنى ان ابنى هنا بيتا
اشار بيده لصحن منخفض هناك
صدر الامر ببناء بيت الله الحرام
هو اول بيت وضع للناس فى الارض
وهو اول بيت عبد فىه الانسان ربه
ولما كان آدم هو اول انسان هبط الى الارض
فاليه يرجع فضل بنائه اول مره
قال العلماء:
ان آدم بناه وراح يطوف حوله مثلما يطوف الملائكه حول عرش الله تعالى
بنى آدم خيمه يعبد فىها الله
شئ طبيعى ان يبنى آدم
بوصفه نبيا
بيتا لعباده ربه
وحفت الرحمه بهذا المكان
ثم مات آدم ومرت القرون
وطال عليه العهد فضاع اثر البيت وخفى مكانه
وها هو ذا ابراهيم يتلقى الامر ببنائه مره ثانيه
ليظل فى المره الثانيه قائما الى يوم القيامه ان شاء الله
وبدا بناء الكعبه
هدمت الكعبه فى التاريخ اكثر من مره
وكان بناؤها يعاد فى كل مره
فهى باقيه منذ عهد ابراهيم الى اليوم
وحين بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم
تحقيقا لدعوه ابراهيم
وجد الرسول الكعبه حيث بنيت اخر مره
وقد قصر الجهد بمن بناها فلم يحفر اساسها كما حفره ابراهيم
نفهم من هذا ان ابراهيم واسماعيل بذلا فيها وحدهما جهدا استحالت
بعد ذلك
محاكاته على عدد كبير من الرجال
ولقد صرح الرسول بانه يحب هدمها واعادتها الى اساس ابراهيم
لولا قرب عهد القوم بالجاهليه
وخشيته ان يفتن الناس هدمها وبناؤها من جديد
بناؤها بحيث تصل الى قواعد ابراهيم واسماعيل
اى جهد شاق بذله النبيان الكريمان وحدهما؟
كان عليهما حفر الاساس لعمق غائر فى الارض
وكان عليهما قطع الحجاره من الجبال البعيده والقريبه
ونقلها بعد ذلك
وتسويتها
وبناؤها وتعليتها
وكان الامر يستوجب جهد جيل من الرجال
ولكنهما بنياها معا
لا نعرف كم هو الوقت الذى استغرقه بناء الكعبه
كما نجهل الوقت الذى استغرقه بناء سفىنه نوح
المهم ان سفىنه نوح والكعبه كانتا معا ملاذا للناس ومثوبه وامنا
والكعبه هى سفينه نوح الثابته على الارض ابدا
وهى تنتظر الراغبين فى النجاه من هول الطوفان دائما
لم يحدثنا الله عن زمن بناء الكعبه
حدثنا عن امر اخطر واجدى
حدثنا عن تجرد نفسيه من كان يبنيها
ودعائه وهو يبنيها:
{وَاذْ يَرْفَعُ ابْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَاسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا انَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا امَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا انَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
(128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ انَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
(129)}
(البقره)
ان اعظم مسلمين على وجه الارض يومها يدعوان الله ان يتقبل عملهما
وان يجعلهما مسلمين له
يعرفان ان القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن
وتبلغ الرحمه بهما ان يسالا الله ان يخرج من ذريتهما امه مسلمه له سبحانه
يريدان ان يزيد عدد العابدين الموجودين والطائفىن والركع السجود
ان دعوه ابراهيم واسماعيل تكشف عن اهتمامات القلب المؤمن
انه يبنى لله بيته
ومع هذا يشغله امر العقيده
ذلك ايحاء بان البيت رمز العقيده
ثم يدعوان الله ان يريهم اسلوب العباده الذى يرضاه
وان يتوب عليهم فهو التواب الرحيم
بعدها يتجاوز اهتمامها هذا الزمن الذى يعيشان فيه
يجاوزانه ويدعوان الله ان يبث رسولا لهؤلاء البشر
وتحققت هذه الدعوه الاخيره
حين بعث محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وسلم
تحققت بعد ازمنه وازمنه
انتهى بناء البيت
واراد ابراهيم حجرا مميزا
يكون علامه خاصه يبدا منها الطواف حول الكعبه
امر ابراهيم اسماعيل ان ياتيه بحجر مميز يختلف عن لون حجاره الكعبه
سار اسماعيل ملبيا امر والده
حين عاد
كان ابراهيم قد وضع الحجر الاسود فى مكانه
فساله اسماعيل:
من الذى احضره اليك يا ابت؟
فاجاب ابراهيم:
احضره جبريل عليه السلام
انتهى بناء الكعبه
وبدا طواف الموحدين والمسلمين حولها
ووقف ابراهيم يدعو ربه نفس دعائه من قبل
ان يجعل أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى الى المكان
انظر الى التعبير
ان الهوى يصور انحدارا لا يقاوم نحو شئ
وقمه ذلك هوى الكعبه من هذه الدعوه ولد الهوى العميق فى نفوس المسلمين
رغبه فى زياره البيت الحرام
وصار كل من يزور المسجد الحرام ويعود الى بلده
يحس انه يزداد عطشا كلما ازداد ريا منه
ويعمق حنينه اليه كلما بعد منه
وتجئ اوقات الحج فى كل عام
فىنشب الهوى الغامض اظافره فى القلب نزوعا الى رؤيه البيت
وعطشا الى بئر زمزم
قال تعالى حين جادل المجادلون فى ابراهيم واسماعيل
{مَا كَانَ ابْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)}
(آل عمران)
عليه الصلاه والسلام
استجاب الله دعاءه
وكان ابراهيم اول من سمانا المسلمين
تابعو معنا الحلقه الثامنه[/postback]

ام بشري 08-21-2015 11:59 PM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
ثامن حلقاتنا
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]
سيدنا اسحاق عليه السلام

هو ابن ابراهيم البكر وولد السيده هاجر
سار ابراهيم بهاجر
بامر من الله
حتى وضعها وابنها فى موضع مكه وتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيده هاجر
تطوف هنا وهناك حتى هداها الله الى ماء زمزم
ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء امر الله لسيدنا ابراهيم
ببناء الكعبه ورفع قواعد البيت
فجعل اسماعيل ياتى بالحجر وابراهيم يبنى حتى اتما البناء ثم جاء امر الله
بذبح اسماعيل حيث راى ابراهيم فى منامه انه يذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال
{يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين}
ففداه الله بذبح عظيم
كان اسماعيل فارسا فهو اول من استانس الخيل وكان صبورا حليما
يقال انه اول من تحدث بالعربيه البينه وكان صادق الوعد
وكان يامر اهله بالصلاه والزكاه
وكان ينادى بعباده الله ووحدانيته
سيرته:
الاختبار الاول:
ذكر الله فى كتابه الكريم
ثلاث مشاهد من حياه اسماعيل عليه السلام
كل مشهد عباره عن محنه واختبار لكل من ابراهيم واسماعيل عليهما السلام
اول هذه المشاهد هو امر الله سبحانه وتعالى لابراهيم بترك اسماعيل وامه فى واد مقفر
لا ماء فيه ولا طعام
فما كان من ابراهيم عليه السلام الا الاستجابه لهذا الامر الربانى
وهذا بخلاف ما ورد فى الاسرائيليات من ان ابراهيم حمل ابنه وزوجته لوادى مكه لان ساره
زوجه ابراهيم الاولى
اضطرته لذلك من شده غيرتها من هاجر
فالمتامل لسيره ابراهيم عليه السلام
سيجد انه لم يكن ليتلقّى اوامره من احد غير الله
انزل زوجته وابنه وتركهما هناك
ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام
وقليلا من الماء
ثم استدار وتركهما وسار
اسرعت خلفه زوجته وهى تقول له:
ياابراهيم اين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذى ليس فيه شئ؟
لم يرد عليها سيدنا ابراهيم وظل يسير
عادت تقول له ما قالته وهو صامت
اخيرا فهمت انه لا يتصرف هكذا من نفسه
ادركت ان الله امره بذلك فسالته:
هل الله امرك بهذا؟
فقال ابراهيم عليه السلام:
نعم
قالت زوجته المؤمنه العظيمه:
لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذى امرك بهذا
وسار ابراهيم حتى اذا اخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين الى السماء وراح يدعو الله:
{رَّبَّنَا انِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى الَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}
(37)
(ابراهيم)
لم يكن بيت الله قد اعيد بناؤه بعد
لم تكن الكعبه قد بنيت
وكانت هناك حكمه عليا فى امر الله سبحانه لابراهيم
فقد كان اسماعيل
الطفل الذى تُرِكَ مع امه فى هذا المكان
ووالده من سيكونان المسئولان بناء الكعبه فىما بعد
وكانت حكمه الله تقضى ان يسكن احد فى هذا الوادى
لميتد اليه العمران
بعد ان ترك ابراهيم زوجته وابنه الرضيع فى الصحراء بايام نفد الماء وانتهى الطعام
وجف لبن الام
واحست هاجر واسماعيل بالعطش
بدا اسماعيل يبكى من العطش
فتركته امه وانطلقت تبحث عن ماء
راحت تمشى مسرعه حتى وصلت الى جبل اسمه
"الصفا"
فصعدت اليه وراحت تبحث به عن بئر او انسان او قافله
لم يكن هناك شئ
ونزلت مسرعه من الصفا حتى اذا وصلت الى الوادى راحت تسعى سعى الانسان المجهد حتى جاوزت الوادى ووصلت الى جبل
(المروه)
فصعدت اليه ونظرت لترى احدا لكنها لم تر احدا
وعادت الام الى طفلها فوجدته يبكى وقد اشتد عطشه
واسرعت الى الصفا فوقفت عليه
وهرولت الى المروه فنظرت من فوقه
وراحت تذهب وتجئ سبع مرات بين الجبلين الصغيرين
سبع مرات وهى تذهب وتعود
ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروه احياء لذكريات امهم الاولى ونبيهم العظيم اسماعيل
عادت هاجر بعد المره السابعه وهى مجهده متعبه تلهث
وجلست بجوار ابنها الذى كان صوته قد بح من البكاء والعطش
وفى هذه اللحظه اليائسه ادركتها رحمه الله
وضرب اسماعيل بقدمه الارض وهو يبكى فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم
وفار الماء من البئر
انقذت حياتا الطفل والام
راحت الام تغرف بيدها وهي تشكر الله
وشربت وسقت طفلها وبدات الحياه تدب فى المنطقه
صدق ظنها حين قالت:
لن نضيع ما دام الله معنا
وبدات بعض القوافل تستقر فى المنطقه
وجذب الماء الذى انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس
وبدا العمران يبسط اجنحته على المكان
كانت هذه هى المحنه الاولى
اما المحنه الثانيه فهى الذبح
الاختبار الثانى:
كبر اسماعيل
وتعلق به قلب ابراهيم
جاءه العقب على كبر فاحبه
وابتلى الله تعالى ابراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب
فقد راى ابراهيم عليه السلام فى المنام انه يذبح ابنه الوحيد اسماعيل
وابراهيم يعمل ان رؤيا الانبياء وحى
انظر كيف يختبر الله عباده
تامل اى نوع من انواع الاختبار
نحن امام نبى قلبه ارحم قلب فى الارض
اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق
جاءه ابن على كبر
وقد طعن هو فى السن ولا امل هناك فى ان ينجب
ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى فى المنام انه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذى ليس له غيره
اى نوع من الصراع نشب فى نفسه
يخطئ من يظن ان صراعا لم ينشا قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذى يخلو من الصراع
نشب الصراع فى نفس ابراهيم
صراع اثارته عاطفه الابوه الحانيه
لكن ابراهيم لم يسال عن السبب وراء ذبح ابنه
فليس ابراهيم من يسال ربه عن اوامره
فكر ابراهيم فى ولده
ماذا يقول عنه اذا ارقده على الارض ليذبحه
الافضل ان يقول لولده ليكون ذلك اطيب لقلبه واهون عليه من ان ياخذه قهرا ويذبحه قهرا
هذا افضل
انتهى الامر وذهب الى ولده
{قَالَ يَا بُنَى انِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}
انظر الى تلطفه فى ابلاغ ولده
وترك الامر لينظر فىه الابن بالطاعه
ان الامر مقضى فى نظر ابراهيم لانه وحى من ربه
فماذا يرى الابن الكريم فى ذلك؟
اجاب اسماعيل:
هذا امر يا ابى فبادر بتنفىذه
{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى ان شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}
تامل رد الابن
انسان يعرف انه سيذبح فيمتثل للامر الالهى ويقدم المشيئه ويطمئن والده انه سيجده
{ان شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}
هو الصبر على اى حال وعلى كل حال
وربما استعذب الابن ان يموت ذبحا بامر من الله
ها هو ذا ابراهيم يكتشف ان ابنه ينافسه فى حب الله
لا نعرف اى مشاعر جاشت فى نفس ابراهيم بعد استسلام ابنه الصابر
ينقلنا الحق نقله خاطفه فاذا اسماعيل راقد على الارض
وجهه فى الارض رحمه به كيلا يرى نفسه وهو يذبح
واذا ابراهيم يرفع يده بالسكين
واذا امر الله مطاع
{فَلَمَّا أَسْلَمَا}
استخدم القرآن هذا التعبير
{فَلَمَّا أَسْلَمَا}
هذا هو الاسلام الحقيقى
تعطى كل شئ فلا يتبقى منك شئ
عندئذ فقط
وفى اللحظه التى كان السكين فيها يتهيا لامضاء امره
نادى الله ابراهيم
انتهى اختباره
وفدى الله اسماعيل بذبح عظيم
وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد
هم المسلمون
صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين
عيدا يذكرهم بمعنى الاسلام الحقيقى الذى كان عليه ابراهيم واسماعيل
خبر زوجه اسماعيل:
عاش اسماعيل فى شبه الجزيره العربيه ما شاء الله له ان يعيش
روض الخيل واستانسها واستخدمها
وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقه وتعميرها
استقرت بها بعض القوافل
وسكنتها القبائل
وكبر اسماعيل وتزوج
وزاره ابراهيم فلم يجده فى بيته ووجد امراته
سالها عن عيشهم وحالهم
فشكت اليه من الضيق والشده
قال لها ابراهيم:
اذا جاء زوجك مريه ان يغير عتبه بابه
فلما جاء اسماعيل
ووصفت له زوجته الرجل
قال:
هذا ابى وهو يامرنى بفراقك
الحقى باهلك
وتزوج اسماعيل امراه ثانيه
زارها ابراهيم
يسالها عن حالها
فحدثته انهم فى نعمه وخير
وطاب صدر ابراهيم بهذه الزوجه لابنه
الاختبار الثالث:
وها نحن الآن امام الاختبار الثالث
اختبار لا يمس ابراهيم واسماعيل فقط بل يمس ملايين البشر من بعدهم الى يوم القيامه
انها مهمه اوكلها الله تعالى لهذين النبيين الكريمين
مهمه بناء بيت الله تعالى فى الارض
كبر اسماعيل
وبلغ اشده
وجاءه ابراهيم وقال له:
يا اسماعيل
ان الله امرنى بامر
قال اسماعيل:
فاصنع ما امرك به ربك
قال ابراهيم:
وتعيننى؟
قال:
واعينك
فقال ابراهيم:
فان الله امرنى ان ابنى هنا بيتا
اشار بيده لصحن منخفض هناك
صدر الامر ببناء بيت الله الحرام
هو اول بيت وضع للناس فى الارض
وهو اول بيت عبد فىه الانسان ربه
ولما كان آدم هو اول انسان هبط الى الارض
فاليه يرجع فضل بنائه اول مره
قال العلماء:
ان آدم بناه وراح يطوف حوله مثلما يطوف الملائكه حول عرش الله تعالى
بنى آدم خيمه يعبد فىها الله
شئ طبيعى ان يبنى آدم
بوصفه نبيا
بيتا لعباده ربه
وحفت الرحمه بهذا المكان
ثم مات آدم ومرت القرون
وطال عليه العهد فضاع اثر البيت وخفى مكانه
وها هو ذا ابراهيم يتلقى الامر ببنائه مره ثانيه
ليظل فى المره الثانيه قائما الى يوم القيامه ان شاء الله
وبدا بناء الكعبه
هدمت الكعبه فى التاريخ اكثر من مره
وكان بناؤها يعاد فى كل مره
فهى باقيه منذ عهد ابراهيم الى اليوم
وحين بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم
تحقيقا لدعوه ابراهيم
وجد الرسول الكعبه حيث بنيت اخر مره
وقد قصر الجهد بمن بناها فلم يحفر اساسها كما حفره ابراهيم
نفهم من هذا ان ابراهيم واسماعيل بذلا فيها وحدهما جهدا استحالت
بعد ذلك
محاكاته على عدد كبير من الرجال
ولقد صرح الرسول بانه يحب هدمها واعادتها الى اساس ابراهيم
لولا قرب عهد القوم بالجاهليه
وخشيته ان يفتن الناس هدمها وبناؤها من جديد
بناؤها بحيث تصل الى قواعد ابراهيم واسماعيل
اى جهد شاق بذله النبيان الكريمان وحدهما؟
كان عليهما حفر الاساس لعمق غائر فى الارض
وكان عليهما قطع الحجاره من الجبال البعيده والقريبه
ونقلها بعد ذلك
وتسويتها
وبناؤها وتعليتها
وكان الامر يستوجب جهد جيل من الرجال
ولكنهما بنياها معا
لا نعرف كم هو الوقت الذى استغرقه بناء الكعبه
كما نجهل الوقت الذى استغرقه بناء سفىنه نوح
المهم ان سفىنه نوح والكعبه كانتا معا ملاذا للناس ومثوبه وامنا
والكعبه هى سفينه نوح الثابته على الارض ابدا
وهى تنتظر الراغبين فى النجاه من هول الطوفان دائما
لم يحدثنا الله عن زمن بناء الكعبه
حدثنا عن امر اخطر واجدى
حدثنا عن تجرد نفسيه من كان يبنيها
ودعائه وهو يبنيها:
{وَاذْ يَرْفَعُ ابْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَاسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا انَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا امَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا انَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
(128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ انَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
(129)}
(البقره)
ان اعظم مسلمين على وجه الارض يومها يدعوان الله ان يتقبل عملهما
وان يجعلهما مسلمين له
يعرفان ان القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن
وتبلغ الرحمه بهما ان يسالا الله ان يخرج من ذريتهما امه مسلمه له سبحانه
يريدان ان يزيد عدد العابدين الموجودين والطائفىن والركع السجود
ان دعوه ابراهيم واسماعيل تكشف عن اهتمامات القلب المؤمن
انه يبنى لله بيته
ومع هذا يشغله امر العقيده
ذلك ايحاء بان البيت رمز العقيده
ثم يدعوان الله ان يريهم اسلوب العباده الذى يرضاه
وان يتوب عليهم فهو التواب الرحيم
بعدها يتجاوز اهتمامها هذا الزمن الذى يعيشان فيه
يجاوزانه ويدعوان الله ان يبث رسولا لهؤلاء البشر
وتحققت هذه الدعوه الاخيره
حين بعث محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وسلم
تحققت بعد ازمنه وازمنه
انتهى بناء البيت
واراد ابراهيم حجرا مميزا
يكون علامه خاصه يبدا منها الطواف حول الكعبه
امر ابراهيم اسماعيل ان ياتيه بحجر مميز يختلف عن لون حجاره الكعبه
سار اسماعيل ملبيا امر والده
حين عاد
كان ابراهيم قد وضع الحجر الاسود فى مكانه
فساله اسماعيل:
من الذى احضره اليك يا ابت؟
فاجاب ابراهيم:
احضره جبريل عليه السلام
انتهى بناء الكعبه
وبدا طواف الموحدين والمسلمين حولها
ووقف ابراهيم يدعو ربه نفس دعائه من قبل
ان يجعل أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى الى المكان
انظر الى التعبير
ان الهوى يصور انحدارا لا يقاوم نحو شئ
وقمه ذلك هوى الكعبه من هذه الدعوه ولد الهوى العميق فى نفوس المسلمين
رغبه فى زياره البيت الحرام
وصار كل من يزور المسجد الحرام ويعود الى بلده
يحس انه يزداد عطشا كلما ازداد ريا منه
ويعمق حنينه اليه كلما بعد منه
وتجئ اوقات الحج فى كل عام
فىنشب الهوى الغامض اظافره فى القلب نزوعا الى رؤيه البيت
وعطشا الى بئر زمزم
قال تعالى حين جادل المجادلون فى ابراهيم واسماعيل
{مَا كَانَ ابْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)}
(آل عمران)
عليه الصلاه والسلام
استجاب الله دعاءه
وكان ابراهيم اول من سمانا المسلمين

تابعو معنا الحلقه التاسعه[/postback]

ام بشري 08-22-2015 12:09 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
تاسع حلقاتنا[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]

سيدنا يعقوب عليه السلام

روى البخارى فى (صحيحه)
عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم
قال:
(الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام)
فقد وصف صلى الله عليه وسلم النبى يعقوب بانه
(الكريم)
وادرجه فى سلسله ابائه الانبياء الكرام ابراهيم واسحاق عليهما السلام
وحديث القران الكريم عن النبى يعقوب عليه السلام جاء مقتضباً
وغايه ما ذكره بخصوص هذا النبى الكريم الايات التاليه:
قوله سبحانه:
{ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بنى ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وانتم مسلمون}
(البقره:132)

وقوله تعالى:
{ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا
نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون
}
(البقره:133)
وقوله عز وجل:
{واذكر عبادنا ابراهيم واسحاق ويعقوب اولى الايدى والابصار}
(ص:45)
وذكر القران الكريم يعقوب عليه السلام فى معرض الحديث عن قصه ابنه يوسف
وسوف نقف عليها بالتفصيل فى مقال اخر
وقد اطلق القران الكريم على يعقوب عليه السلام اسم اسرائيل، وجاء ذلك فى موضعين:
احدهما:
قوله تبارك وتعالى:
{كل الطعام كان حلا لبنى اسرائيل الا ما حرم اسرائيل على نفسه من قبل ان تنزل التوراه}
(ال عمران:93)
الثانى:
قوله عز وجل:
{اولئك الذين انعم الله عليهم من النبيين من ذريه ادم وممن حملنا مع نوح ومن ذريه ابراهيم واسرائيل وممن هدينا واجتبينا}
(مريم:58)
ولفظ اسرائيل معناه:
صفوه الله او عبد الله
وقد حفل القران الكريم بالعديد من الايات التى تخاطب ذريه اسرائيل عليه السلام
حيث ورد هذا الخطاب فى نحو اربعين موضعاً فى القران الكريم
نحو قوله تعالى:
{يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التى انعمت عليكم واوفوا بعهدى اوف بعهدكم واياى فارهبون}
(البقره:40)
والايات التى ذكرها القران الكريم عن النبى يعقوب عليه السلام
كلها تدل على انه كان على مله ابيه ابراهيم عليه السلام
وقد اوصى بنيه من بعده باتباع مله ابيه ابراهيم حنيفاً
وعدم الحيد عنها
لانها هي مله الاسلام لله وحده
كما اخبرنا القران الكريم ان يعقوب عليه السلام كان من اهل العمل الصالح
والعلم النافع
والقوه فى العباده
والبصيره النافذه
وقد ذكر ابن كثير فى
(البدايه والنهايه)
قصه يعقوب مفصله
وحاصل ما جاء فيها:
ان اسحاق عليه السلام لما تزوج رُزق بولدين
احدهما:
سماه
عيصو
والثانى:
خرج وهو اخذ بعقب اخيه
فسموه
يعقوب
وهو اسرائيل
الذى ينتسب اليه بنو اسرائيل
ثم ان يعقوب لما كبر قَدِمَ على خاله لابان فى ارض حران
وكانت له ابنتان:
اسم الكبرى ليا
واسم الصغرى راحيل
وكانت احسنهما
واجملهما
فطلب يعقوب الزواج بالصغرى من خاله
فاجابه الى ذلك بشرط ان يرعى على غنمه سبع سنين
فلما مضت المده على خاله لابان صنع طعاماً
وجمع الناس عليه
وزف اليه ليلاً ابنته الكبرى ليا
فلما اصبح يعقوب اذا هى ليا
فقال لخاله:
لم غدرت بى؟
وانت انما خطبت اليك راحيل
فقال:
انه ليس من سنتنا ان نزوج الصغرى قبل الكبرى
فان احببت اختها فاعمل سبع سنين اخرى وازوجكها
فعمل سبع سنين
وادخلها عليه مع اختها
وكان ذلك سائغاً فى ملتهم
ثم نُسخ فى شريعه التوراه
ثم ان راحيل دعت الله تعالى وسالته ان يهب لها غلاماً من يعقوب
فسمع الله ندائها
واجاب دعائها
فحملت من نبى الله يعقوب
فولدت له غلاماً عظيماً شريفاً حسناً جميلاً
سمته يوسف
كل هذا وهم مقيمون بارض حران
وهو يرعى على خاله غنمه بعد دخوله على البنتين ست سنين اخرى
فصار مده مقامه عشرين سنه
فطلب يعقوب من خاله لابان ان يسرحه ليمر الى اهله
فقال له خاله:
انى قد بورك لى بسببك
فسلنى من مالى ما شئت
واوحى الله تعالى الى يعقوب عليه السلام ان يرجع الى بلاد ابيه وقومه
ووعده بان يكون معه
فعرض ذلك على اهله
فاجابوه مبادرين الى طاعته
فحمل اهله وماله
وقفل قاصداً بلاده
ثم مر يعقوب على اورشليم قريه شخيم
فنزل قبل القريه
واشترى مزرعه شخيم بن جمور بمائه نعجه
فضرب هنالك فسطاطه
وابتنى ثَمَّ مذبحاً
فسماه ايل اله اسرائيل
وامر الله ببنائه ليستعلن له فيه
وهو بيت المقدس اليوم الذى جدده بعد ذلك سليمان بن داود عليهما السلام
وذكر اصحاب السير ان اولاد يعقوب عليه السلام الذكور كانوا اثنى عشر رجلاً
فمن (ليا):
روبيل
وشمعون
ولاوى
ويهوذا
وايساخر
وزايلون
ومن

(راحيل):
يوسف
وبنيامين

وجاء يعقوب الى ابيه اسحاق فاقام عنده بقريه
(حبرون)
التى فى ارض كنعان حيث كان يسكن ابراهيم عليه السلام
ثم مرض اسحاق ومات عن مائه وثمانين سنه
ودفنه ابناه العيص ويعقوب مع ابيه ابراهيم الخليل
وقد قص علينا القران الكريم ان يعقوب واولاده استدعاهم يوسف عليه السلام للحضور الى مصر
فتركوا فلسطين
ولبوا دعوته
وحضروا الى مصر
قال تعالى:
{فلما دخلوا على يوسف اوى اليه ابويه وقال ادخلوا مصر
ان شاء الله امنين ورفع ابويه على العرش وخروا له سجدا
وقال يا ابت هذا تاويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا
وقد احسن بى اذ اخرجنى من السجن وجاء بكم من البدو من بعد ان نزغ الشيطان
بينى وبين اخوتى ان ربى لطيف لما يشاء
انه هو العليم الحكيم
}
(يوسف:99-100)
وذكر اهل السير ان يعقوب عندما دخل مصر كان عمره مائه وثلاثين سنه
واقام بمصر سبع عشره سنه
ثم لحق بربه
وسنُّه مائه وسبعه واربعون عاماً
فاستاذن يوسف عليه السلام ملك مصر فى الخروج مع ابيه يعقوب ليدفنه عند اهله بفلسطين
فاذن له
وتم دفن يعقوب عليه السلام ببلده
(حبرون)
المسماه بالخليل اليوم
بجوار جده ابراهيم وابيه اسحاق عليهما السلام
وثمه تفاصيل اخر عن قصه يعقوب عليه السلام
تُعرف عند الحديث عن قصه يوسف عليه السلام


[/postback]تابعو معنا الحلقه العاشره

ام بشري 08-22-2015 12:11 AM

رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
 
عاشر حلقاتنا[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]


سيدنا لوط عليه السلام

ارسله الله ليهدى قومه ويدعوهم الى عباده الله
وكانوا قوما ظالمين ياتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا ياتون الرجال شهوه
من دون النساء فلما دعاهم لوط لترك المنكرات ارادوا ان يخرجوه
هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض من ال بيته
اما امراته فلم تؤمن ولما يئس لوط دعا الله ان ينجيهم ويهلك المفسدين
فجاءت له الملائكه واخرجوا لوط ومن امن به واهلكوا الاخرين بحجاره مسومه.
حال قوم لوط:
دعى لوط قومه الى عباده الله وحده لا شريك له
ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش
واصطدمت دعوته بقلوب قاسيه واهواء مريضه ورفض متكبر
وحكموا على لوط واهله بالطرد من القريه
فقد كان القوم الذين بعث اليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعه
كانوا يقطعون الطريق
ويخونون الرفىق، ويتواصون بالاثم
ولا يتناهون عن منكر
وقد زادوا فى سجل جرائمهم جريمه لم يسبقهم بها احد من العالمين
كانوا ياتون الرجال شهوه من دون النساء
لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.
فصار الرجال اهدافا مرغوبه بدلا من النساء، وصار النقاء والطهر جريمه تستوجب الطرد
كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه
ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.
كانوا يرتكبون جريمتهم علانيه فى ناديهم
وكانوا اذا دخل المدينه غريب او مسافر او ضيف لم ينقذه من ايديهم احد
وكانوا يقولون للوط: استضف انت النساء ودع لنا الرجال
واستطارت شهرتهم الوبيله
وجاهدهم لوط جهادا عظيما
واقام عليهم حجته
ومرت الايام والشهور والسنوات
وهو ماض فى دعوته بغير ان يؤمن له احد
لم يؤمن به غير اهل بيته
حتى اهل بيته لم يؤمنوا به جميعا
كانت زوجته كافره
وزاد الامر بان قام الكفره بالاستهزاء برساله لوط عليه السلام
فكانوا يقولون:
{ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
فىئس لوط منهم
ودعا الله ان ينصره ويهلك المفسدين
ذهاب الملائكه لقوم لوط:
خرج الملائكه من عند ابراهيم قاصدين قريه لوط
بلغوا اسوار سدوم
وابنه لوط واقفه تملا وعاءها من مياه النهر
رفعت وجهها فشاهدتهم
فسالها احد الملائكه:
ياجاريه
هل من منزل؟
قالت
[وهى تذكر قومها]:
مكانكم لا تدخلوا حتى اخبر ابى واتيكم
اسرعت نحو ابيها فاخبرته
فهرع لوط يجرى نحو الغرباء
فلم يكد يراهم حتى
{سِئ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}
سالهم:
من اين جاءوا؟
وما هى وجهتهم؟
فصمتوا عن اجابته
وسالوه ان يضيفهم
استحى منهم وسار امامهم قليلا ثم توقف والتفت اليهم يقول:
لا اعلم على وجه الارض اخبث من اهل هذا البلد
قال كلمته ليصرفهم عن المبيت فى القريه
غير انهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه
وعاد يسير معهم ويلوى عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضى به الى اهل القريه
حدثهم انهم خبثاء انهم يخزون ضيوفهم
حدثهم انهم يفسدون فى الارض
وكان الصراع يجرى داخله محاولا التوفىق بين امرين
صرف ضيوفه عن المبيت فى القريه دون احراجهم
وبغير اخلال بكرم الضيافه
عبثا حاول افهامهم والتلميح لهم ان يستمروا فى رحلتهم
دون نزول بهذه القريه
سقط الليل على المدينه
صحب لوط ضيوفه الى بيته
لم يرهم من اهل المدينه احد
لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجه بغير ان تشعره
اسرعت الى قومها واخبرتهم الخبر
وانتشر الخبر مثل النار فى الهشيم
وجاء قوم لوط له مسرعين
تساءل لوط بينه وبين نفسه:
من الذى اخبرهم؟
وقف القوم على باب البيت
خرج اليهم لوط متعلقا بامل اخير
وبدا بوعظهم:
{هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}
قال لهم:
امامكم النساء
زوجاتكم
هن اطهر
فهن يلبين الفطره السويه
كما ان الخالق
جلّ فى علاه
قد هيّئهن لهذا الامر
{فَاتَّقُواْ اللّهَ}
يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد ان لمسها من جانب الفطره
اتقوا الله وتذكروا ان الله يسمع ويرى
ويغضب ويعاقب واجدر بالعقلاء اتقاء غضبه
{وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِى}
هى محاوله يائسه لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم
وينبغى عليهم اكرام الضيف لا فضحه
{الَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ}
اليس فىكم رجل عاقل؟
ان ما تريدونه
لو تحقق
هو عين الجنون
الا ان كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطره المنحرفه المريضه
ولا القلب الجامد الميت
ولا العقل المريض الاحمق
ظلت الفوره الشاذه على اندفاعها
احس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم
نازح اليهم من بعيد بغير عشيره تحميه
ولا اولاد ذكور يدافعون عنه
دخل لوط غاضبا واغلق باب بيته
كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين
فدهش لوط من هدوئهم
وازدادت ضربات القوم على الباب
وصرخ لوط فى لحظه ياس خانق:
{قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ اوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}
تمنى ان تكون له قوه تصدهم عن ضيفه
وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فىه وياوى اليه
غاب عن لوط فى شدته وكربته انه ياوى الى ركن شديد
ركن الله الذى لا يتخلى عن انبيائه واوليائه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يقرا هذه الايه:
"رحمه الله على لوط
كان ياوى الى ركن شديد
"
هلاك قوم لوط:
عندما بلغ الضيق ذروته
وقال النبى كلمته
تحرك ضيوفه ونهضوا فجاه
افهموه انه ياوى الى ركن شديد
فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف
نحن ملائكه
ولن يصل اليك هؤلاء القوم
ثم نهض جبريل
عليه السلام
واشار بيده اشاره سريعه
ففقد القوم ابصارهم
التفتت الملائكه الى لوط واصدروا اليه امرهم ان يصحب اهله اثناء الليل ويخرج
سيسمعون اصواتا مروعه تزلزل الجبال
لا يلتفت منهم احد
كى لا يصيبه ما يصيب القوم
اى عذاب هذا؟
هو عذاب من نوع غريب
يكفى لوقوعه بالمرء مجرد النظر اليه
افهموه ان امراته كانت من الغابرين
امراته كافره مثلهم وستلتفت خلفها فىصيبها ما اصابهم
سال لوط الملائكه:
اينزل الله العذاب بهم الان
انبئوه ان موعدهم مع العذاب هو الصبح
{أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}
خرج لوط مع بناته وزوجته
ساروا فى الليل وغذوا السير
واقترب الصبح
كان لوط قد ابتعد مع اهله
ثم جاء امر الله تعالى
قال العلماء:
اقتلع جبريل
عليه السلام
بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد
رفعها جميعا الى عنان السماء حتى سمعت الملائكه اصوات ديكتهم ونباح كلابهم
قلب المدن السبع وهوى بها فى الارض
اثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجاره من الجحيم
حجاره صلبه قويه يتبع بعضها بعضا
ومعلمه باسمائهم
ومقدره عليهم
استمر الجحيم يمطرهم
وانتهى قوم لوط تماما
لم يعد هناك احد
نكست المدن على رؤوسها
وغارت فى الارض
حتى انفجر الماء من الارض
هلك قوم لوط ومحيت مدنهم
كان لوط يسمع اصوات مروعه
وكان يحاذر ان يلتفت خلفه
نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت
تهرا جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح
قال العلماء:
ان مكان المدن السبع
بحيره غريبه
ماؤها اجاج
وكثافه الماء اعظم من كثافه مياه البحر الملحه
وفى هذه البحيره صخور معدنيه ذائبه
توحى بان هذه الحجاره التى ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعله
يقال ان البحيره الحاليه التى نعرفها باسم
"البحر الميت"
فى فلسطين
هى مدن قوم لوط السابقه
انطوت صفحه قوم لوط
انمحت مدنهم واسمائهم من الارض
سقطوا من ذاكره الحياه والاحياء
وطويت صفحه من صفحات الفساد
وتوجه لوط الى ابراهيم
زار ابراهيم وقص عليه نبا قومه
وادهشه ان ابراهيم كان يعلم
ومضى لوط فى دعوته الى الله
مثلما مضى الحليم الاواه المنيب ابراهيم فى دعوته الى الله
مضى الاثنان ينشران الاسلام فى الارض
تابعو معنا الحلقه الحاديه عشر
[/postback]


الساعة الآن 06:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1 TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
يرحل الجميع ويبقي شعاع بيت العلم والحب(ملك الكلمة)