شعاع العلوم الشرعية مقالات- ارشاد- توجيه- خواطر تهدف للدعوة الى الله- حملات دعوية و ثقافة إسلامية.... |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
| ||||||||||||||
| ||||||||||||||
الدرة في سنن الفطرة الدرة في سنن الفطرة جمع الفقير إلى الله تعالى عبد الله بن جار الله الجار الله أما بعد: فقد قال الله تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" [الروم: 30] فأمر تعالى بالاستقامة على الدين القيم وهو دين الإسلام (حَنِيفًا) أي مقبلا على الله معرضا عما سواه وهذه الاستقامة على هذا الدين (فِطْرَةَ اللهِ) أي دين الله الذي خلق الخلق من أجله وجعلهم مفطورين على محبته ولهذا قال: "لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" أي المستقيم الموصل إلى جنات النعيم لمن استقام عليه وعمل بما فيه "وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" ما أعد لمن استقام على هذه الفطرة فعمل بها من النعيم المقيم في جنات النعيم ولا يعلمون ما أعد لمن انحرف عنها من العذاب والنكال فهم في غيهم يعمهون وقال النبي «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» رواه البخاري ومسلم فكل مولود في الوجود لو ترك وشأنه لصار مسلما ولكنه يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها ويدين بدين والديه وقال النبي «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية والسواك، واستنشاق الماء وقص الأظافر وغسل البراجم (عقد الأصابع) ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء (الاستنجاء)» قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة ([1]) قلت، ولعلها الختان كما في الحديث المتفق عليه «خمس من الفطرة..» وبدأ به قال ابن حجر في فتح الباري (10/ 337) والفطرة السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع. وقال ابن القيم رحمه الله: الفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب وهي معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية وهي هذه الخصال، فالأولى تزكي الروح وتطهر القلب، والثانية تطهر البدن وكل منهما تمد الأخرى وتقويها([2]). قلت: ونظرًا لانحراف كثير من الناس عن هذه الفطرة -هداهم الله- وأخذ بنواصيهم إلى الحق حيث قلدوا أمم الشرق والغرب فحلقوا لحاهم وأطالوا شواربهم وأسبلوا ثيابهم وأطالوا أظافرهم وأعرضوا عن سنة نبيهم لذا جمعت هذه الرسالة في مشروعية المحافظة على خصال الفطرة والالتزام بها طاعة لله ورسوله وهي مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله وكلام المحققين من أهل العلم أسأل الله تعالى أن ينفع بها وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ([1]) رواه مسلم في صحيحه. ([2]) تحفة الودود بأحكام المولود 99-100. |
01-23-2014 | #2 |
| 1- ثلاثة فوائد من حديث الفطرة وفي لفظ: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك، وفي لفظ: «أصبت أصاب الله بك أمتك على الفطرة» ([1]). وهذا الحديث مدار موضوعنا هذا، فقد بين فيه النبي ثلاث فوائد: الأولى: أن الإنسان مفطور على أشياء كثيرة، ركب عليها، وهي ما يسمى بـ الفطرة، فالفطرة هي ما جبل عليه الإنسان في أصل الخلقة من الأشياء الظاهرة والباطنة تلك الأشياء التي هي من مقتضى الإنسانية والتي يكون الخروج عنها أو الإخلال بها ، خروجا عن الإنسانية أو إخلالا بها. وهذا المعنى يفهم من كلام كثير من الأئمة كابن القيم، وابن حجر، وابن دقيق العيد، والسيوطي، وغيرهم من المحدثين، والمفسرين. يقول ابن القيم رحمه الله: «والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب، وهي معرفة، الله ومحبته، وإيثاره على ما سواه وفطرة عملية، وهي هذه الخصال (يعني المذكورة في حديث الفطرة خمس..) فالأولى تزكي الروح، وتطهر القلب، والثانية تطهر البدن...». الثانية: أن الرسالات السماوية جاءت موافقة للفطرة مؤيدة لها، منطلقة منها، ولذلك كان الإسلام دين الفطرة قال تعالى: " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" [الروم: 30]. ويعبر عن ذلك في الحديث شربه للبن، فهو عبارة عن الإشباع الصحيح، والمنهج المنسجم مع الفطرة ، وفي اللبن من الغذاء والصحة واللذة، والغناء، عن غيره ما فيه حتى قال فيه في حديث ابن عباس: «إنه ليس شيء يجزي مكان الطعام أو الشراب غير اللبن» ([2]). الثالثة: أن ثمة وسائل أخرى يمكن أن يسلكها الإنسان وهي معارضة للفطرة مخالفة لها، ويمثلها الخمر في الحديث فهو رمز عن الإشباع المنحرف وسلوك الطريق المصادمة للفطرة وفي الخمر من الخبث والطيش والرجسية ما فيها فهي تغتال العقول والأموال، والأديان والأبدان. ([1]) صحيح البخاري مع الفتح (6/ 428-476)، (8/ 391)، (10/ 35-69)، مسلم (1/ 1144)، (1، 154، 3/ 159). ([2]) الترمذي (3455) سنن أبي داود (3730) ابن ماجه 3322 وحسنه الحافظ ابن حجر في تخريج الأذكار. |
|
01-23-2014 | #3 |
| 2- الفطرة الإنسانية مفطور على حب الحياة، والتعلق بالبقاء، ولذلك تجد أن الطفل مثلا وهو صبي لا يعقل لو هددته بأن تسقطه من فوق جدار أو تسقطه في بئر، أو ترمي به من سيارة فإنه يرتعد ويبكي خوفا من الموت والفناء. وهذه فطرة لا يحتاج الطفل إلى تعلمها، بل هي مخلوقة معه، وكثيرا ما تتحدث الإحصائيات عن نسبة الانتحار في العالم، لأنه يعتبرون الانتحار تصرفا شاذان يدل على انحراف في تربية هذا المجتمع أو ذاك. فالإنسان مفطور على العبودية بطبيعته ضعيف يحتاج إلى أن يتوجه إلى معبود يسد فقره أيا كان هذا المعبود، سواء كان بحق أو بباطل. مفطور على حب الوطن، وحب الأرض التي نشأ فيها. ومن الفطرة أن كلا الجنسين الذكر والأنثى يميل إلى الآخر بطبيعته. ومن الفطرة أن الإنسان يميل إلى التستر، وألا ينكشف أو يتعرى أمام الناس، ولذلك يصف المتحدثون عن المجتمعات البدائية المتخلفة هذه المجتمعات بأنها مجتمعات عارية، ليس فيها حجاب ولا لباس. والطفل منذ صغره يحس شيئا فشيئًا بالخجل من ظهور سوءته أمام الآخرين. كذلك غريزة حب الملكية -بكسرة الميم- فالإنسان منذ ولادته يبدأ تعلقه بأشيائه التي يعتبرها خاصة، ويعد الاعتداء عليها ظلما له، فهو متعلق بلعبه وحذائه وملابسه، وفراشه، وقد تسول له نفسه السطو على أشياء الآخرين وادعاء ملكيتها. والظلم من شيم النفوس فإن تجد ومن الفطرة أن الإنسان يحب الاختلاط بني جنسه، ومعاشرتهم فهو مدني بالطبع كما يقول ابن خلدون نقلا عن أرسطو وهكذا تجد أن هناك أشياء كثيرة جدا، الإنسان مفطور عليها، صحيح أنها قد تنمو مع نمو عقل الإنسان، ومع تربيته ، ومع معايشته للمجتمع، لكنها موجودة في أصل الخلقة، بحيث لو لم يوجد شيء ينميها، ولا آخر يعارضها لبرزت ونمت كما تنمو الشجرة من بذرتها، ولذلك قال في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة «كل مولود يولد على الفطرة» ([1]) وقال أهل العلم: لو ترك مولود وشأنه وحيدا في غرفة، أو صحراء، وكبر لنطق باسم الله.ذا عفة فلعلة لا يظلم ([1]) رواه البخاري (3/218- 346)، ومسلم (4/2048). |
|
01-23-2014 | #4 |
| 3- موقف الإسلام من الفطرة وكل أمر شرعي يخطر في بالك أن يعارض الفطرة فيجب أن تعلم أنه لا يخلو من أحد احتمالين. فإما أنه أمر شرعي ولا يخالف الفطرة الصحيحة المستقيمة فمخالفته للفطرة وهم. وإما أنه يخالف الفطرة فعلا ولكنه لا يكون أمرا شرعيا، وإن نسبه الناس إلى الدين بغير علم ولا هدى. وألخص الكلام عن موقف الدين من الفطرة فيما يلي: أ- جاء الدين مقرا بالفطرة، غير متنكر لها، فمثلا حب الحياة الذي هو فطرة مركوزة عند الإنسان جاء في القرآن ما يؤكد ذلك يقول الله عز وجل عن اليهود: "وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ" [البقرة: 96]، و«احرص» أفعل تفضيل تدل على اشتراك الناس جميعا في الحرص على الحياة، ولكن اليهود أحرصهم عليها. إذا فحب البقاء، والحرص على الحياة فطرة يؤكد القرآن وجودها في الإنسان. وكذلك غريزة حب المال وحب الزواج وحب الولد، بين الله تعالى وجودها في الناس "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ" [آل عمران: 14]. وهذا السياق مجرده لا يدل على مدح ولا ذم، إنما هو إشارة إلى أنها فطرة فطر عليها الإنسان، وغريزة ركبت فيه، ويأتي بعد ذكر: متى تكون هذه الأشياء محمودة، ومتى تكون مذمومة؟ المهم أنها غريزة وفطرة. ولذلك لما ذكر تعالى المؤمنين ووصفهم بأنهم لفروجهم حافظون عقب عليها بقوله: "إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ" [المعارج: 30] فكأن القضية قضية غريزة جبلية ليست بذاتها محل مدح أو ذم، ولكنها تحمد أو تذم بما يلابسها من القصد والنية، وطريقة الإشباع وآدابه. وفي قضية الزواج والنكاح قد يستقذر الإنسان الجانب الجسدي فيها، خاصة الإنسان الذي فيه سمو إشراق وحياء، ولهذا جاء ذلك التعقيب يدفع هذا الشعور المترفع، ويبين أن كمال الإنسان في الاستجابة لفطرته وفق ما يرضي الله، وهاهم رسل الله وأنبيائه ينكحون ويتزوجون "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً" [الرعد: 38]. وقد روى أهل السير، وهو في سنن ابن ماجه عن حمنة بنت جحش رضي الله عنها، وكانت تحت مصعب بن عمير رضي الله عنه، فقتل أخوها وزوجها في أحد، فقيل لها قتل أخوك، فقالت رحمه الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، قالوا قتل زوجك، قالت واحزناه فقال رسول الله r «إن للزوج من المرأة لشعبة ما هي لشيء» ([1]) والحديث في إسناده عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف ([2]). وهذا المعنى الدال على فطرة الترابط بين الزوجين ثابت في قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" [الروم: 21] "وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا" [الأعراف: 189] وقل مثل ذلك في مسألة حب التستر والتصون، حيث يمتن الله على عباده باللباس الساتر الجميل: "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ" [الأعراف: 26]. وتأمل هذه المعاني نفسها في قوله تعالى: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" [الكهف: 46]. ب- وجاء الدين موافقا لهذه الفطرة في عقائده وأحكامه، ولذلك سمي دين الفطرة فالتوحيد الذي جاء به الأنبياء كلهم، والعبادة التي أمروا بها، توافق فطرة التوجه لله، والتذلل له المغروزة في قلب كل مخلوق وقل مثل ذلك في قضايا التشريع. فمثلا: شرع الإسلام الزواج الذي يلبي فطرة غريزية عند الإنسان وهي إشباع الظمأ العاطفي لدى الجنسين، وليس إشباع الغريزة الجنسية فحسب. وأصل خلق الأنثى هو من الذكر "خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا" [النساء: 1] فالإلف يحن لإلفه، والفرع يحن لأصله، وإذا لم تجد هذه العاطفة وهذه الغريزة الطريق الحلال اتجهت إلى الطريق الحرام، وجاء الدين آذنا بالكسب الحلال الذي يلبي حاجة الإنسان إلى التملك والاستقلال. ج- وجاء الدين منظما للفطرة، ففتح أمامها الأبواب والطرق السليمة التي تلبي حاجتها، وتشبع جوعها، لئلا تنحرف إلى غيرها، ولذلك قال تعالى: "وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" [البقرة: 275] فأمام الفطرة «فطرة حب الملكية» طريقان حلال: يتمثل في البيع بجميع صوره المباحة وهو مفتوح. وحرام: يتمثل في الربا وهو من أخبث ضروب المكاسب المحرمة، ولذلك أيضا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن الفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء»([3]). وقد قال كثير من أهل العلم إن الزواج على القادر المحتاج إلى الزواج واجب، بدلالة هذا الحديث خاصة عند خشية الفتنة، كما في هذا الوقت الذي أصبحت المثيرات فيه لا تكاد تفارق الشاب، حتى في بيته، بل في غرفته الخاصة. وفي مقابل ذلك حرم الإسلام الزنا وعده من الفواحش العظام وهكذا.. لا يغلق الله تعالى في وجه عباده بابا من أبواب الحرام إلا ويفتح بابا من أبواب الحلال، وهو خير منه وأيسر وأنظف وأحمد عاقبة، ولا يعرض عن الطريق النظيف المشروع إلا منحرف الفطرة ممسوخ الباطن. ولذلك جاء في حديث أبي هريرة في قصة الإسراء الطويلة أنه «أتى على قوم بين أيديهم لحم في قدر، نضيج ولحم آخر خبيث فجعلوا يأكلون الخبيث، ويدعون النضيج الطيب، قال يا جبريل من هؤلاء قال: هذا الرجل من أمتك يقوم من عند امرأته حلالا، فيأتي المرأة الخبيثة فيبيت معها حتى يصبح، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا، فتأتي الرجل الخبيث فتبيت عنده حتى تصبح...». والحديث رواه ابن جرير في التفسير، والبيهقي في الدلائل، وابن أبي حاتم، والبزار وغيرهم([4]) وفيه غرابة، ولكن يشهد لصحة المعنى أن عقوبة الزاني المحصن أغلظ من عقوبة البكر ([5]). ([1]) سنن ابن ماجه (1/ 507). ([2]) ميزان الاعتدال (2/ 465) والتاريخ الصغير للبخاري (2/ 159) والمجروحين لابن حبان (2/ 6) ([3]) البخاري (9/ 113)، مسلم (1018/2). ([4]) تفسير الطبري (8/ 6) سورة الإسراء، زوائد البزار (1/ 39) الدلائل للبيهقي (2/ 398). ([5]) رسالة نداء الفطرة لدى الرجل والمرأة للشيخ سلمان العودة ص (5- 13). |
|
01-23-2014 | #5 |
| 4- سنن الفطرة الفطرة هي الخلقة التي خلق الله عباده عليها وجعلهم مفطورين عليها وهي محبة الخير وإيثاره وكراهية الشر ودفعه وفطرهم حنفاء مستعدين لقبول الخير والإخلاص لله والتقرب إليه وجعل تعالى شرائع الفطرة نوعين: أحدهما: يطهر القلب والروح وهو الإيمان بالله وتوابعه من خوفه ورجائه ومحبته والإنابة إليه، قال تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلاتَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" [الروم: 30، 31] فهذه الفطرة تزك النفس وتطهر القلب وتنميه وتذهب عنه الآفات الرذيلة وتحليه بالأخلاق الجميلة وهي كلها ترجع إلى أصول الإيمان وأعمال القلوب. والنوع الثاني: ما يعود إلى تطهير الظاهر ونظافته ودفع الأوساخ والأقذار عنه وهي هذه العشرة وهي من محاسن الدين الإسلامي إذ هي كلها تنظيف للأعضاء وتكميل لها لتتم صحتها ويظهر جمالها، فأما قص الشارب أو حفه حتى تبدوا الشفة فلما في ذلك من النظافة والتحرز مما يخرج من الأنف فإن شعر الشارب إذا تدلى على الشفة باشر به ما يتناوله من مأكول ومشروب مع تشويه الخلقة بوفرته وإن استحسنه من لا يعبأ به وفي الحديث: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا» رواه أحمد والترمذي والنسائي وإسناده جيد وهذا بخلاف اللحية فإن الله جعلها وقارا للرجل وجمالا له واعتبر ذلك بمن يعصي الرسول فيحلقها كيف يبقى وجهه مشوها قد ذهبت محاسنه وخصوصا وقت الكبر فيكون كالمرأة العجوز إذا وصلت إلى هذا السن ذهبت محاسنها ولو كانت في صباها من أجمل النساء وهذا شيء محسوس ولكن العوائد والتقليد الأعمى يوجب استحسان القبيح واستقباح الحسن، هذا وفي حلق اللحية محاذير: 1- تغيير خلق الله. 2- ومخالفة سنة الرسول . 3- والتشبه بالنساء الملعون فاعله. 4- والتشبه بالكفرة والمشركين والمجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم. 5- وتشويه الخلقة وتقبيح الصورة وذهاب الجمال. وأما قص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة، وهي الشعر الذي حول الفرج، وغسل البراجم وهي مطاوي البدن التي تجتمع فيها الأوساخ فلها من التنظيف وإزالة المؤذيات والأوساخ وخفة البدن ونشاطه ما هو معروف. وأما المضمضة والاستنشاق فإنهما مشروعان في طهارة الحدث الأصغر والأكبر بالاتفاق وهما فرضان فيهما تطهير الفم والأنف وتنظيفهما لأن الفم والأنف يتوارد عليهما كثير من الأوساخ والأبخرة ونحوها وهو مضطر إلى إزالة ذلك، وكذلك السواك يطهر الفم ويرضي الرب، ويجلو الأسنان ولهذا يشرع كل وقت ويتأكد عند الوضوء والصلاة والانتباه من النوم وتغير الفم وصفرة الأسنان وقراءة القرآن وأما الاستنجاء وهو إزالة الخارج من السبيلين بالماء أو بالأحجار أو بهما معها وهو أفضل هو لازم وشرط من شروط الطهارة. فعلم أن هذه الأشياء كلها تكمل ظاهر الإنسان وتطهره وتنظفه وتدفع عنه الأشياء الضارة والمستقبحة، والنظافة من الإيمان، والمقصود أن الفطرة شاملة لجميع الشريعة باطنها وظاهرها لأنها تنقي الباطن من الأخلاق الرذيلة وتحليه بالأخلاق الجميلة التي ترجع إلى عقائد الإيمان والتوحيد والإخلاص لله والإنابة إليه وتنقي الظاهر من الأنجاس والأوساخ وأسبابها وتطهره الطهارتين الحسية والمعنوية ولهذا قال «الطهور شطر الإيمان»([1]) وقال تعالى: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" [البقرة: 222] فالشريعة كلها طهارة وزكاء وتكميل وحث على معالي الأمور ونهى عن سفاسها وبالله التوفيق اهـ. من بهجة قلوب الأبرار ببعض تصرف. ما يستفاد من الحديث: 1- فطر الله الخلق على محبة الخير وكراهية الشر. 2- من السنة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق وقص الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة، والاستنجاء. 3- إرشاد الرسول r الأمة إلى ما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم. 4- الحث على النظافة والطهارة من الأحداث والأنجاس والأقذار. 5- كمال الشريعة وأنها جاءت بجلب المنافع ودفع المضار. ([1]) رواه مسلم. |
|
01-23-2014 | #6 |
| الحمد لله الذي فطر الخلق على ما تستحسنه العقول وأيد ذلك بما أنزله على الرسول فطرة الله التي جبل الناس عليها خلقًا وأمرهم بها تعبدًا وشرعًا وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له، عجزت عن إدراك حكمته الألباب، وذلت لعزته وعظمته جميع الصعاب وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بالحنيفية ملة إبراهيم الذي اجتباه ربه وهداه إلى صراط مستقيم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم القويم وسلم تسليمًا. أما بعد: أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى، وأقيموا وجوهكم للدين حنفاء متمسكين بالفطرة التي فطر الناس عليها وهي طهارة الباطن والظاهر فأما طهارة الباطن فهي تطهير القلب من الإشراك وإخلاص العبادة لله وحده والقيام بالأعمال الصالحات وأما طهارة الظاهر فمنها ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: «عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء يعني الاستنجاء» قال الراوي ونسيت العاشرة «إلا أن تكون المضمضة» ([2]). وفي حديث أبي هريرة ([3]) رضي الله عنه أن الختان من الفطرة فهذه الأشياء العشرة كلها طهارة وتنظيف تقضي بها الفطرة، وتستحسنها العقول كما أن الشرع قد جاء بها وحث عليها فمنها قص الشارب وإحفاؤه فإن بقاءه يجمع الأوساخ التي تمر به من الأنف فإذا شرب الإنسان تلوث شرابه بها، فجاء الشرع والفطرة بإحفائه، وأما إعفاء اللحية وهو عدم التعرض لها بقص أو حلق أو نتف فلأن الله خلقها تمييزًا بين الذكور والإناث وإظهارًا للرجولة والقوة ولذلك لا تظهر إلا عند الحاجة إليها، في وقت قوة الإنسان وجلده. وتكليفه بمهمات الأمور أما في حال صغره فلا تظهر لأنه حينئذ لا يتحمل الأعباء فجاء الشرع والقدر والفطرة بوجودها وإبقائها وقد أمر النبي بإعفائها وإرخائها وتوفيرها، وقال: «خالفوا المشركين أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب»([4]) وكان وأصحابه قد هدوا إلى الفطرة، فكانوا يوفرون لحاهم([5]) وخير الهدي هدي محمد وأصحابه فإنهم على النور المبين والصراط المستقيم، فحلق اللحية حرام لأنه خروج عن الفطرة، ومخالفة للرسل، وأتباعهم وموافقة للمشركين وتغيير لخلق الله تعالى بلا إذن منه وليس إبقاء اللحية من الأمور العادية كما يظنه بعض الناس، وإنما هو من الأمور التعبدية التي أمر بها رسول الله والأصل في أوامر النبي التعبد والوجوب حتى يقوم دليل على خلاف ذلك قال الله تعالى: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [النور: 63] والفتنة فتنة الدين قد يرد المرء أمر النبي r فيزيغ قلبه فيهلك، والنبي r أمر بإعفاء اللحية وأمر بمخالفة المشركين فإذا فرض أن من المشركين الآن من يعفي لحيته فإننا لن نترك أمر النبي بإعفائها من أجل أن بعض المشركين يعفيها لأن المشرك الذي يعفيها هو المتشبه بنا ولسنا نحن المتشبهين به، ومن الفطرة السواك لأن فيه تنظيفا للأسنان، وما يتسوك عليه من الفم، ويتأكد السواك عند المضمضة، في الوضوء وعند الصلاة وعند القيام من النوم وإذا دخل الإنسان بيته لأن النبي إذا دخل البيت فأول ما يبدأ به السواك([6]) «ومن الفطرة استنشاق الماء» لأنه ينظف الأنف من الأوساخ «وقص الأظفار من الفطرة» لأن الأظفار إذا طالت اجتمع فيها من الأوساخ ما يكون ضررًا على الإنسان وغسل البراجم من الفطرة، والبراجم: هي الفروض التي بين مفاصل الأصابع لأنها قد تجمع أوساخًا فمن الفطرة تعاهدها وغسلها ومن الفطرة نتف الآباط، لأن الشعر فيها يجمع أوساخًا تحدث منه رائحة كريهة، والنتف يزيل الشعر، ويضعف أصولها فمن لم ينتف الإبط فليحلقه أو يجعل فيه شيئًا يزيله. وحلق العانة من الفطرة: وهي الشعر النابت حول القبل لأن في ذلك تقوية للمثانة ولأن بقاء الشعر يجمع أوساخًا قد يكون فيه ضرر على المثانة التي هي مجمع البول وقد وقت النبي r في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة ([7]) . وأما الاستنجاء فإنه من الفطرة: لأنه تطهير للمحل الذي يخرج منه البول أو الغائط وأما الختان وهو ما يسمى بالطهار فهو من الفطرة لأنه يكمل الطهارة وفعله في زمن الصغر أفضل، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلاتَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" [الروم: 30-32]. ([1])خطب الشيخ محمد الصالح العثيمين 124. ([2]) رواه مسلم. ([3]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما. ([4]) متفق عليه. ([5]) روى مسلم عن جابر قال: كان رسول الله r كثير شعر اللحية. ([6]) رواه مسلم وغيره. ([7]) رواه مسلم. |
|
01-23-2014 | #7 |
| المراجع 2- تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم رحمه الله. 3- خلاصة الكلام بشرح عمدة الأحكام للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك رحمه الله. 4- أدلة تحريم حلق اللحية للشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل رحمه الله. 5- خطب الشيخ محمد الصالح العثيمين وفقه الله. 6- الكواكب النيرات في المنجيات والمهلكات للمؤلف رحمه الله. 7- رسالة نداء الفطرة لدى الرجل والمرأة للشيخ سليمان بن فهد العودة وفقه الله. 8- موطأ الإمام مالك بن أنس رحمه الله. 9- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر رحمه الله. 10- صحيح مسلم بشرح النووي رحمهما الله. 11- المجموع شرح المهذب للإمام النووي رحمه الله. 12- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني رحمه الله. |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
انا بالشعر أحيا كي اغني- يارفيق الدرب | هوازن الشريف | شعاع الأدب العربي | 10 | 06-04-2014 10:32 AM |
اميرة شعاع iاحياك الله وبياك غاليه | ادارة الموقع | شعاع الترحيب والضيافة | 3 | 11-14-2013 03:36 PM |
هيا بنا يا رفيقة الدرب نخرج الدنيا من قلوبنا | امي فضيلة | شعاع العلوم الشرعية | 6 | 06-04-2013 10:17 AM |