شعاع العلوم الشرعية مقالات- ارشاد- توجيه- خواطر تهدف للدعوة الى الله- حملات دعوية و ثقافة إسلامية.... |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||||
| ||||||||||||
من فقه أسماء الله الحسنى الستِّير بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباح الورد نكمل اخواتي دورتنا في فقه الأسماء الحسنى :- الستِّير روى ابن أبي حاتم في (( تفسيره )) ، والبيهقي في (( السنن الكبرى )) عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رجلين سألا عن الاستئذان في الثلاث عورات التي أمر الله بها في القرآن ، فقال ابن عباس : (( إنّ الله ستير يحبُّ الستر ، كان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حِجال في بيوتهم ، فربما فجأ الرجلَ خادمُه أو ولده أو يتيمُه في حَجْره وهو على أهله ، فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العوراتِ التي سَمَّى الله ، ثم جاء الله بعدُ بالسُّتور ، فبَسطَ الله عليهم الرِّزق فاتخذوا السُّتورَ واتخذوا الحجال ، فرأى الناسُ أنَّ ذلك قد كفاهم مِنَ الاستئذان الذي أُمروا به )) .. صحّح إسناده ابن كثير في (( تفسيره )) ، والسيوطي في (( الدر المنثور )) .. و(( الستير )) أي : الساترالذي يستر على عباده كثيرًا ، ولا يفضحهم في المشاهد ، الذي يحب من عباده الستر على أنفسهم مايفضحهم ويخزيهم ويشينهم، وهذا فضل من الله ورحمة ، وحلم منه سبحانه وكرم ، فالعبد قد يُقارف شيئًا من المعاصي والآثام ، مع فقره الشّديد إلى ربه سبحانه ، حتى إنه لا يمكنه أن يعصي إلَّا أن يتقوَّى عليها بنعم الله عليه بالسمع والبصر واليد والقدم والصحة والمال ونحو ذلك ... والرّب سبحانه - مع كمال غناه عن الخلق كلهم وعن طاعتهم وعبادتهم - يكرم عبده ويستحيي من هتكه وفضيحته وإحلال العقوبة به ، ويقيض له من أسباب الستر ، ويوفقه للندم والتوبة ، ويعفو عنه ويغفر له ، وهذا من لطفه سبحانه بخلقه ورحمته بعبيده ، قال الله تعالى : { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة : 104] وقال تعالى :{ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء : 110] وقال تعالى :{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى : 25] .. ولهذا فإنه سبحانه يكره من عبده إذا وقع في معصية أن يذيعها ويشهرها ، بل يدعوه إلى أن يتوب إلى الله منها بينه وبينه ، وستر الله مسبول عليه ، لا أن يظهرها لأحد من الناس ، ومن أبغض الناس إليه من بات عاصيا والله يستره ، ثم يصبح يكشف ستر الله عليه .. وقد جاءت السنّة بالنّهي عن هتك الإنسان ستر نفسه ، ففي (( الصحيحين )) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : (( كلُّ أمَّتي معافى إلَّا المجاهرين ، وإنّ من المجاهرة أن يعمل الرّجل بالليل عملا وقد ستره الله ، فيقول : يافلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربُّه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه )) .. قال ابن بطّال رحمه الله : (( في الجهر بالمعصية استخفافٌ بحقِّ الله ورسوله وبصالحي المؤمنين ، وفيه ضربٌ من العناد لهم ، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف ؛ لأنَّ المعاصي تُذلُّ أهلها ، ومِن إقامة الحدِّ عليه إن كان فيه حدّ ، ومِنَ التعزير إن لم يوجب حدًّا ، وإذا تمحَّضَ حقُّ الله فهو أكرم الأكرمين ، ورحمته سبقت غضبَه ، فلذلك إذا ستره في الدّنيا لم يفضحه في الآخرة ، والذي يجاهر يَفُوته جميع ذلك )) .. ولذا جاء في (( صحيح مسلم )) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال (( لا يستر اللهُ على عبدٍ في الدُّنيا ، إلاّ ستره اللهُ يوم القيامة )) .. وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ أنّ رجلاً سأله كيف سمعتَ رسولَ الله يقول في النّجوى ؟ قال : (( يدنو أحدكم من ربِّه حتى يضع كنفه عليه ، فيقول : عملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم . ويقول عملتَ كذا وكذا ؟ فيقول : نعم . فيقرِّره ثم يقول : إنّي سترتُ عليك في الدّنيا ، فأنا أغفرها لك اليوم )) .. وفي هذا أنّ الواجب على العبد أن يجاهد نفسه على البعد عن الذنوب ومقارفتها ، وإذا ألمَّ بشيء فعليه أن يستر نفسه ويبادر إلى التوبة إلى الله عز وجل والإنابة إليه ، وليكثر من الأعمال الصّالحات ، كما في (( صحيح مسلم )) عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : (( جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : يارسول الله إني عالجت امرأةً في أقصى المدينة ، وإني أصبت منها مادون أن أمسَّها ، فأنا هذا فاقض فيَّ ما شئتَ ، فقال له عمر : لقد سترك الله لو سترت نفسك ، قال : فلم يردّ النبي ﷺ شيئا ، فقام الرجل فانطلق ، فأَتْبَعَهُ النبي ﷺ رجلاً وتلا عليه هذه الآية : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ [هود : 114]، فقال رجل من القوم : يانبيَّ الله هذا له خاصة ؟ قال : بل للناس كافة )) .. ومن هذا المعنى السّتر على عباد الله وتجنب هتك أستارهم وتتبع عوراتهم ، ففي (( المسند )) و (( سنن أبي داود )) عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال : (( يامعشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتَّبعوا عوراتهم ؛ فإنَّه مَن يتَّبع عوراتهم يَتّبع الله عورته ، ومن يتَّبع الله عورته يفضحْه في بيته )) .. وفي (( الصّحيحين )) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي ﷺ قال : (( من ستر مُسلمًا سَتَره الله يومَ القيامة )) .. هذا ؛ وإنّ الواجب على كل مسلم أن يستتر بستر الله عزوجل وأن يتجنّب الذّنوب ماظهر منها وما بطن ، وأن يحفظ عورته ، وأن يصون عرضه ، وأن يتجنّب أبواب الرذائل ودروب الفساد وأن يُقبل على ربِّه تائبا منيبًا ، وأن يرجوه سبحانه أن يحفظه بما يحفظ به عباده الصالحين ، وأن يستر عيوبه وعورته ، وأن يمنَّ عليه بالعفو والعافيه ، يدعو بذلك لنفسه ولمن أحبّ .. روى الإمام أحمد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : (( لم يكن رسول الله ﷺ يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح : اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي اللهم احفظني من بين يديّ ومن خلفي ، وعن يميني وان شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي )) .. وقوله في هذا الدّعاء : (( اللهم استر عوراتي )) فيه طلب الستر من الله عزوجل ،، والعورات المراد بها : عيوب الإنسان وتقصيره وكل مايسوؤه انكشافُه ، ويدخل في ذلك الحفظ من انكشاف العورة ، وهي في الرّجل مابين السرة إلى الرُّكبة ، وفي المرأة جميع بدنها ، وحريٌّ بالمرأة المسلمة أن تواظب على هذا الدعاء ، وأن تصون نفسها بالسِّتر ، وأن تضفيَ على نفسها جلباب الحشمة ، ولاسيما في هذا الزمن الذي كثر فيه التهتُّك ، وضعُف فيه السنر والحياء .. اللهم استر عيوبنا وعوراتنا ، واغفر ذنوبَناوزلَّاتِنا ، واختم بالصالحات أعمالَنا وأعمارَنا .. اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا معرفة بك ياالله إن الأمور إذا ما اللهُ يسَّرها أتتكَ من حيث لا ترجو وتحتسبُ ثق بالإلهِ ولا تركن إلى أحدٍ ، فالله أكرمُ مَن يُرجى ويرتقبُ ♡. |
03-19-2015 | #4 |
العلوم الشرعية |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الستِّير شكرا لكم لمروركم الكريم |
إن الأمور إذا ما اللهُ يسَّرها أتتكَ من حيث لا ترجو وتحتسبُ ثق بالإلهِ ولا تركن إلى أحدٍ ، فالله أكرمُ مَن يُرجى ويرتقبُ ♡. |
03-25-2015 | #6 |
العلوم الشرعية |
رد: من فقه أسماء الله الحسنى الستِّير |
إن الأمور إذا ما اللهُ يسَّرها أتتكَ من حيث لا ترجو وتحتسبُ ثق بالإلهِ ولا تركن إلى أحدٍ ، فالله أكرمُ مَن يُرجى ويرتقبُ ♡. |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 5 : | |
, , , |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
من أسماء الله الحسنى المنَّان | ام عبدالله وامنه | شعاع العلوم الشرعية | 1 | 03-11-2015 02:06 PM |
من أسماء الله الحسنى الشافي | ام عبدالله وامنه | شعاع العلوم الشرعية | 3 | 02-12-2015 08:31 PM |
من فقه أسماء الله الحسنى المحسن | ام عبدالله وامنه | شعاع العلوم الشرعية | 8 | 01-09-2015 03:21 PM |
من شرح أسماء الله الحسنى | ام عبدالله وامنه | شعاع العلوم الشرعية | 3 | 04-13-2014 01:48 PM |
أسماء الله الحسنى بالشرح من هنا | أم يعقوب | شعاع العلوم الشرعية | 4 | 03-18-2014 03:36 PM |