شعاع العلوم الشرعية مقالات- ارشاد- توجيه- خواطر تهدف للدعوة الى الله- حملات دعوية و ثقافة إسلامية.... |
الإهداءات |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (1) الشيخ عبدالله بن حمود الفريح نبذة مختصرة عن ابن قدامة اسمه ونسبه: هو موفق الدِّين أبو محمد، عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، ثم الدِّمَشْقي، وُلِد في بلاد بيت المقدس (فِلَسْطين)، ثم انتقل إلى (دِمَشْق)، وهذا من حيث النسب إلى نشأته وسكناه فيما بعد، وإلاَّ فمِن حيث النسبُ إلى قبيلته فهو يرجعُ قرشيًّا عدويًّا، ومن حيثُ النسب إلى مذهبِه فهو حنبلي، وله مصنَّفات في المذهب الحنبلي، بل إليه المرْجع في عصْرِه في فقه الإمام أحمد؛ فهو ابن قُدامة المقدسي الدِّمَشْقي القرشي العدوي الحنبلي، كان صاحب ورَعٍ وزُهْد، وهيبة ووقار، استفرغ وقته في العلْم والعمَل. مولده: تقدَّم أنه وُلِد في (فِلَسْطين) في بلدة تسمى (جُمَّاعيل)، قرب (نابلس)، وكانتْ ولادتُه في شهْر شعبان سنة 541 هـ، وتوفِّي سنة 620 هـ في دمشق، ودُفِن في مقْبرة مشْهُورة بـ(جبل قاسيون). رحلاته: ارتحل ابن قُدامة من (فِلَسْطين) إلى (دِمَشْق)؛ حينما استولَى الصليبيون على (فِلَسْطين)، وعُمْرُ ابن قدامة حينئذٍ عشر سنوات، فقدم هو وأهله فقرأ القرآن، وحفظ "مختصر الخِرَقِي"، وارتحل إلى بغداد هو وابن خالته - صاحب "عمدة الأحكام"؛ عبدالغني المقدسي سنة 561 هـ، وسمع من مشايخ كثيرين في بغداد، ومكث ابن قدامة في بغداد أربع سنوات؛ طلبًا للعلم، فبرع في الفِقْه والحديث، والنحو واللغة، والحساب والنجوم السيَّارة، وغيرها منَ العلوم، ثم ارتحل إلى (دِمَشْق)، وهناك ذاع صيتُه، وصار يقيم حلقات العلم هناك بالجامع المظفري بـ(دمشق)؛ لنشْر المذهب الحنبلي، ويؤمّ الناس فيه بالصلاة. شيوخه وتلاميذه: لابن قدامة مشايخُ كُثُر، منهم: والده أحمد، وأبو زُرعة طاهر المقْدسي، وناصح الإسلام أبو الفتح نصر بن فتيان، وغيرهم. وله تلاميذ كُثُر أيضًا؛ لكثْرة مَن يأتيه ويسمع منه في الجامع المظفري؛ منهم: سيف الدين أحمد بن عيسى المقدسي، وشمس الدين عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي - وهو ابن أخ صاحب الترجمة ابن قدامة - ولشمس الدين الكتاب المعروف بـ"الشرح الكبير في شرْح المقنع"، وهو مطبوع مع كتاب "المغني"؛ للموفق ابن قدامة. تصانيفه: له كثيرٌ من التصانيف التي لاقتْ قبولاً من العلماء، نذْكُر منها: في الفقه: "المغني"، و"الكافي"، و"العُمْدة". وفي العقيدة: "لُمْعة الاعتقاد"، و"ذم التأويل"، و"القدَر"، و"إثبات صفة العلُو". وفي أصول الفقه: "روضةُ الناظر وجنَّة المناظر". وفي الرقائق والزهد: كتاب "التوَّابين". وفي الحديث: "مختصر عِلل الحديث للخَلاَّل". وله مُصنفات أخرى. عصر المُصَنِّف من حيث الاعتقاد: عصر المُصنف هو النصف الثاني من القرن السادس، ويتمَيَّز من حيث الاعتقاد بأمرَيْن: 1- ظُهُور عقيدة الأشاعرة؛ فهي العقيدة السائدة بين الناس في ذلك الوقت بل الدولة، كان هذا منهجهم، وهي الدولة الأيوبية؛ ولذا من تأمَّل تصانيف ابن قدامة في العقيدة وَجَدَها تدور على توحيد الأسماء والصفات؛ لأنه في هذا النوع من التوحيد خالَف الأشاعرة. 2- وجود الرافضة في عصر المصنِّف، ولكن ليس في (دمشق)، وإنما في مصر، ودولتهم العبيدية التي قضى عليها صلاح الدين الأيوبي، يُضاف إليه وُجُود الصليبيين في فِلَسطين، واستيلاؤُهم عليها؛ ولذا خرج المصنف من (فِلَسْطين) في سنِّ العاشرة. علاقة الاعتقاد السابق برسالة "لُمْعة الاعتقاد": لَمَّا وجد في عصر المصنّف فرقتان خالفتا مذْهب أهل السُّنة والجماعة، وهما: الأشاعرة والرافضة؛ جاءت رسالة "لُمعة الاعتقاد" في بيان المذهب الصحيح فيما خالفت فيه الطائفتان؛ ولذا فإنَّ رسالة "لُمْعة الاعتقاد" في جملتها تناولتْ أمرَيْن: أ- مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى وصفاته العُلَى، وفيه ردٌّ على الأشاعرة. ب- مذهب أهل السنة والجماعة في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجاته - رضي الله عنهنَّ - وفيه ردٌّ على الرافضة. Ÿ Ÿ Ÿ "لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد" اللمعة: تُطلَق في اللغة على معانٍ عدَّةٍ؛ منها: البُلغة من العيش، واللُّمْعَة هي: البياض والصفاء، و"لُمْعة الاعتقاد": بُلْغَتُه وصفاؤه، وصحته المستمَدَّة من الكتاب والسُّنَّة، وإذا كانتْ هذه العقيدة مستمدُّها الكتاب والسنة، فلا شك أنها طريقة للرَّشَاد في الدنيا بسلوك العقيدة الصحيحة، والبُعد عن البدَع والضلال، والهوى وأهله، وهي طريقة للرَّشَاد في الآخرة؛ فمَن مات على التوحيد الصحيح، أوصلته عقيدته - بفَضْلِ من الله - إلى جنَّات الخُلْد. والمصنِّف قال: "لُمْعة الاعتقاد"؛ أي: إنه لَم يرد بذلك تفصيلٌ، وإنما هي بُلْغَة في الاعتقاد، نسأل الله أن يُثَبِّتَنا على الكتاب والسنة والعقيدة الخالصة. 1- قال المصنف - رحمه الله -: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحَمْدُ للهِ، المحمُودِ بِكُلِّ لِسان، المعبودِ في كُلِّ زَمان، الَّذِي لا يَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكان، ولا يشغَلُه شان عن شان، جلَّ عَنِ الأشباهِ والأنْداد، وتَنَزَّهَ عَنِ الصَّاحِبَةِ والأولاد، ونفذ حُكمُهُ في جميعِ العباد، لا تُمَثِّلُهُ العقولُ بالتفكير، ولا تَتَوَهَّمُهُ القلوبُ بالتصوير؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[1]، له الأسماءُ الحسنَى، والصفاتُ العُلَى، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}[2]، {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[3]، وقهر كلَّ مخلوقٍ عِزَّةً وحُكْمًا، ووسِعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وعِلمًا، {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[4] . الشرح تضمَّنَتْ مُقدِّمة المؤَلِّف عدة أُمُور: • البداءة بالبسملة: بدأ المصنِّف رسالته بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"؛ وذلك: 1- اقتداءً بكتاب الله - عزَّ وجلَّ - العظيم. 2- اقتداءً بكتاب نبي الله سليمان - عليه السلام - إلى بلقيس وقومها؛ قال تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[5]. 3- اتِّباعًا لسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد ثبت في "صحيح البخاري"، من حديث أبي سفيان - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب كتابًا إلى هرقل ابتدأه بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، فالبداءة بالبسملة سُنَّةٌ، ومعناها: أ- (بسم الله)؛ أي: أفعل الشيء - وهنا: أبدأ بتوضيح "لُمعة الاعتقاد" - مستعينًا ومُتَبَرِّكًا بكلِّ اسم من أسماء الله تعالى. ولفظ (الله): اسم من أسماء الله الخاصَّة به؛ ومعناه: المألوه حبًّا وتعظيمًا. (الرحمن): اسم من أسماء الله تعالى الخاصَّة به؛ ومعناه: ذو الرحمة الواسعة. (الرحيم): اسم من أسماء الله تعالى؛ ومعناه: المُوصل رحمته إلى مَن يشاء مِن خلقه، وهو ليس خاصًّا بالله - عزَّ وجلَّ - فقد قال - تعالى - عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ}[6]. والفرق بين (الرحمن) و(الرحيم): أنَّ الرحمن يُفيد بأن الرحمة وصفٌ له - سبحانه وتعالى - والرحيم يفيد بأن الرحمة فعلٌ له يُوصلها مَن يشاء مِن خلقه. • الثناء على الله بالحمد: البداءة بالحَمْدَلة والثناء عليه سُنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا في خُطبِه؛ لحديث جابر بن سمرة عند مسلم، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب حَمِدَ اللهَ، وأثنى عليه، قال ابن القيم: "وكان - أي: النبي صلى الله عليه وسلم - لا يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله"[7]، وأما حديث: ((كلُّ أمر ذي بال لا يُبْدَأ فيه بالحمد لله - وفي رواية: بحمد لله - فهو أقطع))، وفي رواية: ((فهو أبتر))، وفي رواية: ((فهو أجذم))، فهو حديث ضعيف؛ رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، وضعَّفه الألباني؛ فلا يصح مرفوعًا، والصواب أنه مرسل عن الزهري، وكذلك اللفظ الآخر: ((كلُّ أمرٍ لا يبدأ فيه بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، فهو أبتر))؛ قال عنه الألباني: "ضعيف جدًّا"[8]. معنى (الحمد لله): الاعتراف للمَحْمود بصفات الكمال، مع محبته وتعظيمه، وقولنا: (مع محبته وتعظيمه): قيدٌ يفرق بين الحمد والمدْح، فالمدْح: فيه ذِكْر صفات الممدوح لكن لا يستلزم المحبة والتعظيم. قال ابن القيم: "فالصواب في الفرْق بين الحمد والمدح أن يقال: الإخبار عن محاسن الغير، إما أن يكون إخبارًا مُجَرَّدًا من حبٍّ وإرادة، أو مقرونًا بحبٍّ وإرادته، فإن كان الأول فهو المدح، وإن كان الثاني فهو الحمد"[9]. وهناك فرقٌ آخر وهو: أن الحمد: الثناء بالصفات التي يُتَخلَّق بها: كالعلم، والحلم، والعدل، ونحوها، وأما المدح: فهو الثناء بالصفات التي جُبِل عليها، ولا صنع له فيها؛ كالجمال، والطول، والخلق، ونحو ذلك. ولَمَّا كان الحمدُ يقتضي المحبة والتعظيم؛ افتتحت أعظم سورة بـ{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[10] ، وأُمِرْنا بحمد الله؛ قال تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّه}[11] ، والله - عزَّ وجلَّ - يُحمَدُ على كمالِه وإنعامه، وأمره ونهيه، وخلقه، وكل شيء يستحق الحمْدَ عليه. و(أل) في (الحمد لله): للاستغراق؛ أي: إنَّ جميع المحامِد لله - عزَّ وجلَّ - فلا يستحق الحمد المطلق إلا الله - عزَّ وجلَّ - وحرف الجر (اللام) في (الله) يُفيد الاختصاص، فيُخَصُّ الله بالحمد المطلق. • الحمد من حيث الذِّكر ينقَسِم إلى قسمَيْن: أ- مقيَّد: يُقال في مَواطن وردتْ بها السنة: عند ابتداء الخطبة، وابتداء الدُّعاء، وختام المجلس: ((سبحانك اللهُمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك))، وفي الرُّكوع والسجود: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك))، وبعد الرفع من الرُّكوع، وأدبار الصلوات، وعند الاستيقاظ من النوم: ((الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النُّشور))، وبعد الفراغ من الطعام، وغيرها من المواطن الواردة في السنة. ب- مطلَق: وهو أن يحمد العبدُ ربَّه على كل حال، وهو يُحْمَد على كل سرَّاء وضرَّاء، فقد رَوَى ابنُ ماجه، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وقال النووي: إسناده جيِّد، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصابته السرَّاء قال: ((الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات))، وإن أصابته الضرَّاء قال: ((الحمد لله على كل حال))". • الله - عزَّ وجلَّ - محمودٌ بكل لسان: محمود بكل لسان يشمل أمرَيْن: أ- لسان الحال: فإنه وإن كفر بعضهم، فلا يحمد الله بمقاله، بل ربما ينسب النعم لغير الله - عزَّ وجلَّ - بقوله، ولكن لسان حالهم أنهم معترفون بحاجتهم لله - عزَّ وجلَّ - وأن الفضْل له سبحانه؛ فهو أهلٌ أن يُحمَد، ولو أنكرتْ ذلك أقوالهم. ب- لسان المقال: فهو محمودٌ على جميع الألْسنة، وإن اختلفت اللُّغات. • محمود بكل لسان: يشمل جميع المخلوقات، فكلها تحمده وتسبحه؛ ودليل ذلك: قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[12]. وتسبيحُ المخلوقات بحمد الله تسبيحٌ حقيقيٌّ، لا تدركه عقولنا؛ ولذا قال تعالى: {وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}[13]، وسواء كانتْ هذه المخلوقات حيوانات أو جمادات، فكلُّها تسبِّح بحمد الله تسبيحًا لا نفقهه، فسبحان الله وبحمده. • الله - عزَّ وجلَّ - معبودٌ في كل زمان: العبادة في اللغة: هي الذلُّ والخضوع، وفي الشرْع: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، والبراءة مما ينافي ذلك ويضاده. • ومن خلال تعريف العبادة لغةً وشرعًا، يَتَبَيَّن لنا أنَّ عُبُودية الله - عزَّ وجلَّ -على قسمَيْن: القسم الأول: عبودية عامَّة: وهي أن كلَّ الخلْق تحت قهره، فهم مقْهُورون خاضعون لله - سبحانه وتعالى - يفعل فيهم ما يشاء، ويحكم ما يُريد، وهذا النوع منَ العبودية يشمل جميع الخلْق، ولا يخرج منه أحد، ويدل على هذه العبودية: 1- قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}[14]. 2- قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير}[15]. القسم الثاني: عبوديةٌٌ خاصَّة: وهي عُبُودية الطاعة، وهي التي يَتَميَّز بها المسلمون عن الكفار، ويدل عليها: 1- قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}[16]. 2- قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[17]. ومن خلال قسمَي العبودية، فالله - عزَّ وجلَّ - معبودٌ في كلِّ زمان، وهذا ظاهر في العبودية العامة؛ فكل شيء في هذا الكون إلى قيام الساعة تحت قهره - سبحانه. وأما العبودية الخاصة؛ فدلالة ذلك من وجهَيْن: 1- ما نقل إلينا من أخبار الرُّسُل وعبوديتهم لله - عزَّ وجلَّ - ومن تبعهم من أقوامهم، وأما آدم فقد أُهبِط إلى الأرض وهو على التوحيد، وأما خاتم النبيين محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد قال: ((لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرُّهم مَن خذلهم، ولا مَن خالفهم، حتى يأتي أمرُ الله - تبارك وتعالى))، رواه مسلمٌ من حديث ثَوْبَان، وبِنَحْوه عن معاوية في الصحيحَيْن. 2- بقية المخلوقات التي تعبد الله - عزَّ وجلَّ - في كل زمان، ومن ذلك الملائكة؛ قال الله - عزَّ وجلَّ - عنهم: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}[18]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهم: ((إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحُقَّ لها أن تئط؛ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجد))، رواه الترمذي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه. • الله - عزَّ وجلَّ - لا يخلو من علمه مكان: فالله - عزَّ وجلَّ - يعلم كلَّ شيء؛ قال عن نفسه: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[19]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[20]. • الله - عزَّ وجلَّ - لا يشغله شانٌ عنْ شان: فهو - سبحانه - لكمال صفاته؛ لا ينشغل بسماع هذا عن هذا، بل يدعوه مئات الألوف وأكثر في لحظة واحدة، ويسمع دعاءَهم، ويعرف حاجاتهم، لا يختلف عليه شيء في شيء - سبحانه - ولا يخفَى عليه شي من أمْرِهم؛ قال تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِين}[21]. • الله - عزَّ وجلَّ - جلَّ عن الأشباه والأنداد: الأشباه: جمع (شبيه) وهو: الكُفْء، وجلَّ الله عن ذلك؛ قال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[22]. الأنداد: جمع (نِدّ)، وهو: المثيل، وجلَّ الله وتعالى عن ذلك؛ قال تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[23]. وأعظم ذنب أنْ يجعلَ الإنسان لله ندًّا؛ ويدلُّ على ذلك: ما جاء في الصحيحَيْنِ من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألتُ رسولَ الله: أي الذنب أعظم؟ فقال: ((أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك)). • الله - عزَّ وجلَّ - مُنَزَّه عن الصاحبة والولد: الصاحبة: الزَّوْجة، والله - عزَّ وجلَّ - مُنَزَّهٌ عن اتِّخاذ زوجة أو ولد؛ وذلك لكماله - سبحانه - وغناه، وإنما يتخذ ذلك المخلوق لضعفه؛ قال تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا}[24]، وقال تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ}[25]، وقال تعالى:{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار}[26]، وقال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}[27]. •وزَعَم قومٌ أنَّ لله ولدًا وصاحبةً؛ فزعمتِ النصارى أن المسيح ابن الله، وزعمت اليهود أنَّ عُزيرًا ابن الله؛ قال الله - عزَّ وجلَّ -: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}[28]، وزعم المشركون من أهْل الجاهلية أنَّ الملائكة بنات الله؛ فقال الله - عزَّ وجلَّ -:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}[29]، تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا، وما يقوله هؤلاء تَتَفَطَّر له المخلوقات العظيمة، وتنشق وتَخِر؛ قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا}[30]؛ وذلك لعِظَم شناعة ما قالوه؛ لأنَّ إثبات هذه الأشياء لله يستلزم أنه بحاجة إلى المساند والمُساعِد من الولد أو الصاحبة يعينه عند عجزه، ويساعده عند حاجته، تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا؛ فله الكمال المطلَق. ونفي الصاحبة والولد، وقبله نفي الكُفْء والنِّد، ونفي الشريك والظهير - أي: المُعِين - في قوله تعالى: {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ}[31]، كل هذا يقتضي إثبات صفات الوحْدانية والتفَرُّد لله - جل شأنُه - فهو الواحد الأحد، الذي يصمَد إليه عند الحاجات، ولا يحتاج صاحبةً ولا ولدًا يعينُه؛ فله الكمال المطلق؛ قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[32] ، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد}[33] ، فنفي الصاحبة والولد، والكُفْء والظهير، والشريك والنِّد، كل هذا يقتضي ويتضَمَّن إثبات الوحدانية والتفَرُّد، فلا إله إلا هو، الواحد الأحد الصمد، وسيأتي في قواعد الصفات: أنَّ الصفات السلبية التي تُنفَى عن الله - عزَّ وجلَّ - يجب إثبات ضدها على الوَجْه الأكمل؛ لأن النفي لا يكون كمالاً حتى يتضمن ثبوتًا. • الله - عزَّ وجلَّ - نافذٌ حكمُه في جميع العباد: وهذه صفةٌ ثبوتيةٌ، والمصنِّف بعدما ذكرَ صفات سلبيَّة، ذكر صفة ثُبُوتية، وهي: أن الله - عزَّ وجلَّ - نافذٌ حكمُه وأمرُه في جميع العباد؛ قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[34] . • فلا يَرُدُّ حكمَه أحدٌ إذا أراد شيئًا قال له: كن فيكون؛ قال تعالى: {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[35]. • وأمره - سبحانه - لا يُؤَخِّره مُؤَخِّرٌ إذا قضاه؛ قال تعالى: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}[36]؛ لا معقب؛ أي: لا مُؤخِّر. • وأما المخلوق فقد يأمر وليس له حكمٌ أو أمرٌ، وقد يكون له أمرٌ وحكمٌ على غيره ولكن قد يُردُّ حكمه، وقد لا يُردُّ حكمه وأمره ولكنه يؤخَّر، فلا ينفذ بسرعة، ويعتريه النقْص؛ يكون في موطن آمرًا لغيره، وفي موطن آخر مأمورًا، وأما الحكم والأمر المطلق الذي لا يلحقه نقصٌ لله الواحد القهار: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّه}[37]. • الله - عزَّ وجلَّ - لا تمثله العقول بالتفكير، ولا تتوهمه القلوب بالتصوير: وهذه من الصِّفات السلبية، وهي نفْي تصوُّر العقول والقلوب لذاته - سبحانه - وذلك لعجْز المخلوقات عن الإحاطة به - سبحانه - قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[38]. وقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[39]. • الله - عزَّ وجلَّ - مع كمال عظمتِه لَم يأمرْنا في التفكُّر بذاته؛ لعجْز عقولنا وقلوبنا عن تصوُّر ذلك، وأَمَرَنا بالتفكُّر في مخلوقاته وآياته؛ فقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[40]، والآيات كثيرةٌ في هذا الباب. • بل إنَّ عقولنا وقلوبنا تعجز عن تصوُّر ما في الجنة، فكيف تُتَصَوَّر ذات الله تعالى؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأتْ، ولا أذن سَمعتْ، ولا خطر على قلب بشَر، واقرؤوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}))[41]. • الله - عزَّ وجلَّ - له الأسماء الحسنى، والصِّفات العُلَى: وأسماءُ الله الحسنى وصفاته العلى موضوعان، يندرج تحتهما قواعد يَحْسُن بالمسلم معرفتُها، ولأن هذا المتن - لُمعة الاعتقاد - فيه نصيب كبيرٌ منَ الكلام على صفات الله تعالى؛ فمِنَ الأفضل معرفة أهمِّ هذه القواعد، قبل الوصول إلى آيات الصفات. أولاً: أسماء الله: فمن القواعد في أسماء الله تعالى ما يلي: القاعدة الأولى: أسماء الله كلها حسنى: ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[42]، والمعنى: أنها بالِغة في الحُسن غايته؛ لأنها مُتَضَمِّنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوَجْه من الوجوه. مثال ذلك: اسم الله (العليم)، هذا الاسمُ بلَغ في الحسن غايته؛ فهو متضمِّن للعلْم الكامل الذي لَم يسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، بِخلاف الخلْق فقد تجد من الناس من عنده علْم، ولكن علمه يعتريه النقْص، ويسبقه جهْل، ويلحقه نقْص، والله - عزَّ وجلَّ - مُنَزَّه عن ذلك؛ لأن أسماءَه حسنى، تتضمن صفات كاملة لا نقص فيها بأيِّ وجهٍ. القاعدة الثانية: أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف: فهي أعلامٌ تدلُّ على ذاته - سبحانه وتعالى - وهي أوصاف تدلُّعلى معانٍ تضمنتها؛ دليل ذلك ومثاله: اسم الله (الرحيم): سمَّى الله - عزَّ وجلَّ - به نفسَه؛ فقال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[43]، وبيَّن الله - عزَّ وجلَّ - في آية أخرى ما يدلُّ على أن الرحيم هو المتَّصِف بالرحمة؛ فقال تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة}[44]. مثال آخر: اسم الله (العظيم): هو اسمٌ من أسماء الله تعالى، سَمَّى به نفسه؛ فقال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[45]، وهذا الاسْمُ مُتضمِّن لصِفة العظَمة. • وتحت هذه القاعدة قاعدتان: الأولى: أنَّ أسماء الله - عزَّ وجلَّ - أعلامٌ مترادِفة، تدل على مسمى واحد، وهو الله - عزَّ وجلَّ - وهي أوصاف، كل وصْف يدلُّ على معنى خاصٍّ تضمَّنه ذلك الاسم؛ مثال ذلك: أسماء الله تعالى: (العليم، الرحمن، الرحيم، الحي، القدير، العزيز، الحكيم، السميع، البصير)... وغيرها من الأسماء الثابتة، كلُّها أسماء لِمسمى واحد وهو الله - سبحانه وتعالى - لكن المعنى الذي تضمَّنه (العليم) غير معنى (الرحمن)، ومعنى (الرحمن) غير معنى (البصير)... وهكذا. الثانية: أنَّ هناك مِن أسماء الله تعالى ما يَتَضَمَّن وصْفًا متعدِّيًا لا بُدَّ من الإيمان به أيضًا. مثال ذلك: اسم الله (الرحمن)، لا بُدَّ حين الإيمان به: 1- أن نؤمن بإثباته اسمًا لله - عزَّ وجلَّ - يدل على ذاته تعالى - كما تقدم بيان هذا - قال تعالى: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ}[46]. 2- أن نؤمنَ بما تضمَّنه هذا الاسم من معنى أو صفة: وهي الرحمة، وتقدَّم بيان هذا. 3- أن نؤمن بأنه يرحم مَن يشاء؛ لأن هذا وصفٌ مُتَعَدٍّ، يُوصله الله - عزَّ وجلَّ - إلى مَن يشاء مِن عباده؛ قال تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ}[47]. مثال آخر: اسم الله (السميع)، حين الإيمان به فإننا: 1- نؤمن بإثباته اسمًا لله - عزَّ وجلَّ - يدل على ذاته تعالى؛ قال تعالى: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}[48]. 2- نؤمن بما تضمَّنه هذا الاسم من معنى، وهو إثبات صِفة السمْع لله تعالى. 3- نؤمن بِمُقْتَضى ذلك، وهو أنه يسمع ما يشاء؛ فيسمع السِّرَّ والنَّجوى؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}[49]، مثال على اسمٍ لله غير مُتَعَدٍّ: (العظيم)، وقد تقدَّم الكلامُ عليه. القاعدة الثالثة: أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين: ويدلُّ على ذلك حديث ابن مسعود، وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أسألك بكل اسم هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلتَهُ في كتابك، أو علَّمْتَهُ أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علْم الغَيْب عندك...))[50] . ووجه الدلالة: أن ما استأثر الله به في علْم الغيب عنده كثيرٌ، لا يُمكن حصْره، ولا إحاطته. إشكالٌ: كيف نجمع بين هذه القاعدة، وبين حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مَنْ أحصاها دخل الجنة))[51]؟ الجمع بينهما أن يُقَال: ليس في حديث أبي هريرة ما يدل على حصْر أسماء الله تعالى في تسعة وتسعين اسمًا، وإنما يدل على أنَّ مَن أحصى لله تسعة وتسعين اسمًا من أسمائه دخَل الجنة؛ كمَن يقول عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فلا يمنع أن يكون عنده أكثر من ذلك، ولكن ما أعدَّه للصدقة هو مائة فقط، وأما ما رواه التِّرْمذي، وابن ماجه، في تَعْداد التِّسعة وتسعين اسمًا بعد الحديث السابق، فليست من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - باتفاق أهل المعرفة، كما قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/ 382)؛ ولهذا قال الألباني في "ضعيف ابن ماجه" عن تعداد الأسماء: "صحيحٌ دون عَدِّ الأسماء"[52]. ملحق هنا أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون: "ذكر الناس داء،وذكر الله دواء" قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له" السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره" الفتاوى السعدية 461 |
مواقع النشر (المفضلة) |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 7 : | |
, , , , , , |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لإبن قيم الجوزية | إسمهان الجادوي | مكتبة الحديث والسيرة النبوية | 4 | 06-26-2014 12:38 AM |
نعليقات الشيخ بن عثيمين على كتاب لمعة الاعتقاد للمقدسي رحمه الله | هوازن الشريف | شعاع العلوم الشرعية | 5 | 04-24-2014 01:40 PM |
بين الغرابة و الطرافة للغة العربية | إسمهان الجادوي | شعاع الأدب العربي | 5 | 04-13-2014 02:32 PM |
فلاش تيسير الوصول لغزوات الرسول | أم انس السلفية | شعاع الصوتيات والمرئيات للدروس الدينيـة | 2 | 11-05-2013 07:25 PM |